شائعات السوشيال ميديا أخطر من الجيوش النظامية.. ومطالب بتشريعات لمواجهة حروب الجيل الرابع
الأحد، 15 ديسمبر 2019 10:00 ص دينا الحسينى
«التصدى للفوضى»، و«مواجهة الشائعات»، كانا المحورين الرئيسين للندوة التى عقدتها وزارة الداخلية الأسبوع الماضى، لتوعية المصريين بخطورة ما يواجه المجتمع من مخططات خارجية تستهدف تقسيمه وتشتيت قواه، و«مخططات إسقاط الدول من الداخل والخارج وكيفية مواجهتها»، كان عنوان الندوة التى انتهت إلى أهمية وضع تشريعات لمواجهة الشائعات والمروجين لها، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعى، مع التأكيد على أهمية التوعية الفكرية للشباب ضد الأفكار المغلوطة وإعلامهم بالجهود غير المسبوقة والإنجازات التى تحققت فى الآونة الأخيرة، لتخفيف المعاناة عن كاهل المواطنين وخفض معدلات البطالة وخلق فرص عمل وواقع جديد على الأرض لفتح سبل الحياة الكريمة أمام كافة فئات المجتمع بما يعزز روح الولاء والانتماء للوطن، فضلا عن الدعوة لتكاتف كافة مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى للتركيز على المزيد من الاهتمام بدور الأسرة والمرأة ، باعتبارها المعلم الأول لبناء الوعى السليم وغرس الأخلاق من خلال التعليم والتثقيف بما يتيح للنشء أن يقارن ويحلل ويفهم ويتخذ القرار الصحيح.
ثمنت الندوة جهود الدولة فى إعادة صياغة المناهج التعليمية وإتاحة المعلومات الموثقة من خلال بنك المعرفة المصرى، بهدف تشكيل العقلية النقدية لدى الأطفال والشباب، بما يمكنهم من التقييم الموضوعى لما يعرض عليهم من معلومات من خلال وسائل الإعلام المختلفة خاصة مواقع التواصل الاجتماعي، مع مناشدة الشباب بترشيد استخدام وسائل التواصل الاجتماعى على الهواتف الذكية فى ضوء ما أثبتته الأبحاث من إهدار الكثير من الوقت الذى يمكن استغلاله فى أنشطة تفيد الشباب فى بناء مستقبلهم بما يحقق آمال وطموحات الوطن فيهم.
وأكدت الندوة على أهمية دور القوى الناعمة المصرية فى كافة المجالات، خاصة الثقافية والفنية والإعلامية والإشادة بجهود صناع الدراما خلال الفترة الأخيرة التى شهدت إنتاج العديد من الأعمال الفنية القيمة ذات البعد الوطنى بهدف إعادة إحياء الذاكرة الوطنية واستعادة الهوية المصرية المتفردة والتى لاقت ترحيبا واسعا فى أوساط الشباب، مع الدعوة للتوسع فى الفعاليات التى تستهدف تعزيز العلاقة بين شباب الجامعات المصرية ونظرائهم بالكليات والمعاهد العسكرية والشرطية من خلال تنظيم الأنشطة المشتركة بهدف تبادل الآراء والأفكار التى تخدم الوطن وإثراء التجارب الحياتية.
من جانبه قال العميد دكتور أيمن سعد الدين مدرس الأمن القومى بأكاديمية الشرطة إن الشائعات ظاهرة اجتماعية قديمة طالت الجميع بما فيهم الأنبياء، وهى عبارة عن أخبار مختلقة، لافتا إلى أن الأمن القومى يعنى القدرة على توفير أكبر قدر من الحماية الشاملة، وأن البعد الاقتصادى من أكثر الاشياء تأثرا بالشائعات.
وطالب «سعد الدين»، باتخاذ مجموعة من الإجراءات لمواجهة الشائعات أبرزها إتاحة المعلومات للمواطنين وعدم تركهم فريسة للشائعات، مع نشر الوعى لدى المواطنين، ووضع أطر قانونية وتنظيمية لمواجهة الشائعات، خاصة المادة 188 من قانون العقوبات.
وقال إن هناك أساليب لمواجهة الشائعات أبرزها الصمت والتجاهل مع الشائعات البسيطة، ونشر الحقائق والمعلومات، وأسلوب عيادة الشائعات عن طريق تفنيدها وفحصها والرد عليها، وأسلوب الشائعة المضادة، وأسلوب الاستثمار الإيجابى للشائعات عن طريق استخلاص النقاط المضيئة من الشائعة، مؤكدا أن مواجهتها عمل علمى يقوم به متخصصون، حيث يتم استخدام الأسلوب المناسب لمواجهة كل شائعة.
أما اللواء دكتور أحمد إبراهيم مساعد وزير الداخلية رئيس أكاديمية الشرطة فقد أكد على أن أدوات الحرب اختلفت مؤخرا، وأصبحت حروب الجيل الرابع من أخطرها، وتستهدف حروب الجيل الرابع تزييف الحقائق، والتخطيط لهدم الدول من خلال ترويج الشائعات بهدف خلق نوع من الإحباط لدى المواطنين والتشكيك فى مؤسساتهم.
وأضاف: «فطنت الدولة لهذه المخاطر من خلال مواجهة الشائعات مواجهة شاملة، وردع كل من يحاول النيل من الدولة، وبات لكل مؤسسة دور فى مواجهة الشائعات، والأمل معقود على كل مؤسسات الدولة لمواجهة المخاطر وتوعية الشباب وإبراز الإنجازات التى تحققت مؤخرا لتعزيز روح الولاء والانتماء للوطن».
وقال اللواء علاء الأحمدى مساعد وزير الداخلية لشئون الإعلام والعلاقات العامة، إن الشائعات تحتل مرتبة متقدمة كإحدى وسائل التهديد المباشر للأمن القومى، التى تمثل ضغوطا على ثوابت الحياة الآمنة المستقرة بما تخلفه من صدامات وصراعات تلقى بظلامها على مقومات الاستقرار والبناء فى المجتمع، مؤكدا أنه ليس أدل على ذلك مما تطالعنا به المشاهد التى ترد من دول كانت واحة غناء تموج بالحياة النابضة، وتحولت جذريا- بفعل التطرف والغلو والانسياق وراء الأكاذيب والشعارات- إلى ساحة خراب فى كل مكان، وللأسف الشديد، فقد شاعت فى الآونة الأخيرة آليات ومخططات هدم الدولة من الداخل واستهدفت استنزاف مواردها والسيطرة على مقدراتها وإخضاع توجهاتها وقرارتها لتحقيق أهداف لا تهتم بمصير شعبها ومستقبلهم».
وأشار «الأحمدى» إلى «إن المتتبع لحركة الحياة من حولنا ليشهد عن يقين حجم تحديات محاولات إسقاط الدول ليس على الصعيد الإقليمى فحسب، بل امتدت وبقوة على الصعيد الدولى، وهو ما شكل خطرا داهما وتحديا لا نبالغ إذا قلنا أنه ضد البشرية جمعاء، وهو ما يفرض علينا ضرورة التوصل إلى توافق دولى حول اتخاذ التدابير اللازمة والجادة لمواجهة تلك المحاولات وإفرازاتها المدمرة، وهنا نذكر وبكل فخر واعتزاز جهود الدولة المصرية فى تحصين أركانها وتدعيم ثوابتها لمواجهة كل المحاولات اليائسة للنيل من استقرارها، فبفضل» المولى جلت قدرته، «وبحكمة قائد شجاع التف الشعب من حوله، ودعم خطواته الواثقة وبإخلاص وتكاتف مؤسسات وطنية ودماء ذكية روت تراب هذا الوطن المفدى لشهدائنا الأبرار من رجال الشرطة والقوات المسلحة وأبناء الشعب المصرى العظيم صاغت مصر الكنانة استراتيجيتها فى الدفاع عن حقها فى البقاء والاستقرار، ففى مواجهة كل آلة للهدم ولدت يد مصرية فاعلة للبناء وأمام كل أداة تخريب كانت جهودا مصرية متواصلة أمنيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا تعلن- وبكل وضوح- استحالة إسقاط أو ضياع هوية الدولة المصرية الأبية لكل دعاة الشر فى شتى الأرجاء».
من جهته أكد اللواء أركان حرب حسام أنور المحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، إنه يجب ألا يكون المواطن أداة فى هدم الدولة وتكرار الشائعات، بل يكون الحائط البناء للدولة فى مواجهة المخططات، لافتا إلى أن الشائعات أصبحت سلاحا أخطر من المستخدم فى الجيوش النظامية، لأنها تستخدم داخليا لهدم الدولة، فأصبحت الشائعة موجهة إلى المواطن لإحداث حالة من الزعزعة وإحباط المواطنين، حتى يصل إلى عدم الولاء، ويصبح هو الأداة لهدم الدولة، فما يحدث على أرض الواقع هو مقصود والمستخدم هو المواطن.
وتابع: أكثر النجاحات التى نحققها، فى الاقتصاد، وهناك مؤشرات إيجابية من إنجازات فى كافة المجالات، لافتا إلى أن هناك تطورا فى التكنولوجيا تستطيع من خلاله الأبواق الخارجية تزييف الحقائق، وهناك سرعة فى نشر الأكاذيب لاستهداف المواطن، فيصبح المواطن- دون وعى- أداة لهدم مؤسسات الدولة، سواء سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا، لتصل إلى مرحلة الدولة الفاشلة ثم النيل منها، وتكون غير قادرة على السيطرة بمؤسساتها، كل هذا يتم من دول خارجية ليصل إلى هدم الدول من الداخل.
وقالت الدكتورة نعايم سعد زغلول، رئيس المركز الإعلامى بمجلس الوزراء، إن الشائعات تهدف فى المقام الأول لنشر اليأس والإحباط لدى المواطنين، وعدم تصديق الإنجازات والمشروعات التى تقوم بها الدولة، لافتة إلى أن نحو 89 مليون مصرى يستخدمون الإنترنت، ومعظم الشائعات يتم تناثرها عبر الفيس بوك، لافتة الى أن عدم الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعى أدى الى زيادة الشائعات، خاصة أن كثيرين يجلسون على الإنترنت وقتا طويلا من أجل التسلية.
وتابعت، الدولة واجهت الشائعات بتشريعات جديدة، وأقرت عددا من القوانين، ونصت المادة 188 بقانون العقوبات على الحبس سنة لمن ينشر الشائعات، وهناك جهود كبيرة من الداخلية لمواجهة الشائعات من خلال وجود إدارات مختصة فى هذا الصدد.