ليست حربا تجارية.. القدرات العسكرية الصينية ترعب أمريكا والناتو
الأربعاء، 04 ديسمبر 2019 12:00 م
العام الماضي نشبت حربا تجارية كبرى بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، في واحدة من أشرس الحروب التجارية التي آثرت على العالم أجمع، حيث ارتبكت الحسابات الأمريكية خاصة عقب صعود الرئيس دونالد ترامب، بسبب النمو المتزايد للاقتصاد الصيني من جهة وقوتها العسكرية من جهة أخرى، والتي بينتها تقارير استخباراتية أمريكية، لذا لجأ «ترامب» لهذه الحرب لتقويض اقتصاد بكين.
وفى مارس العام الجاري، أعلن رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ أن ميزانية الدفاع الصينية وهي الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة سترتفع بنسبة 7.5 % في 2019 إلى 1190 مليار يوان «177.6 مليار دولار»، وهي الميزانية التي شككت في نوايا بكين التي تؤكد دائما على هدفها الأساسي الاستقرار والتنمية، خاصة بعد تحذير الاستخبارات الأمريكية، من أن بكين تجهز جيشا ليس لتأمين حدودها كما تزعم، بل بهدف التفوق العسكري على الولايات المتحدة الأمريكية والذى قد يحدث آجلا أم عاجلا بسبب بحر الصين الجنوبي الذى تسعي بكين للسيطرة عليه.
وحين أعلن رئيس الوزراء الصيني رقم ميزانية بلاده العسكرية، صعدت بكين لهجتها حيال دعاة الاستقلال في جزيرة تايوان التي تعتبرها بكين جزءاً لا يتجزّأ من أراضيها، فضلاً عن الخلافات الحدودية الكثيرة بين الصين وجيرانها في بحر الصين الجنوبي، وخصوصا اليابان وفيتنام والفيليبين؛ ومع الصعود المتنامي على الصعيد الاقتصادي والعسكري والتكنولوجي للصين، زادت بالتبعية المخاوف من التنين الصيني، في وقت ضعف فيه حلف الناتو حتى وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ «الموت السريرى»، خاصة في ظل تفاقم الخلافات الداخلية بين الدول الأعضاء، سواءً بسبب اختلاف الرؤى أو من جراء التغير الذي لحق بالسياسة الأمريكية منذ وصول الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
والخلافات الداخلية للناتو لها أبعاد، منها بسبب انتقاد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لما يراه تقصيرا من باقي الدول الأعضاء في الإنفاق العسكري، قائلا إن واشنطن ليست مجبرة على أن تبذل أموالها حتى تؤمّن الحماية للدول الغربية الأخرى، ورغم أن التحالف العسكري يسيطر على نصف الإنفاق الدفاعي في العالم، أو ما يقارب نصف الإنتاج المحلي الإجمالي لدول العالم، إلا أن هذا التحالف بات في حالة شبيهة بالموت السريري، حسب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بسبب تراجع الولايات المتحدة عن دورها القيادي، وقيام تركيا باجتياح شمالي سوريا، تمهيدا لإقامة منطقة آمنة، وطرد المقاتلين الأكراد الذين اضطلعوا بدور كبير في محاربة تنظيم داعش الإرهابي.
الصين تزداد قوة على جميع الأصعدة، قد أصبحت الخصم الجديد للتحالف العسكري، وذلك خلافا لروسيا المعروف عنه أنه بارزا لـ «ناتو»، بحسب «واشنطن بوست»، فلم يعد القلق مقتصرا على روسيا، التي شغلت الاهتمام بحكم موقعها الجغرافي ومقدراتها العسكري، إذ نبّه مسؤولون أمريكيون وأوروبيون، مؤخرا، إلى ضرورة التعامل مع بكين، وقال وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، في أبريل الماضي، إن الصين ستصبح النقطة الأساسية على ضفتي الأطلسي، خلال القرن الحادي والعشرين.
والصين ستشكل تحديا، في كل الجوانب، وبالتالي، فمن المهم أن يجري فهم الأمور على نحو جيد لإدراك ما يتطلبه الوضع من حلف شمالي الأطلسي، بحسب وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، أما الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، فيقول إن بكين تسحب ميزان القوى العالمي إلى صيغة جديدة، وأكد أن هذا المعطى يقدم بعض الفرص لصانعي القرار في الغرب، لكنه لا يخلو من التحديات، مشيرا إلى أن الناتو لا ينوي الذهاب إلى بحر الصين الجنوبي، لكن عليه أن يدرك أن الصين أصبحت «أقرب فأقرب»، بحكم ما تضخه من استثمارات ضخمة على مستوى البنية التحتية، في إشارة إلى مبادرة «الحزام والطريق».
والحضور الصيني الكبير في أفريقيا والقطب الشمالي من الأرض، والتنافس السيبراني، بات جليا، كما أن الصين صارت صاحبة ثاني أكبر ميزانية دفاعية، على مستوى العالم، وهذا الأمر من شأنه أن يروق لترامب الذي يقدم نفسه بمثابة المسؤول الغربي الذي فطن إلى قوة بكين وبادر إلى تحجيمها، وفي إطار هذا الارتياب من قدرات بكين، طلب وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، من الدول الأوروبية أن تبدي مقاومة لاستثمارات الصين في القطاع الرقمي، لاسيما في شبكة الجيل الخامس للاتصالات، حيث تتهم واشنطن الشركات الصينية مثل «هواوي» بالتجسس لصالح بكين، وهو ما تنفيه الأخيرة.