جدل فقهي قانوني.. هل يجوز التطليق لعدم وجود غشاء بكارة؟
الإثنين، 02 ديسمبر 2019 05:00 م
فتح حكم تطليق الزوجة التى أكتشف زوجها ليلة الزفاف أنها دون غشاء بكارة، وعن حقه فى فسخ العقد واستعادة ما دفعه إليها وتعهد به كتابة له مقدم وحال ومؤخر، الباب أمام حكم صحة زواج فاقدة غشاء البكارة من الناحية القانونية والشرعية، للرد على الأفكار والأعراف الرافضة لصحة الزواج أو تأييدها لهذا العرف الذي يربط غشاء البكارة بالشرف، على مبدأ أن غشاء البكارة لا يوجد إلا عند الشريفة، ولا تفقده إلا من فقدت شرفها بزنى.
جملة من علماء الدين، وأساتذة الشريعة والقانون، ومؤلفات، وآراء جماعية سجلت موقفا متشابكا تجاه ربط مسألة الشرف بغشاء البكارة، رغم إن كل هذه الجهات مشتقة من منابع فكرية متشابهة كون القوانين والتشريعات أساسها الشريعة الإسلامية، حيث طالب بعضهم بضرورة إخفاء عدم وجود غشاء البكارة حتى ولو بإجراء رتق «ترقيع» للزانية حتى تتزوج طالما لن تكرر الأمر، بينما اعتبر البعض الآخر أنه غش وتدليس يفسخ عقد الزواج.
وفى جانب المؤيدين لفسخ عقد الزواج للزانية، أعتبر الدكتور عبدالفتاح خضر، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، أن بعض الفتيات يفقدن غشاء البكارة دون إقامة أى علاقة مع رجل، فقد تؤدى لعبة كالجمباز إلى فقده. وأضاف خضر، في تصريحات صحفية، أن غشاء البكارة قد يفض أو يتلاشى بسبب جراحة لظرف صحى وفى الحالتين لا تعاب الفتاة ولا توصف بأنها ليست بكرا فهذه أمور خارجة عن الإرادة.
وقال خضر: بعض المتزوجات لا يفض غشاء بكارتها إلا بجراحة وقد يفهم الزوج بأنه لا يوجد لديها غشاء بكارة لأنه لم يرَ أثرا لفض الغشاء الذى ما زال بحالته، ولذلك يجب اللجوء للطب كجهة اختصاص حتى لا نطلق الأوصاف بشكل فوضاوى يثير أزمات كبيرة نظرا لحساسية وضع المرأة.
وأوضح خضر، أن الزوج إذا تأكد بأنه لا يوجد غشاء بكارة وأكدت الزوجة له بعد الزواج أنه قد حدث معاشرة لها من قبل رجل آخر فله أن يقبلها ويتمم الزواج بشكل عادى، وإن رفض فيتم فسخ العقد ويسترد حقوقه لأنها دلست عليه ولم تخبره بشىء يعيبها فى شرفها لأن الشرف أمر محورى فى الزواج وكل النساء تتحلى بالشرف وأنها تزوجت بكرا إلا الساقطات يقلن عن الشرف «ما قيمة حبة عنبة بين رجلى المرأة»، ويقصدن أن الزنى لا يعيب المرأة.
الدكتور عمر حمروش أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر وعضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، أكد تهتك غشاء البكارة له أسباب كثيرة مثل الصدمات والحوادث أو أى ضواغط أو رياضة وليس كل من تهتك غشاء بكارتها تعد زانية. وأضاف حمروش، في تصريحات صحفية، أنه تهتك غشاء البكارة ليس أمرا لا أخلاقيا فى كل حالاته، مضيفا أن تطليق المرأة التى ثبت فض بكارتها بمعاشرة بدون زواج أمر له حالات متعددة وكل حالة لها حكم يجب التحقيق فى كل حالة من قبل لجان مختصة فى دار الإفتاء لإطلاق الحكم المناسب وما يترتب عليه من حقوق مالية.
على الجانب الآخر، كانت المفاجأة الصادمة للعرف التقليدى بالتخلص من الزوجة التى فقدت غشاء البكارة، بل دافع عن الزانية وصرح لها بإخفاء أمرها على العريس، حيث أكدت دار الإفتاء المصرية أنه من المقرر في الفقه أن الرجل إذا تزوج امرأة بشرط أنها بكر فوجدها ثيبًا صح النكاح ولزمه كل المهر للدخول كما نُصّ على ذلك في "الفتاوى المهدية".
وقالت الإفتاء، إن المحكمة الجزئية الشرعية "قضاتها علماء شريعة" قضت في حكمها رقم 1369 لسنة 33-1934م بتاريخ 25/ 2/ 1933م أن الدعوى بطلب فسخ العقد لانعدام شرط البكارة غير مقبولة، وجاء في نص الحكم: ومن حيث إن المدعي معترف بالدخول فالنكاح صحيح، ولا يمنع من صحته عدم البكارة كما يزعم؛ لأن البكارة لا تصير مستحقة بالنكاح كما نص على ذلك فى "الأشباه" في باب النكاح، ولأن عدم البكارة لا اعتبار له فى صحة النكاح لتعلقه بالمحل، والمحل فى حكم الشروط، والشروط تبع، وقد اتفق الخصمان على الأصل، والاتفاق على الأصل اتفاق على التبع، فالمنكر له بعد موافقته على الأصل كالراجع عنه، فإذا دخل بها كان الدخول رضاءً بذلك النكاح.
وفى نفس اتجاه دار الإفتاء نقل كتاب "احكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها" للدكتور محمد الشنقيطى آراء فقهية تلزم الأسرة بكتمان أمر الفتاة الزانية التى تابت عن فعلتها عن العريس الذى طلب الزواج منها.
بل زاد الكتاب على ذلك بفتوى أكثر غرابة وهى جواز رتق "ترقيع" غشاء البكارة حتى تتزوج الفتاة دون فضيحة وخاصة أنها تائبة، حيث التائبة شريفة بعد أن تقبلها الله فكيف لا يتقبلها الناس.
وأكد الدكتور هشام البسطويسى فى كتابه "غشاء البكارة بين الطب والدين" رفضه لفسخ العقد بسبب عدم وجود غشاء بكارة لدى المرأة وأن عدم توافر هذا الشرط لا يمنع من صحة الزواج.
وفى كتاب «الحماية الجنائية للعلاقة الزوجية»، فى دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون للدكتور محمود أحمد طه الوكيل السابق لكلية الحقوق بجامعة طنطا، أن عمر بن الخطاب أمر رجل أن يخفى قيام أبنته بالزنى على الناس وعلى خطابها، وأن يزوجها زواج العفيفة المسلمة بعد أن تابت، وهدده بالعقاب إن فضح أمرها وقال له «عمر» لأعاقبنك عقوبة يتحدث بها أهل الأمصار.
وأكد أنه لا جريمة على من أخفت على عريسها وقوعها فى الزنى وقيامها برتق «ترقيع» غشاء البكارة حتى تتزوج زواج العفيفة وقال له لا تخبر بها «هاه لأن فعلت لأعاقبنك عقوبة يتحدث بها أهل الأمصار، أنكحها نكاح العفيفة المسلمة»، وذلك حتى يستقيم حالها وتعيش مع زوجها فى أمان دون أن يحدث بلبلة ويشاع أمرها بين الناس دون فائدة بعد أن تخلت عن سلوكها وتابت.
قضت محكمة الأسرة بأكتوبر، برفض دعوى بطلان عقد زواج، أقامها زوج ضد زوجته، وجاء بحيثيات الحكم اعتبار أن البكورة ليست شرط من شروط صحة عقد الزواج، ولا ينفسخ العقد فى حالة تخلفها حتى ولو كانت شرطا من شروط الزواج. تفاصيل القضية أكدت أن الزوج طارق.ال.ع، تزوج من المدعى عليها بموجب عقد شرعى، وفوجئ ليلة الزفاف بأنها ليست بكرا، وأنها دلست عليه فى عقد الزواج، كما أنه علم أن زوجته وفق لشهادة بعض معرافها اتهمت بممارسة علاقات غير شرعية.