شبح الطرد يطارده.. أردوغان يلعب الـ3 ورقات قبل اجتماع الناتو
الثلاثاء، 03 ديسمبر 2019 02:00 ص
ينتظر اجتماع زعماء حلف «الناتو»، ملفات شائكة، يأتي في مقدمتها حالة الانقسام الغير مسبوقة، التي يعانيها أعضاء التحالف الغربي، بشأن الموقف من روسيا، خاصة بعد تصريح الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، التي وصف فيها التحالف قبل أسابيع، بـ «الميت إكلينيكيا».
تصريحات الرئيس الفرنسي، أثارت شكوكا كثيرة حول مستقبل حلف الناتو، الذي يعد رمزا تاريخيا للمعسكر الغربي، منذ انتهاء حقبة الحرب الباردة، كذلك حالة الشرود التركي، التي يتبعها نظام أردوغان بعيدا عن مبادئ الغرب، عبر تقاربه مع موسكو، وشراء منظومة الصواريخ الروسية S400 وهو ما اعتبره الغرب انتهاكا صريحا للقواعد التي يتبناها الحلف منذ عقود، والتي قامت في الأساس على شراء أو الاستعانة بأي أسلحة من المعسكر الروسي.
حالة الانقسام التي يعيشها حلف الناتو، ليست وليدة اللحظة، إذ شهدت السنوات الأخيرة الماضية، حالة تضارب بين مصالح الحلفاء، في نفس الوقت الذي تتوجه فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نحو رفع حمايتها عن أوروبا الغربية، ومحاولاتها نحو تفكيكها، إلى جانب ارتماء إسطنبول في أحضان موسكو، فيما يتعلق بالموقف من سوريا، على حساب الغرب، في نفس الوقت الذي تتباين فيه مواقف باريس، بحيث تبدو مرتبكة، فتارة تعلن عن وجود تقارب بينها وبين روسيا، ومرة تشن عليها هجوما، مما وضع الموقف الفرنسي في محل جدل، مما أعطى مناقشة موقف التحالف من خصمه الروسي التاريخي، في مقدمة أجندة القمة المرتقبة في لندن، خلال الأيام المقبلة، حتى وإن لم يتم الإعلان عن ذلك بشكل رسمي.
ويناقش اجتماع حلف الناتو، على مناقشة الموضوعات التقليدية، وأبرزها مواصلة الحرب على تنظيم داعش الإرهابي، وتعزيز الإجراءات التي يتخذها الحلف للرد على الأحداث الواقعة على حدود أعضائه، إلى جانب التهديدات التي يواجهها الحلف.
بيلعب بالـ 3 ورقات.. أردوغان يصرف الانتباه عن انتهاكاته ضد الناتو
ويشير الهجوم الأخير الذي شنه الرئيس التركي رجب أردوغان، على نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، والذي بلغت تداعياته إلى استدعاء سفير تركيا لدى باريس، إلى حالة الانقسام التي تضرب التحالف في الآونة الأخيرة، كما تعكس المأزق الذي تعانيه أنقرة، حيث يحاول أردوغان صرف الانتباه عن مواقف بلاده، المثيرة للجدل، ومن بينها تقاربه مع روسيا، ورفضه لتوجه الحلف نحو السير خلف واشنطن، فيما يتعلق بتغيير توجهاته العسكرية نحو أوروبا الشرقية، لمحاولة حصار روسيا، خاصة وأنه من الممكن أن تثير هذه الخطوة حفيظة موسكو، والتي سيترتب عليها إصابة الديكتاتور العثماني بنيران غضب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي بقي مسيطرا على مقاليد الأمور في منطقة الشمال السوري، في الوقت الذي تراها تركيا نقطة تهديد صريح لأمنها.
ويعد هجوم أردوغان، استباقيا على فرنسا، إذ تنتوي في طياتها على مخاوف كبيرة من قبل أنقرة، قبل انطلاق القمة، خاصة وسط حالة الإجماع حول الدور الذي تلعبه تركيا في تقسيم التحالف، ليس فقط بشأن شرائها منظومة الصواريخ الروسية، إنما بسبب عدوانها الأخير على الشمال السوري الذي استهداف الأكراد، أصحاب الدور الكبير في الحرب على داعش، خاصة وأن الاجتياح التركي يعتبر مخاطرة كبيرة وغير محسوبة، إذ وضع قوات التحالف الدولي الموجودة بتلك المنطقة في دائرة الخطر، مما يمثل انتهاكا جديدا يضاف إلى سلسلة الانتهاكات التي ترتكبها أنقرة، بحق حلفائها في أوروبا الغربية.
الديكتاتور العثماني يحاول تعليق أخطاءه على كتف ماكرون
ويعد هجوم أردوغان، على باريس، محاولة صريحة لوضع ماكرون، في مواجهة سهام الانتقاد خلال قمة الناتو المرتقبة، إذ يستخدمه ليكون «شماعة»، جديدة يمكنه تعليق أخطاءه عليها، ومن ناحية أخرى يخفف الضغوط التي من المتوقع أن يمارسها الحلفاء على أنقرة خلالها، خاصة بشأن روسيا، خاصة في ظل تواتر أحاديث عن دور تركي كبير في تقويض الدور الذي يلعبه الحلف خلال السنوات الماضية.
«الطرد».. الشبح الذي يؤرق منام أردوغان
وربما يواجه أردوغان، انتقادات من زعماء الغرب، إلا أن شبح «الطرد»، خاصة فيما يتعلق بإثارته لملف الأكراد، ومحاولة استخدامه كورقة لابتزاز الغرب والضغط عليهم لوضعهم على قائمة التنظيمات الإرهابية، مقابل الرضوخ لفكرة إعادة هيكلة التوجهات العسكرية للتحالف نحو أوروبا الشرقية، في محاولة صريحة لحصار موسكو، في المرحلة المقبلة، وهو الملف الذي يعتبر خط أحمر بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، خاصة فيما يتعلق بالدور الكبير الذي لعبته الميليشيات الكردية في الحرب على تنظيم داعش الإرهابي.