على المفتي والوزير ألا يتحدثا في الشأن العام
الثلاثاء، 26 نوفمبر 2019 02:38 م
خرج الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية بتصريح يقول فيه " الشأن العام لم يعد مجالا لأي إنسان للتحدث فيه"، وألقت وزارة الأوقاف خطبة موحدة، على جموع المسلمين الجمعة الماضية عن "حماية الشأن العام"، خلاصتها أن الشأن العام أمره ليس مشاعًا لأفراد الناس؛ وإنما يقوم عليه متخصصون يدركون قيمة ما أسند إليهم من مهام تتعلق بالأمن القومي.
اليوم وافقت وزارة الداخلية على تنظيم وقفه نسائية لإبداء الرأي في قانون الأحوال الشخصية الجديد، فهل الوزارة المعنية في المقام الأول بحماية الشأن العام، تسمح بهذه الموافقة بأن بالتعرض للأمن القومي لغير المختصين.
يرتجل الرئيس عبد الفتاح السيسي في حديثه مع الشعب، من منطلق أن المعرفة حق أصيل للشعب.. أن يعرف الفرد ما يدور حوله وما تقوم به الدولة لخدمته، رغبة الرئيس هنا هي المعرفة ورفع درجة الوعي، التي شدد الرئيس عليها عشرات المرات.
الوعي المجتمعي لا يصنع إلا بالمشاركة؛ حديث واستماع ومناقشة؛ وألا يكون المتلقي أبكمًا؛ وأن يستمع للمختصين ثم يسألهم فتأتيه الإجابة فيزداد معرفة، أن يشعر المواطن بأنه جزء من الإنجاز أو الإخفاق، أن يتحمل مسئوليته الكاملة ولا يشعر بأنه كيان معزول عن دولته ومؤسساتها، عندما يدرك أنه رقم صحيح في معادلة التنمية، سيكون هو قاطرة التنمية، لكن فرض وصاية الوزير والمفتي على التحدث والنقاش في الشأن العام، يعزله عن محيطه وتدريجيًا ينعكس الأمر على شعور الانتماء.
الفرق شتان بين الحديث في الشأن العام والأمن القومي، الأول عندما تطرح قوانين تتعلق به كالأحوال الشخصية أو تعديل الدستور، نجد دعوات الحوار المجتمعي من الجهات المعنية، ليشارك فيه ممثلين من كل أطياف الشعب، لكن لا نجد دعوات حوار فيما يخص مناقشة لجنة الدفاع والأمن القومي أمور تسليح الجيش.
الأمر لا يحتاج إلى تنظير وطرح نظريات، فالمواطن المصري أكثر حرصًا على أمنه القومي من أي شعب أخر.
من الواضح أن السباق بين فضيلة المفتي والسيد وزير الأوقاف على التجهيز لمؤتمر الشأن العام، جعلهم يغفلون بعض التعريفات البسيطة، فالفرق شاسع بين الشأن العام والقضايا المتعلقة بالأمن القومي، فالرياضة والإعلام والاقتصاد حتى الرصيف شأن عام، الانتخابات واختيار نواب الشعب ورئيس الجمهورية والاستفتاء على الدستور المنظم للعلاقة بين الشعب ومؤسساته شأن عام، كفل الدستور للشعب التحدث فيه وممارسته بل واختيار من يحكمه ومن ينوب عنه، فما موقف فضيلته وسيادته من الحديث في مثل هذه الأمور وممارستها؟
المصطلح المتداول لدى فضيلته وسيادته يحتاج إلى تعريف واضح المعالم مكتمل الأركان، كي لا يصاب بداء "المط" والتعميم ويختلط العام بالخاص، ونجد وزير قائم على وزارة خدمية يعتبر أن مطالبات الجمهور بتحسين الخدمات أو كشف تقصيرًا ما تدخل في شأن عام متعلق بالأمن القومي.
الأولى من الحديث عن الشأن العام، هو وضع خطة واضحة المعالم لتغيير الخطاب الديني الذي بح صوت الرئيس السيسي في الحديث عنه، على سيادة الوزير أن يشمر ساعده ويدعو رجال الدعوة الوسطية إلى التغلغل في عمق المجتمع المصري لاجتزاز جذور التطرف وأسبابه، وأن يتركوا الحديث عن الشأن العام "للمختصين" لمن هم يمثلون الشعب رسميًا تحت قبة البرلمان، فكلاهما رفض مرارًا وتكرارًا أن يتحدث أي شخص عن الملف الديني، وطالبا أن يقتصر الأمر على العلماء المعتمدين من مؤسساتهما، فالمبادئ لا تتجزأ.