منطقة التجارة الحرة الأفريقية.. ولدت في شرم الشيخ وتهدف للوصول للسوق المشتركة
الأحد، 24 نوفمبر 2019 09:00 صسامي بلتاجي
في كلمتها، فى الجلسة الافتتاحية لمنتدى افريقيا 2019، أشارت الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى، إمكانية الاستفادة من دخول اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية حيز النفاذ، والتي ستساهم في زيادة التجارة الإقليمية إلى الضعف، وفقا لبنك التصدير والاستيراد الأفريقي.
ومن خلال دراسة نشرها معهد التخطيط القومي، التابع لوزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، في مصر، (سلسلة قضايا التخطيط والتنمية رقم 283)، في سبتمبر 2017، حول اتفاقية منظمة التجارة الحرة الأفريقية وتأثيرها على الاقتصادية الأفريقية عموما والاقتصاد المصري خصوصا، والتي وقعت اتفاقيتها التأسيسية، بمدينة شرم الشيخ، في 10 يونيو 2015، يتبين أن منطقة التجارة الحرة الثلاثية (TFTA)، كمرحلة جديدة للتعاون الاقتصادي التجاري، لإجمالي حجم سكان يصل نحو 632 مليون نسمة، بما يعادل 57% من إجمالي سكان القارة، بل ناتج دول المنطقة مجتمعة يمثل نحو 60% من إجمالي ناتج القارة الأفريقية، ويعتبى الاتفاق المشار إليه، امتداد لفكرة التكامل الأفريقي، التي نبعت من خطة لاجوس في عام 1980، ومعاهدة أبوجا 1991، حيث قامت الفكرة على إنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية AEC، بهدف الوصول إلى الولايات المتحدة الأفريقية، وتعتبر المنطقة الحرة الأفريقية، حجر الأساس في ذلك، بحسب (سلسلة قضايا التخطيط والتنمية رقم 283)؛ حيث أيضا ستكون منطقة التجارة الحرة الأفريقية، حافزا للوصول إلى الاتحاد الجمركي، ثم السوق الأفريقية المشاركة، تمهيدا للوصول للولايات المتحدة الأفريقية.
تضم منطقة التجارة الحرة الثلاثية الأفريقية، 26 دولة من بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، المكون من 54 دولة، وهي الاتفاقية المكونة من 3 تجمعات فرعية، هي: السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي (الكوميسا)، تجمع شرق أفريقيا (إياك)، والجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي (سادك)، وستكون قطب الجذب الأكبر في عملية التنمية الاقتصادية للقارة الأفريقية خلال العقود القادمة، باعتبارها المنطقة الكبرى في القارة جغرافيا وسكانيا واقتصاديا، بحسب معهد التخطيط قومي؛ والذي أوضح أن مشروع منطقة الحرة الأفريقية، تقوم على دمج التكتلات الاقتصادية الثلاثة، المشار إليها، على مستوى عموم القارة، كمحاولة لتفادي السلبيات المحتملة التي يمكن حدوثها في حال المنافسة الضارة بين التكتلات الثلاثة على النفاذ إلى أسواق الدول غير المنضمة لأي من التكتلات الثلاثة، وتغليب الطابع التكاملي القائم على اقتسام المنافع وتجنب الضرر، وبناء آلية التعويض المحتمل حال حدوثه.
وأضافت دراسة المعهد القومي للتخطيط، أن منطقة التجارة الحرة الثلاثية الأفريقية، لا تلغي التجمعات المنضوية في إطارها، وإنما تستوعبها دون أن تقضي على الذاتية المستقلة لكل منها، كون المنطقة الحرة بمثابة فيدرالية تجارية، أقل من تكتل اقتصادي موحد، وأكثر من تنسيقية بين التجمعات ذات الصلة؛ كما أن الطابع الجماعي للمنطقة الحرة الثلاثية، على المستوى الأفريقي العام، لا يعني الشمول على مستوى العضوية؛ إذ يلاحظ أن المنطقة لا تضم الكيان الممثل لدول غرب أفريقيا (الاتحاد النقدي لمنطقة غرب أفريقيا).
وبحسب تقرير معهد التخطيط القومي، (سلسلة قضايا التخطيط والتنمية رقم 283)، تعتبر المنطقة الحرة الثلاثية، من حيث العملية التكاملية، أدنى من الشكل التكاملي المتجسد في الاتحاد الأوروبي، برغم خروج بريطانيا منه مؤخرا، ورابطة بلدان جنوب شرق آسيا "آسيان"، ولكنها -المنطقة الحرة الأفريقية- أقرب إلى تجمعات فضفاضة إلى حد ما، مثل التجمع الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (آبك APEC)، برغم تضمين مشاريع للتكامل العميق، بفعل وجود كل من الصين واليابان والولايات المتحدة في هذا التجمع، لدرجة إنشاء البنك الآسيوي للتنمية بمبادرة صينية.
المنطقة التجارية الحرة الثلاثية الأفريقية، أقرب إلى المشروع الذي كانت تسعى إليه الولايات المتحدة الأمريكية شرقا، في وقت سابق، من خلال السوق المشتركة لدول المحيط الهادي، والمشروع الآخر، الذي تسعى إليه غربا، من خلال السوق المشتركة عبر الأطلنطي، والتي يفترض أن تجمع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي؛ وهو ما يقرره تقرير (سلسلة قضايا التخطيط والتنمية رقم 283)؛ والتي لفتت إلى أنه تم الإعلان عن المنطقة التجارية الحرة للتكتلاث الثلاثة، في القمة الثالثة في شرم الشيخ، في 2015، على الأسس التي اعتمدت في القمتين السابقتين على قمة شرم الشيخ، كركائز لعملية التكامل الثلاثي، وهي: تكامل السوق، تنمية البنية التحتية والبنية الصناعية، وكان قد تم الإعلان في القمة الثانية، التي عقدت في 12 يونيو 2012، بجنوب أفريقيا، عن بدء المفاوضات لإنشاء المنطقة التجارية الحرة الأفريقية، واعتماد خارطة الطريق لإنشائها، مع تحديد الإطار المؤسسي ومبادئ التفاوض.
وبحسب تقرير معهد التخطيط القومي، فإن الإطار المؤسسي الذي تقوم عليه المنطقة التجارية الحرة للتكتلاث الأفريقية الثلاثة، ينقسم إلى الأجهزة التنفيذية وآلية تسوية المنازعات؛ حيث يندرج في نطاق الأجهزة التنفيذية، القمة الثلاثية، والتي تضم رؤساء دول أو حكومات الدول الأعضاء، وتختص بإصدار التوجيهات العامة ومنح قوة الدفع اللازمة لاتفاقية منطقة التجارة الحرة الثلاثية الأفريقية؛ كما يندرج في إطار اتفاقية المنطقة التجارية الحرة الثلاثية، مجلس وزراء الثلاثية، والذين تحددهم الدول الأعضاء، بهدف تحقيق أغراض إقامة المنطقة التجارية الحرة؛ كما يضم الإطار الخاص بالاتفاقية، اللجان الوزارية القطاعية لدول التكتلات الثلاثة، وتكون كل منها مسؤولة عن توجيه وتنفيذ السياسات في مجالات اختصاصاتها (التجارة، الشؤون المالية، الجمارك، الشؤون الاقتصادية، الشؤون القانونية)؛ فضلا عن اللجنة الثلاثية المشتركة لكبار المسؤولين، تكون مسؤولة عن توجيه العمل الفني، في نفس إطار الاتفاقية، والذي يضم أيضا، اللجنة الثلاثية للخبراء، والتي تختص بالعمل الفني، وتكون مسؤولة أمام اللجنة الثلاثية المشتركة لكبار المسؤولين.
وفيما يختص بالقسم الثاني في الإطار المؤسسي لاتفاقية التجارة الحرة الأفريقية، وهي آلية تسوية المنازعات، فهي تتولي مهمة تشكيل لجان لدراسة النزاعات، فضلا عن هيئة استئناف؛ كما تختص آلية تسوية المنازعات باعتماد تقارير اللجان المشار إليها وهيئة الاستئناف؛ وكذلك مراقبة تنفيذ الأحكام والتوصيات الصادرة؛ كما تختص الآلية بتعليق الامتيازات الممنوحة بموجب الاتفاقية.