130 عاما على ميلاد طه حسين.. «كفيف» أضاء ظلام العقول

السبت، 16 نوفمبر 2019 08:00 م
130 عاما على ميلاد طه حسين.. «كفيف» أضاء ظلام العقول
إيمان محجوب

تمر علينا هذه الأيام ذكري ميلاد عميد الأدب العربي طه حسين، الذي أضاء بنور علمه عقولنا وضاف للمكتبة العربية كثير من الكتب والروايات التي أثارتها بكثير من المعارف فمن منا لم يتأثر برواية دعاء الكروان والحب الضائع والمعذبون في الأرض وشجرة البؤس وغيرها من المؤلفات التاريخية مثل الشيخان والفتنة الكبرى. 

إنه عميد الأدب العربي، طه حسين علي بن سلامة، يوم الجمعة 15 نوفمبر 1889 في قرية الكيلو قريبة من مغاغة إحدى مدن محافظة المنيا في صعيد مصر، وهو لم يبلغ من العمر أربع سنوات أصيبت عينيه بالرمد وبسبب الجهل قام أهله باستدعاء حلاق القرية لعلاجه فوصف له علاج أطفأ نور بصر للأبد، وكان والده حسين عليّ موظفا رقيق الحال في شركة السكر. 

أدخله أبوه كتاب القرية للشيخ محمد جاد الرب لتعلم العربية والحساب وتلاوة القرآن الكريم وحفظه في مدة قصيرة أذهلت أستاذه وأقاربه ووالده الذي كان يصحبه أحياناً لحضور حلقات الذكر، والاستماع إلى عنترة بن شداد وأبو زيد الهلالي.

دخل طه حسين جامع الأزهر للدراسة الدينية من العلوم العربية في عام 1902، فحصل فيه على ما تيسر من الثقافة، ونال شهادته ولكن دراسته في الازهر لم تروق له، فكانت الأعوام الأربعة التي قضاها فيها، وهذا ما ذكره هو نفسه، وكأنها أربعون عاماً وذلك بالنظر إلى رتابة الدراسة، وعقم المنهج، وعدم تطور الأساتذة والشيوخ وطرق وأساليب التدريس.

ولما فتحت الجامعة المصرية أبوابها عام 1908 كان طه حسين أول المنتسبين إليها، فدرس العلوم العصرية، والحضارة الإسلامية، والتاريخ والجغرافيا، وعددا من اللغات الشرقية كالحبشية والعبرية والسريانية، وظل يتردد خلال تلك الحقبة على حضور دروس الأزهر والمشاركة في ندواته اللغوية والدينية والإسلامية. 

ودأب على هذا العمل حتى سنة 1914، وهي السنة التي نال فيها شهادة الدكتوراه وموضوعها هو: «ذكرى أبي العلاء» ما أثار ضجة في الأوساط الدينية، وفي البرلمان المصري إذ اتهمه أحد أعضاء البرلمان بالمروق والزندقة والخروج على مبادئ الدين الحنيف. وفي العام نفسه، أي في عام 1914 أوفدته الجامعة المصرية إلى مونبلييه بفرنسا، لمتابعة التخصص، فدرس في جامعتها الفرنسية وآدابها، وعلم النفس والتاريخ الحديث.

بقي هناك حتى سنة 1915، سنة عودته إلى مصر، فأقام فيها حوالي ثلاثة أشهر أثار خلالها معارك وخصومات متعددة، محورها الكبير بين تدريس الأزهر وتدريس الجامعات الغربية ما حدا بالمسؤولين إلى اتخاذ قرار بحرمانه من المنحة المعطاة له لتغطية نفقات دراسته في الخارج، لكن تدخل السلطان حسين كامل حال دون تطبيق هذا القرار، فعاد إلى فرنسا من جديد لمتابعة التحصيل العلمي.

وفي غضون تلك الأعوام كان قد تزوج من سوزان بريسو الفرنسية السويسرية الجنسية التي ساعدته على الاطلاع أكثر فأكثر باللغة الفرنسية واللاتينية، فتمكن من الثقافة الغربية إلى حد بعيد.

كان لهذه السيدة عظيم الأثر في حياته، فقامت لهُ بدور القارئ فقرأت عليه الكثير من المراجع، وأمدته بالكتب التي تمت كتابتها بطريقة برايل حتى تساعده على القراءة بنفسه، كما كانت الزوجة والصديق الذي دفعه للتقدم دائماً وقد أحبها طه حسين حباً جماً، ومما قاله فيها أنه، منذ أن سمع صوتها لم يعرف قلبه الألم، وكان لطه حسين اثنان من الأبناء هما: أمينة ومؤنس.

لما عاد طه حسين إلى مصر عام 1919 عين أستاذا للتاريخ اليوناني والروماني في الجامعة المصرية، وكانت جامعة أهلية، فلما ألحقت بالدولة عام 1925 عينته وزارة المعارف أستاذاً فيها للأدب العربي، فعميداً لكلية الآداب في الجامعة نفسها، وذلك عام 1928، لكنه لم يلبث في العمادة سوى يوم واحد؛ إذ قدم استقالته من هذا المنصب تحت تأثير الضغط المعنوي والأدبي الذي مارسه عليه الوفدين، خصوم الأحرار الدستوريين الذي كان منهم طه حسين.

وفي عام 1930 أعيد طه حسين إلى عمادة الآداب، لكن وبسبب منح الجامعة الدكتوراه الفخرية لعدد من الشخصيات السياسية المرموقة مثل عبد العزيز فهمي، وتوفيق رفعت، وعلي ماهر باشا، ورفض طه حسين لهذا العمل، أصدر وزير المعارف مرسوما يقضي بنقله إلى وزارة المعارف، لكن رفض العميد تسلم منصبه الجديد اضطر الحكومة إلى إحالته إلى التقاعد عام 1932.

على أثر تحويل طه حسين إلى التقاعد انصرف إلى العمل الصحفي فأشرف على تحرير «كوكب الشرق» التي كان يصدرها حافظ عوض، وما لبث أن استقال من عمله بسبب خلاف بينه وبين صاحب الصحيفة، فاشترى امتياز «جريدة الوادي» وراح يشرف على تحريرها، لكن هذا العمل لم يعجبه فترك العمل الصحفي وفي عام 1959 عاد طه حسين إلى الجامعة بصفة أستاذ غير متفرغ وتوفي طه حسين يوم الأحد 28 أكتوبر 1973م عن عمر ناهز 84 عاما.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق