التصالح في جرائم تقنية المعلومات؟.. هل يجوز وماذا قال المشرع عنه؟

الأربعاء، 13 نوفمبر 2019 02:00 م
التصالح في جرائم تقنية المعلومات؟.. هل يجوز وماذا قال المشرع عنه؟
جرائم

متى وقعت الجريمة نشأ للمجتمع حق فى عقاب الجانى غير أنه لا يجوز للدولة اقتضاء هذا الحق من الجانى بإنزال العقاب الفورى حتى لو اعترف المتهم، وطلب القصاص الفورى منه وإنما لابد لانزال العقاب أن تلجأ الدولة إلى مجموعة وسلسلة من الإجراءات تسمى "الدعوي الجنائية" تطلب بمقتضاها من القضاء إنزال العقاب على المتهم.    

 

ومن هنا يتضح أن المجنى عليه فى الجريمة لا شأن له بمطالبة إنزال العقاب على الجانى إذ ذلك من شئون المجتمع من خلال الدعوى، وبالتالى كان الأصل أن إرادة المجنى عليه لا أثر له على الدعوى حتى أن صفح عن المتهم، ولكن لاحظ المشرع أن بعض الجرائم تنال مباشرة من حقوق المجنى عليه بجانب حق المجتمع فى العقاب، فأثر الحق الأول على الثانى وجعل من صلح المجنى عليه مع المتهم سببا لانقضاء الدعوى الجنائية وبالتبعية حق سقوط حق الدولة فى العقاب، وقد دعاه إلى ذلك حرصه على توطيد العلاقات الحميمة بين أفراد المجتمع.  
 
التصالح في جرائم الانترنت
 
والصلح عقد بين طرفين هما المجني عليه والمتهم ينعقد بمجرد تلاقي الايجاب والقبول سواء كان بمقابل مادي من عدمه، ولكن المشرع في قانون جرائم تقنية المعلومات " جرائم الانترنت " علق أثر الصلح في انقضاء الدعوي الجنائية في حفنة من الجرائم علي اعتماد المجلس القومي لتنظيم الاتصالات، وللصلح أثر نسبي فلا يستفيد منه إلا من كان طرف فيه.  
 
 
فى التقرير التالي، نلقى الضوء على إشكالية التصالح في جرائم تقنية المعلومات أو مكافحة جرائم الانترنت، حيث إنه من المتعارف عليه أن تعدد المتهمين وتصالح المجني عليه من بعضهم دون البعض تكون قد انقضت الدعوي لمن تصالح معه المجنى عليه وظلت قائمة بالنسبة للآخرين، وأن تعدد المجني عليهم في الجريمة وجب لانقضاء الدعوي أن يتصالح الجميع مع المتهم فإن تصالح البعض دون البعض ظلت الدعوي قائمة – بحسب أستاذ القانون الجنائي والمحامي بالنقض ياسر فاروق الأمير.
 
 
جرائم لا يثبت الصلح فيها إلا باعتماد القومي للاتصالات
 
 
فى البداية – يجب أن نعلم أن المشرع انتقي فى قانون جرائم تقنية المعلومات جرائم بعينها فيها للمتهم أن يثبت فيها صلحة مع المجني عليه أو وكيله الخاص أو ورثته، ورتب علي الصلح انقضاء الدعوي فورا في اي حاله كانت عليها ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، ولكن في حفنة من الجرائم علق أثر الصلح علي اعتماد المجلس القومي لـ تنظيم الاتصالات إذ نصت المادة 42 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن جرائم تقنية المعلومات على أن:
 
 
 
"يجوز للمتهم في أية حالة كانت عليها الدعوى الجنائية، وقبل صيرورة الحكم باتا، إثبات الصلح مع المجني عليه أو وكيله الخاص أو خلفه العام، أمام النيابة العامة أو المحكمة المختصة بحسب الأحوال، وذلك في الجنح المنصوص عليها في المواد 15، 16،17، 18، 19، 20، 24، 27، 29، 31، 32، من هذا القانون، ولا ينتج اقرار المجني عليه بالصلح المنصوص عليه بالفقرة السابقة أثره إلا باعتماده من الجهاز بالنسبة للجنح المنصوص عليها بالمواد 15، 18، 19، 24 من هذا القانون".   
 
 
الجرائم محل الصلح المطلق
 
 
والجرائم محل الصلح المطلق هي الجنح المنصوص عليها بالمواد 15و16و17و18و19 و20 و24 و27 و29 و31و32 من القانون رقم 175 لسنة 2018 وهي جريمة المادة 15 أو بالأحرى جريمة الدخول غير المشروع إذ نصت تلك المادة على أن: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 50 ألفا ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو إحدى هاتين العقوبتين، كل من دخل عمدا أو دخل بخطأ غير عمدي وبقي بدون وجه حق، على موقع أو حساب خاص أو نظام معلوماتي محظور الدخول عليه،  فإذا أنتج عن ذلك إتلاف أو محو أو تغيير أو نسخ أو إعادة نشر للبيانات أو المعلومات الموجودة على ذلك الموقع أو الحساب الخاص أو النظام المعلوماتي، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف أو بإحدى هاتين العقوبتين" – وفقا لـ"الأمير".  
 
 
 جريمة الاعتراض غير المشروع
 
وأيضا جريمة المادة "16" وهي جريمة الاعتراض غير المشروع اذ نصت على أن: " يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 250 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعترض بدون وجه حق أية معلومات أو بيانات أو كل ما هو متداول عن طريق شبكة معلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الألى وما في حكمها".
 
 
جريمة الاعتداء على سلامة البيانات
 
 
وكذا جريمة المادة "17" المتعلقة بالاعتداء على سلامة البيانات والمعلومات والنظم المعلوماتي إذ نصت على أن: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 500 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أتلف أو عطل أو عدل مسار أو ألغى كلياً أو جزئياً، متعمداً وبدون وجه حق، البرامج والبيانات أو المعلومات المخزنة، أو المعالجة، أو المولدة أو المخلقة على أى نظام معلوماتي وما فى حكمه، أيا كانت الوسيلة التى استخدمت فى الجريمة". 
 
 
جريمة الاعتداء على البريد الإلكتروني
 
وكذلك جريمة المادة "18" المتعلقة بالاعتداء على البريد الآلي جريمة المادة 17 وهي جريمة الاعتراض غير المشروع إذ نصت هذه المادة على أن: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 250 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعترض بدون وجه حق أية معلومات أو بيانات أو كل ما هو متداول عن طريق شبكة معلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الألى وما في حكمها".
 
 
 جريمة الاعتداء على المواقع والحسابات
 
وكذلك جريمة المادة "18" المتعلقة بالاعتداء على البريد الإليكتروني أو المواقع أو الحسابات الخاصة إذ نصت علي أن: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين كل من أتلف أو عطل أو أبطأ أو اخترق بريدا إلكترونيا أو موقعا أو حسابا خاصا بأحد الناس، فإذا وقعت الجريمة على بريد إلكتروني أو موقع أو حساب خاص بأحد الأشخاص الاعتبارية الخاصة، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين".
 
 
جريمة الاعتداء على تصميم موقع
 
 
وكذلك جريمة المادة "19" المتعلقة بالاعتداء على تصميم موقع إذ نصت على أن: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين، كل من أتلف أو عطل أو أبطأ أو شوه أو اخفى، أو غير تصاميم موقعاً خاصاً بشركة أو مؤسسة أو منشأة أو شخص طبيعى بغير وجه حق".
 
 
جريمة الاعتداء على الأنظمة المعلوماتية
 
 
وكذا جريمة المادة "20" المتعلقة بالاعتداء على الأنظمة المعلوماتية الخاصة بالدولة إذ نصت على أن: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه، وبإحدى هاتين العقوبتين، كل من دخل عمدا أو بخطأ غير عمدي وبقي بدون وجه حق، أو تجاوز حدود الحق المخول له من حيث الزمان أو مستوى الدخول أو اخترق موقعا أو بريدا إلكترونيا أو حسابا خاصا أو نظاما معلوماتيا يدار بمعرفه أو لحساب الدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، أو مملوك لها أو يخصها.
 
فإذا كان الدخول بقصد الاعتراض أو الحصول بدون وجه حق على بيانات أو معلومات حكومية تكون العقوبة السجن والغرامة التي لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 500 ألف جنيه - وفى جميع الأحوال - إذا ترتب على أي من الأفعال السابقة إتلاف تلك البيانات أو المعلومات أو ذلك الموقع أو الحساب الخاص أو النظام المعلوماتي أو البريد الإلكتروني أو تدميرها أو تشويهها أو تغييرها أو تغييرها أو تصميمها أو نسخها أو تسجيلها أو تعديل مسارها أو إعادة نشرها أو إلغائها كليا أو جزئيا بأي وسيلة كانت، تكون العقوبة السجن والغرامة التي لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز 5 ملايين جنيه.
 
 
 
جريمة اصطناع المواقع والحسابات
 
 
-وأيضا جريمة المادة "24" المتعلقة باصطناع المواقع والحسابات الخاصة والبريد الإلكتروني إذ نصت علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تجاوز 30 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين كل من اصطنع بريدا إلكترونيا أو موقعا أو حاسبا خاصا ونسبه زورا لشخص طبيعي أو اعتباري، فإذا استخدم الجاني البريد أو الموقع أو الحساب الخاص المصطنع في أمر يسئ إلى من نسب إليه، تكون العقوبة الحبس الذى لا تقل مدته عن سنة وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين، وإذا وقعت الجريمة على أحد الأشخاص الاعتبارية العامة فتكون العقوبة السجن والغرامة التي لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 300 ألف جنيه.
 
 
 
جريمة مدير الموقع
 
 
وكذا جريمة المادة "27" المتعلقة بمدير الموقع التي نصت على أن في غير الأحوال المنصوص عليها في هذا القانون، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد عن 300 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أنشا أو أدار أو استخدم موقعا أو حسابا خاصا على شبكة معلوماتية يهدف إلى ارتكاب أو تسهيل ارتكاب جريمة معاقب عليها قانوناً.  
 
 
 
عقوبة مدير الموقع
 
 
-وكذا جريمة المادة "29" التي نصت علي أن: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 20 ألف ولا تجاوز 200 ألف جنية، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مسئول عن إدارة الموقع أو الحساب الخاص أو البريد الإليكتروني أو النظام المعلوماتي عرض أي منهم لإحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 10 الاف جنية ولا تجاوز 100 ألف جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مسئول عن إدارة الموقع أو الحساب الخاص أو البريد الإليكتروني أو النظام المعلوماتي، تسبب بإهماله في تعرض أى منهم لإحدى الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون، وكان ذلك بعدم اتخاذه التدابير والاحتياطات التأمينية الواردة في اللائحة التنفيذية. 
 
 
 
جريمة مقدم الخدمة
 
 
وكذا جريمة المادة "31" التي نصت علي أن: " يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مقدم خدمة خالف الأحكام الواردة بالبند (2) من الفقرة أولا من المادة (2) من هذا القانون، وتتعدد عقوبة الغرامة بتعدد المجنى عليهم من مستخدمى الخدمة، وأيضا جريمة المادة (32) التي نصت علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مقدم خدمة امتنع عن تنفيذ القرار الصادر من جهة التحقيق المختصة بتسليم ما لديه من بيانات أو معلومات المشار إليها فى المادة (6) من هذا القانون.  
 
 
 
غير أن المشرع علق أثر الصلح على اعتماد المجلس القومي لتنظيم الاتصالات متى تم الصلح بين المتهم والمجني عليه في الجرائم المنصوص عليها في المواد 15و19و24و29 المشار إليها آنفا، وبالتالي لا تنقضي الدعوي الجنائية عن هذه الجرائم بمجرد الصلح وإنما يلزم أن يعتمد من المجلس المذكور، ولقد كان رائد المشرع في تعليق أثر الصلح أن هذه الجرائم لا تمس حق خالص بالمجني عليه، وإنما تمس كذلك حقوق غيره من جموع الشعب فلزم جعل زمام ترتيب أثر الصلح علي ارادة الشعب الممثلة في المجلس بجانب ارادة المجني عليه – الكلام لـ"الأمير".   
 
 
 
رأى محكمة النقض فى التصالح
 
 
ويستقر قضاء النقض علي ورود الجرائم التي يجوز فيها الصلح في القانون على سبيل الحصر لا البيان والتمثيل، فلا يصح التوسع فيها أو القياس عليها طبقا للطعن رقم 3744 لسنة 5 جلسة 2015/10/24، وأن - الصلح الجنائي - يقبل التجزئة فهو نسبي الأثر لا يستفيد منه إلا المتهم الذي كان طرفا فيه دون غيره من المتهمين طبقا للطعن رقم 4864 لسنة 5 جلسة 2016/02/06. 
 
 
 
 وتري أيضا النقض أن الصلح بين المجني عليه والمتهم بشأن جريمة يجوز فيها الصلح قانونا لا يترتب عليه امتداد أثر الصلح إلى جريمة أخري لا يجوز فيها الصلح ولا يعترض بدعوي ارتباط الجرائم، ذلك أن مناط اعمال أحكام الارتباط وفقا للمادة 32 عقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر علي إحداها حكم اعفاء من العقاب أو انقضاء طبقا للطعن رقم 12154 لسنة 75 جلسة 2012/10/21 س 63، ويظل حق المجني عليه ووكيله الخاص وورثته قائم في الصلح مع المتهم حتي صدور حكم في الدعوي، لأن صدور هذا الحكم يؤذن بانقضاء الدعوي فيكون الصلح الحاصل عقب الحكم البات وارد علي غير محل فلا يقبل لسبق انقضاء الدعوي بالحكم البات.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق