هل يعتذر أحمد مراد عن سخريته من رواية نجيب محفوظ وتضليل الإعلام؟
الأحد، 10 نوفمبر 2019 04:55 مالسعيد حامد
للوهلة الأولى قد تعتقد أننا ندافع عن الأديب الكبير نجيب محفوظ، لكن، في الحقيقة، فإن «محفوظ» لا يحتاج لأن يدافع عنه أحد، إذ أن إرثه الأدبي الذي تركه كفيل- ليس للدفاع عنه وحسب- بل وتعرية خصومه وفضح «ساذجتهم» المفرطة أمام الجمهور.
وربما يتساءل البعض: ما الذي يجعل نجيب محفوظ فوق النقد أو محصنا ضد الهجوم؟ ولماذا نجعل منه- أي محفوظ- صنما نقدسه ونطوف حوله؟ ومعهم كل الحق في طرح تلك الأسئلة، وحتى تكون الصورة واضحة، فلا قدسية لأي منتج بشري، آيا ما كان، غير أن هناك فرق كبير بين نقد أو نقض الأفكار والآراء، وبين السخرية والتسفيه منها.
منتشيا بالنجاحات التي حققها في السنوات الأخيرة، يمضي الروائي أحمد مراد، في طريقه غير عابئ بالانتقادات التي تطاله بين الحين والآخر، قبل أن يضع نفسه بيده في مرمى نيران المثقفين والجمهور، بعدما تحدث عن أعمال صاحب جائزة نوبل الأدبية، بشيء من السخرية واللؤم في آن واحد.
تحدث الروائي الشاب، عن بعض أعمال نجيب محفوظ، ويرى أنها باتت لا تتناسب مع العصر الحديث وإيقاعه السريع، وأن السينما الحديثة في حاجة لأعمال تناسب هذا التطور وهذه السرعة، حتى أنه ضرب مثلا برواية «السراب»، قبل أن يشير إلى أن نصفها تتحدث عن محاولات البطل للتقرب من الفتاة التي تقف في «البلكونة»، وهذا ما اعتبره بالأخير لا يصلح لهذا العصر، حيث الإيقاع أسرع «مما نتخيل».
وأراد «مراد» أن يضفي على سخريته المستترة من رواية أديب نوبل، بعضا من المشروعية، فراح يتحدث عن إيقاع المجتمع السريع، و«أننا نقعد نتفرج على فيلم في السينما بتبقى صعبة، احنا بنقصر في الأفلام ونسرع الإيقاع، فلازم الرواية كمان تواكب هذا الموضوع» - ولا يزال الحديث على لسان أحمد مراد- لكن مساعيه للهروب من فخ السخرية، لم تفلح على ما يبدو في إنقاذه، بعدما انهالت عليه الانتقادات اللاذعة، بسبب ما قاله في حق الرواية الخالدة.
في المساء التقطت القنوات الفضائية طرف الخيط وراحت تتحدث عما قاله الروائي الشاب بحق محفوظ، واستعانت بما كتبه مراد على صفحته، ورده على الانتقادات التي نالته جراء ما قاله، بل أن بعض المذيعين راحوا يتحدثون عن أن بعض الصحف والمواقع فسرت ما قاله مراد على نحو خاطئ، وغير دقيق، قبل أن تسمح له بالدخول على الهواء للدفاع عن نفسه، دون أن تتحقق بنفسها، لتقع في النهاية في فخ التضليل، الذي أعده وأخرجه أحمد مراد.
وقال مراد في معرض رده على اتهامات السخرية من الأديب العالمي: «لم أتعرض لأستاذ نجيب محفوظ بأي شكل من الأشكال، وهو أجمل حد حصل في تاريخ الكتابة، ومثلي الأعلى وبحث الإنترنت يثبت ذلك»، ثم قرر نشر مقطع فيديو للواقعة، كان يعتقد أنها دليل براءته، لكن للأسف جاء مقطع الفيديو كدليل إدانة، بعدما ظهر جليا سخريته من رواية «السراب»، واعتباره أن مثل هذا النوع من الروايات لا يصلح لهذا العصر.
ومع هذا، فإن الأزمة كان من الممكن الخروج منها ببساطة فقط لو تحلى أحمد مراد بالشجاعة الكافية ليدافع عن وجهة نظهره، التي قالها بوضوح عن روايات الأديب العالمي نجيب محفوظ، لكن بدلا من ذلك تراجع وأنكر ما قاله، ليس هذا فحسب، بل ساهم في تضليل القنوات الفضائية، فهل هل يعتذر أحمد مراد عن سخريته من رواية «السراب» لنجيب محفوظ وتضليله القنوات؟