فليتأدب الفتى.. لولا الصحافة ما شاهد العالم جنازة عم أحمد السعدني (صور)
الأحد، 10 نوفمبر 2019 04:59 م
قبل 9 سنوات من الآن، انتقل إلى رحمة الله تعالى الأستاذ محمود السعدني، وشيعت جنازته وسط حضور الكثير من الشخصيات العامة والبسطاء، الأمر الذي عكس كيف كانت حياة «الولد الشقى».
نقلت الجنازة على كافة القنوات، وغطتها كافة المواقع والصحف، وخرج منها العديد من التقارير والتصريحات على لسان الشخصيات العامة ورموز المجتمع التي كانت حاضرة للجنازة والعزاء، وكان في مقدمتهم صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى الأسبق، والدكتور مفيد شهاب، وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية الأسبق، والدكتور على الدين هلال والدكتور مصطفى الفقي والمهندس حسب الله الكفراوي، وكان على رأس الحاضرين أيضاً العديد من رجال الإعلام والصحافة كنقيب الصحفيين الأسبق مكرم محمد أحمد وإبراهيم نافع ومحمود سعد وسعد هجرس ومصطفى بكرى وأحمد الجمال ويحيى قلاش وبلال فضل، وكان من الفنانين فقط شقيق الراحل الفنان صلاح السعدني، ومحمود عبدالعزيز، ومحسنة توفيق، والمنتصر بالله ونبيل الحلفاوي وفاروق فلوكس.
بالقياس وبإعمال منطق النسبة والتناسب، كان الحضور الأكبر في جنازة الولد الشقي لرجال الصحافة والإعلام سواء كقيادات أو شباب كلفوا بتغطية الحدث، ولم يدخروا جهدًا في تسليط الضوء على حياة الفقيد ورحلة كفاحه وما أضافه للثقافة المصرية، وتفرده في مجال الأدب الساخر، ولا يخفى على أحد أن جهداً كذلك في ظل حضور شخصيات سياسية ثقيلة وقتها وما حولها من قوات تأمين، كلف الصحفيين والمراسلين عناء كبيراً.
وقتها لم يكن الفنان أحمد صلاح السعدني نجل شقيق الراحل صغيراً، كان تقريباً في مطلع الثلاثينيات التي تجاوزها الآن وانتقل إلى نادي الأربعين، أي رجل كامل الأهلية وبكامل قواه العقلية وله شخصية مستقلة، تؤهله لأن يعترض على حضور الصحافة وتزاحم القنوات ودفع بعضهم بعضاً من أجل الحصول على صورة أو لقطة، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث.
وقتها لم يشتك أحمد أو أي من أسرته أو أسرة الراحل محمود السعدني من وجود الصحافة والإعلام، وقتها لم ينبس أحد ببنت شفه، تجاه ما كتب عن الراحل وأسرته وأدبه ومقالاته ونقده ورحلته من الميلاد حتى الممات، وقتها لم يتعرض أحد للكاميرات أو الصحفيين المتواجدين على المقابر أو في مقدمة الجنازة أو على أبواب سرادق العزاء، وقتها كانت الصحافة عليها سكر والإعلام مرشوشاً بالعسل، أما الآن وفي ظل استسهال كثيرين التطاول على واحدة من المهن السامية، خرج علينا الفنان أحمد السعدني الذي كانت الصحافة والإعلام بعد أسرته الفنية سبباً في وجوده حتى الآن على الساحة الفنية، بمنشور يعتبر فيه الصحافة والإعلام «شر لابد منه»، وبمزيد من الحرقة والحسرة على ما يلقاه في جنازات أصدقائه من الفنانين طالب نقيب الصحفيين بأن يرسل صحفي واحد وكاميرا واحدة تغطي الجنازة، ثم يتم توزيع المادة على باقي القنوات.
على الرغم من نشأة «السعدني» الصغير في بيت خرج منه واحد من رموز الصحافة، إلا أنه جهل التفريق بين نقيب الصحفيين ونقيب الإعلاميين أو المجلس الأعلى للإعلام، وراح يطالب نقيب الصحفيين بما ليس يملكه، فما لنقابة الصحفيين أي سيطرة من قريب أو بعيد على القنوات الفضائية أو الكاميرات المرسلة لتغطية مثل تلك الأحداث.
بصرف النظر عن جهل أحمد السعدني بمهام نقيب الصحفيين، وآليات العمل داخل المؤسسات الصحفية والإعلامية واستحالة أن تأخذ مؤسسة عن شقيقتها مادة تكفلت بتصويرها بمعداتها الخاصة، والوقوف فقط على نظرته للصحفيين على أنهم شر لا بد منه، ولا يحب الرجل التعامل معه، فلماذا يتواصل بعد كل عمل يؤدي فيه دوراً مع الصحفيين ويطلب منهم أن يبذلوا جهدهم في إظهار دوره بشكل خاص.
من حسن الحظ أن الأستاذ أحمد السعدني لم يكن حياً أو مسئولاً وقت وفاة الراحل جمال عبد الناصر أو السيدة أم كلثوم أو الفنان عبد الحليم حافظ، لكان منع الصحافة والإعلام من تصوير هذا الحدث الجلل، وحرمنا كأجيال لم تشهد هذا الحدث وما بعدنا من أجيال من رؤية هذا المشهد العظيم.
إن كانت الصحافة شراً في نظر الأستاذ أحمد السعدني، فعليه من الآن وصاعداً أن يعتزله ألا يتعامل معها مطلقاً، أن يتحلى بشجاعة واتساق مع النفس وعدم ازدواجية، وأن يعتزل هذا الشر إلى الأبد، وأن يكتب في وصيته ألا يحضر أحد من الصحفيين جنازته أو ينشر صور الحضور في المواقع والجرائد.