"مسرح الجريمة" هو المكان الفعلى الذي أقتحمه فاعل الجريمة، وبالتالى فهو المكان الذى مكث فيه الفاعل أو الفاعلون فترة من الوقت مكنهم من ارتكاب الجريمة، مخلفين وراءهم أثارا تدل عليهم، وتتجلى أهمية الطب الشرعي في بعض القضايا وخاصة قضايا النفس من "قتل أو الشروع فيه، أو ضرب، أو عاهة" وغيرها من القضايا في محاولة للكشف عن الجناة الأصليين.
وفى قضايا النفس الخطرة لا يكون أمام جهات التحقيق وخبراء الطب الشرعي سوي روايتين أحداهما رواية المجني عليه إن كان حيا ورواية المتهم الذي يدافع عن نفسه للإفلات بجريمته، وكذا تحريات الشرطة التي قد تميل إلى إحدى الروايتين ولا تستطيع جهات التحقيق الكشف عن الحقيقة إلا من خلال تقرير فني من خبراء مصلحة الأدلة الجنائية أو الطب الشرعى بفحص مكان الجريمة فحصا سليما وصحيحا نتوصل من خلاله أى الروايتين أقرب للحقيقة من خلال حيدة كاملة ومن خلال علم لا يقبل التأويل.
رفع البصمات
في التقرير التالي،نلقى الضوء على أهمية مسرح الجريمة في الكشف عن هوية الجناة والفاعلين الأصليين أو الحقيقين في الوقت الذي يكون فيه من النادر أن يتمكن الفاعل الأصلي أو الجاني من إخفاء كل أثر له بمسرح الجريمة، حيث يخضع مسرح الجريمة، والأماكن الأخرى التي مكث فيها الجناة قبل ارتكاب الجريمة أو بعدها لمعاينة دقيقة هدفها تحديد الآثار المتخلفة عن الجناة والتي يمكن أن تدل عليهم – وفقا للخبير القانوني والمحامي بالنقض إسماعيل بركة.
أساليب إخفاء معالم الجريمة
فى البداية - هناك العديد الوقائع يصعب لجهات التحقيق الوصول إلى هوية الجناة نتيجة داريته الدراية الكاملة بأساليب وطرق إخفاء معالم الجريمة مثال ذلك من يرتكب جريمة قتل كاملة ويخفي الجثة أو يطمس معالم مكان الجريمة مع عدم وجود ثمة شهود رؤية، فقد تعجز التحريات عن كشف الحقيقة ومعرفتها، وهنا يأتي دور خبراء مسرح الجريمة والطب الشرعي بفحص ذلك المكان فحصا فنيا فإنه مع فحص مسرح الجريمة والمتهم فلابد أن تكون هناك أدلة باقية كفيلة لكشف عن الحقيقة.
مواد كيميائية تقود لكشف الجناة
وفى الحقيقة يوجد بعض المواد الكيميائية تعمل على اظهار بقع الدماء المذالة من مسرح الجريمة عن طريق التفاعل الكيمائي مثل الطلاء الفسفوري "لومينول" الذي يتفاعل مع الهيموفلبين والأكسجين الذي يحمل البروتين إلي الدم ويبدو مظهر البقع بعد إضافة الطلاء في شكل ضوء متوهج ويكون هذا التوهج هو الخيط الذي يقود التحقيقات إلي الخروج باستنتاجات تساعد علي كشف ملابسات الجريمة من حيث مكان تواجد تلك الآثار، وما قد يحتويه جسد وملابس المتهم وجثمان المجني عليه وملابسه مع مناقشة المتهم في بعض تلك الأمور يستطيع المحق ومساعديه اظهار الحقيقة و تقديم الأدلة ضد مرتكبها بدون شك لينال عقابه رادع – وفقا لـ"بركة".
معاينة خبراء الطب الشرعى لمسرح واقعة
من خلال معاينة مسرح الجريمة يمكن بشكل مباشر تحديد ما إذا كانت الجريمة لم تقع من الأساس خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار إن أثبات وقوع الجريمة من العناصر القانونية التي يجب إثباتها فى محضر التحقيق، باعتبار أن المعاينة تثبت صحة البلاغ الجنائى أو عدمه من خلال فحص مسرح الجريمة والتعرف على أسلوب اقتحام الجانى له ومظاهر العنف وما يتخلف عنها، فإذا استخدم الجانى العنف من الداخل وإذا شوهدت الآثار بالخارج دل ذلك على أن الجريمة مفتعلة وأن المبلغ حطم المنفذ للإيهام بان جريمته قد وقعت.
ماذا يحتوى مسرح الجريمة؟
يحتوي مسرح الجريمة على الأدلة المادية التي خلفها الجناة فترة تواجدهم بها، وتعد تلك الآثار من أقوي القرائن التي يمكن بها إسناد جريمة معينة لشخص محدد، وقد عرف رجال القانون القرينة القضائية بأنها استنتاج لواقعة مجهولة من واقعة معلومة وأهمها بصمات الاصابع وبصمات الأقدام العادية وأثار الدماء للجاني أو الجناة أو أي أنسجة بشرية لأى منهم، حيث تقدم العلم في السنوات الأخيرة بحيث يمكن إسناد أي أثر من تلك الآثار لشخص معين علي سبيل القطع وليس الترجيح – الكلام لـ"بركة".
أولاَ: تعريف مسرح الجريمة:
بينما هناك تعريف أخر لمسرح الجريمة: وهو المكان الذي تقع فيه الحادثة الجنائية أو المكان الذي تنقل له بعض ظواهر الجريمة مثل العثور على جثة المجني عليه أو العثور على أداة الجريمة به، ومسرح الجريمة كما يسميه بعض المحققين أنه الشاهد الصامت الذي يستنطقه المحقق الفطن.
علوم مسرح الجريمة، وتحديداَ في البحث الجنائي هناك مقولة فى غاية الأهمية تعد بمثابة قاعدة علمية وهي "مسرح الجريمة هو مستودع سرها" وهو قول على بساطته بالغ الدلالة والصحة، ومن سابق تعريفنا لمسرح الجريمة بأنه المكان الذي يحتوي على الآثار المتخلفة عند ارتكابها، تبرز الأهمية القصوى لمعاينة هذا المسرح كحجر زاوية ينطلق منها مخطط البحث في أي جريمة، إذ أنها أفضل الطرق للوصول إلى إثبات أو نفي وقوع الفعل الإجرامي وكيفية وقوعه ومدي علاقة المتهم بالجريمة وظروفها.
ثانياَـ عناصر مسرح الجريمة :
لمسرح الجريمة ثلاثة عناصر أساسية هى:
المكان: وهو الحيز الذى وقعت عليه الواقعة الإجرامية من أفعال هي في القانون تعتبر من قبيل الجرائم.
الضحية: وهي العنصر الأهم في مسرح الجريمة إذ منها يستدل على كثير من الدلائل من أهمها أن الوفاة طبيعية أو جنائية أو انتحارية من خلال وضعية الجثة.
الجاني : وهو الشخص الذي اقترف الجريمة ويقول الفقهاء أن ليس هناك جريمة تامة مما يعني أن الجاني سيترك أثار وقرائن تدل عليه إما بطريقة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة .
العنصر الرابع: وهو ثانوي وغالبا ما يوجد في مسرح الجريمة حرصا من الجاني على عدم اقتفائه لأنه يمثل أهم حلقة وهو أداة الجريمة، يحكم العناصر أعلاه نظرية تبادل المواد لإدموند لوكارد الذي صاغ المبدأ الأساسي لعلم الطب الشرعي : "كل اتصال يترك أثرا".
ثالثاَـ أهمية مسرح الجريمة:
1 ـ يكشف وقوع الفعل الإجرامي مادياً أو عدم وقوعه، وكونه جنائياً أو غير جنائي وكونه عمدياً أو غير عمدي.
2-يلقي الضوء علي الأماكن الواجب تفتيشها والأشياء اللازم البحث عنها وضبطها ونوعية الخبراء المطلوب الاستعانة بهم والشهود الواجب سماعهم .
3-توضيح ظروف الجريمة ومدي علاقة المتهم بها وبواعث ارتكابها وتاريخ وقوعها والوصف القانوني لها.
4-يحدد كيفية ارتكاب الحادث والأسلوب الإجرامي المستخدم والآلات والأدوات المستعملة في ارتكابه وطريقة دخول وخروج الجاني وموقعه من المجني عليه.
5-يوضح إلى حد بعيد عدد الجناة ودور كل منهم ومعرفتهم لمكان الحادث ومدي معرفة الجاني للمجني عليه، ومعرفة شئ من صفات الجاني وعاداته وصناعته وجنسه وطوله والآثار المحتمل وجودها به أو بالمجني عليه وعلاقته بالجريمة.
6-يمكن من خلال معاينة المسرح العثور على الآثار التى تعتبر الأدلة المادية القاطعة كآثار البصمات والأقدام وبقع الدم والآلات وآثار الشعر إلى غير ذلك الظاهر فيها والخفى.
7-تنقل هذه المعاينة للقاضى صورة لمسرح الجريمة وكيفية ارتكابها فيتيسر له بذلك تصور وقوعها ومتابعة إجراءات المحكمة عن اقتناع.
8-إثبات معاينة المسرح يبقى للقضية حيويتها مهما مر الزمن دون كشف غموضها أو تغيير فريق البحث العامل فيها.