بعد 13 يوم من التظاهرات.. سيناريوهات ما بعد استقالة الحريرى؟

الثلاثاء، 29 أكتوبر 2019 05:29 م
بعد 13 يوم من التظاهرات.. سيناريوهات ما بعد استقالة الحريرى؟
لبنان
كتب مايكل فارس

فجرت استقالة سعد الحريري، رئيس الحكومة في لبنان، أزمة كبرى، تتمثل في "فراغ السلطة"، الأمر الذى سيؤدى إلى ضرورة ملئها في ظل تناحر بين الفرقاء اللبنانيين سواء في الطوائف المتعددة أو التيارات الحاكمة، ليبقي سؤال هام وهو، ماذا بعد استقالة الحريري؟.

قانونيا وفق الدستور اللبناني، يجب أن يوافق رئيس الجمهورية على استقالة الحكومة، حيث تنص المادة  53 من الدستور، رئيس الجمهورية يصدر منفردًا المراسيم بقبول استقالة الحكومة أو اعتبارها مسقيلة، وبعد استقالة الحكومة، يقوم النواب باختيار رئيس حكومة جديد يتم تكليفه تشكيل حكومة جديدة، وعند الاتفاق على شكل الحكومة يمضي رئيسي الجمهورية و الحكومة مرسوم التشكيل و يصدر أيضا مرسومي قبول الاستقالة و التكليف.

وبحسب الدستور اللبناني، فمجلس النواب سوف يتولى الأمر في لبنان مؤقتًا لحين تعيين رئيس حكومة جديد، وذلك وفقًا للدستور اللبناني الذي نص في المادة 69 "المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 17/10/1927 والملغاة بالقانون الدستوري الصادر في 8/5/1929 والمنشأة بالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990"، أنه "عند استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقیلة یصبح مجلس النواب حكماً في دورة انعقاد استثنائیة حتى تألیف حكومة جدیدة ونیلها الثقة.

وعقب الموافقة على الاستقالة وتعيين حكومة جديدة فإن رئيس الجمهورية يتشاور مع رئيس مجلس النواب استنادًا إلى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسميًا على نتائجها، إلا أن مرسوم تسمية رئيس مجلس الوزراء يصدر منفردًا من رئيس الجمهورية، ولكن هذه الخطوات القانونية، لن تجري بالسهولة ككتابة النص، فالوضع الديمغرافي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي، يعد الأصعب في بلد دمرته الحرب الأهلية والانقسام منذ سنوات.

إن الاستقالة لم تكن مفاجأة لدى الحكومة أو الرئيس ميشال عون، ففعليا قدم "الحريرى" لـ"عون"، عرضين، حيث أكد له أنه لا يتحمل سقوط أي نقطة دم في الشارع، وإن حصل ذلك فإنه لن يبقى ثانية واحدة في موقعه، والعرض الأول هو الاستقالة من دون الاتفاق على تشكيل حكومة، على أن يُصار الى البحث في تشكيلها لاحقا، أو الاستقالة بعد الاتفاق المسبق على حكومة تكنوقراط، تولد مباشرة بعد الاستقالة، لإحداث صدمة إيجابية تؤدي الى تخفيف غضب الشارع.

والعرضين الذين قدمهما "الحريري" رفضهما "عون"، لإصراره على أن يكون الوزير جبران باسيل وزيراً وهو من كبار التيار الوطني الحر، في أي حكومة ستتشكّل، كما أن كل من "عون" و "حزب الله" يتمسّكان به ويرفضان "التضحية" وهو الأمر، الذى لا يستطيع الحريري تحمله، باعتبار أن وجود باسيل صار عقبة في تشكيل أي حكومة.

ويعتقد الحريري، أن الشارع الغاضب هو داعم له، لذا فإذا قدم استقالته، سوف يسعى لمحاولة نيل مكاسب من "حزب الله" في الحكومة الجديدة، وسيناريو تشكيل حكومة تكنوقراط نزولا على رغبة المتظاهرين، له عدة عوائق، لإزالتها، لابد من حزب التيار الوطنى.

ويرى خبراء سياسيون متابعين للوضع اللبناني، أن هناك سيناريو محتمل متمثل في تراجع "عون" و"حزب الله"، عن التمسّك بباسيل، وأن يعطي الضوء الأخضر لتشكيل حكومة تكنوقراط، ولكن الأيام المقبلة ستحدد هل يتخلى "حزب الله" الساعى لإجهاض التحركات الشعبية، عنه، كما أنّ تمسّكه بباسيل صار مسألة حياة عهد أو موته، وبعبارة أخرى بات مسألة خسارة ورقة كبرى هي ورقة "التيار الوطني الحر"، الذي استثمَر فيه الحزب منذ عام 2005 الى اليوم، وهو بالتالي غير مستعد للتفريط بهذه الورقة.

فى أزمة أخرى، فإن باسيل صار يمثّل هذا التيار حتى أكثر من العماد عون، فالحزب عازم على وضع خط أحمر يمنع الاقتراب منه، لأنّ إخراجه سيعني اهتزاز رئاسته للتيار، واهتزاز موقعه ونفوذه، وبالتالي اهتزاز الورقة الثمينة التي هي جزء من دولة "حزب الله" وسلطته المركّبة.

 

سيناريو سيطرة حزب الله هو الأكثر تشاؤما، فتعتبر المخاطر الاقتصادية​ كبيرة بالنسبة للبنان، حيث يحتاج إلى إيجاد مصادر جديدة للتمويل، فالتدفقات الأجنبية التي اعتمدت عليها تقليديا قد نضبت، كما أن الأزمة في لبنان قد تدفع البلد إلى مرحلة لا يمكن التنبؤ بها، إذ أن استقالة حكومة الحريري قد تنتهي بلبنان إلى حكومة يهيمن عليها ​حزب الله​، ما سيزيد من صعوبة جذب استثمارات جديدة من دول الخليج أو الغرب، وعلى أرض الواقع ، فأعضاء حزب الله يخضعون لعقوبات من ​الولايات المتحدة​، لذلك فإن المستثمرين سيتخوفون من ضخ استثمارات في لبنان إذا وجدت فيها حكومة تهيمن عليها الحركة المدعومة من ​إيران​.

ووفق ​صندوق النقد الدولي​ ،  الذى توقع أن يصل عجز الحساب الجاري في لبنان إلى حوالي 30% من ​الناتج المحلي​ الإجمالي بحلول نهاية هذا العام، وسط أعمال العنف، أصدر الصندوق تقريرا جديدا، توقع فيه أن النمو الاقتصادي، الراكد عند 0.3% في 2018، سيظل ضعيفا وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي و​انكماش​ حاد في ​القطاع العقاري​، كذلك توقع أن يرتفع الدين العام إلى 155% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية عام 2019.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق