أراجوز تركيا يواصل السقوط والفشل
السبت، 26 أكتوبر 2019 09:00 م محمود على
أردوغان يخضع لترامب بعد رسالة «الأحمق».. والأسد يفضحه: لص إسطنبول سرق القمح والنفط
فخ الشمال السورى كشف شخصية المهرج
اللافت للنظر وقبل أيام من إعلان وقف الإدارة التركية العدوان على شمال سوريا، خرج الرئيس التركى ليتباهى بانتهاكاته وممارساته ضد المدنيين العزل، رافعا شعار التحدى لكل من انتقد الحملة التركية زاعما أنه لن يتراجع عن عدوانه، وقال «إن التهديدات الغربية بفرض عقوبات على بلاده وحظر تصدير الأسلحة إليها لن تدفعها لوقف العملية المستمرة ضد المقاتلين الأكراد فى شمال سوريا»، لكن يبدو أن أردوغان لم يضع فى حسبانه جدية الولايات المتحدة الأمريكية فى تهديداتها ليتراجع سريعا عن هذا التحدث فى أعقاب لقاء جمعه مع نائب الرئيس الأمريكى مايك بنس.
أوامر ترامب لأردوغان بوقف العدوان
ورغم أن العدوان الذى شنته قوات الجيش التركى على شمال سوريا، لم يكن ليبدأ إلا بضوء أخضر أمريكي، حيث اعتبر محللون أن الانسحاب الأمريكى من شمال سوريا هو موافقة أمريكية مبدئية على الحملة التركية ضد الأكراد فى سوريا، وكان أيضا وقف العدوان وإعلان وقف اطلاق النار عبر الاتفاق مع الولايات المتحدة، ما هو إلا موقف يعبر عن الشخصية الضعيفة للرئيس التركى، الذى أحرجته الإدارة الأمريكية أمام العالم بخروج نائب ترامب مايك بنس من أنقرة ليعلن هو عن إيقاف التدخل التركى فى سوريا دون أن ينتظر بيانا من الرئاسة التركية، وكأن الاتفاق عبارة عن أوامر أمريكية التزم بها أردوغان دون أن يتفاوض حولها.
وتناسى الرئيس التركى الذى راح يهلل أمام أنصاره بأنه يرفض التفاوض حول هذه العملية التركية فى سوريا، خطابه الأخير الذى قال فيه إنه «لا يقبل بأى وساطات طرحها زعماء بعض البلدان من أجل إيقاف ما تعرف بـ «نبع السلام»، ليكون أردوغان بهذا الاتفاق الأخير الذى وقع فى أنقرة بين الولايات المتحدة وتركيا بعد التهديدات الأمريكية جسد شخصية «حنفى» صاحب أشهر إفيه فى السينما المصرية القديمة «هتنزل المرة دى» ليتراجع ويقبل بالوساطة الأمريكية.
الغريب أن أردوغان لم يترك لنفسه فى خطاباته السابقة مساحة للتراجع عن عمليته، بل راح بلغة غير دبلوماسية يهاجم كافة الرؤساء الذين قدموا أطروحات للوساطة من أجل وقف العدوان التركي، وطرح سؤالا غريبا قد يمثل له إحراجا إذا أعاده فى الوقت الراهن، وقال: «كيف أصبح من يعرضون الوساطة بيننا وبين قوات سوريا الديمقراطية رؤساء حكومات ودول هؤلاء رؤساء حكومات ودول؟»، حيث لم تمر ساعات قليلة على هذا السؤال وكان الرئيس الأمريكى المبادر الأول لطرح مثل هذه الوساطات أرسل له نائبه ليتفاوض معه حول اتفاق لوقف عمليته فى سوريا يرى الكثير من الخبراء أنه إجبارى وليس اختياريا.
حتى أن كثير من الخبراء أكدوا أن الرئيس الأمريكي، لم ير أن الأمر يحتاج لذهابه هو شخصيا لتركيا لإجراء مباحثات مع أردوغان من أجل وقف العملية التركية، فراح يكلف نائبه بإنهاء العملية وإعلان وقف العدوان من هناك، وهو ما حدث بالفعل بعد ساعات قليلة من الاجتماعات بين المبعوث الأمريكى مايك بنس والرئيس التركي، ليتضح للجميع أن العملية التركية التى بدأت بضوء أخضر أمريكى تم إيقافها أيضا بأوامر أمريكية وكأن أردوغان «عروسة ماريونت» حركه ترامب كيفما شاء خلال هذه الفترة القصيرة من الزمن.
كان العدوان التركى الذى شن ضد الأراضى السورية منذ الأربعاء الماضي، بمشاركة قوات من الجماعات المسلحة، التابعة لتركيا، أثار انتقادات واسعة من قبل المجتمع الدولى، فبالإضافة إلى الإدانات العربية لهذا العدوان وقرارات مجلس الجامعة العربية التى رفضت المساس بسيادة سوريا ووصفته بالاحتلال، وعلقت كل من فرنسا وألمانيا وإسبانيا تصدير أسلحتها إلى تركيا مطالبين الرئيس التركى بوقف العملية فورا رافضين ابتزازات الرئيس التركى بفتح الحدود أمام اللاجئين السوريين للانتقال إلى أوروبا.
رسالة ترامب المهينة لأردوغان
لم يكتف ترامب بإظهار شخصية الرئيس التركي، بفرضه وقف إطلاق النار فى شمال سوريا، لتأتى الصفعة الأخرى على وجه أردوغان بتسريب الرسالة المهينة التى أرسلها الرئيس الأمريكى لنظيره التركى قبل شن العدوان على سوريا، حيث أثارت هذه الرسالة سخرية لدى الإعلام الأمريكى الذى تعامل مع نص الرسالة بروح الفكاهة، ولم يتمالك مقدمو البرامج على قنوات التليفزيون الأمريكى ردود أفعالهم أثناء إلقاء نص الخطاب، الذى قال فيه ترامب لأردوغان «لا تكن_كالأحمق».
الرسالة التى بعثها ترامب لأردوغان فى 9 أكتوبر الماضي، كانت تحمل لهجة سخرية من نية أردوغان بدء غزو لتركيا على شمال سوريا، لم تتمالك بسببها إحدى المذيعات بشبكة قنوات NBC NEWS الأمريكية رد فعلها لتخرج عن النص وتبدأ فى وصلة ضحك هستيرى أثناء إلقائها نص الرسالة المهينة من قبل ترامب لأردوغان، ورغم ذلك لم ترد الإدارة التركية الإهانة واكتفت بتعقيب صغير على الرسالة التى أثارت غضب المعارضين الأتراك.
واكتفت الإدارة التركية فى أول تعليق لها الرسالة برفضها الإهانة، وقالت على لسان الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالين إنه صدم من لهجة ومحتوى الرسالة الأمريكية، مضيفًا «أنه شخصيا اندهش للغاية من لهجة وصياغة الرسالة. والأكثر من ذلك من محتواها»، ولم يكن الرد التركى حاسما على قدر الرسالة حتى أن حالة صدمة الإهانة انتابت جميع موظفى الدولة وهو ما ظهر فى تصريح المتحدث باسم الرئاسة التركية، وتغاضى الرئيس التركى عن هذه الرسالة ليعقبها مباشرة استقبال حافل من جهته لنائب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مايك بنس فى أنقرة.
أردوغان يستنجد بالأسد والأخير يرفض
هذا الضعف فى شخصية الرئيس التركى ظهر أيضا فى محاولاته الاتصال بالإدارة السورية، إذ خرجت على السطح مؤخرا معلومات تؤكد وجود اتصالات تركية عبر قنوات سرية مع الحكومة السورية لتفادى المواجهة المباشرة فى شمال شرق سوريا حيث ينشر الجانبان قواتهما، وبينما لم ترد سوريا بشكل رسمى على موافقة أو رفض هذه الاتصالات، خرجت تصريحات للرئيس السورى بشار الأسد لتنسف المحاولات التركية الساعية للتنسيق مع الجيش السورى فى شمال سوريا عرض الحائط.
وهناك عداء كبير بين سوريا وتركيا على خلفية تدخل الأخيرة فى الأزمة السورية ودعمها للجماعات المسلحة التى تحارب الجيش السورى والحكومة لإسقاط الأسد فى الحرب المستمرة منذ ثمانى سنوات، لكن الرئيس السورى بشار الأسد خرج مؤخرا ليرد الصاع صاعين، وقال إن أردوغان لص سرق المعامل والقمح والنفط واليوم يسرق الأرض فى إشارة إلى عدوانه على شمال سوريا.
وفى رده على كل التقارير التى أثيرت مؤخرًا بأن هناك موافقة سورية أو تنسيقا مع تركيا لشن عدوان على سوريا لطرد الأكراد، قال الرئيس السورى بشار الأسد إن «كل المناطق فى سوريا تحمل نفس الأهمية، ولكن ما يحكم الأولويات هو الوضع العسكرى على الأرض» ليضع الرئيس السورى حدا لكافة التقارير التى تزعم عدم اعتراض سوريا على التدخل التركى.