كتالونيا تئن تحت وطأة نيران الاحتجاجات: خسائر بالملايين.. ومطالب باستفتاء

أدى الإضراب العام في كتالونيا الذي تحول إلى شغب وفوضى إلى إصابة ما يزيد على 182 شخصاً، واعتقال 83 آخرين، الذي تم تنظيمه الجمعة الماضي وتحول لأكثر الأيام عنفا في احتجاجات الانفصاليين المطالبين باستقلال كتالونيا التي استمرت حوالي 7 أيام، وفقا لصحيفة «إيه بي سي» الإسبانية.

ويستمر مشهد الفوضى في إقليم كتالونيا جراء تجدد الاحتجاجات التي اندلعت منذ أيام بعد الحكم على قيادات كتالونية بالسجن بأحكام متفاوتة، وهو ما أعقبه أعمال عنف وشغب امتدت حتى كتابة هذه السطور.

ووصلت خسائر أعمال الشغب في برشلونة فقط إلى أكثر من 2 مليون يورو، فقد قام المحتجون الانفصاليون بحرق 300 حاوية أخرى، التي ستكلف المدينة 375 ألف يورو، ومنذ بداية الاحتجاجات تم حرق 1000 حاوية.

وأشارت الصحيفة، إلى أن تقديرات الخسائر لا تزال مؤقتة، نظرا لتكاليف الرصف واللوحات الكهربائية وإشارات المرور التالفة، بالإضافة إلى تخصيص 60 فريقا للتنظيف لمحاولة استعادة صورة المدينة الجميلة، وفي كتالونيا لا يزال يعمل 150 فريقا للتنظيف خاصة في فيا لايتانا وساحة أوكوينونا، مركز أعمال الشغب الليلة الماضية.

وعاش المجتمع الكتالوني أسبوعا من التوتر السياسي والاجتماعي بسبب الاحتجاجات التي تطالب بانفصال كتالونيا عن إسبانيا، التي تحولت لأعمال شغب واشتباكات بين المحتجين والشرطة الكتالونية، وتفوح روائح الحرائق في برشلونة التي عمل فيها عمال البلدية على تنظيف الشوارع من أثار الإطارات المشتعلة والزجاج المكسور والعيارات المطاطية وإصلاح الأرصفة التي حطمها المحتجون لاستخدام حجارتها في رشق عناصر الأمن.

وقالت رئيسة بلدية برشلونة آدا كولا أمس السبت، إن «هذا الأمر لا يمكن أن يستمر، برشلونة لا تستحق ذلك»، منددة «بكل أشكال العنف». وشارك نحو نصف مليون شخص في تجمعات و«مسيرات الحرية» في برشلونة الجمعة وهو التجمع الأكبر منذ أحكام الإثنين التي دفعت عشرات الآلاف من أنصار الاستقلال للاحتجاج في شوارع الإقليم في شمال شرق إسبانيا وإعلان الإضراب العام لشل برشلونة.

ودعا العديد من النقابات في الإقليم إلى تنظيم إضراب اليوم الجمعة، وهو ما تطور إلى صدامات في مدينة برشلونة بين الأمن ومثيري الشغب، كما عثرت الشرطة على اسطوانة غاز كانت بحوزة المتظاهرين معدة للتفجير.

وتسود حالة من القلق في دوائر أوروبا السياسية، حيث يخشى الاتحاد الدعوات الانفصالية خاصة في ظل أزمة بريكست وتمسك الحكومة البريطانية بمغادرة عضوية الاتحاد .

وفى تحدى جديد لحكومة مدريد، أعلن كيم تورا، رئيس حكومة إقليم كتالونيا ضرورة تنظيم استفتاء ثان على استقلال الإقليم عن إسبانيا فى غضون العامين المقبلين، حسبما قالت صحيفة «البيريوديكو» الإسبانية.

وقال تورا، الذي تنقضي ولايته في ديسمبر 2021 «سنعود إلى صندوق الاقتراع مجددا لتحديد مصيرنا.. يجب علينا أن ننهى هذه الولاية التشريعية بإقرار استقلالنا»، مشددا أن الأحكام القضائية التى أصدرتها المحكمة العليا فى البلاد، بحق تسعة قادة سابقين للإقليم لدورهم فى محاولة الانفصال الأولى عام 2017، لن تمنع مسألة الاستقلال مجددا على التصويت.

وامتدت أعمال الشغب في مدن عدة داخل الإقليم، بمقدمتها برشلونة، وهو ما دفع سلطات الطيران إلى إلغاء 55 رحلة فى مطار برشلونة بسبب الإضراب العام الذي دعت إليه عدة نقابات عمالية منها CSC و IAC، وفقا لصحيفة «إيه بي سي» الإسبانية.

فى المقابل، أكد وزير الداخلية الإسبانى، فرناندو جراندى مارلاسكا، أن مدريد تنوى نشر قوات إضافية فى كتالونيا وسط توقعات بتنظيم مظاهرات جديدة فى عاصمتها برشلونة اليوم الجمعة.

ويعتبر الإقليم الكتالوني هو أحد أهم الأقاليم بإسبانيا لكونه من أكثر المناطق ثراء وتقدما في البلاد، كما أنه معقل العديد من الصناعات التي يعتمد عليها الاقتصاد الإسباني وينتج وحده 20% من الناتج الوطني.

ويرى سكان كتالونيا من مؤيدي الانفصال إنهم في الأساس أصحاب دولة مستقلة استولت عليها إسبانيا بالقوة فى القرن العاشر الميلادي، ولكن هذا ينذر بأن كتالونيا لن يصبح عضوا في الاتحاد الأوروبي، وهذا يعنى أن برشلونة ستخسر بهذا الانفصال، حسبما قالت صحيفة «الكونفيدنثيال» الإسبانية.

ويرى قادة الإقليم أنهم نجحوا في النجاة من أزمات اقتصادية عدة بسبب ما تمتلكه كتالونيا من قدرات صناعية، وهو ما يشجع إدارة الإقليم على المطالبة في أن تكون كتالونيا دولة مستقلة، وغير مثقلة بأعباء الحكومة الإسبانية.