وكانت المحكمة قد أصدرت أحكاما بالسجن بحق الزعماء الانفصاليين تتراوح بين تسع و13 عاما.
وجاءت مشاهد العنف بعد احتجاج نصف مليون شخص على الأحكام الصادرة يوم الاثنين الماضى، وسار البعض لثلاثة أيام متواصلة تحت شعار «مسيرات الحرية»، وجاءوا من مدن فى شمال شرق المنطقة الإسبانية والتقوا فى عاصمة إقليم كتالونيا برشلونة، وانضموا للطلاب والعمال الذين نزلوا إلى الشوارع خلال إضراب عام استمر 24 ساعة.
ولفتت وكالة «أسوشيتدبرس» الأمريكية إلى أن المحتجين والشرطة تصادموا للسيطرة على مركز برشلونة بعدما حاصر المحتجون بوابات مقرات الشرطة الوطنية، ومع تصاعد الصدامات مع الشرطة انتشرت الفوضى إلى مناطق أخرى فى برشلونة، وألقت الأحداث فى كتالونيا بظلالها على السياحة، حيث قامت شركات كبرى تعمل فى تنظيم الرحلات البحرية بتحويل سفنها إلى موانئ أخرى، بينما ألغت السفن الموجودة فى برشلونة بالفعل جولات عملائها فى المدينة.
وكان الجماعة قد ظهرت فى الثانى فى سبتمبر الماضى، وفى غضون ستة أسابيع فقط أصبح لديها 340 ألف متابع على قناتها الرئيسية على موقع الرسائل المشفرة «التليجرام». من جانبها، قالت صحيفة نيويورك تايمز إن العنف فى شوارع برشلونة وغيرها من المدن الكتالونية منذ قرار المحكمة العليا الإسبانية يوم الاثنين الماضى، قد أثار مخاوف من أن السياسيين الانفصاليين فى كتالونيا يفقدون السيطرة على أنصارهم.
ورأت الصحيفة إن الاضطراب العام أمس الجمعة كان نجاحا بسيطا لحركة الاستقلال، حيث قالت السلطات إن أقل من نصف موظفى الحكومة قد استجابوا للدعوة لعدم العمل، بينما رفضت بعض النقابات العمالية الرئيسة الانضمام إلى الإضراب لأنه كان مدفوعا بأيديولوجية سياسية وليست الشكاوى الاقتصادية المبررة المتعلقة بظروف العمل.
وتعرض رئيس كتالونيا المؤيد للانفصال كيم تورا للانتقادات لتباطؤه فى إدانة العنف، ولدعوته للعصيان المدنى فى الوقت الذى أرسل فيه شرطة مكافحة الشغب لاستعادة النظام.
وكان كورا قد قال للبرلمان الإقليمى يوم الخميس إنه سينظم استفتاء جديدا لاستقلال ويصيغ دستورا من أجل «جمهورية كتالونية»، إلا أن السياسيين الانفصاليين من أحزاب أخرى نأوا بأنفسهم عن مشروعه.
وكان رئيس كتالونيا السابق شارلز بوجيدمون، الذى قاد المحاولة الفاشلة لاستقلال الإقليم قبل عامين، قد سلم نفسه للسلطات القضائية فى بلجيكا أمس بعد صدور مذكرة اعتقال دولية ضده هذا الأسبوع.
وفيما يتعلق بتأثير الأحداث الأخيرة على الوضع السياسى فى العاصمة الأسبانية، قالت نيويورك تايمز إن الاضطراب الأخير فى كتالونيا يزيد التوترات السياسية بمدريد ويلقى بظلاله على الحملة التى تسبق إعادة الانتخابات العامة المقررة فى 11 نوفمبر المقبل، حيت يتفوق رئيس الحكومة بيدرو سانشيز وحزبه الاشتراكى فى استطلاعات الرأى، إلا ان الاضطرابات الأخيرة يمكن أن تساعد الناخبين الذين لم يحسموا قرارهم بعد.
ويواجه سانشير ضغوطا متزايدة من المعارضة وأحزاب يمين الوسط لاستخدام سلطاته بموجب الطوارئ لاستعادة النظام فى كتالونيا، بل وإمكانية فرض فترة أخرى من الحكم المباشر من مدريد على كتالونيا كتلك التى حدثت فى أواخر 2017.