أردوغان يكشف الإخوان
السبت، 19 أكتوبر 2019 11:22 ص
من آيات الإنجيل آية تقول: «وَلاَ تُدْخِلْنَا فِى تَجْرِبَةٍ، لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ، وَالْقُوَّةَ، وَالْمَجْدَ، إِلَى الأَبَدِ».
أظن أن التجربة التى تتحدث عنها الآية، هى نوع محدد ومعين من التجارب، أعنى التجربة الصفرية، الحدية، تجربة «أكون أو لا أكون»،
تلك التجربة الحارقة الخارقة التى تصبح بعدها غير ما كنتَ عليه قبلها، وتلك التجربة دخلتها- بقدميها- فرقتان من فرق جماعة الإخوان، الفرقتان لم تسألا الله النجاة من الشرير، بل راحتا تدافعان عن الشرير حتى وصل الأمر إلى تبنى شره وترويجه بعد ستره بغلالة من الأفكار النبيلة المسروقة.
الشرير هنا هو الرئيس التركى أردوغان الذى تستر بمزاعم تبدو طيبة لغزو سوريا واحتلال أراضيها.
أردوغان رجل ماهر فى اللعب بالبيضة والحجر، فالرجل صديق حميم لكافة الأطراف، فهو حامى حمى جماعة الإخوان، ثم هو عضو مهم من أعضاء حزب الناتو، وبتلك العضوية هو حليف استراتيجى لأوروبا الاستعمارية، ولأمريكا الشيطانية، وهو داعم للتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش، وهو ينسق من الروس وإيران، ثم هو الصارخ فى البرية بضرورة فك الحصار عن قطاع غزة، ثم لا ننسى أنه صاحب علاقات تجارية متدفقة مع إسرائيل.
فى مرة وصف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو، أردوغان بـ»الديكتاتور»، فى رد على تصريحات لأردوغان، قال فيها إن إسرائيل دولة عنصرية!
فماذا بعد ذلك الاشتباك الحاد؟
لقد ظل على حاله، مجرد اشتباك لفظى، أما العلاقات التجارية ذات البعد الاقتصادى الاستراتيجى فقد ظلت على حالها متدفقة ودافئة.
إن كنت مهتمًا بمعرفة الحقيقة فأنت ستجد هذا المقطع- من تقرير طويل- منتشرًا على كافة المواقع الإخبارية ذات المصداقية «كشفت بيانات إسرائيلية حديثة، عن حجم التبادل التجارى مع تركيا والذى يتخطى الـ 4 مليارات دولار، لتظل تركيا فى المركز الأول من حيث التبادل التجارى مع إسرائيل على مستوى الدول الإسلامية».
ونشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بيانات نقلاً عن دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، جاء فيها أن «تركيا تستورد من إسرائيل بما يُعادل 1410 مليون دولار، وتصدر لها ما يُعادل 2856 مليون دولار»، حسب الصحيفة. ولم تمنع هجمات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على إسرائيل، زيادة التبادل التجارى معها، والذى شهد نموًا بـ 14% فى السنوات الأخيرة، وبلغت الصادرات الإسرائيلية إلى تركيا فى 2017 ما قيمته 1.4 مليار دولار، فى مقابل واردات إسرائيلية من تركيا بحوالى 2.9 مليار دولار.
وشهدت حركة التجارة بين البلدين تناميًا متزايدًا منذ تعيين الملحق التجارى التركى فى إسرائيل، هوثمار آينمز، بعد أن ظل المنصب شاغرًا طيلة سنوات، فى السفارة التركية».
هل تعرف جماعة الإخوان خريطة علاقات ومصالح أردوغان؟
يقينًا تعرف، لكنها أدخلت نفسها فى التجربة.
تاريخ الجماعة هو عبارة عن كمية خرافية من دموع المظلومية، وهؤلاء الذين يزعمون تعرضهم لظلم تاريخى واستثنائى هم أنفسهم الذين ينصرون الغازى، وينتصرون له ويتسترون على جريمته.
قال إخوان سوريا: «إن الثورة السورية اليوم بمنعطف تاريخى ومفصلى فى سيرها نحو تحقيق أهدافها فى إسقاط نظام الأسد، ومواجهة مشاريع الإرهاب والتطرف والانفصال، وذلك بإطلاق عملية «نبع السلام» فى منطقة شرق الفرات، والذى يتشارك فيها الجيش الوطنى السورى مع الجيش التركى».
وأضاف البيان «لقد تقاطعت مصلحة الثورة السورية والأشقاء فى تركيا فى محاربة إرهاب (PYD-YPG - PKK) واستعادة الأرض السورية والحفاظ على وحدتها، فكانت عملية (نبع السلام)، وشرق الفرات مثل غربه مثل كل سوريا، لا بد أن تصبح حرة».
ولفت إلى أن الميليشيات الانفصالية هجرت أهالى منطقة الرقة واستعرضت جثث مقاتلى الجيش الحر فى عفرين، هؤلاء من تستهدفهم عملية نبع السلام، أما الأكراد فهم شركاء الجميع تحت مظلة وطن واحد، ومن مصلحة الجميع قطع أيدى الإرهاب والانفصال.
ودعت الجماعة العشائر العربية والكردية للانضمام للجيش الوطنى السورى، مذكرة الجيش الوطنى السورى والجيش التركى بضرورة الحفاظ على أرواح المدنيين والبنى التحتية، وأن أى انحياز من مقاتلى قسد إلى الجيش الوطنى السورى فإنه سيكون فى عهده وحمايته.
وطالبت الجماعة المجتمع الإقليمى والدولى أن يتفهم حاجة الشعب السورى للعودة إلى أرضه واستعادة ما دمرته واستولت عليه المشاريع الإرهابية والانفصالية، وأن دعم الشعب السورى لنيل مطالبه وحريته سيسهم فى استقرار سوريا والمنطقة كلها».
وقال إخوان فلسطين : «نتفهم حق تركيا فى حماية حدودها والدفاع عن نفسها وإزالة التهديدات التى تمس أمنها القومى أمام عبث جهاز الموساد الإسرائيلى فى المنطقة، والذى يسعى إلى ضرب الأمن القومى العربى والإسلامى، مع المسارعة إلى حل النزاعات والخلافات فى المنطقة وبين الدول للتفرغ للدفاع عن قضايا الأمة، وفى مقدمتها قضية فلسطين، وفى القلب منها القدس التى تتعرض لعدوان متواصل، خاصة المسجد الأقصى المبارك من قبل الاحتلال ومستوطنيه».
أما فرع الجماعة المصرى فلم أقع على بيان له ولكن تكفينا منصاته الإعلامية التى تنطلق من تركيا، فهى تسبح بحمد أردوغان ليل نهار وتظهره فى صورة ملائكية كأنه سادس الخلفاء الراشدين، وقد يقول قائل: وماذا سيفعلون والرجل يحتضنهم ويسمح لهم بالبقاء فوق أرض بلاده وتحت حمايتها؟!
وهذه يا سادة هى التجربة التى تظهر أصالة المعدن وعمق الإيمان، فلو كانوا يؤمنون حقًا بشعاراتهم، فبأى عين وبأى ضمير ينصرون وينتصرون لمحتل؟!
كيف يعينون ظالمًا على ظلمه وتجبره؟!
إنه بين طريقين لا ثالث لهما، إما ما هم عليه من مناصرة محتل غاشم، أو الخروج من تحت عباءته والانتصار للحق ودفع ثمن الخروج فداءً لعقيدة وشعار.
ختامًا نشكر أردوغان لأنه بفعلته قد أسقط ورقة التوت عن جماعة الإخوان.