سوسة النخيل الحمراء.. الخطر يخترق ثروتنا من نخيل التمور والزراعة تقف لها بالمرصاد

الأحد، 13 أكتوبر 2019 10:00 ص
سوسة النخيل الحمراء.. الخطر يخترق ثروتنا من نخيل التمور والزراعة تقف لها بالمرصاد
سوسه النخيل
كتب ــ محمد أبو النور

سوسة النخيل، هي أهم وأخطر حشرة وآفة، تهدد ثروتنا القومية، من نخيل البلح، وعلى الرغم من أنها قد انتقلت إلينا من دولٍ أخرى، إلاّ أنها تتسبب في هلاك وتدمير النخيل في مصر، غير أن الحكومة مُمثّلة في وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، وبالتنسيق مع المحافظات، وبدعمٍ من المنظمات الدولية، المعنيّة بالزراعة، مثل منظمة الأغذية والزراعة العالمية "الفاو"، تقف لهذه الحشرة المُهلِكة بالمرصاد، عن طريق المكافحة بأنواعها المختلفة، وعقد الندوات والمؤتمرات وورش العمل، إضافة إلى الدورات التدريبية، للعاملين في هذا المجال، وحتى يكونوا على علمٍ ودراية، بطرق وأساليب مواجهة هذه الأزمة، التي تعصف بإنتاج التمور.

نخيل البلح
نخيل البلح

 

سوسة النخيل الحمراء

وحسب التقارير والبحوث الزراعية، الخاصة بالآفات والحشرات التي تصيب النخيل، فإنّ سوسة النخيل الحمراء، هى الحشرة مكتملة النمو، وهى بُنيّة اللون مُحمرّة، مع وجود بقع سوداء على الصدر، ولها فمٌ قارض، ينتهي بخرطوم طويل، ويبلغ متوسط طول الحشرة الكاملة 3.5 سم، وعرضها 1.2 سم، وتتلخص دورة حياة سوسة النخيل الحمراء، أو دورة حياة الحشرة، في أن الحشرة الكاملة، تضع عدداً كبيراً من البيض، يصل لحوالى 350 بيضة تقريباً، ولها عدة أجيال متداخلة في السّنة الواحدة، ولديها القدرة على تحمل الظروف البيئية الصعبة، وليس لها بيات شتوي، أو سكون صيفي، وتموت فى النخلة، وهي كاملة التطور، ولوصف أعراض الإصابة، فقد ثبت من خلال الدراسات والبحوث والمتابعة، أن الحشرات تصيب نخيل التمور، في جميع الأعمار، ولكنها تُفضّل النخل صغير السن، حتى 10 سنوات، ويمكن التعرّف على إصابة النخيل، عن طريق وجود أحد أو بعض الأعراض، مثل وجود أنفاق بالجذور وقواعد السعف، نتيجة تغذية اليرقات ، وكذلك وجود نِشارة خشبية ممضوغة، تخرج من الثقوب، التي تحفرها اليرقة، في قواعد الكرب، وفي مناطق التقاء الفسائل والرواآيب بالنخلة، أو في قمة متخمرة بالنخلة "منطقة التاج"، وتكون هذه النِشارة على شكل كُتل غليظة، وأيضا اصفرار السعف والحوض، في النخيل والفسائل المصابة وجفافه وتهدله، وقد يُلاحظ وجود ثقوب صغيرة على الساق، ومن مظاهر أو أعراض الإصابة أيضا، موت الفسائل والرواآيب، كما يمكن سماع صوت قضم اليرقات بالأذن العادية، عند التغذية في النخيل على الأنسجة الوعائية، وكذلك صوت الحشرة الكاملة، وفي حالة الإصابة الشديدة أيضا تصبح الساق مجوفاة نتيجة تغذية اليرقات على الأنسجة الداخلية، كما يلاحظ ذبول بمنطقة التاج، نتيجة الإصابة بسوسة النخيل الحمراء، والتي ينتج عنها رائحة كريهة، يمكن تمييزها بسهولة، وفي النهاية تموت "الجُمّارة"، وتصبح النخلة عديمة الفائدة، ويجب إزالتها وحرقها، وخلال تنظيف موضع الإصابة، نلاحظ وجود كل أو بعض أطوار الحشرة.

download
سوسة النخيل الحمراء

 

ثروتنا المصرية من النخيل

وحتى نعرف، ونُقدّر خطورة هذه الحشرة، وأثرها الفتّاك على النخيل في مصر، علينا أن نُذكّر أن لدينا ــ حسب آخر الإحصائيات والأرقام والتقارير الزراعية ــ أكثر من 15 مليون نخلة، تنتشر في محافظات مصر، بدون استثناء، غير أنها تزيد في محافظات، وتقِل في أخرى، ويُعتبر محصول التمور فى مصر محصولاً استراتيجياً، كما يراه المهندس جمعه طوغان، الخبير الزراعى، وصاحب دراسة وموسوعة قيّمة، عن زراعة النخيل في مصر، حيث تحتلّ مصر فى الوقت الحاضر، المرتبة الأولى على المستوى العالمى، من حيث الإنتاج بنسبة 17.7% من الإنتاج العالمى للتمور، والأولى على المستوى العربى بنسبة حوالى 23% من الإنتاج العربى، على الرغم من أنها ليست الأولى عربياً فى عدد النخيل المثمر، وتؤكد الإحصائيات على وجود تزايد مستمر فى أعداد النخيل الكُلّى والمثمر، فى كافة محافظات مصر المُنتِجة للتمور، وأهمها الوادى الجديد و أسوان و الجيزة و الشرقية و البحيرة و دمياط و مطروح و شمال سيناء، لتصل إلى ما يقرب من 15 مليون نخلة، تنتج حوالى 1.6 مليون طن تمر، كما يقول "طوغان" بمتوسط إنتاجية مرتفع يتعدى 105 كجم للنخلة الواحدة، مع تزايد المساحات التى تحتلها أشجار نخيل التمر، نتيجة الاستثمارات الجديدة فى مشروعات النخيل والتمور، ومنها إنشاء أكبر مزرعة نخيل في العالم، بمنطقة توشكى، كما تولى الحكومة قطاع التمور اهتماماً بالغاً، لكونه أحد القطاعات الواعدة، لتحقيق النمو الاقتصادى، وزيادة الصادرات، وخلق فرص العمل الجديدة، وتحقيق التنمية المجتمعية، ويضمّ قطاع التمور في مصر أكثر من 30 ألف مُزارع ومُورّد، وأكثر من 200 منشأة صناعية، تنتشر بمختلف مناطق الإنتاج، بالوادى الجديد والواحات البحرية وسيوة وأسوان والأقصر والبدرشين بالجيزة والفيوم والدلتا ودمياط والشرقية والبحيرة والمنيا والاسماعيلية، غير أن صادرات مصر من التمور، تمثل حالياً حوالى 3% من إنتاجها، بما يعادل 4% من حجم التجارة الدولية للتمور، وتحتل المركز الثامن بين الدول المصدرة للتمور، حيث تواجه صادرات التمور المصرية عدداً من التحديات والمعوقات، والتى يتم التعامل معها بشكل علمى مدروس، للتغلب عليها ومضاعفة صادرات التمور المصرية، خلال الأعوام القادمة، تنفيذاً لاستراتيجية الدولة لتطوير قطاع التمور.

سوسة النخيل بعد إبادتها
سوسة النخيل بعد إبادتها

 

خطورة الحشرة وأنواع المكافحة

وتكمن خطورة حشرة سوسة النخيل الحمراء، في أنها تُدمّر ثروتنا من النخيل، وكانت الحشرة تنتشر بصورة مُكثفة، في نخيل محافظة الجيزة، ثم انتقلت للوادى الجديد، وعددٍ من المحافظات، غير أن خطط وبرامج وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى دائماً ما تكون لها بالمرصاد، من خلال أسلوب المكافحة المتكاملة، والتي تتمثّل في المكافحة بالوسائل التشريعية، و المكافحة الزراعية و المكافحة الميكانيكية و المكافحة الحيوية و المكافحة الكيميائية، وكل نوع من هذه الأنواع، تندرج تحته وسائل مُتعددة من المكافحة، حسب نوعية الإصابة وخطورتها، ومن ناحيته، كان المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو"، جوزيه جرازيانو دا سيلفا، قد أكد في بيان صحفى، أن دول منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، يمكنها أن تعتمد على دعم "الفاو" المتواصل لها، فى مكافحتها لسوسة النخيل الحمراء، وهى إحدى أكبر الآفات المُدمّرة فى العالم، وأضاف بيان لـ"الفاو" أن دا سيلفا، امتدح مساهمة الإمارات العربية المتحدة، بمليوني دولار، لدعم برنامج "الفاو" الإقليمي، لمكافحة سوسة النخيل الممتد لـ 5 سنوات، كما شكر المدير العام لـ "الفاو" أيضاً ليبيا، لتعهدها بالمساهمة بمبلغ 250 ألف دولار، والمنظمة العربية للتنمية الزراعية، لتعهدها بالمساهمة بمبلغ 100 ألف دولار، وأكد أن "الفاو" ستواصل تعزيز التعاون الإقليمي والعالمي، بهدف السيطرة على سوسة النخيل الحمراء والقضاء عليها، وتضمنت المساهمات السابقة، أيضا 2 مليون دولار من المملكة العربية السعودية، و100 ألف دولار من سلطنة عمان، وقال المدير العام للفاو: "إن احتواء سوسة النخيل الحمراء، والسيطرة عليها، والقضاء عليها فى نهاية المطاف، هو أمر ممكن، و"الفاو" تتصدر الجهود في هذا المجال"، وتابع تقرير "الفاو" أن سوسة النخيل الحمراء، التي نشأت في جنوب شرق آسيا، وانتشرت بسرعة فى الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، تعتبر أكثر الآفات خطراً، وتدميراً لأشجار النخيل فى العالم، ومن الصعب الكشف عنها فى وقت مبكر، لأنها تتغذى على الأنسجة النامية للأشجار من الداخل، ويتعرض نخيل التمر، المتجذر فى اقتصادات وثقافات شعوب الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، لخطر شديد، بما يهدد سبل عيش ما يُقدّر بـ 50 مليون مزارع في المنطقة.

سوسة النخيل تتسبب فى تدمير ثروتنا من نخيل البلح
سوسة النخيل تتسبب فى تدمير ثروتنا من نخيل البلح

 

تدريب 25 نخّالاً على مكافحة سوسة النخيل

من جانبه، قال الدكتور أحمد عبد المجيد، مدير معهد بحوث وقاية النباتات، والجهة المُنفّذة لحملة مكافحة سوسة النخيل الحمراء، في مناطق زراعة النخيل الاقتصادية، إن المعهد، قام بعقد أول دورة تدريبية، لتدريب النخّالين في الواحات البحرية، لعدد 25 مُتدرّب نظرياً وعملياً، ومن المُستهدف تدريب 100 نخّال في الواحات البحرية، و 40 نخّال في واحة الداخلة، وتدريبهم على العمليات البستانية والمكافحة بطريقة صحيحة، وأن فكرة تدريب النخّالين، جاءت بعد أن لوحظ وجود عجز شديد في أعداد النخّالين، الذين لديهم المعرفة الكاملة بالعمليات البستانية والمكافحة بطريقة صحيحة، وخاصة في الواحات البحرية.

03429bae-101b-4666-8d1c-639695fb2a70
دورة تدريبية على مكافحة سوسة النخيل الحمراء

 

ومن ناحيتة قال الدكتور محمد كمال عباس، رئيس الحملة القومية، إن النخّالين تم تدريبهم نظرياً وعملياً، على العمليات البستانية وعمليات مكافحة سوسة النخيل الحمراء، وآفات الثمار والمخازن، وطرق الجمع والحصاد بطريقة صحيحة، وأن التدريب تم بواسطة باحثين من معهد بحوث وقاية النباتات والمعمل المركزى للنخيل والإدارة المركزية لمكافحة الآفات والفئة المستهدفة في تدريب النخالين الشباب أقل 30 سنة، وأنه تم تدريبهم عملياً في حقول الإرشادية و سوف يتم منحهم شهادات إتمام دورة تدريب النخّالين لتؤهلهم للعمل في مزارع النخيل، وفى النهاية الدورة تم عقد امتحان للمتدريبين منح الأول والثانى هدايا عينة ،كما تم عمل بوسترات مصورة عبارة عن عمليات الوقائية والمكافحة لسوسة النخيل الحمراء، وسوف توزع على مناطق عمل الحملة، علماً بإنه تم تنفيذ 20 دورة تدريبية للمزراعين، كذلك متابعة فحص وعلاج النخيل المصاب في12 حقل إرشادى وتقدير نسبة الإصابة في حقول الفحص.

 

6cdb5643-7677-467b-b52e-37a0daa53ae9
تدريب عملى على مكافحة سوسة النخيل

 

كما أشار الدكتور محمد عبد المجيد، رئيس لجنة المبيدات والجهة الممولة للحملة، أنه يتم إرشاد المزارعين والمهندسين، خلال تنفيذ الدورات الإرشادية باستخدام المبيدات الآمنة والموصى بها، لما لنخيل البلح من أهمية كبيرة، وكذلك إجراء تحاليل لمتبقيات الثمار في الحقول، التي يتم فيها مكافحة سوسة النخيل الحمراء وآفات الثمار، لمعرفة الفترة التي يتم فيها إيقاف استخدام المبيدات قبل الحصاد، حتى تكون متبقيات الثمار في حدود مسموح بها حفاظاً على صحة الإنسان المصرى وزيادة مستوى التصدير، وأكدت الدكتورة جيهان المنوفى، رئيس قطاع الإرشاد الزراعى، إنه يجرى الإعداد لعمل فيلم متكامل عن النخيل، يشمل الزراعة والعمليات البستانية وهى التقليم و التلقيح والتقويس والخف و والمكافحة بطريقة صحيحة، والجمع والحصاد، وسوف يتم تنفيذه بالاشتراك بين قطاع الإرشاد الزراعى ومعهد بحوث وقاية النباتات، وهى الجهة المنفذة للحملة والقناة الزراعية، وأنه سيتم الانتهاء منه خلال 3 شهور.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة