مستخدمة طائرات وقوارب بحرية.. الدوحة تقدم الدعم اللوجيستى للإرهابيين لنشر الفوضى فى ليبيا
السبت، 28 سبتمبر 2019 09:00 م دينا الحسينى
تحاول خلق قاعدة إخوانية جديدة تكون مركزا لإرسال الإرهابيين إلى الدول الرافضة لسياسة البلدين
تجاوزت قطر كل الخطوط الحمراء، وضربت بالأعراف والتقاليد الدولية المعمول بها عرض الحائط، وتجاهلت دويلة تميم بن حمد المواثيق الدولية لاحترام حقوق الإنسان، ومواثيق مكافحة الإرهاب، وراحت «تعيث فى الأرض فسادًا» بالتحريض على نشر الفوضى وتمويل الإرهاب، بل أنها دفعت الغالى والنفيس لتخريب ليبيا، التى اعتبرتها عائقًا أمام تنفيذ مخطط هدم مصر، وهو ما ظهر فى تزامن دعم قطر لسقوط ليبيا مع دعمها للعمليات الإرهابية المسلحة فى مصر.
عملت قطر على نشر الفوضى فى ليبيا، عبر دعم جماعة الإخوان الإرهابية، والجماعات الإرهابية المنبثقة عنها، وأدخلت إلى ليبيا بطرق غير شرعية عناصر أجنبية من جنسيات مختلفة تولت تدريبهم قبل إرسالهم، وتولت جماعة الإخوان الإرهابية تأمينهم لخدمة أجندتهما ومصالحهما فى المنطقة، وجاءت على رأس تلك الأهداف، الاستيلاء على الثروات الليبية من نفط وغاز، فضلًا عن خلق قاعدة إخوانية جديدة تكون مركزًا لإرسال الإرهابيين إلى الدول الرافضة لسياسة البلدين.
لعبت قطر دورًا كبيرًا فى إسقاط نظام القذافى قبل أحداث 17 فبراير 2011، برز دورها أكثر عندما دفعت الدوحة دول مجلس التعاون الخليجى لإتخاذ موقف موحد من الأزمة الليبية داخل جامعة الدول العربية بتعليق عضوية ليبيا، الأمر الذى سهل إصدار قرار عن مجلس الأمن بفرض منطقة حظر طيران وسمح لحلف شمال الأطلسى بالتدخل ضد نظام القذافى، وأثناء مشاركة القوات القطرية فى العمليات العسكرية التى قادها حلف شمال الأطلسى فى ليبيا، كان هناك تركيز إعلامى من قناة الجزيرة لم يسبق له مثيل على الثورة الليبية لم يترك أى حدث حتى لو كان صغيرًا إلا وسلطت الضوء عليه بأسلوب يراه البعض تجاوزًا كبيرًا فى العمل الصحفى المستقل والمحايد، ولم تكن قناة الجزيرة تعرض الأحداث والتطورات فى ليبيا فحسب، بل كانت تؤسس للدور القطرى القادم وتمهد له الطريق.
عقب أحداث 2011 انضمت إليها حليفتها تركيا بمد الجماعات الإرهابية والميليشيات بالأسلحة منذ ذلك التاريخ، دعمت قطر إخوان فجر ليبيا بالأسلحة عبر السودان، بلغ حجم التمويل الذى وصل من الدوحة إلى هذه التنظيمات الإرهابية منذ 2011 حوالى 750 مليون يورو، حسب تقارير دولية ، كما دعمت الدوحة التنظيم الإرهابى المعروف بـ «المجلس العسكرى طرابلس»، بالسلاح والعتاد بالإضافة إلى إرسال «المرتزقة» الذين تولى تدريبهم زعيم الجماعة الليبية المقاتلة ورئيس المجلس العسكرى بطرابلس عبدالحكيم بلحاج حتى دخل «باب العزيزية» تحت غطاء طائرات حلف الناتو.
حركت قطر الأحداث فى ليبيا خلال الثورة، وتحديدًا فى شهر إبريل 2011 كانت الطائرات القطرية تقلع بشكل منتظم من الدوحة لمد الإرهابيين بالسلاح، وبرر رئيس الوزراء القطرى حمد بن جاسم ذلك بأنه دفاعًا عن الثوار، إلا أن التقارير الليبية التى خرجت من طرابلس وقتها أفادت بأن الدعم ذهب إلى أبعد من ذلك، وأتهمت قطر بتدريب العناصر الإرهابية الليبية فى جبال نفوسة فى غرب طرابلس وشرق ليبيا، وطالت الإتهامات الجيش القطرى بأنه وراء إرسال العناصر الإرهابية الليبية إلى الدوحة لتلقى تدريبات قتالية هناك.
وعقب الهجوم الأخير على باب العزيزية فى 24 أغسطس 2011، شوهدت القوات القطرية الخاصة على الخطوط الأمامية للقتال بمشاركة القوات القطرية فى العمليات العسكرية التى قادها حلف شمال الأطلسى فى ليبيا، تصدرت قطر قائمة الدول التى وفرت السلاح والذخيرة للإرهابيين، ونقلت إليهم تجهيزات وقوات عبر أسطولها من طائرات سى 17 وسى 30 عبر باخرتها التى نقلت أطنانًا من الأسلحة والذخيرة والمعدات اللوجيستية، كانت ترسو على شواطئ جزيرة جربة وجرجيس فى الجنوب التونسى ليتم نقل محتوياتها فيما بعد إلى داخل الأرضى الليبية.
دعم قطر لنشر الفوضى فى ليبيا وإسقاطها، وإنهاك الجيش الليبى بعمليات خسيسة لم يشمل دعم المال والسلاح فقط، بل دعمت قطر شخصيات عديدة من أطياف مختلفة، مثل رجال دين من قيادات التنظيمات الإرهابية، منهم «صديق قطر» على الصلابى، وعبدالحكيم بلحاج، وعبدالباسط جويلة، وعناصر إرهابية معروفة ورجال أعمال، وعقب مقتل القذافى، قامت قطر بدعم كتيبة «راف الله السحاتى» التابعة لإسماعيل الصلابى فى بنغازى.
خلال الفترة ما بين نهاية 2013 وحتى 2014 عقب تشكيل «مجلس شورى ثوار بنغازى»، اختارت الدوحة خالد الشريف، عضو الجماعة الليبية المقاتلة، ليتولى مهمة توزيع الأسلحة وتسليمها إلى مسلحى المجلس فى بنغازى بواسطة قوارب بحرية، ونفس الدعم قدمته قطر لأنصار «الجماعة الليبية المقاتلة» فى درنة، فكانت ترسل الجرافات من ميناء مصراته إلى مقاتلى «مجلس شورى مجاهدى درنة»، كما دعمت جماعات إرهابية أخرى بأحدث الأسلحة المضادة للطائرات، مثل «أنصار الشريعة» المحظورة و«مجلس شورى ثوار بنغازى» و «مجاهدى درنة» و«سرايا الدفاع عن بنغازى» .
كما امتد الدعم القطرى للجماعات الإرهابية إلى كتيبة «أبو عبيدة الزاوى» فى مدينة الزاوية غربى ليبيا، التى يعتبر زعيمها الزاوى من أكبر حلفاء عبدالحكيم بلحاج، بل إنه يعتبر سنده الأكبر خارج طرابلس، فبعد حصول بلحاج على الدعم من دولة قطر، قام بافتتاح قناة «النبأ»، التى طالما تناقلت أخبار الجماعات الإرهابية فى ليبيا على أنها مجموعة من الثوار، كما قام بلحاج بتأسيس شركة الأجنحة الليبية للطيران، التى تفيد مصادر ليبية بأنها وسيلة الانتقال المستخدمة لنقل الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا.
كل هذا الدعم الذى قدمته قطر لدعم الفوضى فى ليبيا، أدى إلى سيطرة الميليشيات الإرهابية على مفاصل الدولة، وذلك بالتوازى مع جماعة الإخوان التى حاولت السيطرة على البلاد وبسط نفوذها بكل الطرق من أجل التمكن من الحكم، وتنوعت الطرق من اغتيال سياسيين وعسكريين كبار بالجيش، وتنفيذ خطة التمكين للسيطرة على الحكومة والمؤتمر الوطنى العام ومؤسسات الدولة من جهة أخرى.
وبمطلع عام 2013 طالت الاغتيالات أكثر من 120 شخصًا، غالبيتهم قيادات أمنية وعسكرية، وشخصيات مدنية وإعلامية ودينية، وكانت الخسائر الكبرى من هذه الاغتيالات فى مدينة بنغازى، التى تجاوز فيها عدد الذين استشهدوا بالاغتيال 78 حالة، بعد رصدهم وتفخيخ سياراتهم، وإطلاق الرصاص على بعضهم، وزرع عبوات ناسفة فى خط السير، وفى بداية عام 2018 ضمت قائمة الاغتيالات 21 شخصية جديدة فى مدينة بنغازى ما بين مدنيين وعسكريين، فى عمليات دبرتها قطر مع إخوان ليبيا لتصفية عدد من القيادات الأمنية والعسكرية، من بينهم قائد غرفة عمليات سلاح الجو الليبى، وقائد قاعدة بنينا الجوية، العميد ركن محمد المنفور، وزعيم قبيلة المغاربة الداعمة للجيش الباشا صالح الأطيوش، الذى سبق أن تعرض لمحاولتى اغتيال سابقتين، صدام خليفة حفتر نجل القائد العام للقوات المسلحة الليبية خليفة حفتر، وهو ضابط فى الجيش الليبى، والعقيد عبدالحميد سليمان عبدالحميد الرعيض، رئيس جهاز المباحث العامة ببنغازى، واللواء مفتاح شقلـوف، آمر الكتيبة 153 مشاة، وخليفة العبيدى، مشرف الإعلام بالقوات المسلحة.
دبرت قطر فى يونيو 2014 محاولة اغتيال اللواء خليفة حفتر، قائد عملية الكرامة ببنغازى الليبية، بواسطة انتحاريين نفذوا العملية من خلال سيارة مفخخة تسببت فى مقتل أربعة من حراسه وإصابة 4 آخرين، وتسوية 5 منازل بالأرض، السيارة التى استخدمت فى تنفيذ العملية كانت مجهزة بـ3 أطنان من المتفجرات، حيث جرى اتهام قطر بتدبير الحادث، وأنها عملت جاهدة على تدمير ليبيا، ووكلت الإخوان بالداخل فى مهمة تدريب المقاتلين الأجانب «داعش» لنشر الفوضى بليبيا.