في الثقافات القديمة فقط.. ما هي القرابين المقدسة للآلهة؟
الخميس، 26 سبتمبر 2019 01:00 م
«واتل عليهم نبأ ابنى آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر» إنها قصة هابيل وقابيل ابنى آدم، عليه السلام، حسبما ذكرها القرآن الكريم فى سورة المائدة، والذى يعد أوّل قربان فى التاريخ، لكن الأمر تطور جدا منذ ذلك التاريخ فيما يتعلق بالقربان.. فكيف حدث ذلك؟
القربان هو كل ما يتقرب به الإنسان من معبوده، وكلمة «قربان» سريانية أصلها «كوربونو»، وهى التقدمية التى يقدمها الإنسان لله، أو يقدم نفسه قربانًا أى تسليم قلبه ومشاعره ومشيئته.
وكان الناس، قديما، يعتقدون أن القرابين طعام الآلهة، وكانت تُحرق الأضاحى الحيوانية أو البشرية، كما تحرق أيضًا التقدمات من الشعير والقمح وخلافه، لتتصاعد أدخنتها للآلهة الساكنة فى السماء فتشبع، أو تُسكب فى الأرض على شكل قربان سائل كالنبيذ والحليب والزيت والعسل لتروى ظمأ الآلهة الساكنة فى باطن الأرض.
ذكرنا أن هابيل وقابيل هما صاحبا أول قربان معروف فى التاريخ، حيث قدّم هابيل وكان صاحب أغنامٍ وماشيةٍ جِذعةً سمينةً وأما الآخر أى قابيل فكان صاحب زراعةٍ ويعمل بها فقدم حُزمةً من الزرع الردىء السىء واحتفظ بنفسه بالزرع الجيد؛ فنزلت النار بأمرٍ من الله تعالى فأكلت قربان هابيل دليلًا على قبوله وتركت قربان قابيل كما هو، ونتيجةً لذلك قام قابيل بقتل أخيه هابيل.
كانت القرابين تُقدم تحت إشراف كهنة المعابد، وتراوحت بين عطايا من أفضل اللحوم والطعام الفاخر، جَلْبا لرضا الآلهة، كما كانت للخبز قيمة عظيمة، وتم تقديمه ضمن القرابين الجنائزية التى تُقدم على الموائد أمام المقابر.
فى مصر القديمة، تنوعت القرابين بين عطايا من أفضل اللحوم والطعام الفاخر وأحيانا كانت تقدم أحجار كريمة، كما كانت للخبز قيمة عظيمة، وتم تقديمه ضمن القرابين الجنائزية التى تُقدم على الموائد أمام المقابر.
لأن أبناء الحضارتين البابلية والآشورية من منطقة متقاربة لذا تشابهت طقوس قرابينهم وأنواعها وكانت تشتمل تفصيلات محددة من الصرامة والدِّقة، وكان تقديمها لأغراض مختلفة مثل مغفرة الذنوب، واكتساب رضا إله من الآلهة، أو تدشين معبد جديد، وفى الغالب كانت من الحيوانات (كالحمل والجدي) والسوائل (كالنبيذ والحليب والعسل والزيت)، وكانت الصلوات تُمارَس أثناء التقديم، وتصحبها بعض الطقوس كالرش بماء مقدس.
أما البوذية فدخلتها الفكرة فى الهند ثم انتشرت فى الصين ومنغوليا وكوريا واليابان، وأهم تلك القرابين هى المقدَّمة فى مناسبة (أولامبانا) أى بوذا المُتيقظ، إذ تبدأ بأداء الصلوات وترتيل بعض النصوص المقدسة بأصوات جهوريّة، مع تقديم قرابين من الفواكه والزهور والبخور، ويعتقد الأتباع أن أبواب العالم الآخر تُفتح فى هذا اليوم، ويُسمح للموتى بزيارة أقربائهم الأحياء، لذلك يقوم هؤلاء بتقديم القرابين عرفانا لآلهتهم.
أما حضارة أمريكا، وعلى رأسها حضارة الأنكا، فقد كانت مؤمنة أن الدم البشرى هو الطريق للغفران وللرزق، وتفضل هذه الحضارات أن تكون القرابين البشرية «أطفالا» لأنهم الأكثر نقاء.