حقوق العاملين مهدرة في القطاع الخاص
الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019 01:23 م
من المتوقع أن يتصدر مشروع قانون العمل الجديد، الأجندة التشريعية لمجلس الشعب، خلال دور الانعقاد القادم، المنتظر أن يبدأ أول أكتوبر المقبل، ولعل أهم ما يتضمنه مشروع القانون الجديد، اختصاصات وتشكيل المجلس القومي للأجور، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعلى أن يضم في عضويته، وزراء التخطيط، والعمل، والتضامن، ورئيس جهاز التعبئة العامة والإحصاء، بجانب 4 أعضاء يمثلون منظمات أصحاب الأعمال الأكثر عدداً من حيث العضوية، ومعهم 4 ممثلين للعمال يختارهم الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، وكان مجلس الشعب قد أقر قانون مشروع قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الجديد، في دور الانعقاد المنتهي في يوليو الماضي، بعد مناقشته والموافقة عليه في جلسته العامة.
نتحدث هنا عن القوانين الحاكمة لعلاقة العمل في القطاع الخاص بالأساس، والتي وجهت وزارة القوى العاملة خلال الأيام القليلة الماضية، المديريات التابعة لها بالمحافظات، بضرورة ضبط سوق العمل وتحقيق الاستقرار اللازم له، عن طريق التواصل الفعال مع طرفي علاقة العمل، أصحاب الأعمال والعمال، لتعزيز حقوق الطرفين، ومن واقع عملي في مجال إدارة الموارد البشرية لحوالي ربع قرن الآن، أؤكد أن هذه العلاقة تظل شائكة إلى أبعد الحدود، ولا تحتاج إلى قوانين بقدر ما تحتاج إلى تفعيل هذه القوانين، ومراقبة تطبيقاتها على الأرض رقابة فعالة، رقابة تحفظ في المقام الأول حقوق العاملين في القطاع الخاص، فأصحاب الأعمال أقوى في كل الأحوال.
دعوني أضع أيديكم على بعض ما يحتاج إلى ضبط في سوق العمل، يتهرب العديد من أصحاب الأعمال، وبالمخالفة لأحكام القانون، من توقيع عقود عمل مع العاملين طرفهم، وإذا وقع صاحب العمل هذه العقود، يوقعها بعد مرور الـ3 شهور الأولى المنصوص عليها كفترة اختبار بأحكام القانون، وحتى يضمن لنفسه فترة اختبار جديدة، والتي تمنحه حق إنهاء خدمة العامل في أي وقت دون إبداء أي أسباب، بل ويزيد بعض أصحاب الأعمال، فيقرن توقيع عقد العمل بتوقيع استقالة على بياض، بدون تاريخ، ومعها استمارة 6 كإخطار إنهاء خدمة لهيئة التأمينات الاجتماعية، تلافياً لأي وجع دماغ لما يحب ينهي خدمة العامل في أي وقت.
مثال آخر لما يحتاج لضبط في سوق العمل، تراه في تحايل أصحاب الأعمال في إثبات الأجر الحقيقي، في المستندات الرسمية المقدمة إلى الجهات الرقابية ذات الصلة، الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، ومصلحة ضرائب كسب العمل، وفي الأولى حتى يتهرب أصحاب الأعمال من تكلفة حصتهم في اشتراكات التأمين الاجتماعي، وده إذا أمنوا من الأصل، وفي الثانية حتى يستولي هؤلاء على حصة ضرائب كسب العمل، المفترض أنهم أمناء على تحصيلها من العمال، وتوريدها لمصلحة ضرائب كسب العمل، فإذا أضفنا ما يتعلق بحقوق العاملين في العلاوات الاجتماعية والإجازات السنوية والعطلات الرسمية والتأمين الصحي وخلافه، ندرك إلى أي مدى حقوق العاملين مهدرة في القطاع الخاص.
يتلاعب أصحاب الأعمال في حقوق العمال، بتوجيه من المدراء الماليين، تفعيلاً لمنهج خفض المصاريف التاريخي المفضل لأصحاب الأعمال، وبمساعدة مدراء الموارد البشرية، إلا من رحم ربي منهم فيرفض العمل أو الاستمرار في مثل هذه الأجواء، ومعهم العاملون بتفتيشات مكاتب العمل والتأمينات الاجتماعية وضرائب كسب العمل، وجميعهم أصحاب دخول حكومية منخفضة، ومن أرباب المصالح مع أصحاب الأعمال، مرتب شهري ثابت، أو ابن يتعين هنا، وللا بنت تتعين هناك، وفي كل الأحوال خدمات مما يقدمها أصحاب الأعمال كل حسب نشاطه، الموضوع أكبر من مجرد إصدار قوانين جديدة، وأعقد من مجرد توجيه بضبط سوق العمل، الموضوع وعي وقيم وثقافة وسلوك وعدالة وسيادة قانون.