الأدباء والنجوم.. متى تعود حوارات الثقافة والفن؟
السبت، 21 سبتمبر 2019 09:00 معنتر عبد اللطيف
هند رستم حاورت عملاق الأدب عباس العقاد.. ويوسف السباعى استضاف السندريلا فى حوار تليفزيونى
«نجيب محفوظ» وافق أن تحاوره«رغدة» لأنها جسدت بطلة روايته «عصر الحب» فى عمل تليفزيونى
ردود أفعال متباينة حفلت بها «مواقع السوشيال» بشأن اعتزام الفنانة «فيفى عبده» استضافة صالون ثقافى اجتماعى وهو ما أكدته عبر حسابها الشخصى على موقع تبادل الصور والفيديوهات «انستجرام»، تحت اسم «صالون فيفى عبده»، وقالت إنها، «ستناقش فيه بعض الموضوعات المتعلقة بالحياة الأسرية وغيرها من الموضوعات الخاصة»، مؤكدة خلال فيديو نشرته، بأن، أول الموضوعات التى يجب مناقشتها هو «ليه الراجل مبيلاقيش راحته فى البيت»، لتطلب من متابعيها أن يتواجدوا فى توقيت محدد فى محاولة منها لإيجاد حل لهذه المشكلة.
لسنا هنا فى معرض تقييم القضايا التى ستناقشها الفنانة « فيفى عبده» فى صالونها، لكن ما طرحته يفتح ملف الحوارات الثقافية والاجتماعية بين الفنانات وكبار الأدباء، مع اختلاف الزمان والمكان، والأسماء والقضايا المطروحة للمناقشة، فهل سبق لفنانات إجراء حوارات ولقاءات مع كبار الأدباء والشعراء والمثقفين؟.. هذا ما سنجيب عنه فى السطور التالية..
لقاء العقل والإغراء بين العقاد وهند رستم
فى 18 ديسمبر من عام 1962 فوجئ قراء مجلة «آخر ساعة» بحوار صحفى منشور بالمجلة تحت عنوان «لقاء بين العقل والإغراء»، ليثير الحوار دهشة القراء والمثقفين، لأن الحوار كان مع الأديب والمفكر الكبير عباس محمود العقاد ومن أجرته هى النجمة «هند رستم»، فما قصة هذا الحوار وكيف خرج إلى النور، وماذا كان شعور «نجمة الإغراء وهى فى حضرة « عملاق الأدب العربي؟».. كان وراء الفكرة الكاتب الصحفى الراحل مصطفى أمين، الذى تفتق ذهنه عن فكرة غير مسبوقة تجذب القارئ إلى الحوارات الصحفية، لذلك سارع بالاتصال بالنجمة السينمائية الراحلة «هند رستم» ليخبرها بأن مجلة آخر ساعة عرضت على الأديب الكبير «عباس محمود العقاد» اختيار إحدى نجمات السينما لتجرى معه حوارا صحفيا ينشر على صفحات المجلة، وأن المجلة عرضت على «العقاد» أسماء فاتن حمامة، ومديحة يسرى، وهند رستم فاختار الأخيرة لتجرى معه هذا الحوار.
للوهلة الأولى شعرت «ملكة الإغراء» بالفخر والخوف، وسألت نفسها كيف ستجلس فى حضرة هذا العملاق الذى كان اسمه ملء السمع والبصر؟، وهى لم يسبق لها أن قابلته فكيف ستجرى حوارًا معه؟، إلا أن فخرها تفوق على خوفها لتستعد للقاء «الأديب الكبير» بمجموعة من الأسئلة حول الفن والأدب، وذهبت إلى الأديب الكبير فى الموعد المحدد ومعها المحرر الصحفى «كمال سعد» الذى وثق كواليس ما دار فى اللقاء ومصور مجلة آخر ساعة.
وحول كواليس أول لقاء بين «النجمة والعملاق، تقول «هند»: «فى يوم لا أنساه اتصل بى الأستاذ مصطفى أمين، وأبلغنى بأن العقاد اختارنى أنا تحديدا لزيارته وإجراء مقابلة صحفية معه، وأذهلنى الخبر، وقلت لنفسى غير مصدقة: أنا، العقاد اختارنى لأحاوره، كان العقاد فى هذا الوقت ملء السمع والأبصار والأفئدة، وله فى نفوس الناس منزلة عظيمة، فهو كاتب ومفكر وله تاريخه ونضاله وآراؤه الشهيرة، وعرفت فيما بعد أن مجلة «آخر ساعة» عرضت على العقاد 5 نجمات من ألمع نجمات السينما المصرية وقتها، ليختار واحدة منهن تقوم بزيارته فى منزله لتجرى معه حديثًا صحفيًا تنشره المجلة، واختارنى الرجل من بين هذه الأسماء، وتم تحديد موعد لإجراء هذا اللقاء».
وعن تفاصيل الاستعداد لهذا اللقاء، قالت هند رستم: «أخذت فى الاستعداد لهذه المقابلة التاريخية، كنت ذاهبة وكأنى ذاهبة لملاقاة أحد الملوك العظام، بل من هو أعظم من الملوك وأكثر خلودًا، فهو الأستاذ العقاد هرم مصر الرابع، والرجل الذى يجلس على قمة تجارب البشرية وأفكارها، وأحضرت مجموعة منتقاة من كتب العقاد لأقرأها قبل ملاقاته حتى أتعرف على فكره وفلسفته وآرائه عن قرب، وأخذت فى الاستعداد لكل شىء، طريقة جلوسى، الموضوعات التى سأتحدث معه فيها، الملابس التى سأرتديها، بل كيف سأسلم عليه، ونحن فى الطريق لمنزل العقاد، قلت لمرافقى من آخر ساعة: أنا مش هروح الميعاد ده، قال: مش ممكن، وقلت له: قل له هند تعبت، حصل لها ظرف، أو حتى قل له ماتت»، أخذ مرافقى فى تهدئتى حتى وصلنا لمنزل الأستاذ، وكانت المفاجأة أنه نزل بنفسه ليستقبلنا تحت منزله، ومنذ أول لحظة وعلى الرغم من تقدمه فى العمر، إلا أننى شعرت بالكبرياء الشديدة التى تملأ نفسه».
وعن لحظة تواجدها بحضرة الأستاذ وبدء حديثهما الصحفى، تقول «هند»: « فاجأنى بقوله لى: تعرفى إنك نجمتى المفضلة، قلت والذهول يعقد لسانى: أنا؟! للدرجة دى يا أستاذ؟! قال: أنا اكتشفت دلوقتى أن الأصل أروع كثيرًا من الصورة، يا أستاذة هند أنت أقرب واحدة لشكل وتركيبة سارة بطلة روايتى الشهيرة، بس إنتى عصبية شوية، وأنا أرشحك لتمثيل دورها فى السينما».
تتابع «هند»: «دار حديثنا حول موضوعات شتى، أذكر منها دورى فى فيلم شفيقة القبطية «مارلين مونرو» والإغراء، وقال لى عن « مونرو» إن أمها كانت مجنونة، وهى كان عندها شعور بالنقص، فكانت تعوض ذلك بالمبالغة فى إظهار أنوثتها، وفجر مفاجأة جديدة عندما قال: أنا أحب المرأة جدًا، وعندى إيمان بالحب والعاطفة، وموضوع إنى عدو للمرأة ده كلام فارغ، غير صحيح، وفى وسط الحديث قلت له: أنا نفسى أزور بيت الله، هل ينفع إنى أروح أحج، وأرجع اشتغل فى السينما تانى؟، فرد بحماس: طبعًا ينفع، مين قال إن فن التمثيل حرام؟، أنا رأيى الشخصى إن التمثيل مش حرام، الحرام هو الخلاعة والابتذال سواء فى التمثيل أو فى غيره، وتشعب الحوار وامتد لأربع ساعات، بعد أن قدرت أنه لن يزيد على نصف الساعة، وخرجت من بيت العقاد وقد ازددت إيمانًا بعظمة الرجل وشموخه».
السندريلا ويوسف السباعى.. وحوار حول الكوميديا
جمع لقاء تليفزيونى نادر عرضه التليفزيون المصرى مؤخرا بين الأديب الراحل «يوسف السباعى» والفنانة الاحلى «سعاد حسنى» حيث تطرق «السباعى» ضمن الحوار إلى دور الفنانة سعاد حسنى فى فيلم « للرجال فقط»، قائلا إنها تملك موهبة كوميدية ليست متوفرة فى معظم النجوم فلماذا لا تواصل تقديم مثل هذه الأدوار لتقول «السندريلا»، إنها تفضل الأدوار الكوميدية فى السينما ومثلت كثيرا منها وتم انتقادها لأنها تقوم بالكثير من الأدوار الكوميدية.
لفتت «سعاد حسنى» إلى أنها تقوم بالدور الكوميدى المعتمد على الكوميدى بالحديث وليس الحركة وأن الكوميدى المعتمد على الحركة نجح فيه كل من الفنان فؤاد المهندس ومحمد عوض على عكس ما تؤديه، وأشارت إلى أنها قررت التقليل من أدوار الكوميدى وانتقالها للأدوار الدرامية والتراجيدية بعد تألقها فى عدد من الأعمال التى حصلت على عدد من الجوائز عنها، وأبدت رغبتها فى عمل أفلام استعراضية أخرى».
وسألت «السندريلا» الأديب الكبير عن أجواء الكتابة التى يحبها فقال : «إنه لا يكتب فى مكان معين لكن كل ما يريده أن يجلس فى غرفة مغلقة حتى لا يقاطعه أحد أثناء الكتابة، لأن كل تركيزه يكون منصبا على ما يكتب، فالجو الذى يعيش فيه هو الجو الداخلى للرواية وليس الجو الخارجي»، لافتا إلى أنه، «كتب معظم روايته فوق السطوح»، متطرقا إلى روايته «السقا مات» وكيف إنه استعان بـ «سقا» حقيقى ليحصل منه على تفاصيل عمله وكيف يستخدم «قربة الماء»، وكيف ساعدته الفترة التى عاشها فى منطقة السيدة زينب الشعبية على أن يكتب هذه الرواية».
رغدة تحاور أديب نوبل
أما الفنانة السورية «رغدة» والتى يطلق عليها «جميلة برج القوس» و «حلوة العينين» والتى كانت قد صرحت بأن حلمها لم يكن التمثيل، وكانت تتمنى أن تصبح كاتبة مثل «غادة السمان» و «فدوى طوقان» وتلقب نفسها «بنت الشهباء» كتعبير عن أصولها الحلبية، وكتبت فى مجلات ثقافية أبرزها «دبى الثقافية» وكانت تربطها علاقة صداقة بعدد كبير من كتاب ومثقفى «سوريا» والعالم العربى أمثال «محمد الماغوط؛ و«محمود درويش» و«سميح القاسم» والشاعر «صلاح عبدالصبور» وغيرهم الكثير وكانت حريصة على حضور المجالس الأدبية، فقد اختارها أديب نوبل الراحل « نجيب محفوظ» لتجرى معه حوارا صحفيا، حيث قالت مجلة «نورا» فى عددها الصادر عام 1988، أن الأديب الراحل، والفائز بجائزة نوبل فى الآداب، لما طلب منه فى ذلك الوقت، ترشيح اسم يحاوره فى لقاء تليفزيونى، اختار الفنانة السورية «رغدة»، باعتبارها النجمة الشابة التى جسدت إحدى بطلات رواياته فى عمل تليفزيونى بعنوان «عصر الحب».
ولم يكن ذلك اللقاء هو الأول، الذى دار بين العالمى والحسناء، حيث جمعهما لقاء سابق فى مكتبه بمؤسسة الأهرام الصحفية، بعد إذاعة المسلسل سالف الذكر، إلا أن اللقاء الآخر كان دسما، ومليئا بالحكايات واستمر لفترة طويلة، وعبر فيه نجيب عن إعجابه بالفنانة رغدة قائلا: «خطفتنى قبل ذلك لقد ركزت اهتمامى عليك فى مسلسل «عصر الحب» الذى كنت وأنت تمثليه بسيطة ومقنعة إلى أبعد الحدود، وكنت أراك لأول مرة فى عمل فنى وتنبأت لك بمستقبل طيب، وقد ساءنى ألا يكون فيلم «عصر الحب» على نفس المستوى وخاصة بالنسبة لتمثيلك وزميلك محمد وفيق».
وفق مجلة « نورا» فقد خاطب «محفوظ» «رغدة « قائلاً: «على فكرة يا رغدة، كنت أتمنى مشاهدة مسرحيتك «سالومي» حين عرضت، ولكنى ولظروف صحية تمنعنى من السهر لم أستطع»، وردت عليه: «أنا على استعداد لان أقدمها لك فى حفلة خاصة، متى أمرت.. فإن مشاهدتك لها شرف كبير لى».
وضمن الحوار التلفزيونى سألت «رغدة» «محفوظ»: «أستاذ نجيب هل من بقعة ضوء تحت شمس جائزتك لأطفال جنوب لبنان وأطفال الحجارة؟» ، صمت طويلا ثم نظر إليها وقال: «بلى، فأنا فى طريقى لكتابة رواية جديدة عن أحداث ثورة الحجارة، ولا أحب أن اسميها انتفاضة، لأنها ثورة حقيقية بكل معنى الكلمة، وكذلك عن أطفال لبنان، وعلى وجه الخصوص أطفال الجنوب».
وربما لا يعرف كثيرون أن الفنانة «رغدة» جاءت إلى مصر لعدة أسباب، منها اغتيال الشيخ الشامي، وهو الشيخ الصوفى الذى تتلمذت على يديه فى سوريا وحرب الإخوان ضدها، والصعوبات الأمنية الكثيرة التى واجهتها، كل ذلك ساهم باتخاذها القرار بالذهاب إلى مصر، إذ لم يعد هناك ما أفعله هنا - وفق تصريحات لها.
تتابع «رغدة» : «فى القاهرة بدأت عملى كمتدربة فى مؤسسة «الهلال» العريقة بـ 17 جنيها شهريا، أمضيت فيها سنوات طويلة تعرفت خلالها على قامات الأدب العربي: نجيب محفوظ ويوسف إدريس وصلاح عبدالصبور وأمل دنقل وغيرهم.. وصرت تلميذتهم .. كانوا أناسا دافئين ممتلئين.
تضيف «رغدة»:» ومن الهلال المصرية إلى الشرق الأوسط السعودية والحياة اللندنية والكثير من الصحف المصرية، أمضيت وقتا طويلا فى عالم الصحافة، كتبت فى السياسة والمجتمع والأدب والفن، أما الشعر فقد كان رفيقى منذ طفولتى، وأصدرت ديوانين منه».
كما كان للفنانة «رغدة» حوار تليفزيونى آخر مهم مع الشاعر السورى الكبير «محمد الماغوط» وهو الحوار الذى نشرت كواليسه عدة مجلات سورية، حيث وصف «الماغوط» النجمة «رغدة» قائلا «مثقفة، جميلة، طموحة» خلال شهادة له عنها أطلقها فى تسعينات القرن الماضى، واستعادتها قناة «سوريا دراما» فى برنامج «تذكروا معى».
تقول المجلات السورية : «السهرة الخاصة مع الفنانة «رغدة» كانت قد صورت قبل أكثر من 20 عاما، وقال فيها «الماغوط» مقدما شهادته عنها: «أول مرة التقينا بفيلم الحدود، كان الانطباع الأول جميلا جدا».
هند رستم وعباس العقاد