مسئولوها يتحدون بزيادة دعاية الدواء المحظور على فيسبوك
استجابة لتحقيق «صوت الأمة».. حملة أمنية لتحريز الأدوية المخدرة بشركة «يوتوبيا»
السبت، 14 سبتمبر 2019 11:00 مهبة جعفر
- الدواء المنتج من الشركة يتضمن مادة مخدرة تؤدى للإدمان
- الشركة تقوم بالترويج لمنتجات وأدوية مغشوشة ومجهولة المصدر
«صحة المصريين غالية علينا».. عبارة أكدها الرئيس عبدالفتاح السيسى من خلال الحملات الصحية التى أطلقها، والتى تضمنت حملة 100 مليون صحة والكشف عن مرض فيروس سى والكشف عن أورام الثدى، والكشف على طلاب المدارس، وهو ما يعنى أنه لن يتهاون فى صحة المواطنين واتخاذ الإجراءات الصارمة تجاه كل من يتلاعب بحياة الناس، خاصة بعض شركات الأدوية التى اتخذت من الفراغ الإلكترونى وسيلة للدعاية لبعض الأدوية التى تحتوى على مادة «البريجابالين» ومنها «ليريكا» و«ليرولين»، رغم وضعهما على جدول المواد المخدرة المحظور صرفها إلا بروشتة من الطبيب وبكميات معينة.
وبعد أن كشفت «صوت الأمة» من خلال تحقيقها الصحفى المنشور بعددها الصادر بتاريخ 23 أغسطس الماضى بعنوان «شركتا دواء تروجان لمنتجات مخدرة على مواقع التواصل بالمخالفة للقانون» وقيام شركتى إيفا فارما ويوتوبيا للأدوية بالترويج للأدوية المحظور تداولها عبر صفحات على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، مستغلتين ضعف الرقابة الإلكترونية، استجابت وزارة الداخلية لما تم نشره فى التحقيق الصحفى، وأشارت إلى قيام شركتى أدوية بترويج منتجات طبية تم إدراجها على قوائم جدول المخدرات عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك».
وفى خطاب لقطاع الإعلام والعلاقات بوزارة الداخلية، قال: إن قطاع نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتنسيق مع الجهات المعنية يقوم بمتابعة شبكة الإنترنت بصورة دائمة لرصد ومكافحة كل الجرائم التى تتم عبر الإنترنت، وقد أسفرت تلك المتابعات خلال الآونة الأخيرة عن ضبط 38 متهما يديرون 38 صفحة وحسابا خاصا تقوم بالترويج لمنتجات وأدوية مغشوشة أو مجهولة المصدر بشبكة الإنترنت والسيطرة على تلك الصفحات ومنعها من الاستمرار فى ممارسة نشاطها الضار بصحة المواطنين، واتخاذ الإجراءات القانونية حيال القائمين عليها وتم ضبطهم وبحيازتهم كميات كبيرة من الأدوية المغشوشة ومجهولة المصدر والأدوية المستوردة غير الحاصلة على ترخيص من وزارة الصحة.
وعلى الفور وبعد الحملة التى قامت بها وزارة الداخلية قامت شركة إيفا فارما بإزالة المنشورات التى تروج للأدوية المحظور تداولها، كما تم رفع كل الإعلانات التى كانت تروج لأدوية غير مصرح بتداولها بالمخالفة لقانون الدعاية والإعلان، فى المقابل أصرت شركة يوتوبيا على موقفها ولم تتراجع عن موقفها وما زالت المنشورات التى تروج للأدوية غير المصرح بتداولها موجودة على صفحتها الإلكترونية على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك».
وقد حاولت الشركة الدفاع عن الدواء المعلن عنه تحت اسم دولوكسبرين كبسولات مسكن قوى وفعال لالتهاب الأعصاب، ورغم أن جميع التعليقات على المنشورات جاءت لتؤكد أن الدواء يتضمن مادة مخدرة تؤدى للإدمان وأن الدواء مجرد بديل لـ«ليريكا وليرولين»، حيث علق أحمد شاهين، قائلا: «عقبال ما يدخل جدول يوتوبيا كمان»، فيما قال محمد على: «هو مسموح بعمل إعلانات على الأدوية فى مصر بخلاف المسكنات»، لترد الشركة بأن الصفحة موجهة للأطباء والصيادلة وليست للمرضى، رغم أن أحد المرضى علق قائلا: هل الدواء متوفر فى الصيدليات؟ لترد شركة يوتوبيا بأنه متوفر فى الصيدليات وشركات التوزيع وتحت الإشراف الطبى.
أما عماد أنور فأوضح: «كل دا علشان الليريكا دخل جدول»، ليكن رد الشركة واحدا على كل التعليقات، بأن الديلوكستين لا يسبب الإدمان ويحتوى على مادة الديلوكستين الفعالة والآمنة فى علاج التهاب الأعصاب الطرفية ويستخدم تحت إشراف طبى.
وكشفت ردود شركة يوتوبيا عن استمرارها فى مخالفة القانون وبث إعلانات لأدوية تؤدى للإدمان دون مراعاة للضمير المهنى أو صحة المرضى. ومن جانبه أوضح الصيدلى هانى سامح، أن فوضى مزاولة مهنة الدعاية الدوائية من قبل غير الصيادلة تسببت فى قيام شركتين بمحاولة استقطاب المدمنين إلى استخدام «الجابابنتين» رغم كونه أيضا يسبب الانتحار ورغم خضوعه لضوابط صرف مشددة عالميا وتسببه فى 31% من حالات الوفاة بسبب إدمان الأدوية فى اسكتلندا خلال عام واحد.
وأوضح أن المستحضر المعلن عنه (جابابنتين) يسبب الأفكار والميول الانتحارية وحدوث حالات الموت المتزايد بسبب تعاطيه وفقا لمنظمة الأغذية والأدوية الأمريكية والمرجعيات الدوائية، وقد خضع الدواء لضوابط صرف مشدد أوروبيا وأمريكيا، حيث نشرت الحكومة الاسكتلندية تقريرا رسميا نسبت فيه أن 31% من حالات الوفاة بسبب الأدوية فى عام 2018 إلى المادة المعلن عنها جابابنتين.
وأضاف أن الشركة ترتكب مخالفة لقانون 206 لسنة 2017 بشأن تنظيم الإعلان عن المنتجات والخدمات الصحية، والقانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وقد نصت المادة 2 على «يحظر الإعلان بأية وسيلة عن أى منتج صحى أو خدمة صحية دون الحصول على ترخيص بذلك من اللجنة المختصة حتى لو كان مكتبا علميا»، كما أن المادة 3 تنص على «تشكل بقرار من رئيس مجلس الوزراء لجنة عليا تختص بمنح الترخيص بالإعلان عن أى منتج صحى أو خدمة صحية، وتكون برئاسة وزير الصحة أو من ينوب عنه وتضم فى تشكيلها ممثلين عن وزارات الصحة والسكان، والتموين، والداخلية، والعدل، ونقابات الإعلام والأطباء والصيادلة، وممثل عن جهاز حماية المستهلك».
أما المادة 4 فتقول «إن اللجنة تختص بمطالعة ومراجعة مضمون الإعلان ومحتواه، وعليها أن تتأكد من استيفاء المنتج الصحى أو الخدمة الصحية المعلن عنها إجراءات الترخيص والتداول المنصوص عليها فى القوانين والقرارات، وعلى الأخص: القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة، والقانون رقم 153 لسنة 2004 بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية، وكافة الاشتراطات والإجراءات المطلوبة.
كما يكون عليها أن تتأكد من عدم مخالفة الإعلان للنظام العام أو الآداب العامة، وتصدر اللجنة قراراتها فى شأن قبول الإعلان أو رفضه بأغلبية عدد أعضائها، وتخطر طالب الإعلان بقرارها خلال موعد أقصاه أسبوعين من تاريخ تقديم الطلب إليها وتكون قراراتها ملزمة لأى مكتب علمى وفق التعريف المنصوص عليه فى هذا القانون، كما نصت المادة 7 على أنه مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد منصوص عليها فى أى قانون آخر، يعاقب بالحبس لمدة لا تقل عن شهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يعلن أو يسمح بالإعلان عن أى منتج صحى أو خدمة صحية بغير ترخيص بذلك من اللجنة المختصة المنصوص عليها فى المادة (3) من هذا القانون، وتكون العقوبة هى السجن والغرامة التى لا تقل عن مائتى ألف جنيه ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه إذا ترتب على استخدام المنتج أو الخدمة العلمية المعلن عنها الوفاة أو الإصابة بعاهة مستديمة.
ويعاقب بذات العقوبة المسئول عن الإدارة الفعلية للشخص الاعتبارى حال ثبوت علمه بالفعل الإجرامى، ويكون الشخص الاعتبارى مسئولا بالتضامن عن الوفاء بما يحكم به من عقوبات مالية وتعويضات، ومع عدم الإخلال بحقوق الغير حسنى النية، ويحكم فى جميع الأحوال بمصادرة المنتجات والأموال والأشياء المستخدمة فى الجريمة.
وطالب الصيدلى سامح هانى، باتخاذ اللازم حيال حماية المواطنين والعائلات من مخاطر الإدمان والتحقيق فى الوقائع المرتكبة من الشركتين وإحالتهما للنيابة العامة وفقا للقانون 206 لسنة 2017 بشأن إصدار قانون تنظيم الإعلان عن المنتجات والخدمات الصحية والقانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات والمعاقب على فعل الشركتين المؤثم بعقوبة السجن.
وفى ذات السياق اتخذت الإدارة المركزية للصيدلة بوزارة الصحة والسكان، خطوات سريعة لتنفيذ قرار الوزارة بإدراج مادة «بريجابالين» إلى جدول المخدرات ليتم منع تداول المستحضرات الدوائية التى تحتوى على تلك المادة. يأتى ذلك بعد دخول القرار حيز التنفيذ بنشره فى الجريدة الرسمية بالعدد رقم (191) بتاريخ 28 أغسطس الحالى، وبدء العمل به من اليوم.
كما وجّهت الإدارة المركزية للصيدلة، وكلاء وزارة الصحة فى المحافظات، بضرورة التفتيش على شركات التوزيع وحصر الكميات الموجودة من مادة «بريجابالين»، على أن تتم إعادة تسليمها إلى المصنع وإلزامهم برجوع المستحضرات من المادة للشركات، لإعادة توزيعها من خلال الشركة المصرية لتجارة الأدوية.
كما وجّهت الإدارة المركزية للصيدلة بالتفتيش على جميع مخازن التوزيع وتحريز الكميات من المستحضرات التى تحتوى على مادة «بريجابالين»، وإلزام مخازن التوزيع بإرجاع الكميات إلى الشركات المنتجة مع وجود ما يفيد باستلام الشركات المنتجة لهذه المستحضرات.
ويتم التفتيش على جميع الصيدليات وعمل حصر بالمستحضرات التى تحتوى على مادة «بريجابالين»، والتأكد من الالتزام بقيد الكميات الموجودة، والالتزام بقواعد صرف الجدول الأول طبقا لقرار وزير الصحة، بتنظيم تداول الأدوية المؤثرة على الحالة النفسية.
كما خصصت الوزارة خطا ساخنا لمعالجة جميع مدمنى مادة البريجابالين الموجودة فى أدوية «ليرولين وليريكا»، وطالبتهم باللجوء إلى مستشفياتها المنتشرة فى عدد من محافظات الجمهورية، بعد إدخالها فى «جدول المخدرات»، متعهدة بالحفاظ على سرية وخصوصية بيانات المواطنين المتقدمين لتلقى العلاج فى المستشفيات، حيث ستتم معاملتهم باعتبارهم «مرضى».