باتت وسائل التواصل الاجتماعى سلاحا مسلطًا على الدول، من خلالها تنحر الرقاب، وتصدر الفتاوى، وتنتهك خصوصية الأمن القومى للبلدان، وفى بعض الأحيان - البلدان الضعيفة - يفلت الأمن والاستقرار بسبب «تغريدة» أو «بوست»، كاذب شكلا ومضمونا.
جماعة الإخوان الإرهابية، احترفت استخدام أدوات حروب الجيلين «الرابع والخامس»، وتشويه الواقع وغمس الحقائق بالأكاذيب، حتى تضرب صفوف المصريين، وتهدد الأمن القومى للبلاد، والذى يمثل الأولوية الأولى للبلاد، إضافة إلى تأليب المواطنين على بعضهم البعض.
مؤخرا تم توثيق أكثر من محاولة للإرهابية، أثناء محاولتها تضليل المصريين، عبر منصاتها الإلكترونية، المستترة- والتى فى مضمونها صفحات فكاهية وهزلية، وفى واقعها صفحات تديرها الجماعة عن بُعد لتأليب المصريين على بعضهم البعض-، ورغم فشل تلك الصفحات فى مهمتها الرئيسية، وافتضاح أمرها، فإن الواقع يشير إلى أن هناك العديد من الصفحات المستترة والتى لم يفتضح أمرها حتى الآن.
«الحرص على كل المصريين».. هذا ما أكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة وفعالية، ولعل هذه العبارة جاءت واضحة وصريحة فى مارس الماضى خلال مداخلة له فى الندوة التثقيفية الـ30 بمناسبة يوم الشهيد، مشيرًا إلى مخاطر السوشيال ميديا عند توظيفها سلبيًا من بعض الفئات.
الرئيس حذر أيضًا وبشكل مباشر من «علم تدمير الدول»، وما يُمثله من مخاطر على الأمن القومى للدولة، فى ديسمبر من العام الماضى 2018 خلال كلمة ألقاها أمام طلبة الكلية الحربية.
«علم تدمير الدول» يتضمن حروب الجيلين الرابع والخامس التى تعتمد بشكل رئيسى على وسائل الإعلام الجديد، من خلال شبكة الإنترنت والسوشيال ميديا، فى محاولة مستمرة إلى إحداث الوقيعة والخلل فى العلاقة بين الدولة ونظامها السياسى وشرائح المجتمع كافة، من خلال تغذية العقول بشائعات ومعلومات مغلوطة لا تستند على أية حقائق تسعى فقط إلى تشويه صورة الدولة ونظامها.
وحرب الجيل الرابع، (Fourth Generation War 4GW) هى الحرب غير المتماثلة التى لا تكون بين جيش وآخر، ولكن تستخدم فيها الوسائل والأدوات المتاحة ضد الدولة لإضعافها وإنهاكها وإجبارها على تنفيذ إرادتها دون تحريك جندى واحد، حيث توظف الإعلام والاقتصاد والرأى العام وبعض مواطنى الدولة المستهدفة من هواة الشهرة أو أصحاب الأطماع باختيار نقاط ضعيفة يتم النفاذ منها.
وقد استخدم مفهوم حروب الجيل الرابع فى عام (1989) من قبل الأمريكى وليام ليند وفرق بينها وبين حرب الجيل الأول التقليدية، والثانى التى تقع بين دولة ولا دولة، والجيل الثالث هى الحرب الوقائية أو الاستباقية وطورها الجيش الألمانى فى الحرب العالمية الثانية، وأيضا الحرب الأمريكية على العراق، أما حروب الجيل الرابع والخامس فهى حسب تعريف البروفيسور ماكس مانوارينج الأستاذ الباحث فى الاستراتيجية العسكرية الأمريكية فى تستخدم فيها كل الوسائل المتاحة لخلق دولة ضعيفة منهكة تستجيب للنفوذ الخارجى باستخدام مواطنى الدولة العدو «فسيستيقظ عدوك ميتا».
وهناك وسائل تستخدم فى حروب الجيل الرابع أهمها: - الإرهاب والمنظمات والجماعات والخلايا الإرهابية وتوجيها واستخدام تكتيكات حرب العصابات، لتحقيق الأهداف المراد منها.
- استخدام الحرب النفسية والذهنية المتطورة وأدواتها الإعلام والإنترنت والتلاعب النفسى وتحريك الرأى العام.
- استغلال الضغوط السياسية والاقتصادية.
ـ توظيف تكنولوجيا المعلومات وتشكيل الجيوش السبرانية، لتشكل وسائل لهذه الحرب لم يكن من الممكن الحصول عليها سابقاً.
كل هذه الوسائل تأتى فى سبيل إخضاع الدولة المستهدفة عن طريق جعلها دولة فاشلة ومنهكة وضعيفة، تستجيب للضغوطات والتدخلات الخارجية وتكون أرض صالحة للنفوذ والسيطرة.
وفى إطار ما نعيشه من تطور سريع وملحوظ فى عالم التكنولوجيا والتقنيات الحديثة بدأ الأعداء فى الاعتماد على آلياتها ووسائلها بشكل أكبر من الأسلحة والترتيب لعمليات إرهابية وما إلى ذلك؛ لما تتميز به من تكلفة أقل بكثير سواء على المستوى المادى أو البشرى، كما أنها وسيلة أسرع وأسهل لتحقيق اهدافهم الخبيثة.
كما تساعد تلك التقنيات الحديثة بعض من وسائل الإعلام التقليدى التى تمولها قوى مغرضة لها أهداف وطموحات توسعية فى المنطقة، تبدأ من محاولاتها المستميتة فى إسقاط الدولة المصرية، لما تتميز به من قوة وتأثير فى الشرق الأوسط ولاسيما العالم بأكمله، فمصر طالما كانت بمثابة «عمود الخيمة» لاستقرار وأمن المنطقة وشعوبها.
ربما أهمية مصر على مدار التاريخ ودورها الفاعل دائمًا فى قضايا المنطقة الاستراتيجية والحيوية هى السبب الرئيسى فى استمرار المحاولات الهادفة لتدميرها وإسقاطها، ولعل هذه الوتيرة باتت مُتسارعة وواضحة للعيان منذ أحداث ثورات الربيع العربى فى عام 2011، وأيضًا ثورة 30 يونيو فى عام 2013 لما قام به الجيش المصرى ومؤسسات الدولة الوطنية من انحياز إلى خيارات الشعب المصرى، والوقوف بجانبه للحفاظ على أمن واستقرار البلاد.
ولا يزال استهداف أمن مصر ونظامها مستمرًا من خلال تجنيد أفراد من أبناء البلد وتوظيفهم فى محاولات تشويه الإدارة المصرية وتشكيك الشعب فى قيادته ودوره البارز فى حمايته، وهو ما يتوافق مع مفهوم الحروب الحديثة من خلال الوسائل التقنية التى تُعد فلسفة أمريكية تقوم فى الأساس على أن يحارب أبناء البلد الواحد أنفسهم بأنفسهم دون أى تدخل خارجى من جيوش، فهى تكتفى بالاستيلاء على عقول الشباب وغيره من الفئات عبر وسائل الاعلام الجديد وإشاعة السخرية والاستهار من الرموز الوطنية أو الدينية، وبثّ ما تريده من أفكار وتوجهات على مدار أشهر وسنوات دون أى عناء أو تكلفة تُذكر.
ومن الواضح من خلال ما نراه ونتابعه من حين إلى آخر عبر السوشيال ميديا، إلى جانب حليفتها من قنوات ممولة من جهات أصبحت لا تخفى على أحد؛ أن استهداف الجيش المصرى وغيره من جهات أمنية وطنية أصبح نهجًا لهؤلاء المغرضين لما بين الشعب والجيش من علاقة وطيدة على مرّ العصور والتاريخ، خاصة بعد نجاحه فى حماية الشعب المصرى من حكم جماعة الإخوان الإرهابية فى عام 2013 فى ثورة 30 يونيو، وما تلا ذلك من عمليات أمنية ناجحة لمواجهة الإرهاب ودحر أوكاره وخاصة فى منطقة سيناء.
ويكشف التناغم الإعلامى المُوجه من حيث المادة المسيئة للجيش المصرى وغيره من الأجهزة الأمنية بمصر التى يعمل على الترويج لها وتوقيتها الذى يكون متزامنًا بشكل ملحوظ على مدار السنوات الأخيرة؛ الأهداف المشبوهة لتلك القوى التى تُحرك تلك المنظومة الإعلامية وأفرادها المستأجرين.
ومع كل إنجاز لمصر وجيشها تزداد وتيرة الإساءات من الوسائل والأشخاص أنفسهم من خلال الترويج لأكاذيب وشائعات ينكشف مع مرور الوقت حقيقتها أمام العيان، ما يفضح ما تعانيه الأطراف المُحركة لتلك المعلومات المغلوطة من «عقدة النقص».
وعلى الرغم ما يواجه النظام المصرى من مهام صعبة تقع على عاتقه فى حماية الأمن القومى المصرى والمنطقة بأكملها إلا أنه بدا فى التعامل مع تلك الشائعات والزيف بشكل واقعى من خلال الردّ بالمعلومات والأدلة والأرقام، وتحولت محاولات الوقيعة بين الإدارة المصرية وشعبها إلى أمر إيجابى، حيث أصبح الشعب المصرى أكثر وعيًا لأساليب السوشيال ميديا وغيرها من وسائل إعلامية مُغرضة، وبدأ هو فى مواجهتها والردّ عليها أو تجاهلها من الأساس.
كيف يمكننا مواجهة الأعداء فى عصر حروب الجيلين الرابع والخامس؟1- دراسة طرق المواجهة بشكل جيد للوقوف على آلية مناسبة.
2- الاستثمار فى العنصر البشرى فى مجالات تطوير البرمجيات ونظم الحماية.
3- العمل على مشروع وطنى لحماية البنية المعلوماتية من الاختراق.
4- تفعيل استراتيجية الأمن السيبرانى فى شكل استراتيجية قومية لمواجهة الأخطار.
5- العمل على رفع الوعى المجتمعى لما نواجهه من حروب سيبرانية.
6- تدريس علم تدمير الدول وما يُمثله من خطر على الأمن القومى فى الجامعات.
7- وضع خطة للتعامل مع السوشيال ميديا وفرض الذات عليها لمواجهة الأعداء بالسلاح نفسه.
هكذا تعمل آلة استهداف الأمن القومى المصرى
1- العمل على التشكيك فى دور الجهات الأمنية والوطنية بوتيرة منتظمة.
2- استخدام وسائل الإعلام الجديدة كقوة ناعمة فى التأثير على عقول المُتلقين.
3- إفراز وجوه جديدة من حين إلى آخر يتم استئجارها للهجوم على الجيش المصرى وغيره من المؤسسات الوطنية.
4- تجنيد المرتزقة وتوظيهم للعمل فى لجان إلكترونية تبث الشائعات عبر السوشيال ميديا.
5- الاستعانة بخبراء وهميين أو هاربين من أحكام القضاء المصرى للإدلاء بتحليلات خاطئة حول حقيقة الأوضاع فى مصر.
6- استغلال حسابات المنابر الإعلامية المشبوهة عبر «السوشيال ميديا» للترويج لمعلومات مغلوطة.
7- استغلال الدين لإثارة العاطفة لدى الرأى العام.
8- العمل على إلقاء شعارات تُقلل من قيمة إنجازات المؤسسات المصرية.
9- تشويه الأرقام الاقتصادية التى تشير إلى أن مصر على الطريق السليم والتشكيك فى صحتها.
10- محاولة إقناع الرأى العام بأن الأوضاع فى مصر غير مستقرة وأن هناك غضب شعبى.