فى مفاجأة من العيار الثقيل كشفت العديد من الدراسات والأبحاث كان آخرها الصادر عن مركز "بيو للأبحاث" الأمريكى المتخصص فى الإحصائيات الديموجرافية، فى عام 2015، أن 84% من سكان الكرة الأرضية ينتمون لأديان مختلفة، و16% فقط لا ينتمون لأديان، وكشفت تلك الدراسة أن عدد سكان الكرة الأرضية وصل إلى 7 مليار و647 مليون نسمة، ما يعنى أن 6.4 مليار تقريبا منهم ينتمون إلى أديان مختلفة، و1.2 مليار فقط لاينتمون إلى ديانات.
يذكر أنه مدار السنوات العشر الأخيرة، كانت النسبة الأكبر من الأحاديث والنقاشات حول الأديان فى وسائل الإعلام إقليميا وعالميا، تصدر لمتابعيها أن البشرية تتجه بقوة إلى الإلحاد واللادينية، لدرجة أن كثير من شيوخ الدين الإسلامى والديانات السماوية بشكل عام، اتجهوا فى أحاديثهم ودراساتهم إلى التخصص فى الرد على الملحدين والشبهات التى تثار حول الأديان طيلة الوقت، إضافة إلى تخصيص ساعات طويلة من البرامج والندوات للحديث عن خطورة تزايد وانتشار الإلحاد، وخاصة فى المنطقة العربية، لكن هل يعنى ذلك أن الأديان فى تراجع، أو أن خريطة انتشارها فى العالم تغيرت، وما هى أعداد المنتمين للأديان عالميا، وأكثر تلك الأديان انتشارا، ونسبتهم لبعض
البحث فى الأرقام والإحصائيات المتعلقة بخريطة الأديان والانتماءات الدينية فى العالم تشير إلى واقع مختلف على الإطلاق
ترتيب الديانات من حيث الأكثرية العددية
وعلى مستوى تصنيف الديانات من حيث الأوسع انتشارا، تأتى الديانة المسيحية فى المستوى الأول، حيث يؤمن بها وفق الأرقام التقديرية لتلك الدراسة ودراسات أخرى 2.3 مليار نسمة، بنسبة 31.2% من سكان الأرض، ويأتى بعدها الإسلام فى المرتبة الثانية بـ 1.8 مليار مسلم على مستوى العالم، بنسبة 24.1% من البشرية، فى حين تأتى الديانة الهندوسية فى المرتبة الثالثة ويدين بها 1.1 مليار نسمة مايعادل 15% من العالم.
وتمثل تلك الديانات التكتلات المليارية التى يتخطى المؤمنين بها أكتر من مليار متدين، فى حيث تأتى باقى الديانات بأعداد أقل من المليار نسمة، ففى المرتبة الرابعة تأتى الديانة البوذية بـ 500 مليون بوذى، كما رصدت الدراسة فى المراتب اللاحقة من الترتيب أن هناك 400 مليون شخص فى العالم بنسبة 6% يمارسون طقوسا وديانات تقليدية، و58 مليون شخصيا يدينون بديانات أخرى مثل السيخية والبهائية، أما الديانة اليهودية فجاء المؤمنين بها بنسبة 0.2% من سكان العالم بعدد 14 مليون يهودى.
أما من لا ينتمون إلى ديانات على الإطلاق فجاء عدد 1.2 مليار شخص، أى أنه يمكن وضعهم فى المرتبة الثالثة بعد المسيحية والإسلام وفق التصنيف العددى، أما من حيث النسبة الكلية من السكان فنسبتهم 16% من سكان الأرض، ولا تعنى تلك النسبة أن جميعهم ملحدون، خاصة أن الدراسة أكدت أن كثير منهم يؤمنون بوجود إله لكنهم لا يمارسون طقوسا أو شعائر دينية.
احصائية نسب انتشار الاديان
هل كل انتماء عقائدى يسمى "ديانة"؟ وكم عدد الديانات؟
رغم أن العالم به الكثير والكثير من الديانات التى يؤمن فيها أصحابها بآلهة مختلفين إلا أن المنهج العلمى فى البحث والإحصاء للعديد من الدراسات المتعلقة بالأمر وضعت تعريفات محددة لما يطلق عليه ديانة يعتد بها، ومن بين تلك الدراسات الموسوعة المسيحية الرئيسية والتى وضعت قاعدة بأن الديانات الرئيسية لا يجب أن يقل عدد معتنقيها عن 150 ألف شخص، وبناءا على ذلك بلغ عدد الديانات الرئيسية وفق تلك القاعدة 22 ديانة، وهم على ترتيب انتشارهم كالتالى، المسيحية، الإسلام، الهندوسية، مجموعات الملحدين واللادينيين والعلمانيين، والبوذية، الديانة الصينية التقليدية، ديانات محلية بدائية، ديانات إفريقية، السيخية، وهى ديانة هندية يجمع أصحابها بين الإسلام والهندوسية.
الإسلام يتصدر قائمة الأديان الأكثر انتشارا فى 2060
وفى نفس العام الى صدرت فيها دراسة مركز بيو للأبحاث، نشرت جريدة الجارديان البريطانية تقريرا بحثيا يكشف عن دراسات أخرى تفيد بأن الدين الإسلامى هو أكثر الأديان نموا وازديادا فى العدد على مستوى العالم، ويبلغ معدل الزيادة فيه ضعف معدل الزيادة فى عدد المنتمين لباقى الأديان الأخرى.
وكشف التقرير أن الفترة بين عامى 2015، و2060 ستكون نسبة نمو العالم 32%، وسيكون نصيب المسلمين فقط من ذلك النمو 70%، ما سيجعل الدين الإسلامى سيصل فى عدد المنتمين له إلى 3 مليار نسمة فى 2060، ما سيجعله يتخطى تعداد الديانة المسيحية فى تلك الفترة، ويتربع على عرش الديانات الأكثر انتشارا على وجه الأرض.
لماذا يزداد عدد المسلمين فى العالم؟
كما يدعم تلك التوقعات أن معدل أعمار المنتمين للديانات المختلفة يشير أيضا إلى أن متوسط أعمار المسلمين هو الأقل بين كل الديانات، ويبلغ 23 عام للفرد المسلم، فى حين متوسط أعمار أتباع المسيحية 30 عام، والبوذية 34 عام، واليهودية 36 عام.
كما يزيد من دقة تلك الحسابات أيضا، أن معدلات إنجاب النساء المسلمات 2.9 طفل فى حياتها، بينما معدل إنجاب الأم فى الديانات الأخرى لا يتجاوز 2.2 طفل فى حياتها.
الألهة والأديان والأسماء
تتوافق الأديان السماوية، الإبراهيمية، الإسلام والمسيحية واليهودية، على عبادة الله الإله الواحد، أما الديانات غير السماوية فيختلف فيها مفهوم وشكل واسم الإله، ومكانه أيضا، فالديانات الصينية على سبيل المثال تطلق على الإله فى كتبها القديمة اسم "شانج دى" ويعنى "الملك الموجود باللأعلى"، أما الديانات الهندوسية فتعدد ألهتها وأسماءها، مثل "راما، كريشنا، باجافان، شيفا، اشوا".
أما ديانة مثل السخية فتستخدم عدة أسماء ترمز بها إلى ألهها الذى يعتبرونه فوق مستوى فهم البشر، مثل "أكال، بوركا، ايك اونكار" وغيرها من الأسماء التى تعنى فى مفهومها "الإله الحق" و"الاسم الأعلى"، فى حين يؤله أصحاب الديانة البوذية مؤسسها بوذا لدرجة تقديسه.
خريطة التوزيع الجغرافى للأديان
ومن حيث التوزيع الجغرافى للأديان فى العالم، فيعيش 87% من المسيحين فى 157 دولة مسيحية، ويعيش 75% من المسلمين فى منطقة الدول ذات الأغلبية الإسلامية و هى الدول العربية، بينما يتمركز 99% من أبناء الديانات الهندوسية والبوذية فى منطقة أسيا والمحيط الهادئ، فى حين تضم منطقة أسيا الوسطى والمحيط الهادىء 76% من نسبة الأشخاص غير المنتمين لأديان.
أغرب الأديان فى العالم
وعلى الرغم من أن الدين والانتماء الدينى هو أغلى ما يمتكله الإنسان، إلا أن بعض الانتماءات الدينية الجديدة فى العالم قد تشير إلى شىء من الطرافة والغرابة، و من الديانات الغريبة بالعالم هى ديانة القتل الرحيم، والتى أسست لها كنيسة بقيادة كريس كوردا فى ولاية ماساتشوساتس فى الولايات المتحدة، وتقول الكنيسة عن نفسها أن "منظمة تعليمية غير ربحية تسعى لإعادة التوازن بين البشر وباقى الكائنات"، وتؤكد على أربعة أعمدة يقوم عليها إيمانها، وهى الانتحار، الإجهاض، أكل لحوم البشر (فقط إذا كان الشخص ميت منذ البداية)، وأي فعل جنسي لا يهدف إلى التكاثر، من بين الشعارات التي ترفعها المجموعة "اقتل نفسك، أنقذ الكوكب".
بالاضافة أن هناك أصحاب الديانة "المارادونية" نسبة إلى دييجو مارادونا نجم الكرة الأرجنتينية فى الثمانينيات، والذين أسسوا لأنفسهم كنيسة باسمه فى الأرجنتين وينتمى لها الكثيرين من المؤمنين بأن مارادونا كلمة من الله على الأرض، أو أنه الله نفسه.
وبخلاف الديانة المارادونية توجد ديانة " ساينتولوجى"، والتى يعود تأسيسها إلى كاتب الخيال العلمى الأمريكي رون هابرد، ويفسرها البعض أنها ديانة لعبادة الكائنات الفضائية، حيث يعتقد أن الذاكرة البشرية أو الإنسانية تعود إلى مليارات السنين، وتتجاوز في القدم عمر الكون والعالم الذي نعرفه، إذ كان هناك حينها كائنات فضائية باسم الثيتين، وهي كائنات روحية خالدة، إلا أنها انتقلت بين الأكوان وتلبست أشكال الحياة المختلفة، وتمكن هابرد من تحقيق الانتشار وتحويل أفكاره إلى دين في 1953 وأسس أول كنيسة للساينتولوجي في ولاية نيوجيرسي الأميركية، ومن المشاهير الذين ينتسبون لهذه الديانة الممثل الأمريكى الشهير توم كروز، والممثل الأميركي جون ترافولتا، وليسا ماري بريسلي ابنة ملك الروك اند رول الفيس بريسلي.
أغرب طقوس العبادات والديانات الإفريقية
يؤمن الأفارقة بالتوحيد، ويتوزع ممارسو الديانات التقليدية في إفريقيا بين 43 دولة، ويقدر عددهم بحوالي 70 مليون نسمة، لكن هناك بعض الديانات والعبادات غير التقليدية بالنسبة لغير الأفارقة، مثل قبائل "البامبارا" التى تقع في غرب إفريقيا، ويؤمنون بالإله "فارو"، ويعتقد هؤلاء أن "فارو" وهو أقرب لعروس بحر لها رأس بيضاء، ويتغذى على دم الأضاحي والطماطم وحساء الذرة. والإله فارو بإمكانه التشكل في أي هيئة مثل كبش أو امرأة حسناء أو ضباب، وتعبد قبائل "البامبارا" السماء وأركان الأرض الأربعة والجن.
قبائل البامبارا
وكذلك قبائل "الدوجون" الذين يعتقدون أن هناك إلها يدعى "أمّا"، خلق النجوم بقذف كرات الطين في الفضاء وخلق الشمس والقمر بصنعه لكرتين، أما قبائل جنوب "جابون" فيؤمنون بأن الخليقة بدأت من خلال نفخ الخالق في الظلام، فخلقت امرأة بيضاء تسمى "دنتوسنا"، تحمل الشمس في يمينها والقمر في يسارها. وينطلق من ثديها الأيمن سيل من الدم ومن ثديها الأيسر سيل من اللبن، وأن الكواكب تستمد نورها من سناء تلك المخلوقة، وقد قامت بتلقيح الكون فتكونت النجوم واتخذ الكون شكل الزهرة، ثم اقترنت الشمس بالقمر فأنجبا الإله الذي قام بتقسيم الكون لأبعاده الثلاثة، مثل الطول والعرض والعمق، ثم خُلق الذكر والأنثى من مزج دم تلك المرأة بلبنها، وطرد الزوجان من أسرة الأرض حيث شجرة الحياة وأصبحا غير خالدين، ومن ثم بدأ التكاثر بين البشر وبعضهم أو بين البشر والآلهة.
وهناك قبيلة "اللوبي" الذين يعتقدون بأن السماء عبارة عن قبة تتمركز على الأرض وأن السماء يسكنها الإنسان الأحمر، وتحت الأرض الإنسان الأسود، وقبائل "الكردي" التى تعتقد بأن النار هي بداية الخلق ومن ثم أرسل الطوفان.