بسبب الكراكيب.. فجر تخلع زوجها بعد قصة حب اسطورية
السبت، 07 سبتمبر 2019 09:00 ص
لم تتوقع أبدًا أن يأتى اليوم الذى تندم فيه على عشقها للروايات الرومانسية، وولعها بصوت كاظم الساهر، وحبها الجم لأشعار نزار قبانى وفاروق جويدة، لم تتوقع الندم على إنتظار فارسها المغوار وحصانه الأبيض الطائر وتفويتها قطار الواقع، فهي التى أمنت دومًا أن المحب الحقيقى هو أكثرهم إنشادًا لأبيات الغرام، وأعتقدت أن أكبر برهان يقدمه المحب لحبيبه هو طوق من الورود الحمراء أو صندوق ملئ بالشكولاته الفاخرة وقصاصات الغزل.
كان الحب فى نظرها كلمات رقيقة تنهال على مسامعها ليل نهار، ونظرات مشتاقة تهدم الحواجز وتقطع المسافات، فإنتظرته كما تنتظر الأم عودة وحيدها من الحرب سالمًا، وفتشت عنه كغارق يبحث عن سبيل النجاه، حتى ظنت أنها عثرت عليه، فتشبثت به كطفل يحتضن أمه تحت القصف، وخشت غيابه كما تخاف عجوز فقدان رضيع أنتظرته ضهرًا، جهلت أن الوهم يتلاشى بنور الشمس، وعندما حدث كرهت الصباح ولعنت دورة الأرض، وأنتظرت عودته مع ضوء القمر ولكن لا فائدة، فلم يأتى أى منهما ولن يأتيا أبدًا.
فى المرة الأولى التى وقعت فيها عيناها عليه، كان كالحلم الجميل الذى لا تريد أن تصحو منه مدى الحياة، كان قريبًا فى بعده، لامعًا، مضيئًا أو ربما عاشقًا، كان غامضًا كالبحر، تائهًا يبحث عن طريقه لقلبها، يقذفها بنظرات تخشى الرفض فلم تستطع إلا أن تقبلها خاصة عندما صدح صوت أم كلثوم خارجًا من أحد العربات الواقفة على الكورنيش "يا قاسي بص في عينيا.. وشوف إيه أنكتب فيها.. دي نظرة شوق وحنيه.. ودي دمعة بداريها.. وده خيال بين الأجفان.. فضل معايا الليل كله.. سهرني بين فكر وأشجان.. وفات لي جوه العين ظله"، فسرعان ما ذابت فى عذوبة عتاب أم كلثوم، ورجحت أن يكون أتفق معها ضدها، فضعفها أمام الموسيقى سيجعلها لقمة سائغة لنظراته القاتلة.
مرت سنة قبل أن تعود من رحلتها مع صوت الست، لتجد صوته ينتظرها، ويلها من صوتيهما، هى سلبتها حق المقاومة بعتاب عاشق وهو أحتل فؤادها بثقة فارس، سألها عن الطريق فأجبته بإقتضاب لتتوالى الأسئلة بعد ذلك بإنسيابية شديدة وكأنهما تحضرا لهذا اليوم، فتحدثا عن كل شئ، أحوال البلاد، وإنحطاط مستوى الأغانى، وعذوبة صوت أم كلثوم ولم ينسيا كاظم الساهر، بل أنه شغل معظم حديثهما، وجدت نفسها تحدثه عن حياتها وكأنها تعرفه منذ زمن طويل، وهو كذلك فاض قولا عن كل شئ، كانا كمن حُرم الكلام عمرًا وحانت فرصته ليعبر عن كل شئ ويصف كل ما حوله.
مر الوقت سريعًا، وفاق الغريبان على صوت هاتف فجر، فمع أقتراب الساعة من العاشرة مساءًا، قلق والدها، وأتصل بها ليطمئن عليها، ويستعجل عودتها إلى المنزل، فأضطرت إنهاء اللقاء والعودة إلى البيت، وهمت أن تذهب لكنه استوقفها ليحصل على رقم هاتفها، قبل أن يتركها تعود إلى والديها، وفي طريقه إلى شقته أرسل لها بعض الأبيات الشعرية المعبرة عن صدفة لقاءهما، فسعدت بها كثيرًا، وأتصلت به تشكره وأستمرت مكالمتهما ساعات طويلة حتى شروق الشمس، وتكرر الأمر حتى توطدت معرفتهما، وتطورت علاقتهما، وتحولا من غريبين إلى حبيبين، ثم تقدم لخطبتها، لينقل علاقتهما إلى بُعد آخر، وينشغلا في التجهيز لعش الزوجية، ومع ذلك لم ينشغل عنها، بل أستمر في هداياه الرقيقة، وكلامه المنمق، فشعرت فجر وكأنها ملكت الدنيا وما فيها حتى تم الزفاف.
لم يتغير مروان كثيرًا بعد الزواج، ظل رقيقًا ومهذبًا، لا يمر يومًا دون أن يغدق على حبيبته بالهدايا والكلمات الرقيقة، فكان نعم الزوج لولا أنه حريص جدًا على الإحتفاظ بكل شىء، كل تفصيلة صغيرة سواء في علاقتهما أو في حياته عمومًا، فالشقة مليئة بأغلفة الهدايا، ودولابه مكدس بالملابس البالية التى لا نفع فيها، والشرفة مزدحمة بالجرائد القديمة، كما أنه يجبرها على الإحتفاظ بالأطباق المكسورة، فهو رفض التخلص من أي شىء حتى لو كان بلا فائدة، فضلاً عن شراءه مئات اللوحات والكتب وشرائط الموسيقى وتكديسها بلا أي نية فى استخدامها، فشعرت فجر بالضيق، وحاولت التحدث مع زوجها لكن بلا فائدة، فهو لا يرى أي شىء غريب فيما يفعله.
حرص فجر على مساعدة زوجها دفعها إلى البحث في تلك المشكلة، فوجدت أنه يعاني من مرض نفسي يسمى التكديس القهري، وعرضت عليه استشارة طبيب مختص لكنه رفض، وأصر على سلامته، وعدم حاجته لطبيب، فحاولت التكيف مع حالته لكن الأمر زاد عن طاقتها، فبعد ستة أشهر فقط من زواجهما أصبح الإنتقال في الشقة صعب جدًا ناهيك عن استقبال الضيوف، وعندما حاولت فجر التخلص من بعض الكراكيب وترتيب الشقة، ثار مروان كبركان غاضب، وأنفعل عليها بشدة، فتركت له المنزل وعادت إلى بيت والديها، وأنتظرت أن يراضيها لكنه لم يفعل، وعلى العكس تمامًا استغل غيابها لشراء كراكيب جديدة، فلم تجد بُد من طلب الطلاق، وعندما رفضت توجهت إلى محكمة الأسرة لرفع دعوة خلع علها تتخلص من عذابها الذي لا ينتهي.