فتوي قضائية: عدم مشروعية عمل مدير عام الخدمات المالية تحت رئاسة زوجها
الإثنين، 02 سبتمبر 2019 02:29 مأحمد سامي
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، إلى عدم مشروعية عمل، القائمة بأعمال مدير عام الخدمات المالية والمحاسبية بالمنطقة الجنوبية بأسوان تحت الرئاسة المباشرة لزوجها القائم بأعمال وظيفة رئيس الإدارة المركزية للقوائم المالية والتكاليف بمركز القطاع بالقاهرة بالهيئة القومية لسكك حديد مصر.
وكشفت الأوراق أنه في 2017 صدر قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم (2311) بندب السيدة/ ست الهوانم عبد الموجود عباس للقيام بأعمال وظيفة مدير عام الخدمات المالية والمحاسبية بالمنطقة الجنوبية بأسوان، وهذه الوظيفة تقع تحت الرئاسة المباشرة لزوجها السيد المحاسب منصور محمد محمود منصور القائم بأعمال وظيفة رئيس الإدارة المركزية للقوائم المالية والتكاليف بمركز القطاع بالقاهرة بموجب قرار رئيس مجلس الإدارة رقم (222) بتاريخ 31/1/2017، ولما كانت المادة (24) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم (81) لسنة 2016 قد تضمنت عدم جواز عمل الموظف تحت الرئاسة المباشرة لأحد أقاربه من الدرجة الأولى، وفي ضوء خلو لائحة نظام العاملين بالهيئة الصادرة بالقرار الوزاري رقم (17) لسنة 1982 من نص ينظم تلك المسألة، لذا طلبتم إبداء الرأي من إدارة الفتوى لوزارات النقل والاتصالات والطيران المدني، ونظرًا لما ارتأته إدارة الفتوى من أهمية لهذا الموضوع، فقد أحالته إلى اللجنة الثالثة من لجان قسم الفتوى بمجلس الدولة التى ارتأت إحالته إلى الجمعية العمومية؛ لما آنسته فيه من أهمية وعمومية.
وتبين للجمعية العمومية أن المادة (14) من الدستور تنص على أن: "الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة، ودون محاباة أو وساطة، وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب، وتكفل الدولة حقوقهم وحمايتهم..."، وأن المادة (37) منه تنص على أن: "أقارب أحد الزوجين يعتبرون في نفس القرابة والدرجة بالنسبة إلى الزوج الآخر".
كما تبين للجمعية العمومية أن المادة (2) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (1216) لسنة 2016 تنص على أن: "يقصد في تطبيق أحكام هذه اللائحة بالكلمات والعبارات التالية المعني المبين قرين كل منها:1-... 2-الوحدة: الوزارة أو المصلحة أو الجهاز الحكومي أو المحافظة أو الهيئة العامة. ... 13- الرئيس المباشر: مدير الإدارة أو المدير العام أو رئيس الإدارة المركزية أو رئيس القطاع وفقًا للتدرج الوظيفي الإشرافي لكل منهم"، وأن المادة (66) منها تنص على أن: "يتعين على كل موظف متوفر في شأنه الحظر الوارد في المادة رقم (24) من القانون أن يخطر السلطة المختصة بذلك خلال خمسة عشر يومًا وإلا جوزي تأديبيًّا. ويخير الموظف الذي يثبت عمله تحت الرئاسة المباشرة لأحد أقاربه من الدرجة الأولى في النقل إلى وظيفة أخرى داخل الوحدة أو خارجها، وإذا لم يستجب خلال شهر من تاريخ تخييره يتم نقله إلى وظيفة أخرى لا يقل مستواها عن مستوى وظيفته الأصلية بدون طلب منه". وأن المادة (118) من لائحة العاملين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحرى رقم (17) لسنة 1982 تنص على أن: "تسري أحكام هذه اللائحة على العاملين بالهيئة، كما تسري فيما تتضمنه من مزايا أفضل على من تنظم شئونه الوظيفية منهم قوانين خاصة.
وتسري أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة فيما لم يرد به نص في هذه اللائحة بما لا يتعارض مع أحكامها".
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم، أن المشرع أنشأ بموجب أحكام القانون رقم (152) لسنة 1980 المشار إليه الهيئة القومية لسكك حديد مصر لإدارة مرفق السكك الحديد، ومنحها الشخصية الاعتبارية وتتبع وزير النقل، وتقديرًا للطبيعة الخاصة للنشاط الذي تزاوله الهيئة، وهو ما ينعكس بدوره على الاشتراطات اللازم توافرها لشغل بعض الوظائف بها، فقد ناط المشرع بمجلس إدارة الهيئة اقتراح وضع اللائحة المتعلقة بتعيين العاملين، وترقيتهم، وتحديد رواتبهم، وبدلاتهم، ومكافآتهم، وجميع شئونهم الوظيفية، على أن تصدر بقرار من وزير النقل بعد موافقة مجلس الإدارة، وتنفيذًا لذلك صدرت لائحة العاملين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر المشار إليها بموجب قرار وزير النقل رقم (17) لسنة 1982، والتي نصت صراحة على سريان أحكامها على العاملين بالهيئة، وسريان أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة- والذي حل محله قانون الخدمة المدنية- فيما لم يرد به نص في هذه اللائحة بما لا يتعارض مع أحكامها، ومقتضى ذلك أنه إذا ما وجد تنظيم متكامل لمسألة معينة باللائحة، فإن هذا التنظيم وحده هو الذى يطبق على العاملين بالهيئة ولو ورد فى قانون الخدمة المدنية المشار إليه تنظيم مغاير لهذه المسألة عنه فى اللائحة، بحيث لا يكون الرجوع إلى قانون الخدمة المدنية بوصفه الشريعة العامة لشئون التوظف إلا فى حال خلو اللائحة من تنظيم متكامل لموضوع معين، وإذ خلت لائحة العاملين بالهيئة من تنظيم للعلاقة الوظيفية بين الرئيس المباشر وأحد أقاربه، ومن ثم وجب الرجوع إلى الشريعة العامة، وهى المادة (24) من قانون الخدمة المدنية المشار إليها.
كما استظهرت الجمعية العمومية أن شغل الوظائف العامة هو تكليف للقائمين بها لخدمة الشعب وتحقيق مصالحهم وإشباع رغباتهم، وهو حق لكل المواطنين على السواء على أساس الكفاءة والجدارة دون محاباة أو وساطة، ولذلك وضمانًا لتحقيق المساواة بين الموظفين في الحقوق والواجبات، ودرءًا لمظنة محاباة الرئيس لبعض مرءوسيه على حساب الآخرين، ومنعًا لاتكاء الموظف على رابطة القرابة التي قد تجمعه برئيسه في العمل، فقد حظر قانون الخدمة المدنية المشار إليه فى المادة (24) منه أن يعمل الموظف تحت الرئاسة المباشرة لأحد أقاربه من الدرجة الأولى في الوحدة ذاتها، وألزمت اللائحة التنفيذية لهذا القانون حال تحقق هذا الحظر أن يخطر الموظف السلطة المختصة بذلك خلال خمسة عشر يومًا، واعتبر عدم قيامه بذلك مخالفة تستوجب مجازاته تأديبيًّا، ويكون للموظف الذي يثبت عمله تحت الرئاسة المباشرة لأحد أقاربه من الدرجة الأولى الخيار في النقل إلى وظيفة أخرى داخل الوحدة أو خارجها، فإذا لم يستجب خلال شهر من تاريخ تخييره ينقل إلى وظيفة أخرى لا يقل مستواها عن مستوى وظيفته الأصلية بدون طلب منه.
واستبان للجمعية العمومية أن القانون المدني قد حدد المقصود بالقرابة وكيفية تحديد درجاتها، إلا أنه لم ينص على درجة قرابة أحد الزوجين للآخر، واعتبر أن العلاقة بينهما هي علاقة مباشرة لا تتطلب تحديدًا لدرجة قرابة بينهما، إذ إن كلًّا منهما ينزل بذات مرتبة الزوج الآخر، فهو منه كنفسه، كما أنه تصله بأقارب الزوج الآخر ذات الصلة ودرجة القرابة، وعلى ذلك فإنه ولئن كان الحظر المنصوص عليه في المادة (24) من قانون الخدمة المدنية سالفة الذكر يسري على القرابة من الدرجة الأولى، وكان أحد الزوجين لا ينطبق عليه وصف قرابة الدرجة الأولى للزوج الآخر بالمفهوم الوارد في القانون المدني، فإن الصلة بين الزوج وزوجه أقرب، ومظنة محاباة أحدهما للآخر أوقع، ومن ثم فإن تحقق علة الحظر في عمل أحدهما تحت رئاسة الآخر أوْلى من قرابة الدرجة الأولى، ومن ثم فإنه حال تحقق الحظر سالف الذكر بعمل أحد الزوجين تحت الرئاسة المباشرة للزوج الآخر، فإنه يتعين إعمال حكم المادة (66) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية بوجوب إخطار الموظف للسلطة المختصة بذلك، ثم يخير الموظف المرءوس في النقل إلى وظيفة أخرى داخل الوحدة أو خارجها، وإذا لم يستجب خلال شهر من تاريخ تخييره ينقل إلى وظيفة أخرى لا يقل مستواها عن مستوى وظيفته الأصلية بدون طلب منه.
وترتيبًا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن المعروضة حالتها السيدة/ ست الهوانم عبد الموجود عباس، القائمة بأعمال مدير عام الخدمات المالية والمحاسبية بالمنطقة الجنوبية بأسوان، تعمل تحت الرئاسة المباشرة لزوجها المحاسب منصور محمد محمود منصور، القائم بأعمال وظيفة رئيس الإدارة المركزية للقوائم المالية والتكاليف بمركز القطاع بالقاهرة، وذلك بحسب الثابت من بطاقة الوصف الوظيفي لكل منهما، وكانت لائحة العاملين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر لم تتضمن نصوصًا تنظم هذه المسألة، فيتعين تطبيق التنظيم الوارد في قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية باعتباره الشريعة العامة لشئون التوظف، ومن ثم يتحقق في شأنها الحظر الوارد في المادة (24) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم (81) لسنة 2016، ويكون استمرارها في شغل هذه الوظيفة غير مشروع، ويتعين على السلطة المختصة تطبيق أحكام المادة (66) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية بتخييرها في النقل إلى وظيفة أخرى داخل الوحدة أو خارجها، فإذا لم تستجب خلال شهر من تاريخ تخييرها تنقل إلى وظيفة أخرى لا يقل مستواها عن مستوى وظيفتها الأصلية بدون طلب منها وبحسب ما تراه السلطة المختصة.