تجار المية.. أشخاص يستغلون أزمة انقطاع المياه في الجيزة بالتربح ودق الطلمبات
السبت، 31 أغسطس 2019 03:00 م رضا عوض_ هبة جعفر - أحمد سامي
«السقا رجع تانى».. هذا هو لسان حال أهالى منطقة «الهرم وفيصل» والتى تضم أكثر من مليون نسمة، بعد أن شاهدوا عربات الكارو التى تحمل «جراكن مياه للشرب» تجوب المنطقة وتبيع المياه للأهالى مقابل 30 جنيها « للجركن» فى ظل معاناة المواطنين من الانقطاع الدائم لمياه الشرب، والتى وصلت إلى أكثر من 15 يوما متواصلا دون سبب معلن، مع تجاهل مسئولى مياه الشرب والصرف الصحى بالجيزة (محافظ الجيزة ورئيس حى الهرم ورئيس شركة المياه التابعة لحى الهرم) وهو ما دفع بعض الأشخاص من خارج المنطقتين لتعبئة مياه الشرب من مناطق بعيدة لحملها على عربات الكارو وبيعها للسكان.
سكان فيصل والهرم يعانون من انقطاع المياه
الظاهرة بدأت تنتشر بشكل لافت فى شوارع وحوارى منطقتى فيصل والهرم والتى تضم أكثر من 65 شارعا ومنطقة سكنية، والتى تعد من أعلى الكثافات السكانية فى المحافظة، حيث يعانى الأهالى من انقطاع دائم لمياه الشرب، لأكثر من 15 يوما، تأتى لمدة ساعة مع اقتراب ساعات الفجر، ثم تنقطع بعدها مرة أخرى، ما دفع الأهالى إلى محاولة البحث عن مخرج لهذه الأزمة التى يتعمد مسئولو مياه الشرب فى الجيزة تجاهلها رغم كثر الشكاوى على الخط الساخن «125» حيث لا يجد المواطنون من يرد عليهم لاستقبال الشكوى إلا نادرا، ومع استقبال الشكوى لا يجد الأهالى حلا لهذه المشكلة.
فى تلك الأثناء بدأت تظهر عربات كارو التى تحمل أكثر من 10 جراكن كبيرة مملوءة بالمياه جاءت من مناطق بعيدة على أثر علمهم بأزمة مياه الشرب وانقطاعها الدائم بالمنطقة، حيث يتم ملء «جركن المياه» الواحد بـ30 جنيها، إلا أنها لا تكفى لقضاء احتياجات الأسرة، ما جعلهم يشترون المياه بشكل يومى، وهو ما زاد الأعباء الاقتصادية عليهم وجعل أهالى المنطقة فى حالة من الغضب الشديد.
المثير فى الأمر أن المنطقتين تضمان 5 نواب بالبرلمان لم يكلف الواحد منهم نفسه لسؤال محافظ الجيزة أو رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحى فى الجيزة عن سبب الانقطاع الدائم لمياه الشرب فى هذه المنطقة، حتى أنهم يتجاهلون شكاوى الأهالى التى يتم تقديمها لهم فى مكاتب «خدمة المواطنين»، بل إن بعض مكاتبهم أغلقت أبوابها فى وجه الأهالى، وكأن الأمر لا يخصهم من قريب أو بعيد، خاصة وأن أغلبهم يقيم خارج هاتين المنطقتين.
الغريب فى الأمر أن الحكومة أعلنت منذ عدة أشهر افتتاح محطة عملاقة لمياه الشرب فى منطقة 6 أكتوبر الغرض منها حل مشكلة مياه الشرب فى الهرم وفيصل، وهى المحطة التى كلفت الدولة 3 مليارات جنيه وتم افتتاحها (حسبما تم إيهام المواطنين)، حيث سبق وأعلن رئيس شركة مياه الشرب بالجيزة السابق، افتتاح محطة مياه 6 أكتوبر فى عام 2015 بعد انتهاء تجارب التشغيل الخاصة بالمحطة والتأكد من سلامة المياه بها ومطابقتها للمواصفات وأكد −وقتها− أن المياه ستصل خلال ساعات قليلة إلى المناطق المحرومة بفيصل والهرم والمريوطية والكعابيش وكفر طهرمس والطوابق والكوم الأخضر، مؤكدًا أن المياه لن تنقطع عن هذه المناطق نهائيًا طوال فصل الشتاء.
الطلمبات الحبشية تظهر فى الشوارع
تجارة من نوع جديد بدأت تظهر فى منطقتى فيصل والهرم، بعد أن استغل بعض الاشخاص أزمة الانقطاع الدائم لمياه الشرب بالإعلان عن «دق طلمبات» أمام المنازل للحصول على المياه الجوفية من باطن الأرض، وهو ما اعتبره المواطنون الباحثون عن نقطة مياه، الحل الأمثل لتعويض تجاهل مسئولى مياه الشرب والصرف الصحى ومحافظ الجيزة للأزمة الطاحنة التى يعانى منها منطقة ذات كثافة سكانية عالية.
وحسبما أكد لنا عدد من الأهالى فإن تجار الطلمبات انتشروا فى المنطقة بشكل كبير عن طريق إعلان يقومون بكتابته على حوائط الشوارع مصحوبا بأرقام تليفوناتهم للتواصل معهم، حيث يقوم الشخص منهم بدق الطلمبات الحبشية، موصولة بمواتير لسحب المياه، أو اللجوء للحل الآخر بشراء «خزانات» مياه، لتوفير احتياجاتهم، لكن فى الحالتين الأمر كارثى، فمياه الطلمبة لا تصلح للاستخدام نتيجة رائحتها الكريهة وارتفاع نسبة الملوحة بها، علاوة على أن تكلفة الخزانات لا تنتهى بدفع ثمنها عند شرائها، وإنما تحتاج لمصاريف أخرى تتعلق بالصيانة، بالإضافة إلى ضرورة تغييرها كل فترة لتعرضها للصدأ.
وأكد غريب على، والذى يعمل فى مجال دق الطلمبات، أن الصيف أصبح بمثابة موسم عمل له، فهو يتلقى فى اليوم اتصالات لتركيب ما يزيد على الثلاث طلمبات فى مختلف مناطق فيصل والهرم، مضيفاً «بنجيب حفار كبير ونفضل نحفر فى الأرض لحد ما نوصل للمياه، بس الحفر بيكون فى عمق 10 متر، لكن بنلاقى الميه ريحتها وحشة فبيطلبونا نحفر لهم على أعماق أكبر علشان نجيب مياه صالحة للشرب ومساحة أكبر وده مستحيل، لأن العمق يحتاج معدات أضخم وأكبر ومساحات كبيرة واسعة، وحتى نتمكن من حفر على أعماق 60 أو 70 متراً نحتاج إلى مساحة فارغة على الأقل 10 أمتار طول، فى 10 أمتار عرض، ونمنع أى حد يعدى من المكان وده مستحيل فى الأماكن المسكونة، وممكن يؤثر على العمارات والمبانى ويسبب هدمها وتخريب فى الأساسات كما أن سعر المتر يتراوح من 250 إلى 400 جنيه».
إلى جانب الطلمبات، فقد انتشرت ظاهرة أخرى وهى تجارة الخزانات والتى تختلف أسعارها حسب السعة والحماية والخامة، فهى تنقسم إلى خزانات شعبية لونها أسود، وسعره يصل إلى 500 جنيه، وإذا كان معالجا يصل سعره لحوالى 1200 جنيه، ومن سلبياته أنه يمتص حرارة الشمس ويمررها إلى المياه بداخله فيتغير طعمها، كما أنه أقل متانة علاوة على أنه معرض للكسر.
أما الخزانات المعالجة فتحتوى على ثلاث طبقات، وتكون لونها أبيض من الخارج ما يعكس حرارة الشمس، وتختلف خامة المصنع حسب كل مصنع، فقبل عشرين عاما كانت من «الصاج»، وتم إيقاف تصنيعها بسبب تلوث المياه بداخله من الصدأ وتم استبداله بخام «فايبر جلاس»، لكنه لم يصمد طويلا ولم تثبت فاعليته، حيث كان قابلا للشرخ والانهيار مع الصدمات الأولى التى يتعرض لها، إلى أن استقرت المصانع على مادة « بولى إيثيلين» وهى المستخدمة الآن فى كل الخزانات.
نائب رئيس شركة مياه الشرب الجيزة: توسعات جزيرة الدهب هى الحل والصرف هو المشكلة القادمة
المهندس عوض أحمد، نائب رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالجيزة، قال إن التوسع العمرانى الرأسى والأفقى والامتداد العشوائى فى كثير من المناطق يؤثر بشكل كبير فى حدوث عجز مائى فى تلبية احتياجات المواطنين، مضيفا لـ«صوت الأمة»: نعمل على حل هذه المشكلة ونسابق الزمن لإنهاء المشروعات لمواجهة زيادة معدلات الاستهلاك والاحتياجات المتزايدة للمواطنين».
وأضاف عوض، أن مشكلة المياه ستنتهى بانتهاء التوسعات بمحطة جزيرة الدهب التى بلغت طاقتها الإجمالية 160 ألف م3 / يوم المرحلة الأولى 80 ألف م3، والمرحلة الثانية 80 ألف م3، ومن المقرر أن تضخ المحطة 80 ألف م3 خلال الشهر الجارى، ما يساعد فى تحسين الخدمة وحل مشكلة انقطاع المياه أو ضعفها بالعديد من المناطق داخل محافظة الجيزة، موضحا أن محطة مياه أكتوبر حلت جزءا من المشكلة، حيث بلغت الطاقة الإنتاجية للمرحلة الأولى للمحطة لـ400 ألف م3 /يوم من إجمالى 1.6 مليون م3/يوم، وذلك لخدمة مناطق وسط الجيزة وتوسعات مدينة السادس من أكتوبر، وتشمل تنفيذ مأخذ للمياه العكرة على النيل من العياط ورافع أوسط وثلاثة خطوط ناقلة بقطر 2200 مم بطول 38 كم.ط لكل خط.
وأشار عوض، إلى أنه يتم الآن رفع كفاءة عدد من محطات مياه الشرب بالمحافظة وفى مقدمتها إمبابة والجيزة وأبو النمرس والعياط، وهو ما أدى إلى زيادة الكميات المنتجة من مياه الشرب، وتم إحلال وتجديد شبكات ومحابس مياه الشرب المتهالكة فى بعض مناطق الجيزة، مما ساهم فى تحسين الضغوط وتقليل الفاقد، وأن الإجراءات الأخيرة التى اتخذتها الشركة أدت إلى انخفاض معدلات الشكاوى بهذه المناطق، مقارنة بالعام الماضى خلال نفس الفترة. وكشف عوض، أن هناك مشاكل فى الصرف الصحى فى بعض المناطق نتيجة زيادة المياه وتهالك شبكات الصرف الصحى، ويتم قطع المياه عن هذه المناطق نتيجة طفوحات الصرف الصحى، والذى يزيد من معدل الأمراض والأوبئة، وأن الفترة القادمة ستكون المشكلة فى شبكات الصرف وليس مشكلة قلة المياه، مشيرا إلى أن الجهاز التنفيذى لمياه الشرب والصرف الصحى هو المنوط به حل هذه المشكلات من خلال مشاريع تتم دراستها وتنفيذها.