ثروتها تعادل 2.3 تريليون دولار.. أبخل امرأة في العالم تدخل موسوعة جينيس
الأربعاء، 28 أغسطس 2019 03:00 ص
أشتهر العرب بالكرم الشديد، حتى أن الحالات النادرة التي ظهرت على مستوى التاريخ، رصدها الجاحظ في كتابه «البخلاء»، حكى فيه قصصا عن البخلاء وتفاصيل حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، فكان البخل في العصر الجاهلي ومن بعده دخول الإسلام، وصمة عار يوصم بها صاحبها، وتكتب بحقه أبيات استهجان، إلا أن الموت اختتطف الجاحظ، قبل أن يدون من بين قصصه عن البخلاء، حكاية «هيتي جرين»، حتى أنها دخلت موسوعة «جينس ريكورد» للأرقام القياسية كونها أبخل امرأة على الإطلاق في تاريخ البشرية، ولم ينافسها أحد على هذا اللقب حتى الأن.
عاشت «هيتي جرين» في أواخر القرن الـ 19 وأوائل القرن الـ 20، واشتهرت بثرائها الفاحش، وعُرف عنها امتلاكها حسا تجاريا عبقري، لكن أعتيادها الدائم بالظهور بذات الملابس السوداء على الدوام، جعل الناس تلقبها بـ «ساحرة وول ستريت الشريرة»، حيث لم ترتدي طوال حياتها إلا فستانا أسود واحد، ومعه شنطة سمراء اللون، وقباعات رخيصة، حتى أن لم تمتلك سيارة في يوما من الأيام، فكانت تفضل السير على قدميها من منزلها وتجوب شوارع منهاتن في نيويورك، إلى مكتبها في البنك الكيماوي، حيث كانت تدير إمبراطوريتها التجارية من هناك.
هيتى جرين فى سن مبكر
ولدت هييتي جرين، في 21 نوفمبر 1834، بنيو بيد فورد في ماساتشوستس الأمريكية، وسط أسرة غنية تنتمي لطائفة الكواكر المسيحية، إلا أن والدتها كانت حالتها الصحية سيئة مما جعل والدها وجدها يتولون أمر رعايتها منذ طفولتها، حتى أنهم ربوها على احترام المال.
ارتبطت هيتي جرين، بجدها بشدة خلال فترة طفولتها، فكانت وهي في سن الـ 6 تقرأ له أخبار المال وتقارير البورصة، وعند بلوغها سن الـ 10 عملت سكرتيرة لجدها في شركته، فكانت تكتب له الرسائل وتشارك في اجتماعاته التجارية التي كان يجريها مع العملاء والتجار، مما مكنها من اقتحام عالم البورصة في سن مبكر.
تطورت خبرات هيتي جرين الاقتصادية بشكل سريع خلال سنوات عمرها، على يد أسرتها، فعندما كانت في سن الـ 20 أهداها والدها خزانة ملابس، كانت بها عدد كبير من الأزياء الفاخرة، كي تتأنق وتستطيع الحصول على زوج مناسب لها ولعائلتها من أسرة ثرية، إلا أنها فضلت بيع ما أشترى لها والدها واستغلت المال في الاستثمار بأذون الخزانة الحكومية، الأمر الذي أعجب جدها ووالدها بشدة وتنبؤا لها بمستقبل اقتصادي رائع.
هيتى جرين ابخل امرأه في العالم
أنتظرت هيتي، اختراق سوق المال والاقتصاد، حتى بلغت سن الـ 30 للحصول على المال اللازم للعمل كمستثمرة محترفة في الأسواق الأمريكية والأوروبية، إلا أن وفاة والدها عام 1865 تاركا لها ثروة الأسرة التي بلغت حينها 5 ملايين دولار، سهل عليها المنافسة في سوق المال، فعملت في مجال شراء العقارات والأراضي، خاصة التي كان من المتوقع تحولها إلى مسارات للسكك الحديدية، وفي يوما من الأيام تنبأت بانهيار البورصة، فكدست من أجل ذلك الأموال السائلة لتقديم القروض للبنوك المتعثرة، وكذلك المدن التي تعاني من أزمات مالية ومنها مدينة نيويورك.
بعد وقت قصير من موت والد هيتي، توفيت عمتها سيلفيا، وتركت ثروة تقدر بنحو 2 مليون دولار، وهبتها للهيئات الخيرية، إلا أن جرين تحدت الوصية في المحكمة، لوقف هذه الوصيه واستطاعت الحصول على ثروة عمتها.
في إحدى أحاديثها لصحيفة نيويورك تايمز عام 1905، قالت: «أقوم بالشراء عندما يكون السعر منخفضا، ولا أحد يريد البضاعة التي أحتفظ بها حتى يرتفع سعرها ويتعطش الناس للشراء».
جرين، كانت تعتقد أن الرجال طامعون في ثروتها، فعزفت عنهم، إلا أنها تزوجت أحد أفراد عائلتها عندما وصلت إلى سن الـ 33 وهو إدوارد هنري جرين، الذي كان رجلا ثريا يمتلك ثروة متواضعة، وأنجبت منه ولدا أسمته ند، والفتاة سيلفيا، وبالرغم من ذلك كانت تحتفظ بمالها بعيداً عن متناول يد زوجها، مما جعله يثور عليها ويترك لها المنزل بعد توتر العلاقة بينهما، لكنها بعد وقت قصير قدمت له الرعاية الصحية قبل موته في 1909، وظلت منذ ذلك الوقت ترتدي زي الأرملة الأسود، حتى وفاتها.
هيتى جرن مع زوجها
على الرغم من الثروة الطائلة التي كانت تمتلكها جرين، إلا أنها اختارت تربية أطفالها بنفس الطريقة التي تربت عليها، فكان أولادها يرتدون ملابس مستعملة، حتى أنا لم تقم في أي يوم بشراء منزلا كبيرا مثل منازل الأثرياء، وفضلت التقل مع أولادها في عدد من الشقق المتواضعة بنيويورك ونيو جيرسي، تجنبا لدفع مبالغ كيرة في شراء منزل وإعداده بشكل مناسب، وكذلك خشية دفعا المزيد من الضرائب، ومن شدة بخلها كانت وجبتها اليومية في وجبة الغذاء هو الشوفان الذي كانت تقوم بتسخينه على المدفئة، ومن الأمور الساخرة في حياة جرين، أنها كانت دائمة البحث عن الأماكن التي تقدم خدمات العلاج المجاني!، فعندما أصيب ابنها تد بكسر في ساقه، أصطحبته لإحدى العيادات المجانية، لكن الأطباء تعرفوا عليها فطالبوها بدفع تكاليف العلاج، فما كان منها إلا أنها تركت طفلها لديهم وأنصرفت، مما تسبب في عدم تلقيه العلاج المناسب وهو ما أدى فيما بعد إلى بتر ساقه.
ملابس هيتى جرين
بررت جرين، حبها للمال وحرصها الشديد له، بأنها ليست بخيلة، إنما هي تنمي إلى طائفة الكواكر المسيحية، لذا فهي تحاول الالتزام بإيمان وتعاليم الطائفة التي تدعو إلى بساطة المظهر والحياة الهادئة، والابتعاد عن أشكال الحياة الغرورة.
مع تقدم هيتي جرين، في العمر، كانت تنام حاملة سلسلة بها مفاتيح خزائنها في البنوك، ومعها مسدس، إلى أن توفيت عام 1916 بعد معاناتها مع مرض طويل، عن عمر يناهز الـ 81 عاما، ووصفتها حينها نيويورك تايمز، بأنها أغنى امرأة في أمريكا، بعدما تركت ثروة نقدية بلغت 100 مليون دولار، ما يعادل 2.3 تريليون دولار بأسعار يومنا هذا.
عاش ابني هيتي جرين، حياة رغدة بعد وفاتها، فكان تد يجمع الأعمال الفنية، بينما الفتاة اختارت شراء المنازل والتسوق والسفر والاستمتاع بأموال والدتها تعويضا عن الحرمان الذي عاشته، وعند وفاتها في عام 1961 تركت ضيعتها كاملة إلى الهيئات الخيرية.