«السمن الصناعي».. سم قاتل في علب صفيح مزركشة
الإثنين، 26 أغسطس 2019 09:00 ص
تشهد مواقع التواصل الاجتماعي، عديد من التحذيرات التي توصي بالابتعاد عن استخدام السمن الصناعي، وفي نفس الوقت تواجهها زيادة في الإعلانات التي تعكس جودة المنتج، وتؤكد أنه بطعم وريحة السمن البلدي، أو «بطعم ونكهة الزبدة الفلاحي».
وقد أكدت منظمة الصحة العالمية، أن العديد من الدول العربية ومنها مصر تعد أعلى دول العالم في استهلاك السمن الصناعي القاتل فهذه الدول تستهلك ما يزيد عن 4.5% من سعراتها الحرارية أي ما يعادل حوالي 10 جرام يوميًا ومن المعروف علميًا الآن 2-1جرام يوميًا يضاعف فرصة الإصابة بجلطات القلب بنسبة تتعدى 90%.
وتشمل منتجات السمن الصناعي الحلوي بل أنواعها والحلويات الشامية والبطاطس الشيبسي ومعجنات التي يتناولها الأطفال ناهيك عن الطهي مباشرة به. وقد كانت بداية استخدام السمن الصناعي عام 1869عندما أجرى الامبراطور الفرنسي نابليون مسابقة لمن يستطيع تصنيع بديل للزبدة الطبيعية لإطعام الجيش الفرنسي والعائلات الفقيرة فكان هذا الاختراع الفريد الذي سُمىَ بالسمن الصناعي، بحيث يتم تحويل الزيوت السائلة الى مادة متماسكة القوام يمكن تخزينها لفترات طويلة وذلك عن طريق تمرير غاز الهيدروجين على الزيت لتحويله إلى دهون مشبعة وهو ما يسمى بهدرجة الزيوت لأن إذا تم هدرجة الزيوت النباتية بصورة كاملة تتماسك كالحجارة لذا يتم هدرجتها جزئيًا partially hydrogenated مما ينتج عنها السمن الصناعي أو ما سمى بالسمن النباتي لتصنيعه من الزيوت النباتية.
ليصبح ذلك الاختراع المذهل وقتها إلى طفره في عالم الغذاء فأخذت الشركات تتهافت عليه حتى قامت شركة هولندية بشراء براءة الإختراع في 1871لذا سمى بعدها بالسمن الهولندي، ولكن مع تطور البحث العلمي والأبحاث الخاصة بالغذاء أثبتت أن السمن الصناعي المُخلَّق من الزيوت النباتية يحتوي على أخطر أنواع الدهون والمسماه بالدهون المتحولة Trans Fat وهو أخطر ما يمكن أن تضعه في فمك، فهو من أهم أسباب جلطات القلب والمخ، فهذا الدهن هو الوحيد الذي حين تتناوله يزيد من نسبة الكولسترول الضار LDL في دمك في حين يَخفِض الكولسترول المفيد HDL.
وابتداء من يونيو الماضي أعلنت الولايات المتحدة أنها ستكون خالية تمامًا من هذا النوع من الدهون القاتلة في غضون ثلاثة سنوات. وحاليًا في مدينَتَى بوسطن ونيويورك يتم إغلاق أى مطعم وتسحب رخصته نهائيًا إذا ثبت طهيه بالسمن الصناعي.
يقول الدكتور أسامة حمدي، أستاذ إمراض السكر والسمنة بجامعة هارفاد الأمريكية ومدير معهد جوزلين ومسؤول برنامج الغذاء الأمثل لمرضى السكر على مستوى العالم، إنه من الطريف أن هذه الشركات المصنعة للسمن الصناعي تكتب على علب الصفيح أن سمنها خالي من الكولسترول، فلا يوجد سمن يحتوي أصلًا على الكولسترول ولكنه بالتأكيد يرفع الكولسترول.
ويضيف: كما أنها تزيد من نسبة الشحوم الثلاثية بالدم، كما أنه من أهم أسباب الإصابة بالسكر وأمراض القلب، لأنها تشوه بطانة الأوعية الدموية التي تساعد علي توصيل الدم إلى الجسم وهو ما يسبب الأزمات القلبية، كما يتسبب في زيادة الوزن والإصابة بالسمنة لزيادة مسبة الأحماض الدهنية بها المتحولة الموجودة بالدهون المهدرجة، التي أثبت أيضا أن لها علاقة وثيقة بإصابة الإنسان بالسرطان.
وأشار إلى أنه من الممكن إنتاج سمن صناعي خالي من الدهون المتحولة ليكون صحي ولا يسبب أي مخاطر صحية، إلا أن الأزمة الحقيقية تكمن في أن ذلك لن يحقق هامش الربح المرتفع لتلك الشركات التي لا يهمها إلا الأرباح على حساب صحة المواطنين، إلا أن معظم الدول الأوروبية ألزمت منظمات الصحة بجميع الشركات بالهدرجة الكاملة وليست الجزئية للزيوت حتى تتحجر ثم إعادة تسييلها بإضافة مواد دهنية خاصة وماء، وهو ما لم تقم به شركة واحدة في الوطن العربي لجهلنا المطبق أو لغفلتنا ليبقي السم القاتل في علب الصفيح المزركشة.