مصر تقود القارة السمراء.. السيسي يتحدث باسم إفريقيا في قمة السبع الكبار
الأحد، 25 أغسطس 2019 12:33 م
خمس سنوات من الجهود تكللت محطاتها بالنجاح ورسمت علامة فارقة فى تاريخ العلاقات المصرية – الأفريقية، التى وضع لها الرئيس عبد الفتاح السيسى استراتيجية خاصة، ووضع أفريقيا نصب عينيه، لأهميتها التاريخية، وإيمانه باعتزاز القاهرة بانتمائها للقارة السمراء. رحلة صعود كبيرة بدأها الرئيس منذ توليه المسؤولية عام 2014 فى مسيرة العودة للحضن الأفريقى، ليقطف اليوم ثمرة جديدة من جهوده فى القارة، ويقود بلدانها ومع زعمائها، أفريقيا فى المحافل الدولية، ويمثل صوت الدول الأفريقية فى قمتين على حدة فى أسبوع واحد، وهما قمة رؤساء دول وحكومات الدول السبع الكبرى «G7» بفرنسا، وقمة تيكاد 7 باليابان خلال الفترة من 28 حتى 30 بالشهر نفسه.
وانطلاقا من كون مصر بوابة أفريقيا، اختيرت مصر للمشاركة فى الدورة 45 لقمة الدول السبع الكبار فى العالم G7، ويتصدر جدول أعمال القمة تجديد الشراكة مع القارة الأفريقية على نحو يتّسم بقدر أكبر من الإنصاف، يتخللها مناقشة العمل الإيجابى للتمويل من أجل المرأة فى أفريقيا، ويشارك الرئيس السيسى فى القمة تلبية لدعوة من نظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون فى الفترة 24-26 أغسطس، التى تحظى بأهمية كبرى، نظرا للدور المؤثر سياسيًا واقتصاديًا لهذه المجموعة على النطاق الدولى، وهى «فرنسا- إيطاليا- اليابان- ألمانيا - الولايات المتحدة اﻷمريكية- بريطانيا– كندا».
ومن فرنسا إلى اليابان، تواصل مصر ريادتها للقارة السمراء، وباعتبارها تترأس الاتحاد الأفريقى، يتحدث الرئيس السيسى ممثلا عن القارة الأفريقية، فى إحدى أهم المنصات التى تجمع مختلف الشركاء معا لدعم أفريقيا وتطلعاتها التنموية، فى اجتماعات مؤتمر طوكيو الدولى السابع للتنمية الأفريقية « تيكاد 7» ، تعرض مصر من خلاله مناخ الأعمال والاستثمار فى القارة، أمام عدد كبير من رجال الأعمال المصريين والأفارقة واليابانيين، وسوف تتصدر القمة ملفات عدة فى مقدمتها التجارة والأمن، ويحمل الرئيس السيسى استراتيجية تبنى أجندة أفريقيا «2063» وإطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، اللذان يعدان بمثابة حجز الزاوية المهم للمساعى الأفريقية الرامية إلى تحقيق التكامل الإقليمى والاقتصادى المنشود بحسب رسالة سيادته التى وجهها إلى القمة 19 أغسطس الجارى.
قيادة مصر مع أشقائها الأفارقة للقارة السمراء فى المحافل الدولية والنجاح الذى حققه الرئيس عبد الفتاح السيسى، لم يكن وليد اليوم، بل هى رحلة طويلة امتدت على مدار 5 سنوات بذلت الدولة المصرية فيها جهدا كبيرا للتخلص من ميراث الجفاء الطويل الذى خلفته سنوات حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك والثورة والإخوان، ونجحت بشكل كبير فى تذويبه وتجاوز آثاره، وبجهود دؤوبة ومتواصلة عاد منحنى العلاقات المصرية الأفريقية للصعود مجددا، بعدما نجح الرئيس السيسى فى إعادة مصر إلى محيطها الأفريقى، واستعادة مكانتها بين دول القارة، فى ضوء إدراكه الواسع لأهمية الامتداد الأفريقى لمصر وارتباطه بدوائر الأمن القومى المتعددة.
وأعادت مصر إحياء التعاون مع القارة السمراء، ودبت الحياة فى شرايينها من جديد، وعادت أم الدنيا إلى أحضاء الأشقاء فى أفريقيا، فاستأنفت مصر حضورها الواسع ونشاطها الكبير فى العمق الأفريقى، وحصدت ثمار أولى جهدها ففى 10 فبراير 2019 كُلّلت جهود مسيرة العودة للحضن الأفريقى بفوز مصر برئاسة الاتحاد الأفريقى فى دوراته للعام 2019.
ومثلما استطاعت الجهود السياسية فى رأب صدع العلاقات الثنائية مع بلدان القارة السمراء، ساهمت بطولة كأس الأمم الأفريقية للنسخة الـ32 فى 21 يونيو الماضى- التى قامت مصر بتنظيمها بشكل أبهر العالم وسط إشادات أفريقية ودولية- فى التقريب بين الشعوب الأفريقية والمصريين، ونجحت مصر فى استعادة مكانتها فى قلب الشعوب الأفريقية التى توافدت عليها لتشجيع منتخباتها، وما ساعدها فى هذه المسيرة هو حب الشعوب الأفريقية لكرة القدم، وشكلت الرياضة قوة مصر الناعمة الضاربة فى العمق الأفريقى.
وبخلاف ذلك ساهمت مؤتمرات الشباب فى مد جسور الثقة والتقارب بين الشعوب الأفريقية، انطلاقا من مؤتمر شباب أفريقيا الذى شارك فيه عدد كبير من شباب ممثلى القارة السمراء، وإعلان مدينة أسوان عاصمة الشباب الأفريقى فى العام 2019، مرورا ببرنامج تأهيل الشباب الأفريقى برعاية الرئيس السيسى، وصولا لمؤتمر «أفريقيا» الذى سوف يعقد نوفمبر 2019 المقبل، تحت رعاية السيسى وبحضور رؤساء ووزراء أفارقة و 2000 من رجال المال والأعمال بالعاصمة الإدارية تحت شعار «استثمر فى أفريقيا».
وتحظى القضايا الاقتصادية والأمن فى القارة الأفريقية بأهمية كبرى لدى الرئيس السيسى، وحضوره ممثلا عن القارة الأفريقية حاملا معه قضايا القارة السمراء فى قمة تيكاد 7، يعد استكمالا للمسيرة العظيمة التى حرصت فيها الدولة المصرية على تأكيد جملة من الثوابت التاريخية والاستراتيجية، والالتزامات السياسية والعملية تجاه محيطها الأفريقى، فى مقدمتها إعلاء مبادئ التعاون الإقليمى، والمساهمات المصرية فى برامج الاتحاد الأفريقى.
وعملت الدولة المصرية السنوات الماضية على تنمية دول القارة عموما، ودول حوض النيل خصوصا، فضلا عن تنوع سياسات وآليات التحرك المصرى تجاه بلدان القارة، بين تحركات سياسية واقتصادية وإعلامية وثقافية ومائية، فضلا عن الدعم المصرى الواسع لجهود التنمية البشرية، من خلال إيفاد آلاف الخبراء والمختصين فى عشرات المجالات، واستقبال الآلاف من الأفارقة للتدريب فى المعاهد والأكاديميات المصرية، وتنوع مجالات واهتمامات «الصندوق الفنى للتعاون مع أفريقيا» التابع لوزارة الخارجية.
وفى هذه المسيرة، لم تكن التحركات العملية للدولة المصرية تجاه القارة فحسب، بل واكبها خطاب سياسى جديد ومختلف من الرئيس عبدالفتاح السيسى، ما ساهم فى عودة مياه العلاقات المصرية الأفريقية إلى مجاريها، بينما يتواصل تأكيد الرئيس فى كل المحافل والمناسبات لتاريخية واستراتيجية علاقات مصر بالقارة السمراء، واعتزازها بانتمائها لها، وإلى جانب هذا، حرصت مصر على قطع أشواط أبعد فيما يخص الانفتاح على دول القارة المختلفة، وتدشين مسارات متوازية من العلاقات الثنائية والتعاون المشترك مع دولها المختلفة، لتصبح حاضرة بقوة فى عشرات من الدول والمجتمعات، مستعيدة جانبا كبيرا من ميراثها العميق مع الدول الأفريقية ومواطنيها.
ولعل خريطة الجهود المصرية لمدّ أواصر الاتصال والتعاون مع دول القارة، تجلت واضحة فى تحرك عدد من الوزارات والمؤسسات لإبرام بروتوكولات واتفاقات شراكة مع عدد من الدول، لكن المؤشرات الأبرز على هذا التحول فى الرؤية المصرية للقارة السمراء تكشفها خريطة زيارات الرئيس التى بلغت أكثر من 21 زيارة فى مناسبات أفريقية فى 4 سنوات فقط، بما يمثل أكثر من %33 من إجمالى الزيارات الرئاسية الخارجية بحسب تقرير للهيئة العامة للاستعلامات فى عام 2018.
مؤشرات الاهتمام المصرى بأفريقيا أيضا جسدها تنظيم مصر فى العديد من المنتديات والفعاليات الأفريقية، إضافة إلى عقد الرئيس السيسى 112 اجتماعا مع قادة وزعماء ومسؤولين أفارقة زاروا مصر خلال السنوات الثلاث الأخيرة، من إجمالى 543 اجتماعا عقدها مع زوار مصر من قادة ومسؤولى دول العالم والهيئات والمنظمات الدولية.
وتنوعت خريطة زيارات الرئيس لتتضمن 7 زيارات فى العام الأول لرئاسته «من 8 يونيو 2014 حتى 7 يونيو 2015» شملت «السودان بـ3 زيارات، وإثيوبيا بزيارتين، وزيارة لكل من غينيا الاستوائية والجزائر»، وفى الفترة نفسها عقد الرئيس اجتماعات ولقاءات مع مسؤولين خلال زياراتهم لمصر، أو خلال المشاركة فى مؤتمرات ومنتديات استضافتها مصر، بلغت 213 اجتماعا، كان نصيب القارة الأفريقية 45 اجتماعا منها، شملت دول «إثيوبيا، والسودان، وجنوب السودان، والمغرب، والجزائر، وليبيا، ومالى، وبوركينافسو، والصومال، والسنغال، وجزر القمر، وغينيا الاستوائية، وتشاد، وأفريقيا الوسطى، وتونس، وبوروندى، ورواندا، وجنوب أفريقيا»، وغيرها، كما شملت هذه اللقاءات اجتماعات مع وفود من وزراء البيئة الأفارقة، ورؤساء تحرير الصحف الأفريقية، ووفد التليفزيون الإثيوبى، ووفد السوق المشتركة لشرق وجنوبى أفريقيا «كوميسا».
وخلال العام الثانى من رئاسته «8 يونيو 2015 حتى 7 يونيو 2016»، زار الرئيس السيسى إثيوبيا، إضافة إلى مشاركته فى قمة الهند أفريقيا. وفى تلك الفترة عقد اجتماعات ولقاءات مع مسؤولين خلال زيارات لمصر، أو خلال المشاركة فى مؤتمرات ومنتديات استضافتها مصر، بلغت 175 اجتماعا، كان نصيب القارة الأفريقية منها 42 اجتماعا، شملت دول «إريتريا، وزيمبابوى، ومالاوى، وموزمبيق، وأوغندا، والجابون، والنيجر، وموريتانيا، ونيجيريا، وتوجو، وإثيوبيا، والسودان، وجنوب السودان، والجزائر، وليبيا، وجزر القمر، وغينيا الاستوائية، وتشاد، وبوروندى، وجنوب أفريقيا، والمغرب والكونغو الديمقراطية» وغيرها، كما شملت هذه اللقاءات اجتماعات مع وفود رؤساء تحرير الصحف الأفريقية، والدبلوماسية الشعبية الإثيوبية، وبنك التنمية الأفريقى، وسكرتير عام تجمع الكوميسا، ورئيس برلمان عموم أفريقيا، ووزراء دفاع دول الساحل والصحراء، وغيرها، وفى 28 يناير من العام نفسه فازت مصر بعضوية مجلس السلم والأمن الأفريقى، والعضوية غير الدائمة فى مجلس الأمن الدولى عن القارة لعامين «2016/ 2017».
وفى السنة الثالثة للرئيس عبدالفتاح السيسى «8 يونيو 2016 حتى 7 يونيو 2017» أنجز 6 زيارات لأفريقيا، تضمنت المشاركة فى القمة الأفريقية فى العاصمة الرواندية كيجالى، والقمة العربية الأفريقية فى مالابو، والقمة الأفريقية فى أديس أبابا، إضافة إلى زيارات ثنائية لكل من السودان وأوغندا وكينيا، كما زار الرئيس أوغندا فى 22 يونيو 2017 لحضور قمة دول حوض النيل، والقمة الألمانية الأفريقية فى 3 يوليو 2017، إلى جانب جولة رئاسية شملت 4 دول «تنزانيا ورواندا والجابون وتشاد»، كما استضافت مصر نحو 25 اجتماعا أفريقيا.
وفى 8 مايو 2018 عقد الرئيس اجتماعات ولقاءات مع مسؤولين خلال زياراتهم لمصر مؤخرا، كان أبرزها زيارة الرئيس الأوغندى يورى موسيفينى للقاهرة، إذ استقبله الرئيس السيسى فى قصر الاتحادية، وأثمر اللقاء عن إعلان خطة تعاون ثنائية فى مجالات الزراعة والتجارة والمناطق الصناعية والكهرباء والطاقة المتجددة، إضافة إلى توقيع عدد من الاتفاقات بين البلدين، ليتوج الرئيس ومؤسسات الدولة جهود 4 سنوات من العمل المتواصل، باكتمال العودة إلى أحضان الأشقاء فى القارة السمراء.
أما أحدث اللقاءات والزيارات المتبادلة، فهى قيام الرئيس السيسى فى عام 2019 بجولتين أفريقيتين بالتزامن مع رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى، ففى إبريل العام الجارى زار غينيا، وكوت ديفوار، والسنغال، فى إطار اهتمامه بفتح آفاق جديدة من التعاون مع دول القارة الأفريقية، وكانت الجولة الثانية فى يونيو 2019، حيث قام بجولة أفريقية موسعة زار خلالها زامبيا وجنوب أفريقيا وأنجولا والكونغو الديمقراطية، وشارك في مراسم تنصيب نظيره الجنوب أفريقى «سيريل رامافوزا» فى العاصمة الجنوب أريقية بريتوريا، في إطار حرصه المتواصل على تعزيز التعاون مع كافة دول القارة، ولا يزال قطار النجاحات المصرية بقيادة الرئيس السيسى فى أفريقيا يواصل مسيرته، نحو محطة جديدة من النجاحات.