أبطال كرة اليد بين الإنجاز والإعجاز
السبت، 24 أغسطس 2019 12:06 م
المشاهد ـ مثلى ـ يجلس لمتابعة مباراة لمنتخبنا الوطنى لكرة القدم، فيجد نفسه وقد وضع يده على قلبه الذى تتسارع دقاته، مرتلًا ما يحفظ من القرآن، وداعيًا بكل دعاء لكى تمضى الأمور على خير، ونربح أو نتعادل أو نخسر خسارة ليست مهينة!
ومع كل مباراة تكون لى وقفة مع نفسى: لماذا أحرق أعصابى المحترقة أصلًا من أجل هؤلاء؟ طبعًا لا أجد إجابة، فالعاشق هو قتيل يديه وضحية عشقه.
ما سبق كان وصفًا لحالتى مع منتخبنا الوطنى لكرة القدم، أما مع كرة اليد، فأنا أريد ربابة يرافقنى عزفها وأنا أكتب عن منتخبنا الوطنى للكبار أو الشباب أو الناشئين.
الله! ما أحلى الثقة، الله! ما أجمل الطمأنينة، أجلس هادئًا مبتسمًا لفوز قادم لا محالة، فإن لم يكن الفوز كانت الرجولة والحماس والإخلاص والكفاح حتى آخر ثانية من عمر المباراة.
فريق ناشئى كرة اليد الذى توج قبل أيام ببطولة العالم خير ممثل لنجاح المشروع، مشروع البناء القائم على الفهم والتخطيط والسهر من أجل تضفير التفاصيل الدقيقة لكى يعلو البناء.
منتخبنا الوطنى لم يكن ضربة حظ، ولا رمية من غير رامٍ، ليس فيه من سخافات العشوائية شىء، عندما كنا نتابعه وهو يقابل فحول العالم ويقهرهم، كنا نشاهد فى الحقيقة ثمار الاحتراف وإخلاص الهواية، كل المتابعين لتلك الرياضة التى لا تعد شعبية، كانوا على ثقة من نجاح أولادهم فى تخطى الصعوبات، فهذا جيل جديد لم يعرف التعبير الكذوب عن «الأداء المشرف» أو «الهزيمة بطعم النصر»، فليس هناك هزيمة لها طعم غير طعم الهزائم، هذا الجيل ما إن تتاح له الفرصة حتى يبرع ويتربع على عرش أى مجال، فليس صحيحًا أن التخلف قدر لا فكاك منه أو «جين» لا مهرب منه إلا إليه.
لقد قدم لنا لاعبو فريقنا الوطنى درسًا فى التفريق بين الإعجاز والإنجاز، فالإعجاز هو أمر نادر إن حدث مرة فلن يحدث الثانية، أما الإنجاز فهو نتيجة جهد وعمل بشرى منظم يقوم على أسس علمية.
وقد أحسن اللاعب حسن وليد هداف منتخب ناشئى كرة اليد، عندما وضع الأمر فى منزلته الصحيحة، فقد صرح للإعلام بعد تكريم الرئاسة للفريق قائلًا: «إن تكريم الرئيس أشعرنا بقيمة الإنجاز الذى حققناه، وجاء بمثابة حافز لمواصلة مشوار التتويج فى الفترة المقبلة».
الشاب النابه الذى لم يتجاوز العشرين من عمره قدم القراءة الصحيحة لهذا الفوز العظيم والعريض، مَنْ أراد الفوز فيأخذ بأسبابه، ولا طريق للفوز سوى العمل الجاد المخاصم للارتجال والمعادى للعشوائية.
وقد لفت نظرى أن لاعبين من لاعبى المنتخب الفائز ببطولة العالم يدرسان الهندسة بجامعة القاهرة، وهذا معناه أن النجاح على أكثر من صعيد ممكن جدًا وليس معجزة دونها الأهوال، لقد نجح أولادنا العظماء لأنهم أرادوا النجاح وعملوا من أجله ولم ينتظروا ضربة الحظ أو مجاملة الحكام، فاستحقوا وعن جدارة أن تكافئهم الدولة باستقبال الرئيس لهم مع منحهم وسام الجمهورية من الطبقة الأولى.
والمفرح فى الأمر، بل بشارة الخير، أن التتويج الأخير كانت له مقدمات أخبرت به، ففى العام 1993 حقق مجدى أبو المجد، المدير الفنى لمنتخب مصر لناشئى اليد، بطولة العالم عندما كان لاعبًا من لاعبى منتخب الشباب، وكان يزامله النجم حمادة الروبى.
وعندما جاء العام 1999 أحرزت مصر المركز الثالث وكان يقود المنتخب المصرى النجم حسين زكى، الذى يشغل منصب المدرب المساعد بالجهاز الفنى الفائز ببطولة العالم.
وفى العام 2001، حقق النجوم مجدى أبو المجد وحسين زكى وحمادة الروبى، المركز الرابع ببطولة العالم لكرة اليد للكبار.
وبعد، فكل التحية لأبطال كرة اليد عبدالرحمن حميد، ومؤمن حسام، ومازن رضا، وإبراهيم السيد، وعمر عطية، ومهاب سعيد، وسيف هانى، وحسن قداح، وزياد عبدالعال، ومحمد سمير، ويوسف علاء الدين، ويوسف أحمد حسن، وعبدالفتاح على، وأحمد هشام السيد، وعمر لطفى، وياسر سيف.
ودعاء من القلب أن يحفظ الله عليهم شبابهم وتواضعهم وحرصهم على التفوق والنجاح.