أسس جمعية خيرية لإبعاد الشباب عن الجريمة.. قصة زعيم عصابات «تائب» في كينيا
الجمعة، 16 أغسطس 2019 11:00 ص
"أصبح مديرًا للعلاقات المجتمعية فى مؤسسة خيرية، تخصصت فى إبعاد الشباب عن الجريمة وإحلال السلام والأمن فى المنطقة".. إنه الكيني "جورج أوكوا"، والذى توقع انتظر فيه الجميع اعتقال أو وفاته إثر جرعة مخدرات زائدة، أو مقتولًا على يد أحد أعدائه من أفراد العصابات التى يتعامل معها، بسبب العنف أو المخدرات.
حكاية الشاب الإفريقى جورج أوكوا، بدأت حين كان عمره لا يتجاوز الـ11 عامًا، وقرر البحث عن حياة أفضل من وجهة نظره، بعد أن ازدحم منزله بإخواته وأسرته التى بلغ عددهم 27 شخصا بسبب زواج والده 23 مرة وإنجاب من كل منهم، وتطلع لأمل الحياة فى العاصمة نيروبى، التى كان من يذهب إليها لا يعود إلا زيارات محملة بالهدايا التى تدل على تحسن معيشته.
وبغض النظر عن عواقب فعلته الوخيمة، ترك أسرته وإخواته التى يصل عددهم 27 فردًا، ليبدأ فى العاصمة نيروبى مع ابن عمه الأكبر بالعمل بدوام جزئى محاولًا استكمال تعليمه الثانوى، وقاده الطموح والبحث عن المكسب السريع إلى أن يكون أحد أشهر تلاميذ عصابة الـ 12 فى كينيا.
ولد أوكوا فى سيايا ، غرب كينيا ، وتزوج والده ثلاث زوجات ولم يستطع تحمل نفقات الدراسة، فعملت والدته وزوجات أبيه لتوفير الطعام، ولكن عدد الأفواه التى يجب إطعامها كان يعنى أن جميع مكاسبهم ذهبت إلى الطعام.
المكان الوحيد الذى كان بوسع أوكوا وابن عمه تحمل تكاليف العيش فيهما فى نيروبى هى الأحياء الفقيرة، حيث استأجروا الصفيح وعملوا فى وظائف البناء، والتحق أوكوا بالمدرسة الثانوية خارج كيبيرا، وبدأ بداية واعدة ، لكنه سرعان ما تعثر أثناء محاولته الموازنة بين الحاجة إلى كسب المال مقابل التعليم، ومع انهيار حلمهم فى حياة المدينة ببطء، بدأت خيبة الأمل.
يقول أوكوا، فى حوار نشرته صحيفة "الجارديان" لم يكن لدى الخيار، فبدأت تخطى الدروس للحياة فى الشارع والأموال التى قدمتها، و لم يمض وقت طويل قبل أن أنغمس فى العصابات.
وكان أوكوا يسيطر على الأحياء الفقيرة، وشكل عصابته الخاصة، حيث كان يفرض الضرائب على السكان لحماية ممتلكاتهم، وبدأ يسيطر على العصابات الصغيرة فى هذه الأحياء، وازدادت عمليات السطو وضرب النساء واغتصابهن، وزادت مواجهاته مع الشرطة، واستخدمه السياسيون سلاحًا للتأثير على التصويت فى كينيا، حتى وصل بعد مرور 15 سنة، إلى أن تم تنصيبه زعيمًا لعصابة كبيرة بعد أن امتد نفوذه خارج الأحياء الفقيرة بتكليفات من الأثرياء.
ويذكر أوكوا، دوره فى العنف السياسى فى أحد أيام الانتخابات، والتى تسبب ذلك فى عنف بجميع أنحاء البلاد، مما أدى إلى اشتباكات مع الشرطة وخسائر فى الأرواح على جانبى الانقسام.
ويقول أوكوا: كان المال الذى كنا نكسبه كثيرًا، لكننا كنا نشترى به المخدرات والكحوليات والنساء، وبمجرد أن تنفذ نبدأ مهمة جديدة، وتعاد الكرة مرة أخرى
يعمل أوكوا الآن مدير العلاقات المجتمعية فى منظمة خيرية عددها 420 فردًا، شارك فى تأسيسها مع شاب يدعى أوديدى فى عام 2004.
تغيرت حياة أوكوا بالكامل فى هذا العام، حين حاول شاب ذكى وطموح بنفس الدرجة، يدعى كينيدى أوديدى، التقرب من أوكوا ، و الانضمام إلى عصابته، ولكن أوكوا رأى فيه شيئًا ما ورفض وجوده معهم، على أمل ردعه عن حياة الجريمة، ولكنه فى الحقيقة كان يسعى لجلب السلام والخير إلى كيبيرا.
وبدأ التحول فى كيفية التفكير باستخدام مهاراتهما لتحويل الشباب عن العنف، وبناء تطلعات إيجابية وأمل وأمان، وكان لدى كينيدى أوديدى، رجل الأعمال والمؤسس المشارك لمؤسسة شوفكو الخيرية، حلم لتحقيق السلام والموارد فى كيبيرا.
جاء كينيدى بفكرة أن الطاقة السلبية يمكن استخدامها فى أشياء أخرى مثل كرة القدم والمسرح والتنظيف ومساعدة المجتمع، وحماية الأمهات من العنف والاغتصاب.
وبدأوا فى جذب أفراد العصابة للمؤسسة الخيرية، رغم المعوقات التى واجتههم إلا أن تنظيم مباريات كرة القدم وورش العمل المسرحية والدروس شجعهم على بدء حياة آمنة ومريحة.
وبدأ أوكوا يركز على إحلال السلام فى المجتمع، خاصة أثناء الانتخابات، وبدأ العمل مع الشرطة لإحداث التغيير من خلال إظهار شعور الناس بالظلم فى بعض المواقف وتقديم الدعم اللازم لهم.
وأصبح أوكوا يقضى وزملاؤه التلاميذ وقتهم فى بناء علاقات مع الشرطة والحكومة فى جهد لإبقاء شباب مدينة "كيبيرا" على قيد الحياة وإبعادهم عن الجريمة، مع بناء البنية التحتية التى تدعم أفقر سكان كينيا، مع تعليم الشباب، احترام الذات والمرأة.
أوكوا الذى يرتدى الآن ملابس أنيقة ويتحدث بهدوء، ليس هو الشخص الذى عاش زعيمًا لعصابة إجرامية لسنوات طويلة، يدعو العالم كله لإحلال السلام والأمن بديلًا عن العنف، كأولى أساسيات التنمية والاستقرار فى أى حى أو منطقة أو دولة.