«عادتهم ولّا هيشتروها».. إخوان تونس ينقضون على كعكة «الرئاسة والبرلمان»
السبت، 10 أغسطس 2019 08:00 مكتب- محمود على
- الأحزاب التونسية تتحد لإنقاذ بلاد بورقيبة من السقوط فى فخ الإخوان
لا حديث فى تونس الآن إلا عن المستقبل القريب للقصر الرئاسى، بعد وفاة الرئيس الباجى قائد السبسى، متأثرا بمرضه الشديد، فبعد أن أدى محمد الناصر رئيس البرلمان اليمين الدستورى كرئيس مؤقت يتولى الحكم لفترة أقصاها 90 يوما لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، يُطرح فى دواليب السياسة تساؤلات حول ما سيؤول إليه الوضع بعد انتهاء المدة المؤقتة، وهل ستنقض جماعات الإسلام السياسى على المشهد مجددا كما فعلت بعد الثورة التى أنهت فترة الاستبداد فى تونس؟
قبل أيام ظهرت الكثير من التطورات على الساحة السياسية، تكشف توجه حركة النهضة الإخوانية نحو الرئاسة، حيث أعلنت مؤخرا ترشيح نائب رئيسها عبد الفتاح مورو (71 عاما) لانتخابات الرئاسة المبكرة التى ستجرى فى 15 سبتمبر المقبل، فيما أعلن رئيسها راشد الغنوشى عن نيته الترشح للبرلمان وتحديدا نحو الرئاسة، وهو ما يشير بوضوح إلى أهداف حركة النهضة المشبوهة بهدف الانقضاض على السلطة، عبر الاستيلاء على البرلمان ثم الرئاسة، والنتيجة واحدة ستقود بلاد بورقيبة إلى المجهول، وهو ما يعنى أن إخوان تونس يريدون الصعود من جديد على الرئاسات الثلاثة من أجل السيطرة على المشهد السياسى بأكمله.
إعلان الغنوشى ترشحه للبرلمان التونسى لا يمنع الحركة من التفكير فى خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، فرغم الخلافات الداخلية بين القاعدة القيادية بالحركة على ترشيح شخص ينتمى للإخوان بالانتخابات الرئاسية، سريعا أرادت الحركة الصعود على كرسى الرئاسة من دون تدرج، حتى وإن كان ذلك رغما عن إرادة الشعب التونسى، الذى لفظ حكم الإخوان قبل سنوات، عندما دعم السبسى رئيسا للبلاد، ورفض استمرار المنصف المرزوقى الرئيس السابق صاحب الميول الإخوانية فى منصبه حتى أسقطه فى الانتخابات الرئاسية عام 2014، وليس مفاجئا أن يخرج أحد أعضاء النهضة ورئيس شورتها، عبدالكريم الهارونى، بعد ساعات قليلة من وفاة الرئيس التونسى ليؤكد أن جميع الخيارات مطروحة بما فيها وصول أحد أعضاء حركة النهضة لرئاسة للبلاد.
الغريب هنا أن الهارونى الذى كانت لديه خلافات واسعة مع الرئيس التونسى قبل وفاته، وصلت إلى حد مطالبة السبسى باحترام الدستور، أظهر صراحة نوايا حركة النهضة الخبيثة سريعا من دون أن يضع الخلافات الكارثية بالحركة فى الاعتبار، وكأنها مراوغة سياسية تبعد الأنظار عن الجماعة المتطرفة للانقضاض على السلطة، فحدد رئيس شورى النهضة خطوات رئيس الحركة المستقبلية، بقوله إن الغنوشى لا يمكن أن يدخل البرلمان كنائب فقط، فإما رئيسه أو مسئولا آخر فى الدولة، وهو ما استكمله بتصريحات أكد خلالها دراسة «النهضة» الوضع الجديد، وطبيعة الدور الذى سيلعبه رئيسها داخل الدولة، متابعا: «لا يجب أن يبقى رئيس «النهضة» خارج الدولة، لأنها مرحلة تجاوزناها».
الخلافات الظاهرة للعلن بين جبهة الغنوشى وعبدالفتاح مورو المتقدم للرئاسة، حول توقيت دخول شخصية إخوانية المعترك الرئاسى فى هذه الفترة الحساسة، يبدو أنها مراوغة سياسية من الحركة، فلا تمنع هذه الخلافات الظاهرية للحركة من الإعلان صراحة وعلى لسان أكثر من إعلامى منتمر لها إنه فى حالة فشل عبدالفتاح مورو للصعود إلى كرسى الرئاسة، قد تتحالف حركة النهضة المتطرفة مع المنصف المرزوقى المثير للجدل لتدعمه ليكون واجهتها الرئاسية مرة أخرى، ليتوسع طموحها بالتسلط على الرئاسة والبرلمان حتى وإن كان عبر التزوير، وهو ما يثير قلقا واسعا لدى التونسيين، «ساسة ومواطنين»، الذى أكدوا أن هذا التوجه الإخوانى قد يفتح جحيم الصراعات من جديد، على اعتبار أنه من المستحيل التوافق على حركة النهضة مرة أخرى.
ورغم حالة الجدل المثارة حول محاولة النهضة التونسية الانقضاض على المشهد السياسى بهذا الشكل، يبدو أن الحركة عازمة على استكمال مسارها نحو رئاسة البرلمان وقصر قرطاج، وهو ما فسره محللون سياسيون فى تونس بأنها محاولة للإفلات من العقاب بقضايا عديدة، كان قد تورط فيها سابقا الكثير من الشخصيات القيادية بالحركة وأبرزهم راشد الغنوشى نفسه، وهو ما أشار له باحثون تونسىيون فى وقت سابق أكدوا أن هناك قضايا عديدة متعلقة بملف التمويل الأجنبى فى الفترة من 2012 إلى 2014 ترتبط بأسماء قيادات كبرى داخل الحركة الإرهابية وعلى رأسها الغنوشى؛ وهو ما دفعهم للترشح على رءوس قوائم النهضة بالانتخابات التشريعية للبحث عن الحصانة البرلمانية.
من جانبها أكدت الدكتورة ليلى همامى، المرشحة لانتخابات الرئاسة التونسية، إن الائتلاف الحاكم الذى تقوده حركة النهضة يسعى إلى العثور على ثغرة تضمن له الاستمرار فى الحكم بكل الوسائل وبطرق الحديد الساخن، موضحة أن الدليل على ذلك التنقيحات الأخيرة التى أدخلتها على القانون الانتخابى وهو شكل من أشكال الاستبداد الجديد الذى تسعى حركة النهضة إلى استغلال الوضع لفرضه بتواطؤ مفضوح من حكومة يوسف الشاهد والأحزاب المتحالفة معها، مضيفة: «لذلك وفى هذا الظرف لن تكون الانتخابات البرلمانية والرئاسية نزيهة ولا شفافة ما دامت النهضة لا تزال تسيطر على الموقف بحضور رئيس مؤقت للجمهورية باستخدام التشريعات والتلاعب بالممارسات السياسية التى عطلت إلى اليوم تشكيل المحكمة الدستورية من أجل الإبقاء على هيئة مؤقتة لمراقبة دستورية القوانين».
أمام هذه التحركات الإخوانية، تحاول المعارضة فى تونس الالتئام لتوجيه صفعة مدوية لحركة النهضة، من خلال كشف جولات تجريها فى الخارج لتعريف الحكومات الغربية بحقيقة الجماعة، كمحاولة لتجفيف منابع التمويل لهذه الجماعة، وقال منذر قفراش، رئيس جبهة إنقاذ تونس: «قمنا خلال الفترة الماضية بجولات داخل فرنسا والإمارات ومن المتوقع أن جولات الأيام المقبلة ستشمل بريطانيا والولايات المتحدة وعددا كبيرا من الدول العربية، كمحاولة منا لتجفيف منابع تمويلات الإخوان التى تأتى لها أموال طائلة من عدة دول»، موضحا أن جبهة إنقاذ لتونس شكلت مؤخرا لجنة من المحامين الوطنين لإدراج الإخوان على قوائم الإرهاب فى أوروبا، مؤكدا أن حركة النهضة تمتلك جهازا سريا يقوم بأعمال اغتيالات لمعارضى أفكار الحركة وتحركاتها الإرهابية.