لماذا "سنورس" بؤرة إرهاب فى الفيوم؟

السبت، 10 أغسطس 2019 07:00 ص
لماذا "سنورس" بؤرة إرهاب فى الفيوم؟

يعد "سنورس" أخطر مراكز محافظة الفيوم على الإطلاق خلال الفترة الأخيرة ، نظرا لوجود عدد من الإرهابيين  قاموا بعمليات إرهابية آخرهم العمل الإرهابى لمعهد الأورام وقبل ذلك تفجير كنيسة القديسين الإرهابى ، ليتحول هذا المركز لبؤرة إرهاب خطيرة تستدعى التدخل السريع لمواجهته والقضاء عليه.

ومع نجاح وزارة الداخلية في كشف ملابسات حادث انفجار سيارة أمام المعهد القومي للأورام بالقاهرة، عقب إجراءات الفحص والتحري، وكذا جمع المعلومات وتحليلها بمعرفة قطاع الأمن الوطني عن تحديد منفذ الحادث، حيث تبين أنه عضو بحركة حسم التابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي عبد الرحمن خالد محمود عبد الرحمن "واسمه الحركي "معتصم" والهارب من الأمر بضبطه وإحضاره علي ذمة إحدي القضايا الإرهابية لعام 2018 المعروفة بطلائع حسم ، بعدما تم التاكيد على ذلك من خلال مضاهاة البصمة الوراثية للأشلاء المعثور عليها والمجمعة من مكان الحادث مع نظيرتها لأفراد أسرته ، كما توصلت عمليات الفحص والتتبع للسيارة المستخدمة في الحادث عن تحديد خط سيرها قبل التنفيذ وصولاً لسيرها عكس الاتجاه بطريق الخطأ بشارع كورنيش النيل حتي منطقة الحادث.

تساؤلات كثيرة طرحت منذ إعلان بيان وزارة الداخلية مساء الخميس أن تفجير معهد الأورام الذي فطر قلوب المصريين وأبكاهم كان وراءه أحد الجماعات الإرهابية من مركز سنورس بمحافظة الفيوم خاصة أن بيان سابق للوزارة عقب تفجير كنيسة القديسين أكد أن وراء الجريمة عضو بجماعة إرهابية ينتمي لقرية منشأة عطيف بمركز سنورس وهنا يطرح السؤال نفسه لما تحديدا مركز سنورس وهل زرع الإرهاب زريعته بالمركز فأنبتت نبتا شيطانيا أراد زعزة أمن واستقرار الوطن وقتل الأبرياء ؟.

هنا نرصد لماذا تحول مركز سنورس لبؤرة إرهابية ليس فى الوقت الحالى فقط لكن منذ زمن عندما بدأ انتشار الأفكار المتطرفة بمركز سنورس بداية من قرية فيديمين بعدما جاء إليها  الدكتور عمر عبدالرحمن مؤسس الجماعة الإسلامية عقب تخرجه من كلية أصول الدين من جامعة أسيوط حيث عمل إماما بالمسجد العتيق بالقرية وبدأت الجرأة في تكفير الحكام وبدأ يأتي إليه أتباعه من مختلف قري المركز ثم ذاع صيته بمحافظة الفيوم والمحافظات المجاورة وكانت خطبته الإسبوعية يوم الجمعة تضم العديد من الحضور.

ولم يتوقف الفكر المتطرف بالمركز عند عمر عبد الرحمن فقط ولكن بظهور جماعة الشوقيين وتمركزهم بمركز سنورس وقرية كحك بمركز يوسف الصديق بدأ عهد جديد من الأفكار التكفيرية والمعتقدات المتطرفة.

ومع قدوم جماعة الإخوان المسلمين بدأ أتباع الجماعة يظهرون من مختلف قري المركز وكان سنورس الأكثر حشدا في جميع مسيرات ومظاهرات الجماعة واختارته الجماعة لاستقبال الدكتور محمد البرادعي في زيارته الوحيدة لمحافظة الفيوم وقادوا معه مسيرة حاشدة حضرها جميع أنصارهم بالمركز وكانت بداية الظهور الحقيقي لحجم وعدد مؤيديهم .

سكان مركز سنورس نفسه لم يسلموا من الإرهاب بعدما شهد العديد من الحوادث الإرهابية خلال الفترة الماضية منها إطلاق النيران علي سيارة  الضابط شريف سامي "رائد بمديرية أمن الفيوم" الذي كان مستقلاً سيارته وبصحبته صديقه "رامي أحمد كمال"، 37 سنة، محامٍ، ونجلة جاسي 4 سنوات، وفي طريق سنورس وبالقرب من مساكن ميمنة أطلق مسلحون وابلاً من الرصاص على السيارة، مما أسفر عن مقتل الطفلة والمحامي تم نقل الجثتين إلى مستشفى الفيوم العام وبعدها تم دفنهما.

كما لقي رقيب شرطة وأمين شرطة مصرعها  في حادث إرهابي بمركز سنورس حيث كانا في مأمورية بقرية سنهور وعقب رجوعهما بعد انتهاء عملهما الي محل اقامتهما وكانا يستقلان دراجتان بخاريتان استهدفهما مسلحون وأطلقوا عليهما وابلا من الأعيرة النارية من بين الزراعات وتركوهما جثين هامدتين وفروا هاربين وتم نقل الضحيتين إلى مستشفى سنورس المركزي ودفنهما.

ومن جانبه قال الدكتور أحمد برعي أحد أهالي مركز سنورس وسكرتير عام لجنة الوفد بمحافظة الفيوم أن السبب الرئيسي لإنتشار الفكر المتطرف والإرهاب أن الفيوم بأكملها كانت تعاني اهمالا من سنوات طويلة علي صعيد التنمية وهي كانت دوما في المركز قبل الأخير في تقارير التنمية البشرية وتحتل النسبة الأعلي في الأمية مع ثلاثة محافظات أخرى وتعاني من الفقر وانعدام الأنشطة الثقافية والشبابية والرياضيةكل هذا ماذا يمكن ان يؤدي غير التطرف الفكري والديني ؟ قائلا: نحن نري مساجد في القري ليست خاضعة للأوقاف وتري جمعيات تؤسس حضانات للاطفال يتم فيها تغذيتهم بأفكار معينة مشيرا إلى أن الاعتماد علي الجانب الأمني ليس كافيا حيث أن الفيوم محافظة لها خصوصية وبذور الفكر المتطرف وضعت فيها منذ فترة طويلة.

وقال أحمد السني أحد أهالي مركز سنورس لم أستغرب ان تكون محافظه الفيوم بها شباب باع نفسه للشيطان لعدم وجود من يحتضنه حيث أهملت محافظه الفيوم منذ اكثر من 40 علي المستوى الإقتصادى والسياسى والدينى والثقافى والرياضى ونتج عنه هذا الحصاد المر وعلي أجهزة الدولة التكاتف وعلاج ذلك بوضع محافظه الفيوم على خريطة التنمية والرعاية لنزع بذور الإرهاب والأفكار الضالة التى يحملها آلاف الشباب بعضهم ينتظر فرصه من يجذبه تجاه الأعمال الإرهابية وبعضهم يتمنى الأرض التى تحتضنه كرها فى الحياه وانتقاما من المجتمع ومؤسسات الدولة التى لا يرى لها أثر بمحافظته.

ومن جانبه، قال الدكتور سعيد صادق استاذ علم الاجتماع السياسى، إن هناك ما يطلق عليه جغرافيا محددة للإهاب، موضحا أن البيئة الحاضنة للإرهاب والتطرف تتركز فى المناطق الريفية والعشوائيات والفيوم جزء من الصعيد وبالتالى لديها ثقافة "الثأر" وحمل السلاح، موضحا أن تنظيم حسم الإخوانى فى 2016 يضم عدد من أبناء الفيوم أعلن أن أهدافه استهداف الشرطة والقضاء وكبار المسئولين.

وأضاف صادق فى تصريح لـ"اليوم السابع" أن عددا كبيرا من الجماعات الإسلامية وأصحاب فكر الجهاد خرجوا من الفيوم خاصة وأن الموقع الجغرافى للمحافظة وانتشار الزراعات والمناطق الصحراوية يساعد على الفرار والهروب، والبيئة فى منطقة الفيوم تتسم بالفقر وثقافة السلاح، وبالتالى من الطبيعى نجد عمليات تجنيد لتنفيذ العمليات الإرهابية، حيث تتوافر بيئة حاضنة للتجنيد والدعم والحماية والتستر.

وتابع استاذ علم الاجتماع السياسى، أن وجود وتوافر السلاح نتيجة لفكر "الثأر" ساهم فى فكرة سهولة التوجيه نحو اتخاذ الثأر سواء ضد اشخاص طبيعيين، أو ضد الدولة والمؤسسات، موضحا أن غياب الحلمات والمداهمات والعقوبات الرادعة ومصادرة الأموال سبب فى تفاقم المشكلة .

وشدد الدكتور سعيد صادق، على ضرورة تكثيف محاربة ثقافة "الثأر" فى السعيد سيقل الطلب على السلاح، مع وضع خطة لوقف عمليات التهريب ومداهمة مصانع بير السلم.

خبير أمنى: مواجهة عمليات الاستقطاب يتطلب تكثيف دور الأوقاف لتجديد الخطاب الدينى

وبدوره، قال اللواء مجدى البسيونى الخبير الأمنى ومدير أمن الفيوم الأسبق، إن الفيوم تضم جماعات ذات فكر إرهابى بداية من تشكيل مجموعة "الشوقيين" كما أنه بلد عمر عبد الرحمن الزعيم الروحى للجماعات الإسلامية، ومن هنا أصبحت الفيوم مكان لانتشار أفكار التطرف والجهاد.

وأضاف البسيونى، أن المجموعة الواردة فى بيان وزارة الداخلية فى سن العشرين، مما يؤكد أن هناك عملية استقطاب للشباب لتجنيدهم، موضحا أن هناك نوعين من الاستقطاب الأول البحث عن المال والثانى يتمثل فى استغلال فكرهم إلى أن تصبح عقيدة وليس للبحث عن الأموال فقط، موضحا أن الخلية المضبوطة تم تغيير مفهوهم ومسح عقولهم تماما بدليل مشهد وداع الأم للإرهابى وفقا لفيديو وزارة الداخلية، مما يؤكد أن لديها عقيدة ويقين أن أبنها سيذهب إلى الجنة ، وذلك دليل على أن الأسرة كلها تعتنق الفكر الإرهابى عن عقيدة بدليل تجرد الأم عن الأمومة فى مشهد وداع الإرهابى .

وتابع الخبير الأمنى، أن مواجهة مشاكل تجنيد شباب الفيوم ، يكشف أن  هناك تقصير من وزارة الأوقاف بحيث كان يجب أن تنشط فى الفيوم ونكون أمام سلاح مضاد للفكر الإرهابى من خلال تجديد الخطاب الدينى، بالإضافة إلى ضرورة تغيير المدارس أسلوبها فى التعليم  بداية من المراحل الابتدائية والإعدادية ، من خلال إبراز دور الإرهاب والخسائر الناتجة عن العمليات الإرهابية فى صورة مشاهد درامية وقصص تحكى للتلاميذ ، بما يساعد على تخريج جيل لديه كراهية لهؤلاء الأوغاد ، بالإضافة إلى إبراز الدور الإيجابى للتلاميذ عند ضبط أى خلايا إرهابية من خلال التركيز على الخسائر المتوقعة حال عدم ضبط الخلية الإرهابية بما يساهم فى تشكيل فكر التلاميذ .

حزب حماة الوطن يدعو كل الأحزاب السياسية بالمشاركة فى توعية المواطنين بالمحافظات عن خطر الإرهاب

وفى ذات السياق، قال اللواء محمد الغباشى مساعد رئيس حزب حماة الوطن، إن هناك نسبة كبيرة من العناصر الإرهابية من محافظة الفيوم، وتلك المسألة تعود إلى الثمانينات بعد اغتيال الرئيس السادات، وكان هناك محاولة لاغتيال قائد المنطقة العسكرية المركزية فى بداية الثمانينات وكانوا من الفيوم، وبعد تتبع وجدنا أن الشيخ عمر عبد الرحمن أحد قيادات الجماعة الإسلامية من الفيوم أيضا.

وأضاف أن هناك مناطق كثيرة بالمحافظة قريبة من الظهير الصحراوى وبالتالى هناك دروب كثيرة يسهل الهروب منها عند ملاحقة الشرطة للجماعات الإرهابية، متابعا حتى لا نظلم مركز سنورس ومحافظة المنوفية، فإن العناصر الإرهابية تقوم بتجنيد الشباب فى المناطق الأشد فقرا نظرا لما تعانيه من نقص فى العلم وبالتالى يسهل السيطرة عليهم وإيهامهم بأنه الأعمال التخريبية وتكفير الحاكم والمجتمع والاستشهاد فى سبيل الله نتيجة لتغييب العقل بالدين.

وتابع غباشى، أن هناك واجب قومى للأزهر ووزارة الأوقاف كونهم مسئولين مسئولية كاملة عن كل الزوايا فى محافظات الجمهورية التى يتم فيها تسرب بعض العناصر للخطابة للوعظ بشكل مخلف للشرع ولا يتبعه صحيح الدين ويأخذوا بعض الأحاديث الموضوعة لدفع الشباب إلى الهاوية واستقطابهم لتنفيذ الأعمال الإرهابية والتخريبية.

وأشار مساعد رئيس حزب حماة الوطن إلى أن هناك مسئولية على كل الأحزاب والقوى السياسية بالساحة من خلال التركيز على توعية المواطنين بالمناطق الأكثر فقرا لتفقيه الناس وتعليمهم ، والتوعية بمخاطر الإرهاب والنجاحات التى تحققها الدولة المصرية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق