عادت من جديد.. أبراج الحمام تزحف إلى الأراضي الصحراوية بعد تراجعها في الريف والقرى

الثلاثاء، 06 أغسطس 2019 09:00 ص
عادت من جديد.. أبراج الحمام تزحف إلى الأراضي الصحراوية بعد تراجعها في الريف والقرى
برج حمام
كتب ــ محمد أبو النور

انتشرت فى القاهرة الكبرى، وعددٍ من المحافظات، ظاهرت تربية الحمام، فوق أسطح المنازل والعمارات ،وهناك من يقومون بتربيتها، فى البلكونات نظراً لضيق الأماكن وشقق المعيشة، ويلجأ الشباب الآن إلى تربية الحمام، كمشروعات اقتصادية، تُدر عليهم أرباحاً ومصادر دخول يومية وأسبوعية، تغنيهم ضد شبح البطالة، التى يعيشونها ربما لسنوات، فى ظل عدم حصولهم على وظائف، بالقطاعين العام والخاص، واحتياجهم إلى الإنفاق على أنفسهم أو أسرهم، بعد حصولهم على مؤهلات تعليمية متوسطة أو عُليا، وإذا كان البعض ينظر إلى تربية الحمام الآن، على أنها ظاهرة جديدة ومستحدثة، فإن الواقع يؤكد أنها قديمة، وكانت منتشرة فى الريف والقرى والنجوع والعِزب، ولكن عن طريق أبراج الحمام أو أبراج تربية الحمام، التى تراجعت خلال السنوات الـ 30 الماضية، وإن كانت هناك مبادرات ومحاولات شعبية وحكومية لإحيائها من جديد.

2019_6_28_11_14_30_533
برج حمام تحوم حوله الطيور

 

دراسات وبحوث تربية الحمام

تزخر المكتبات فى مصر، بدراسات وبحوث وتقارير عن الحمام وتربيته، وفى إحدى هذه الدراسات القيمة، يرصد عددٌ من الخبراء والباحثين، عملية تربية الحمام والعناية به ورعايته، ومنها دراسة بعنوان"تربية ورعاية الحمام"، شارك فيها كلٌ من الدكتور مجدى سيد حسن، رئيس بحوث بقسم بحوث تربية الدواجن، معهد بحوث الإنتاج الحيوانى، والدكتور خالد حسان الخولى، أستاذ فسيولوجيا الدواجن، كلية الزراعة بجامعة دمياط، والدكتور وائل على حسن، الباحث بقسم معهد بحوث الإنتاج الحيوانى، كما راجع الدراسة، الدكتور عصام فؤاد عبد الحميد، رئيس قسم بحوث تربية الدواجن، معهد بحوث الإنتاج الحيوانى، وقد تناولت الدراسة، أنواع الحمام وعادات وسلوكه، إلى جانب كيفية التمييز بين الذكر والأنثى، ثم مساكن الحمام، ثم تغذية الحمام والجهاز الهضمى له، ثم التكاثر فى الحمام، والأجندة الأسبوعية للحمام، وأسس اختيار حمام التربية، وأيضا أمراض الحمام وكيفية تأسيس مشروع لتربية وإنتاج الحمام، وقد أفاضت الدراسة فى أهمية تربية الحمام، وكذلك تحويله من تربية بسيطة إلى مشروعات اقتصادية، تعطى أرباحاً وتُدر أموالاً وتُعد مصدر دخلٍ، وأيضا تُعدد أفضلية وميزة تربية الحمام على الطيور الأخرى.

images
الأبراج فى انتظار الحمام 

 

أبراج الحمام قديماّ

منذ قرنٍ وأكثر من الزمان، كانت أبراج الحمام، تنتشر فى أكثر من بلد عربى، ما بين أسوان إلى نهر الفرات فى العراق، وكذلك بالثغور والطرقات الشامية والمصرية، والحجاز وغزة، وبلغ عددها من خلال ما ذكره القاضى محيى الدين ابن عبد الظاهر في كتابه "تمائم الحمائم"، فى آخر جمادي الآخرة سنة 687 هجرية، الموافق يوليو 1288 ميلادية، قرابة 1900 طائر، حيث كانت الطيور تخرج من أبراج القلعة، بالبرقية باستثناء مجموعة كانت في برج خارج القاهرة، يُعرف ببرج الفيوم، رتبه وأعدّه الأمير فخر الدين عثمان بن قزل أستادار، فى عهد الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب، وقيل له برج الفيوم، ومازالت بعض قرى المحافظة، تحتفظ بأعدادٍ من هذه الأبراج حتى الآن، بينما تهدّمت أخرى، كما تم تجديد وتحديث بعضها، وبنائه على الطُرق والنُظم والتصاميم الحديثة، وبالطوب والحجارة الجيرية البيضاء، بدلاً من الطوب الّلبِن، الذى كان يتم تشييدها به فى السابق.

maxresdefault
تربية الحمام داخل وفوق أسطح العمارات 

 

مراكز البريد وحمام الغِيّة

كان الحمام المُستخدم في نقل الرسائل، فى العصور الماضية، يُطلق عليه الحمام الزاجل، والذي كان يشتهر باسم حمام المراسلة، ويُستخدم في نقل الرسائل من مكان إلى مكان آخر، وقد استُغلت غريزة حب الحمام لموطنه ووطنه، في نقل الرسائل وقت الحروب، وكان يبلغ وزنه حوالي 600 جم، ويزيد عن ذلك، ويمتاز بعضلات صدره القوية، ومنقاره الطويل، ومن صفاته أنه كان يقف رافعاً رأسه مبرزاً صدره للأمام، وأهم ألوانه الأبيض والأسود والأزرق والبُنّي، وكان كل ذلك قبل تطور وسائل الاتصالات، وقد تغيرت وظيفة الأبراج بعد ذلك إلى تربية الحمام الزاجل للمحبين، الذين يتبادلون رسائلهم من خلاله،  أو من يحاولون أن يرسلوا رسائلهم بعيداً عن المراقبة، والعيون أو للهواه الذين يحبون اقتناء أنواع فريدة من الحمام، لذلك فهم يطلقون على مكان تربية الحمام "غِيّه"، بينما يبني المزارعون أبراج الحمام، لتربية حمام الطعام أو لاستخدام زَبَل الحمام كسماد جيد للأراض والتربية الزراعية.

2014-635394610544552222-455_main
أبراج الحمام وسط الزراعات 

 

تجارة رابحة بـ 2 مليار جنيه

تقدر أعداد الحمام، الذي يتم تربيته بين المصريين وفى بيوتهم، بحوالى 45 مليون طائر، بميزانية تقدر بحوالى 2 مليار جنيه، حسب آخر تقديرات صادرة  عن معهد بحوث الحيوان، التابع لوزارة الزراعة وواستصلاح الأراضى، فيما يخص الثروة الحيوانية والداجنة، تقارير المعهد تشير أيضا، إلى أن الحمام يُعد ثاني أنواع الطيور الداجنة، بعد الدجاج الذى يهوى المصريون تربيتها والانتفاع بها، تارة في الغذاء وأخرى كمصدر للرزق، عن طريق البيع، بعد تربيته وفقاً لأساليب، يتوارثها المصريون، منذ زمن الأسرات الفرعونية الأولى، أي قبل حوالى 5 آلاف سنة، ومن أشهر أسواق الحمام في مصر حالياً، سوق الجمعة بميدان السيدة عائشة، وسوق الاثنين في حي السيدة زينب بالقاهرة، و"السبت" بحي إمبابة بالجيزة و"الثلاثاء" في  طنطا بمحافظة الغربية و"الجمعة" في الإسكندرية والمحلة، وفى محاولات لاستعادة عرش أبراج الحمام، تحتوى المشروعات الزراعية، التى يتم الإعلان عنها، وكذلك التى يتم التخطيط لها الآن، على مشروعات للإنتاج الحيوانى، وتربية الدواجن والطيور، ومنها الحمام، الذى عادت من جديد، عمليات بناء أبراجه فى الصحارى، بعد تراجعها فى الريف والأراضى الزراعية القديمة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق