قصة صعود شقيق أردوغان
السبت، 03 أغسطس 2019 05:00 مرضا عوض
«الخراط» بالسفن الإسرائيلية الذى تحول لإمبراطور اقتصادى يهدده فيديو فاضح
حاكم تركيا فرض عليه السرية لمدة 15 عاما ليؤسس قلعة الفساد التى ضمت أفراد العائلة الحاكمة
حاكم تركيا فرض عليه السرية لمدة 15 عاما ليؤسس قلعة الفساد التى ضمت أفراد العائلة الحاكمة
لا حديث فى الأوساط التركية إلا عن قصة صعود مصطفى شقيق الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، والذى ظهر فجأة بعد اختفاء دام أكثر من 15 عاما ليتحول من فنى خراط على السفن الاسرائيلية «والتى عمل عليها بمساعدة شقيقه» إلى امبراطورية اقتصادية ضخمة تحوم حولها الكثير من الشبهات، بعد أن أسس قلعة من الفساد ضمت كل أفراد أسرة أردوغان.
البداية كانت عند الشقيق الأكبر وهو رجب طيب أردوغان الذى وقف قبل نحو ربع قرن أمام حشدٍ من جمهور مدينة اسطنبول محاولا إقناعهم بانتخابه رئيسا لبلديتها، رفع يده أمامهم، مؤكدا أن خاتم الزفاف الذى يحيط بأصبعه هو ثروته الوحيدة فى الدنيا.
الغريب أنه استطاع خداع الناخبين لتمر السنوات ويصبح رئيسا لتركيا بأكملها، وصارت ثروته وعائلته حديث الصحف ووسائل الإعلام العالمية بعد أن تجاوزت المليارات من الدولارات حيث تكدست البنوك بأرصدة عائلته «زوجته وأبنائه وعمومته وأصهاره»، ليبرز اسم شقيقه مصطفى والذى يحيط نفسه بدائرة من السرية والتعتيم لإخفاء إمبراطورية كاملة من الشركات والعقارات تتمركز فى مدينة إسطنبول.
مصطفى أردوغان شقيق الرئيس التركي، ولد فى عام 1958، وحصل على شهادة الثانوية، إلا أنه فشل فى إكمال تعليمه بعد ذلك بسبب أوضاع عائلته الاقتصادية السيئة؛ وهو ما اضطره إلى العمل كفنى «خراطة» لفترة من الزمن، وهى المهنة التى ظل عليها لفترة ليست بالطويلة بعد صعود شقيقه أردوغان إلى رئاسة بلدية أسطنبول، حيث انتقل للعمل بعدها على متن السفن التابعة لشركة رجل الأعمال الإسرائيلى «سامى أوفير»، فى مجال اللحام والإصلاح والخراط، مستغلا علاقة شقيقه برجل الأعمال الإسرائيلى حيث ظل يعمل على تلك المراكب إلى أن اختفى لفترة من الوقت عن الاضواء تمام بدءا من عام 1994.
وطوال 15 عاما فرض الرئيس التركى حالة من السرية والتعتيم على أخيه الذى أوكل له العمل من خلف الستار بعيدا عن الاضواء والشهرة ليكون امبراطورية مالية ضخمة بالتعاون مستغلا الوضع السياسى لأخيه ليدخل «بالقوة» فى كل الشركات الموجودة فى تركيا ، بل ويعقد صفقات مريبة باسم الدولة لمصلحته الخاصة هو وشقيقه، حيث نشر موقع «Odatv» تقريرًا عنه فى أغسطس 2013، ذكر فيه أنه أسس شركة «Time» للإلكترونيات، والتى أصبحت الوكيل الحصرى داخل تركيا لمنتجات شركة «Q&Q» اليابانية الشهيرة.
سيطرة على كرة القدم التركية
كشف موقع «Odatv» عن أن مصطفى أردوغان تحول فجأة إلى أحد أباطرة أندية كرة القدم التركية بعد أن كان طفلًا يلعب كرة القدم فى شوارع حى قاسم باشا فى اسطنبول مشيرة إلى أنه بفضل حكومة حزب العدالة والتنمية التى يتزعمها شقيقه رجب أردوغان، تمكن من شغل منصب نائب رئيس «بلدية سبور» التابعة لبلدية إسطنبول الكبرى.
الغريب أن مصطفى أصبح متحكمًا فى كرة القدم فى تركيا من خلف الستار، وكانت أبرز الوقائع التى تورط فيها هى إجبار اتحاد كرة القدم التركى على تعيين «عبد الله أفجي» مدربًا فنيًا لمنتخب الناشئين تحت 17 عامًا، على الرغم من افتقاد هذا المدرب لأى خبرات تدريبية على المستوى الدولي، وأكد التقرير على أن «مصطفى» ذهب ضمن وفد اتحاد كرة القدم التركى لمشاهدة مباراة الفريق فى مباراته فى دولة بيرو دون أن يحمل أى صفة.
الأغرب أنه ظهر فى المقصورة الرئيسية التى ضمت وفد اتحاد كرة القدم التركي، خلال مباراة المنتخب الأول لكرة القدم أمام نظيره الروسي، التى جمعتهما على ملعب «فيتش» الأولمبى فى مدينة سوتشى الروسية، رغم عدم شغله أى منصب رسمى فى اتحاد الكرة .
متورط فى فضيحة فساد
وكشفت التقارير أن مصطفى كان يعمل وفق خطة رسمها له شقيقه رجب طيب أردوغان، والذى فرض عليه حالة من التعتيم والسرية ليعمل بعيدا عن الاضواء ، حتى لا يثير صعوده السريع غير المبرر أى تساؤلات سواء فى عالم الرياضة التى صعد على قمتها بمساعدة حكومة حزب العدالة والتنمية، أو تحوله من فنى «خراطة» بإحدى السفن الاسرئيلية إلى صاحب شركة كبيرة فى قلب اسطنبول صاحبة التوكيل الحصرى لأكبر ماركات الساعات اليابانية وأشهرها عالميًا؛ حيث كان قليل الظهور فى وسائل الإعلام، ويفرض على نفسه عزلة خوفا من الكشف عن بيزنس العائلة القذر.
وفى 10 أبريل 2006 أسس مصطفى أردوغان مع ضياء إيلجان وأحمد بوراك نجل رجب أردوغان، شركة «Turkuaz» للملاحة البحرية والتجارة، برأس مال 1 مليون ليرة تركية، ثم فى 19 يناير 2007، اشترى بوراك أردوغان سفينتين للشحن الأولى تحمل اسم « سافران» بقيمة 2 مليون و350 ألف دولار أمريكي، والثانية تحمل اسم «سقاريا» بقيمة 10 ملايين و500 ألف دولار أمريكي، وفى أبريل 2006، قامت الشركة بتغيير اسمها إلى «Bumerz»، مع رفع رأسمالها إلى 2 مليون ليرة تركية، بالإضافة إلى إيداع أحمد بوراك أردوغان 250 ألف ليرة أخرى فى رأس مال الشركة.
الأنظار اتجهت نحو مصطفى أردوغان، فى أعقاب كشف فضائح الفساد والرشوة، فى 25 ديسمبر 2013، حيث ذكر اسمه ضمن أقارب رئيس الوزراء السابق ورئيس الجمهورية الحالى أردوغان، المتورطين فى وقائع الفساد المفضوحة، دون أن يذكر الإعلام أى معلومات عن دوره فى عمليات الفساد، بسبب قرار النيابة بحظر النشر أو تداول أى معلومات حول هذه الوقائع.
حينها ظهرت تسريبات حول أعمال مصطفى وشراكاته السرية؛ ففى 24 مايو 2013 أسسوا شركة “BMZ” للملاحة البحرية والإنشاءات، برأس مال بلغ مليون ليرة تركية، وكان بين المساهمين الرئيسيين فى الشركة زوج عمته ضياء إلجان، وعمه مصطفى أردوغان، وصديق والده رجل الأعمال محمد جور.
بيزنس غامض
وفى أبريل عام 2014 أعلنت الشركة، عن عملية شراء سفينة شحن جديدة تحمل اسم « بايناز»، بقيمة 15 مليون دولار أمريكي، وفى فبراير 2015، أعلنت الشركة شراء ناقلة نهرية تحمل اسم M/T SHOVKET ALEKPEROVA بقيمة 18 مليون دولار أمريكي.
وبحسب الصحف ووسائل الإعلام التركية، فقد تم بيع الشركة إلى شركة «OSCAR» للغاز الطبيعى والبترول التابعة للحكومة الأذربيجانية، فى الفترة بين عامى 2014- 2015 مقابل 100 مليون دولار أمريكي.
وبحسب جريدة «سوزجو» التركية فى تقرير عن ممتلكات وثروات أردوغان، فقد باع «رجب» جميع حصصه فى الشركات الثلاث( أمنيت للمواد الغذائية، وإحسان للمواد الغذائية، وينى دوغان للمواد الغذائية) التابعة لمجموعة «أوكار» القابضة للمواد الغذائية فى 2005، بعدما تولى منصب رئاسة الوزراء، ولكن المفاجأة أنه باعها إلى شقيقه «مصطفى» مقابل 1.2 تريليون ليرة، ليصبح مصطفى أردوغان وضياء إيلجان لهما 30% من أسهم الشركات، ثم قام مصطفى أردوغان ببيع الحصص مقابل 3 ملايين ليرة تركية.
تقرير جريدة «سوزجو» ذكر أن مصطفى أردوغان يقيم فى فيلا تقع على مساحة 1727 مترا مربعا فى منطقة أوسكودار فى الشطر الأسيوى من اسطنبول وأن ارتباطه بضياء إيلجان توطد من خلال شراكة بينهما فى شركة «توزلا تانك» للنقل البحري، التى يمتلك فيها النصيب الأكبر من الأسهم.
فيديو فاضح لشقيق أردوغان
ظل مصطفى أردوغان يعمل فى حالة من السرية والتعتيم حتى عاد اسمه للأضواء، عندما فضح رئيس حزب الشعب الجمهورى كمال كيليتشدار أوغلو وجود تحويلات سرية من عائلة أردوغان، بمبالغ ضخمة إلى شركات وهمية فى جزيرة «مان» للتهرب من الضرائب.
وقدم كليتشدار أوغلو إيصالات تحويل لأفراد أسرة أردوغان وأقاربه، من بينهم مصطفى أردوغان، تبلغ قيمتها نحو 15 مليون دولار إلى شركة تدعى Bellway فى جزيرة مان وذلك أثناء كلمته فى اجتماع نواب الحزب فى 28 نوفمبر 2017.
وبحسب القائمة والإيصالات البنكية التى كشف عنها كيليتشدار أوغلو، فقد أرسل مصطفى أردوغان 2.5 مليون دولار أمريكى بتاريخ: 15 ديسمبر 2011؛ كما أرسل 1.25 مليون دولار أيضًا بتاريخ 26 ديسمبر 2011، بإجمالى 3.75 مليون دولار أمريكي، وقد ضمت القائمة تحويلات لزوج شقيقة أردوغان رجل الأعمال ضياء إيلجان بقيمة 3.75 مليون دولار أمريكي، علاوة على تحويلات لبوراك نجل أردوغان بقيمة 3.75 مليون دولار أمريكي، كما أجرى مصطفى أردوغان عملية تحويل للشركة بقيمة 250 ألف دولار.
وفى ديسمبر 2013، نشر موقع «أكشي» التركية خبرًا عن وجود مقطع فيديو فاضح لمصطفى أردوغان، إلا أنه لم يخرج إلى الإعلام لنفى الخبر، وفرضت حالة من التعتيم الإعلامى على الخبر، إلى أن نشر موقع «OdaTv» الإخبارى التركى خبرًا نقله عن مجلة «دير شبيجيل» الألمانية، يوضح فيه أن أحد المتهمين بالتجسس فى ألمانيا لصالح حكومة أردوغان، كان يتحدث فى مكالمة هاتفية عن مقطع فيديو فاضح لمصطفى أردوغان.