3 آلاف معتقل سياسي.. مساجين الدوحة ضحايا غدر تميم
الخميس، 01 أغسطس 2019 06:00 م
وصل حمد بن خليفة إلى الحكم بانقلاب قاس على والده منتصف التسعينيات، وحتى يستتب له الأمر تعسف مع القبائل الموالية للأب وأسقط جنسية آلاف منهم، وعلى المنوال نفسه سار الابن تميم بن حمد الذى تولى الحكم فى انقلاب ناعم على والده صيف 2013، واستكمل جريمة تجريد المواطنين من جنسياتهم القطرية.
تعسف تميم بن حمد وانتهاكه للحريات يبدو أنه أصابه بحالة شراهة ونهم، وضاعف شهوته للتسلط وانتهاك الحقوق والحريات، فتوسّع فى نشاطه لينتقل من المواطنين إلى الوافدين، فى جريمة إنسانية مفتوحة تتابع حلقاتها يوما إثر يوم، وتسجل التقارير والمنظمات الحقوقية الدولية تفاصيلها أولا بأول، بينما تمتلئ السجون القطرية بآلاف المظلومين ومن ساقهم سوء الحظ للوقوع فى قبضة الأمير المجنون.
بات «تميم» مُدمنا للقهر، وحريصا على التصعيد والوصول بالممارسات الغاشمة إلى مداها الأقصى، بدون تفرقة بين مواطن أو عامل وافد، فالجميع سواء أمام آلة القمع الأمنية والاتهامات والقضايا الملفقة، وبينما تتنامى اتصالاته بالميليشيات والجماعات الإرهابية وتدفقاته المالية واللوجستية الداعمة لهم فى مناطق الصراع المفتوحة بالمنطق، تتقلص فى المقابل حقوق القطريين وفرصهم وتُنهب أملاكهم وثرواتهم، ولا يجد المعترض مسلكا للنجاة إلى الهروب من البلاد، والأغلبية لا يسعفهم الوقت والقدرة فيقعون فى براثن الأمير وبين أنيابه ومخالبه.
بحسب تقارير حقوقية دولية، منها تقرير للمنظمة المتحدة لحقوق الإنسان، فقد سجل عدد حالات الوفيات بين الوافدين والعمالة المشاركة فى بناء المنشآت المقرر أن تستضيف بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، التى فازت بها قطر بعد تقديم رشاوى ضخمة لرئيس الاتحاد الدولى السابق جوزيف بلاتر، ورئيس الاتحاد الأوروبى ميشيل بلاتينى، وعدد من أعضاء المكتب التنفيذى فى «فيفا»، إلى 22 ضحية من وافدى نيبال والهند وبنجلاديش، بينما يقبع آلاف آخرون داخل السجون.
وقال محمد عبد النعيم، رئيس المنظمة المتحدة: إن حالة الشاعر القطرى محمد بن الذيب العجمى، صاحب قصيدة «الياسمين» الشهيرة، التى سُجن بسببها أكثر من 5 سنوات فى سجن يبعد مترات عن قناة الجزيرة القطرية، بسبب انتقاده لممارسات قطر وأميرها، ربما تكون أشهر الحالات، لكنها ليست الوحيدة ولا أكثرها شراسة وانتهاكا، فمثله هناك مئات المواطنين والوافدين يقبعون فى سجون تميم، ويلقون الإهانة والمعاملة السيئة وانتهاك الحقوق بشكل يومى.
وأضاف أن آخر تقرير عن حالة حقوق الإنسان فى قطر، صدر خلال ديسمبر 2018، وكشف عن وجود أكثر من 2800 معتقل سياسى داخل سجون تميم بن حمد، وبنهاية يونيو الماضى قفز العدد متجاوزا 3 آلاف و50 معتقلا، لافتا إلى أن المعتقلين فى سجون قطر أغلبهم من أصحاب الأقلام الحرة والمعارضين لسياسات تميم بن حمد ووالده، ويترافق ذلك مع قرارات أمير قطر المتعسفة بحق القبائل المعارضة، ومنها تجريد أكثر من 5 آلاف من عشيرة آل مرة التابعة لقبيلة الغفران من جنسياتهم، متابعا: «المنظمة تعد تقريرا كاملا عن حالة حقوق الإنسان فى الإمارة، ستقدمه لمنظمة العفو الدولية أمنيستى، والمفوض السامى للأمم المتحدة خلال الدورة المقبلة التى تستضيفها جنيف خلال سبتمبر المقبل».
بدورها، قالت داليا زيادة، مدير المركز المصرى لدراسات الديمقراطية الحرة، إن إمارة قطر معروفة بسجلها السيئ فى مجال حقوق الإنسان، وقد تكررت انتهاكاتها وجرائمها بحق المواطنين والعمالة الوافدة، وهو ما يثير كثيرا من المخاوف بشأن الطريقة التى يُعامل بها المعتقلون السياسيون داخل سجون الإمارة، خاصة أن الشواهد والتقارير المتواترة تؤكد أنها لا تتفق مع معايير حقوق الإنسان ومعاملة السجناء والحفاظ على آدميتهم خلال فترة العقوبة، التى يُفترض أن تكون وفق محاكمة عادلة ومسار قضائى واضح وغير مطعون فيه، وهو ما لا يتوفر فى الإمارة.
وأوضحت أن المركز تلقى خلال السنوات الأخيرة كثيرا من الشكاوى، من مصريين سافروا للعمل فى قطر، وعانوا من التعسف والانتهاك والتعدى عليهم واغتصاب حقوقهم، وأن كثيرين منهم عانوا من تلفيق اتهامات وقضايا كيدية لتبرير حبسهم على خلفية سياسية، منها اتهامات بالسرقة والتحرش، متابعة: «نخشى أن يكون الشباب المحبوسون الآن يواجهون تلك الأزمة»، مشددة على أن قطر تحترف الاعتقالات التعسفية ضد الأجانب، وبالفعل فقد تلقت الأمم المتحدة شكاوى عديدة من انتهاكات داخل سجون الإمارة، يتعرض لها معارضون وأصحاب رأى وقطاعات من العمالة الأجنبية، لكن المنظمة الأجنبية تجاهلت كثيرا منها، كما تجاهلت انتهاكات أخرى أكثر بشاعة يمارسها النظام بدم بارد ضد مواطنيه، مثل سحب الجنسية عقابا على الاختلاف السياسى.
وفى سياق متصل، قال أيمن عقيل، رئيس مؤسسة ماعت: إن قطر اعتادت انتهاك حقوق الإنسان، مع انعدام حرية الرأى والتعبير، وسجن المعارضين أو تلفيق قضايا لهم، وصولا إلى سحب جنسيات المواطنين على خلفية المواقف السياسية، ورغم كل ذلك فإنها أول من يهاجم ملف حقوق الإنسان فى الدول العربية وتتخذ الدوحة قاعدة لإطلاق خطاب الكراهية والتحريض على العنف. مستطردا: «بموجب القوانين القطرية يخضع الأفراد فى أحيان عديدة للحبس الانفرادى أو العزل، مع استخدام أساليب تعذيب تشمل الضرب والتعرية والصعق بالكهرباء، كما حدث مع المواطن الفلبينى رونالدو لوبيز أوليب، الذى أيدت محكمة قطرية فى 2 مايو 2016 سجنه 15 سنة بتهمة التجسس، مع تجاهل التحقيق فى حديثه المتكرر عن تعرضه للتعذيب والانتهاك داخل سجون تميم بن حمد».