%32.5 معدلات الفقر في مصر.. كيف تخطط الدولة للقضاء على «المسكنات»؟
الثلاثاء، 30 يوليو 2019 02:41 م
انخفاض وتيرة زيادة معدلات الفقر.. وانخفاضه في ريف الوجه القبلي لأول مرة.. ومؤشرات دعم الغذاء تغطى 88% من الأسر
مبادرة الرئيس «حياة كريمة» وإجراءات الحماية الاجتماعية والتوسع في برنامج تكافل وكرامة والمشروعات التنموية ورفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات تسهم في مواجهة «الفقر»
يبدأ الحل الحقيقي والجذري للمشكلات بمواجهتها والاعتراف بها ورصد أسبابها على مدار الأعوام السابقة، وعانت مصر على مدار عقود سابقة من ارتفاع نسبة ومعدلات الفقر، بوتيرة سريعة وذلك قبل ثورة يناير 2011، ورغم ما واجهته مصر من أزمات اقتصادية طاحنة، ومواجهات أمنية مع جماعات الإرهاب التي سعت بشتى الطرق لاستهداف الاقتصاد المصري، إلا أن الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فيما يتعلق بمؤشرات الدخل والإنفاق ومؤشرات الفقر في مصر، تكشف انخفاض وتيرة زيادة الفقر، وانخفاض نسبة الفقر في ريف الوجه القبلي لأول مرة.
انخفاض نسبة الفقر في ريف الوجه القبلي لأول مرة يعكس تركيز جهود الدولة لإتاحة دعم نقدي وتنفيذ مشروعات تنموية على مدار الفترة الماضية بتلك المحافظات، كما أن 86% من الدعم الاجتماعي موجه لأفقر 3 محافظات وهى قنا وسوهاج وأسيوط، كما أن نحو 70% من مخصصات برنامج تكافل وكرامة تذهب لما يقرب من 40% من السكان فى مصر، مشددا على أهمية التعليم للخروج من دوائر الفقر.
نتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2017/2018، كشفت ارتفاع متوسط الدخل السنوي للأسرة المصرية إلى 58.9 ألف جنيه، مقارنة بـ44.2 ألف جنيه في بحث عام 2015، كما ارتفع المتوسط السنوي لإنفاق المصريين من 36.7 ألف جنيه في بحث 2015 إلى 51.4 ألف جنيه فى نتائج البحث الأخير.
وتأتي هذه النتائج في توقيت هام، ونحن على طريق الإصلاح الاقتصادي وتحقيق رؤية مصر 2030 وأجندة أفريقيا 2063، علاوة على أهداف التنمية المستدامة الأممية.
قيام الدولة بهذه الخطوة يعكس النية الجادة والحقيقية للتنمية والقضاء على الفقر وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين، ومواجهة المشكلة بشفافية لوضع حلول جذرية لها، تماشيًا مع الإصلاحات الاقتصادية بعكس تلك العقود السابقة التي كانت تنتهج فيها سياسة الحكم السابقة «المكسنات» دون وضع حلول حقيقية.
بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك، يعد من المسوح الأسرية التى تجريها الأجهزة الإحصائية فى مختلف دول العالم والذي يستهدف توفير قاعدة بيانات تعكس، واقع ومتوسطات دخل وإنفاق واستهلاك أفراد الأسر فى المجتمع المصري، بالإضافة إلى، مستويات وأنماط الإنفاق وفقاً للمعايير الاقتصادية والاجتماعية والديموجرافية، وأيضا حجم الطلب سواء الحالي أو المستقبلي للسكان من السلع والخدمات، كما يوفر البحث بيانات لتحديد سلة السلع والأوزان النسبية الخاصة ببناء الأرقام القياسية لقياس معدلات التضخم، وكذلك بيانات الحسابات القومية، كما توفر بيانات المستفيدين من شبكات وبرامج الحماية الاجتماعية، والبيانات الخاصة بقياس مستويات المعيشة، مستويات الفقر.
كما أن ذلك البحث يوفر حجم ضخم من البيانات التى يتم الاعتماد عليها فى قياس مستوى معيشة الأسرة والأفراد، وكذا ارساء قواعد معلومات لقياس الفقر واستخدامها فى تحديد الفئات المستهدفة للبرامج الاجتماعية المختلفة لإرساء قواعد العدالة الاجتماعية، وأيضاً الاعتماد على هذه البيانات ليستفيد منها الباحثون والمخططون وصانعوا القرارات فى رسم السياسات واتخاذ القرارات فى كافة المجالات.
بمراجعة الأرقام والإحصائيات ومقارنتها بأعوام ما قبل ثورتي يناير و30 يونيو، نجد أن معدلات الفقر زادت 10% مابين أعوام 2000-2010، حيث كانت 16.7، وأصبحت 26.3%، حيث زيادة وتيرة الفقر بنسبة 1% سنويًا، في حين أنه زاد في الفترة ما بعد 2011 وحتى 2015 ليصل إلى 27.8% أية بنسبة زيادة 1.5% فقط خلال 5 سنوات.
وفقًا للإحصائيات الحديثة بلغت نسبة الفقر في مصر، 32.5%، وفقا لنتائج بحث 2017/2018، مقابل 27.8% نسبة الفقر فى البحث السابق عام 2014/2015، بزيادة 4.7%، وذلك رغم عمليات الإصلاح الاقتصادي، والقرارات الاقتصادية الصعبة التي اتخذتها الدولة، والتي كان أبرزها تعويم الجنيه.
ويكشف اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى ارتفاع متوسط الدعم الغذائي السنوي للأسر المصرية إلى 2000 جنيه مقارنة بـ860 جنيها في نتائج البحث السابق لعام 2015، مؤكدا أنه لا تزال تغطى الدولة نسبة 88.5% من الأسر المصرية بالدعم التموينى، وذلك حتى أكتوبر 2018، عند انتهاء العمل الميداني لتنفيذ هذا البحث.
تلك الدراسات والإحصائيات جاءت في العام ذاته الذي أطلق فيه الرئيس السيسي مبادرة «حياة كريمة»، من خلال تغريدة على حسابه الشخصي بموقع تويتر قال فيها "في مستهل عام ميلادي جديد.. تأملت العام الماضي باحثًا عن البطل الحقيقي لأمتنا، فوجدت أن المواطن المصري هو البطل الحقيقى.. فهو الذي خاض معركتي البقاء والبناء ببسالة وقدم التضحيات متجردًا وتحمل كُلفة الإصلاحات الاقتصادية من أجل تحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة.. ولذلك فإنني أوجه الدعوة لمؤسسات وأجهزة الدولة بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني لتوحيد الجهود بينهما والتنسيق المُشترك لاستنهاض عزيمة أمتنا العريقة شبابًا وشيوخًا.. رجالًا ونساءً.. وبرعايتي المباشرة.. لإطلاق مبادرة وطنية على مستوى الدولة لتوفير #حياة كريمة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجًا خلال العام 2019 #تحيا_مصر.
وبعد دعوة الرئيس وإطلاقه للمبادرة، دارت عجلة الأداء الحكومي مستهدفة تنفيذ ما دعا إليه الرئيس، وهى مبادرة متعددة في أركانها ومتكاملة في ملامحها، تنبع من مسؤولية حضارية وبعد إنساني قبل أى شيء آخر، فهى أبعد من كونها مبادرة تهدف إلى تحسين ظروف المعيشة والحياة اليومية للمواطن المصرى، لكنها تهدف أيضا إلى التدخل الآني والعاجل لتكريم الإنسان المصري وحفظ كرامته وحقه فى العيش الكريم، ذلك المواطن الذي تحمل فاتورة الإصلاح الاقتصادي والذي كان خير مساند للدولة المصرية فى معركتها نحو البناء والتنمية، فلقد كان المواطن المصري هو البطل الحقيق الذي تحمل كافة الظروف والمراحل الصعبة بكل تجرد وإخلاص وحب للوطن.
وتستهدف المبادرة إحداث التكامل وتوحيد الجهود بين مؤسسات الدولة الوطنية ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدنى وشركاء التنمية فى مصر، لأن ما تسعى المبادرة إلى تقديمه من حزمة متكاملة من الخدمات، التى تشمل جوانب مختلفة صحية واجتماعية ومعيشية، هى بمثابة مسؤولية ضخمة ستتشارك هذه الجهات المختلفة فى شرف والتزام تقديمها إلى المواطن المصرى، لاسيما من الفئات المجتمعية الأكثر احتياجا للمساعدة ولمد يد العون لها، حتى تستطيع أن تحيا الحياة الفضل التى تستحقُّها والتى تضمن لها الحياة الكريمة.
وتقوم مبادرة "حياة كريمة" على رؤية إستراتيجية لتوحيد جهود الدولة المصرية مع القطاع الخاص والمجتمع المدنى فى ملف مكافحة الفقر، وذلك للتخفيف عن كاهل المواطنين بالمجتمعات الأكثر احتياجا فى الريف والمناطق العشوائية فى الحضر، لتوفير حياة كريمة للمواطن والارتقاء بجودة حياته، وتستهدف المبادرة الارتقاء بالمستوى الاقتصادى والاجتماعى والبيئى للأسر الأكثر احتياجا فى القرى الفقيرة، وتمكينها من الحصول على كافة الخدمات الأساسية وتوفير فرص عمل وتعظيم قدراتها الإنتاجية بما يسهم فى تحقيق حياة كريمة لهم، فضلاً عن تنظيم صفوف المجتمع المدنى وتعزيز التعاون بينه وبين كافة مؤسسات الدولة، والتركيز على بناء الإنسان والاستثمار فى البشر، وتشجيع مشاركة المجتمعات المحلية فى بناء الإنسان وإعلاء قيمة الوطن.
كما حدد القائمين على المبادرة الفئات المستهدفة، وهم الأسر الأفقر فى القرى المستهدفة، والشباب العاطل عن العمل، والأيتام والنساء المعيلات والأطفال، والأشخاص ذوى الإعاقة، وبعدها تم تقسيم القرى الأكثر احتياجا بناء على البيانات القومية للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى عدة مراحل، ضمت المرحلة الأولى منها القرى التى تتعدى نسبة الفقر فيها الـ70%، ووهى القرى الأكثر فقرا والأكثر تعرضا للتطرف والإرهاب الفكرى، بإجمالى عدد أسر " 756 ألف أسرة"، تضم 3 مليون فرد، فيما تركزت المرحلة الثانية على القرى التى تتراوح نسبة الفقر فيها ما بين 50 % إلى 70 %، وهى القرى الفقيرة التى تحتاج لتدخل ولكنها أقل صعوبة من قرى المجموعة الأولى، أما المرحلة الثالثة، فتضم القرى التى تقل فيها نسبة الفقر فيها عن 50 %، وهى القرى التى تواجه تحديات أقل لتجاوز الفقر.
وكشفت الدكتورة هبة الليثى، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، والخبير بجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء وأبرز المشاركين فى إعداد نتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2017/2018، عن خروج 420 قرية على مستوى الجمهورية من خريطة الفقر، منها 21 قرية فى أسيوط، و85 بقنا، لافتة إلى أنه فى المقابل اندرجت لأول مرة 387 قرية ضمن خريطة الفقر، وفقا لنتائج هذا البحث الأخير.
وأضافت هبة الليثى، أن خريطة الفقر لهذا العام المشار إليه تضم 1000 قرية على مستوى الجمهورية يتركز العدد الأكبر منها بمحافظة سوهاج بعدد 236 قرية تمثل 87% من قرى المحافظة، تليها محافظة أسيوط بعدد 207 قرى.
وأشارت الدكتورة هبة، إلى أن هناك 46 قرية على مستوى الجمهورية ترتفع نسب الفقر بين سكانها لما بين 80-100%، بينما لا تتعدى نسب الفقر فى الـ900 قرية الأخرى 20%.
فيما قالت الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة الاقتصادية، إن برنامج الإصلاح الاقتصادي الحكومي قد نجح في تحقيق نجاحات ملحوظة على مستوى الاقتصاد الكلي للدولة غير أن انعكاسه على المواطن المصري في تحسين أوضاعة سيحتاج بعضا من الوقت.
وذكرت أن ارتفاع نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر لـ32.5٪، وفق الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2017 - 2018، أن التقرير لم يدهشها خصوصا أن رحلة الإصلاح الاقتصادي في أي دولة ليست عملية سهلة أو بسيطة، موضحة أن الحكومة تعمل جاهدة لتنمية مستوى الاقتصاد والمتمثل بتخفيض مستويات الفقر لرفع مستويات المعيشة للأفراد بخلاف تحسين كافة الخدمات المقدمة للمواطنين مثل خدمات القطاعات الصحية والعلمية والنقل والمواصلات والزراعة والصناعة والسياحة.