كتاب «النقط فوق الحروف» يفضح مخططات الجماعة منذ الأربعينيات
أحمد عادل كمال عضو التنظيم الخاص كشف فى كتابه كيف كان الإخوان يغتالون القضاة
المستشار عبدالمعز إبراهيم: حاولوا اختراق القضاء وكان مخططهم هدم الدولة المصرية
حسن البنا أول من بدأ الإرهاب ضد قضاة مصر فى الثلاثينيات
سيد قطب سار على نهج حسن البنا وسمى القضاة بـ«الطواغيت»
القاضى الناجى من حادث العريش الإرهابى يحكى كواليس استهداف المتطرفين له فى سيناء
المستشار طاهر الخولى: الجماعة خططت لتعيين محامين تابعين لها فى السلك القضائى
المستشار محمد الشناوى يروى كواليس محاصرة الإخوان للمحكمة الدستورية
عمرو فاروق: الإخوان تربوا على العداء الشديد لقضاة مصر
فى ساعة متأخرة من ليلة الـ22 من مارس لعام 1948 كان صوت محمد عبد الوهاب يأتى من أحد المبانى القريبة من شارع رياض بمدينة حلوان، صادحًا : «الدنيا ليل والنجوم طالعة تنورها.. نجوم تغير النجوم من حُسن منظرها»، فى تلك اللحظة كان القاضى أحمد الخازندار يجلس على مكتبه بجوار شرفة منزله فى ليل مظلم وهو يلملم أوراقه استعدادًا لنوم عميق، قبل أن يذهب فى الصباح إلى محكمته بوسط القاهرة للنظر فى إحدى القضايا المتهم بها أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين، لكنه لم يكن يدرى ماذا يخبئ له القدر صبيحة اليوم التالى.
وبينما كان الخازندار يستعد للخروج من باب منزله متجها إلى محكمته وسط القاهرة، فوجئ باثنين من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية يُطلقان عليه وابلاً من الرصاص، اخترقت تسع رصاصات منها جسد «الخازندار» ليسقط ضحية إرهاب جماعة الإخوان المسلمين، فى تلك اللحظة بدأ صدام الإخوان مع قضاة مصر يأخذ حيزا عنيفا من الدماء.
لماذا قتلوه؟
يؤكد الباحث المتخصص فى شئون تيارات الإسلام السياسى عمرو فاروق أن الصدام الأول والحقيقى بين جماعة الإخوان والقضاء جاء عندما نظر المستشار أحمد الخازندار فى قضية قتل الضباط البريطانيين بالإسكندرية التى تورط فيها عناصر من الإخوان، والتى قتل فيها مصريون، لذلك كان المستشار الخازندار شديدا فى أحكامه التى تراوحت ما بين المؤبد والإعدام ضد عناصر الإخوان.
قائلاً: حسن البنا خرج عن شعوره وقال اللهم: أرحنا من الخازندار وأمثاله وكانت جملته بمثابة الفتوى الشرعية التى تعطى الضوء الأخضر لعناصر التنظيم السرى بقيادة السندى، واتخاذ قرار باغتيال المستشار أمام بيته على يد عناصر الإخوان.
ويحكى أحمد عادل كمال، أحد أعضاء التنظيم السرى للإخوان، كيف خططوا لاغتيال الخازندار، ففى الصفحة 218 من كتابه «النقط فوق الحروف»، يقول كمال: إنه قد وقع الاختيار على حسن عبدالحافظ ومحمود سعيد زينهم لاصطياد الرجل، وبعد مراقبته لعدة أيام علموا أنه يذهب إلى المحكمة فى باب الخلق بالقاهرة، ويعود إلى حلوان بالمواصلات العادية، كانت الخطة أن ينتظروا خروج الرجل من بيته فيغتاله حسن عبدالحافظ بمسدسه، بينما يقف محمود سعيد حارسا لانسحابه بإطلاق النار والقنابل فى الهواء.
وفى تسجيل صوتى نادر لأحمد عادل كمال بثته قناة «dmc» يشرح كيفية عمل أعضاء التنظيم الخاص وهو يحكى تفاصيل انضمام أعضاء التنظيم الخاص للإخوان، حيث شرح كمال- بشكل تفصيلى- فى شهادته على التنظيم الخاص كيف كانوا يتدربون، حينما قال فى صفحة رقم 237 من كتابه «النقط فوق الحروف»: إن مجموعات النظام الخاص للإخوان كانت تتلقى دروسا فى بيوت أعضائها عن مختلف أنواع الأسلحة، لا سيما المسدسات والقنابل اليدوية والمتفجرات والتوصيلات الكهربائية لتفجير الشحنات الناسفة.
ويتابع: كذلك كانت هناك رسائل ومطبوعات خاصة بتلك الدراسات، هذا فضلا عن التقارير التى كانت يحررها إخوان النظام دراسة لهدف من الأهداف أو عملية من العمليات أو لمجرد التدريب على تلك الدراسات وأوراق الإجابة لامتحانات مراحل النظام.
رسائل حسن البنا
«كان كتاب الرسائل لحسن البنا قد وضع البذرة الأولى لعداء الإخوان المسلمين للقضاء»، بهذه الكلمات بدأ المستشار طاهر الخولى المحامى العام لنيابة أمن الدولة سابقا، حديثا خاصا مع «صوت الأمة»، ففى بداية ثلاثينيات القرن الماضى كتب مؤسس الجماعة حسن البنا مقالا نشرته جريدة الجماعة آنذاك يحمل عنوان «هل تحل الشريعة الإسلامية محل القوانين الوضعية فى البلاد؟»، طالب فيه قضاة مصر أن يطبقوا قانون الله بدلاً من القوانين الوضعية، ثم كتب البنا أيضا مقالا عام 1933 فى العيد الخمسين لإنشاء المحاكم الأهلية يطالب القضاة بتطبيق الحدود الإسلامية فى أحكامهم القضائية.
«الشاهد من هذه التفاصيل أن حسن البنا، كان يرغب فى استمالة القضاء ويرغب فى توظيفهم لخدمة مشروع جماعة الإخوان، إلا أن الكثير من الدلائل أثبتت عكس ذلك تماما، فقد فشل حسن البنا فشلا ذريعًا فى محاولة اختراق القضاة أو استمالتهم، ولم يكن إلا عدد قليل جدا قد دخلوا حظيرة الإخوان وقدموا ولاءهم لحسن البنا ومشروعه»، هكذا يؤكد عمرو فاروق الباحث فى شئون الإسلام السياسى.
لكن محاولات الإخوان لم تقف فى تلك الفترة على اغتيال القضاة فقط، لكنهم حاولوا اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى حادث المنشية الشهير عام 1954 وفشلوا، وصدر قرار بحل الجماعة ومصادرة أموالها، وأيد القضاء المصرى قرار النظام السياسى ومصادرة المقرات والممتلكات باعتبار أنها جماعة إرهابية هدفها تدمير وتمزيق المجتمع المصرى والعربى، وسطر حكم القضاء بتأييد حل الجماعة فصلا جديدا من تطور عداء الإخوان لقضاة مصر.
سيد قطب والإرهاب
يؤكد المستشار طاهر الخولى، المحامى العام السابق لنيابات أمن الدولة، أن سيد قطب سار على نفس النهج الذى سمى القضاء بالطاغوت، متابعا، الفكر الجهادى لحسن البنا وسيد قطب يقوم على فكرة هدم مؤسستى القضاء والجيش، وينظر للقضاء على أنه يحكم بغير ما أنزل الله ويحكم باسم الشعب وليس باسم الله، وأنه مخالف للشريعة الإسلامية، ويرفضون أى قوانين وضعية ويحتكمون للشريعة الإسلامية، وهذا سر عدائهم لمؤسسة القضاء.
وخرج من بوتقة سيد قطب الكثير من الجماعات التى تبنت هذه الرؤية كجماعة «التكفير والهجرة»، وجماعة «الشوقيون»، وتنظيم الفنية العسكرية الذى اتخذ قرارا بالانقلاب على رئيس الدولة لإقامة الشريعة الإسلامية، وتعتبر فكرة أو محور التشريع والقوانين هى أهم نقطة لدى الجماعات الإسلامية، لأنها تعتبر أن كل المحاكم هى عائق أمام تطبيق الشريعة، ومن ثم يجب هدمها.
لكن المستشار محمد الشناوى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقاً وعضو لجنة الخبراء التى وضعت دستور 2014 قال فى حديث خاص لـ«صوت الأمة»: إن القضاء المصرى لم يخالف الشريعة الإسلامية فى أى وقت، لسبب بسيط جدا لأن الدستور ينص على أن الشريعة الإسلامية مصدر من مصادر التشريع فى مصر، هذه المقولة يطلقونها تبريرا لعدائهم للسلطة القضائية، هم يريدون منذ زمن بعيد السيطرة على السلطة القضائية، لأنه مستقل، وكان عدوهم الأول القضاء، فابتدعوا هذه البدعة، وهى ليست حقيقة على الإطلاق.
إرهاب ما بعد سيد قطب
استمر عداء الإخوان للقضاة فى الثمانينيات والتسعينيات فكانت الجماعة ترى أنه عقبة كبيرة أمامهم بسبب أحكامه الرادعة ضد قيادات الجماعة وأعضائها الذين تورطوا فى أعمال العنف والإرهاب خلال تلك الفترة.
إلى أن جاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير بدأ الإخوان حملة جديدة من الاغتيال المعنوى لعدد من القضاة أبرزهم النائب العام الأسبق المستشار عبدالمجيد محمود وعضو اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية 2012 المستشار عبد المعز إبراهيم.
محاولة الاغتيال المعنوى للقضاة
فحسب شهادة المستشار عبد المعز إبراهيم لـ «صوت الأمة» يقول: «فى الفترة دى حصل إن بعض المحاكم اشتكت أن جماعة الإخوان وجماعات مش عارفين مين بدأت تشتم القضاة وحدفونا بالطوب، وفى يوم وأنا داخل دار القضاء العالى لقيت المحكمة كلها لافتات مكتوب عليها تطهير القضاء الفاسد ولا لتوريث القضاء، ثم كان فى اجتماع لمحكمة النقض فى قاعة عبد العزيز باشا فهمى لمناقشة قانون السلطة القضائية الجديد، لكن القانون الجديد كان يتناقش من غير معرفتنا! ده أنا عضو فى مجلس القضاء».
وتابع إبراهيم: هم يكرهون أنفسهم ويكرهون القضاة، واكتشفت أن المسألة جزء من مخطط كبير، قائم على هدم الدولة المصرية، ومما لا شك فيه أن القضاء جزء من أعمدة الدولة المصرية، وعشان يهدموا القضاء حاجة من الاثنين يا يهدموه من الخارج، يا يهدموه من الداخل، فكرة هدمه من الخارج مستعصية تماما، لأن هيبقى اعتداء على السلطة القضائية، واعتداء على استقلال القضاء والشعب سيقف معانا وضدهم، فقرروا هدمه من الداخل عن مجموعة أنا بسميها مجموعة الأفاعى، لأن تحركاتهم زى الأفاعى، أملس ناعم يتحرك بخفية لغاية ما يوصل للفريسة بتاعته ويخلص عليها».
من جانبه قال المحامى العام لنيابات أمن الدولة السابق طاهر الخولى أن الإخوان دائما لديهم مشكلة، وهى أن كل من ليس على أهوائهم الشخصية يطالبون بتطهيره، لذلك تقدموا بمشروع أيام حكمهم لخفض سن تقاعد القضاة لـ 6 سنوات، كى يدخلوا عناصر من المحامين التابعين لجماعة الإخوان إلى السلك القضائى، وفى هذه الحالة يسيطرون على مؤسسة القضاء.
عزل النائب العام
عمرو فاروق الباحث فى شئون الإسلام السياسى قال لـ«صوت الأمة»: إن هؤلاء القضاة الذين حاول الإخوان اختراق السلك القضائى بهم، نجدهم بعد ثورة يناير وفى ظل حكم الإخوان حازوا جميعهم على مناصب داخل الدولة المصرية، أحدهم كان نائبا لرئيس الجمهورية، وآخر رئيسا لمجلس حقوق الإنسان، وثالث أصبح مستشار لرئيس الدولة ورئيس الوزراء، كل هؤلاء أعلنوا انتماءهم للإخوان بعد ثورة يناير وكشفوا عن ولائهم.
لكن الاستهداف المعنوى للقضاة اتخذ شكلا جديدا بعد الإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره الإخوان فى نوفمبر 2012، من أجل سلب اختصاصات القضاة والإطاحة بالأحكام القضائية، بعد تلك اللحظة حاول أنصار جماعة الإخوان محاصرة المحكمة الدستورية العليا، لأنها كانت تنظر فى الطعن الخاص بعودة البرلمان الذى صدر حكم وقتها بعدم دستورية انتخاب أعضائه.
كواليس حصار الدستورية
ويحكى المستشار محمد الشناوى عضو الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقا وعضو لجنة الخبراء التى وضعت دستور 2014 فى حديث خاص لـ«صوت الأمة» كواليس حصار الإخوان للمحكمة الدستورية ومنعهم من ممارسة عملهم، قائلاً: فوجئنا فى أحد الأيام ونحن فى اتجاهنا للمحكمة لعقد جلسات المداولة، بجموع من الإخوان تحيط بمبنى المحكمة وتمنعنا من الدخول وتهددنا أننا إذا حاولنا الدخول فسوف يعتدون علينا بالسحل والضرب وإلى آخر هذه الأشياء، رأينا أن نجتمع فى نادى المحكمة الدستورية العليا، وهو يقع قبيل مبنى المحكمة على شاطئ النيل، وما إن بدأ الاجتماع حتى فوجئنا بتوافد الحشود التى كانت أمام المحكمة إلى النادي، وهتافات بسقوطنا وأعضاء المحكمة والمحكمة العليا وبالويل وعظائم الأمور.
وتابع الشناوى: «الحقيقة المسألة دى استفزتنا جدا، وقررنا التوجه إلى مقر المحكمة، وعندما توجهنا فوجئنا بجحافل أكثر أمام المبنى ومنعونا من الدخول لدرجة إن بعضهم ألقى بنفسه أمام سيارات أعضاء المحكمة حتى لا تدخل على مبنى المحكمة، فقررنا التراجع».
وعلق المستشار عبدالمعز إبراهيم عضو اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية 2012 على حصار الإخوان للمحكمة الدستورية العليا، قائلا: «المحكمة الدستورية العليا أعلى محكمة فى مصر وواحدة من أقدم 3 محاكم على مستوى العالم نفخر بها وبقضاتها، الإخوان يروحوا يقفلوها ويتجمهروا حواليها ويمنعوا قضاتها من الدخول، طبعا ده كلام غير معقول، بيقفولوا المحاكم، بيشتموا القضاة بهتافات بشعة».
وتابع: «يبقوا عاوزين يضربوا محكمة استئناف القاهرة، يهيجوا القضاء على بعضيهم، ينسبوا لرئيس محكمة استئناف القاهرة كلام غير صحيح بالمرة، وثبت كذبه، وقولنا الشاكون كاذبون، لأن الكذب سمة من سمات هذه المجموعة هما بيكذبوا زى ما بيتنفسوا».
وعلى مدار عام عانت مصر من محاولات تدمير مؤسساتها، حتى انتفض الشعب ليصحح المسار من جديد فى يوم 30 يونيو ٢٠١٣ عندما خرج ملايين المصريين يطالبون بإسقاط حكم الإخوان، وألقى الرئيس عبدالفتاح السيسى بيانه الشهير يوم 3 يوليو عام 2013 بعزل مرسى ونهاية حكم الإخوان للأبد.
فى تلك اللحظة أعلنت الجماعة الإرهابية عداءها الواضح لكل شىء فى مصر، وكان للقضاة نصيب من الإرهاب الإخوانى وبدأت مرحلة جديدة من الاغتيالات واستهداف قضاة مصر.
اغتيال النائب العام
فى صبيحة يوم التاسع من يونيو من عام 2015، استيقظ المصريون على واحدة من أبشع جرائم الإخوان والجماعات الإرهابية التابعة لها على الإطلاق، باستهداف موكب النائب العام وقتها المستشار هشام بركات عقب خروجه من منزله والذهاب لعمله، ما أدى إلى استشهاده.
وفى جنازة عسكرية مهيبة أكد الرئيس السيسى أن مصر لن تترك الإرهاب، وإنها تواجه حربا ضخمة، وعدوا خسيسا، يستلزم تكاتف الجميع، ولم تكن حادثة اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات هى المحاولة الأولى من الجماعة الإرهابية، حيث قتلت فى سبتمبر 2014 نجل المستشار محمود السيد، القاضى بمحكمة استئناف القاهرة، بإطلاق النار عليه داخل سيارته، فى نفس اليوم عُثر على قنبلة أسفل سيارة المستشار مصطفى عبادة، المحامى العام لنيابات بورسعيد.
وفى يناير من عام 2015 تعرض المستشار خالد المحجوب قاضى قضية الهروب من سجن وادى النطرون، والتى كان متهما فيها محمد مرسى، لهجوم بإلقاء قنبلة بدائية الصنع على منزله بمنطقة حلوان، ما أسفر عن تحطيم النوافذ وجزء من جدران المنزل، وجراج السيارات.
اغتيالات أخرى للقضاة
كما حاولت الجماعة الإرهابية فى مايو من عام 2015 استهداف المستشار معتز خفاجى رئيس محكمة جنايات القاهرة وقاضى قضية أحداث مكتب الإرشاد، والتى اتُهم فيها جميع قيادات الإخوان، من خلال قيام ثلاثة أشخاص بزرع 3 قنابل أمام منزله، لكنه نجا من محاولة الاغتيال.
واستمر مسلسل إرهاب الإخوان للقضاة فى مايو 2015 من نفس العام عندما استهدفت سيارة يستقلها عدد من وكلاء النيابة والقضاة فى مدينة العريش، حيث أسفر هذا الحادث عن استشهاد ثلاثة قضاة وسائق السيارة، وإصابة اثنين، وجاء هذا الهجوم عقب إصدار الحكم بإحالة أوراق الرئيس المعزول محمد مرسى و103 من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية إلى فضيلة المفتى.
وفى نوفمبر من نفس العام، تم استهداف مقر إقامة عدد من القضاة المشرفين على الانتخابات البرلمانية حينها، وأسفر الحادث عن استشهاد القاضيين عمر حماد، وعمرو مصطفى، وإصابة آخرين.
وعن هذه الواقعة يحكى المستشار أمير يعقوب نائب رئيس مجلس الدولة وأحد القضاة الناجين من حادث العريش الإرهابى أنه فى يوم 24 نوفمبر 2015، بدأت الواقعة فى السابعة مساء عندما سمع هو وزملاؤه القضاة صوت انفجار شديد فى فندق الإقامة الخاص بهم أثناء مراقبتهم للانتخابات البرلمانية عام 2015.
وأضاف: «كنت واقف أنا والمستشار الشهيد عمر حماد، لقيته بيقول إن فيه زميل لينا اتصاب كان واقف أمام زجاج الفندق لحظة الانفجار، اتحركنا مع بعض مرة واحدة لقيت المستشار عمر حماد اتصاب فى قدمه، جريت عليه ومسكته حطيت دراعه على كتفه، وأنا لقيت واحد من الإرهابيين ماسك سلاح ومصوبه ناحية الأرض، وأنا شايل الشهيد عمر حماد وباجرى ناحية أى غرفة سمعت صوت 3 رصاصات اخترقت جسد الشهيد عمر حماد وسقط منى على الأرض».
وأضاف: «بعد كده غيرت اتجاهى، بابص ناحية الرصاص، لقيت شاب فى سن 23 سنة ماسك سلاح آلى بيصوبه ناحيتى، خدت طلقة فى قدمى اليمنى، وقعت على الأرض ضربنى ثلاث طلقات على قدمى اليمنى واليسرى، سقطت على الأرض وهو تخيل إن أنا مت خلاص فسبنى ومشى، زحفت أنا والشهيد عمر عشان ندخل الأوضة فضلنا نزحف لحد ما عمر استشهد، لقيت بعد كده صوت ناس طالعة ع السلم قعدت أقول إلحقونا، لقيت ظابط، حكيت له اللى حصل، حاول يشيلنى ومسك إيدى قبلها وشالونى لعربية الإسعاف للمستشفى ومنها على المركز الطبى العالمى».
وأضاف: «قعدت حوالى شهرين ونص بتعالج وبعد كده طلعوا قرار بسفرى للعلاج فى الخارج، قعدت أول مرة 21 يوم، وأدونى علاج طبيعى وأجهزة عشان اتحرك بشكل طبيعى، وكانت الإصابة عندى قطع فى عصبين اللى هما بيحركوا القدم، كانوا عملولى عملية فى مصر، الحمد لله العملية نجحت فى عصب وعصب آخر لم يستجب، مخفتش لحد الآن، كان فيه كلام إنه لو عملت عملية أخرى يحصل مشكلة للعصب الأولانى».
ويوضح المستشار أمير يعقوب أنه بعد 30 يونيو أحس هو وزملاؤه أن «البلد رجعت لنا مرة أخرى» قائلا: كنا حاسين إن البلد مش بتاعتنا وقت حكم الإخوان، الواحد كان عنده تفكير جدى أنه يسيب البلد، لكن بعد 30 يونيو حسينا إن بلدنا رجعت لنا تانى، وكنا عايزين نثبت لهم أن مافيش حاجة هتأثر فينا وهما مش هيقدروا يسيطروا على أى حاجة أو يخوفونا، وده مش هيأثر علينا لما جت الفرصة إن الواحد يسافر العريش، ده كان أكتر إحساس أن الواحد عايز يسهم مع الجيش والشرطة فى الحفاظ على البلد، إحنا مش هنسيب لهم البلد».
ويستطرد يعقوب: ماكنش فيه أى نوع من أنواع القلق وقتها فى سيناء كانت هناك سيطرة أمنية من الجيش والشرطة، وتابع: «لحظة التفجير كنا رايحين نشوف زميلنا اللى اتصاب، هم إرهابيين بس مش هيخوفونا، بدليل الناس اللى فى سيناء وإخواتنا اللى فى الجيش والشرطة بيروحوا سيناء ومش بيخافوا، وأنا لولا إصابتى كنا هنروح فى الانتخابات الرئاسية، إحنا مش خايفين، لو اتحسنت فى العلاج هاروح سيناء تانى، أنا فكرت أروح فعليا بس بتيجى لى جلطات فى رجلى ساعات، نفسى أروح سيناء وكنت باحسد زمايلى اللى راحوا لأنه شرف لأى حد إنه يخدم فى سيناء».
«الحمد لله بعد الإصابة، أنا رجعت أحسن من الأول والواحد حس بتقدير الدولة ليه، وأنا فى المستشفى وزير الدفاع زارنى مرتين ووزير الداخلية زارنى وكل القيادات زارونى وزارنى قائد الصاعقة، الواحد كان إحساسه إيجابى، وكنت حاسس بشرف إنى مش أقل من زمايلنا فى الجيش والشرطة شرف ليا أن دمى سال فى سيناء».
ويضيف عمرو فاروق الباحث فى شئون الإسلام السياسى، أن محاولة جماعة الإخوان السيطرة على القضاء المصرى ما هى إلا نوع من الكراهية الشديدة لهذا القطاع الذى كان يدافع عن الدولة المصرية وأركان الدولة المصرية، وتابع: القضاء المصرى كان وما زال حائط صد أمام مشاريع هدامة نالت من الدولة المصرية، وفى مقدمتها مشروع الإسلام السياسى الذى تم ما بين الإخوان والقاعدة وداعش وانتهاء بالجناح المسلح للإخوان الذى نال من القضاء المصرى كثيرا.
القاضى نزيه
من ناحيته أكد المستشار محمد الشناوى عضو الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقا وعضو لجنة الخبراء التى وضعت دستور 2014 أنه لم يلحظ أى تأثر على أحكامه بسبب عداء الإخوان له كقاضي، حيث قال: «لم ألحظ أى تأثر عندى أنا شخصيا، أو أحد من زملائى القضاة من هذه النزعة الإرهابية، إطلاقا، ولم أشعر بأى خوف مما يفعلونه، بالعكس، عندما يجلس القاضى على المنصة فلا يهمه سوى تطبيق القانون وتحقيق العدالة بين البشر وفقط».
ويوافقه الرأى المستشار طاهر الخولى المحامى العام لنيابات أمن الدولة العليا سابقاً، عندما قال: «القاضى نزيه وحيادى، ومستقل دائماً، فالقاضى لا يعمل بالسياسة ويطمئن وجدانه، فالعدالة عصماء مابتشوفش، لأنه بيطبق القانون، القاضى لا يتحيز لفريق سياسى وفريق سياسى آخر».
فى حين قال المستشار عبدالمعز إبراهيم عضو اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية عام 2012، إنه يرى أن عداء الإخوان للقضاة هو سلسلة من الأحقاد، متابعا: «أولا أنا مانيش خاضع لهذه الجماعة وطلبوا منى طلبات كتيرة، ولم استجب لها لأنها طلبات غير منطقية وغير قانونية».