نظام «أردوغان» يترنح.. وقطر أكبر الخاسرين

السبت، 20 يوليو 2019 04:00 م
نظام «أردوغان» يترنح.. وقطر أكبر الخاسرين
شيريهان المنيري

مستقبل لم تُحدد ملامحه بعد ولكن الأمر المحتوم أنه سيكون سيئًا بالنسبة لقطر الحمدين، الذي لم يعمل في دنياه سوى الإساءة والتحريض ضد الأشقاء سواء من داخل منظومة التعاون الخليجي أو المنطقة العربية بشكل عام.

تنظيم الحمدين (حكومة قطر) ارتمى في الحضن التركي والإيراني بشكل واضح وصريح خاصة منذ إعلان دول الرباعي العربي (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) مقاطعة الدوحة دبلوماسيًا وتجاريًا في 5 يونيو من عام 2017، حيث اتخذت قطر مزيد من التحركات تجاه النظامين التركي والإيراني للتعاون في مجالات مختلفة وعلى كافة الأصعدة حتى أصبحت قطر وكأنها تحت الحماية التركية، بعد أن أصبحت الدوحة مرتعًا للجنود الأتراك بموجب اتفاقيات ثنائية بينها وأنقرة تم العمل بها سريعًا بعد إعلان المقاطعة.

ولكن يبدو أن تقدير النظام القطري للموقف كان خاطئًا؛ ففي الوقت الذي بدأت فيه التقرب من تركيا كان نظام الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان قد بدأ في السقوط، فقد تراجعت شعبيته إلى حد كبير، الأمر الذي ظهر جليًا في نتائج الانتخابات البلدية في تركيا، والتي فاز فيها مُرشح المعارضة في الولايات الأكثر أهمية وتأثيرًا حيث إسطنبول وأنقرة وأزمير.

أيضًا علاقات الرئيس التركي مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي أصبحت على المحكّ بعد أن تحدى الجميع وعمل ونظامه على الاستمرار في صفقة شراء منظومة الدفاع «إس 400» مع روسيا على الرغم من التحذيرات الأمريكية، إلى جانب مواصلة أنقرة لعمليات التنقيب في شرق المتوسط، الأمر الذي تسبب في فرض سلسلة من العقوبات على تركيا من قبل الاتحاد الأوروبي.

وتشير أغلب التقديرات وآراء الخبراء السياسيين إلى تهاوي نظام «أردوغان» خاصة مع ما تشهده تركيا من انهيار اقتصادي غير مسبوق في ظل بعد تراجع عملتها الوطنية «الليرة» أمام الدولار إلى حد كبير.

الآن وفي ظل ما يواجه النظام التركي من تحديات تعكس اتجاهه بخُطى ثابتة تجاه الهاوية؛ فما هو مستقبل النظام القطري التي اعتمد على نظيره التركي بشكل واضح خلال العامين الماضيين؟!.. السيناريوهات المُحتملة عديدة فربما يتراجع تنظيم الحمدين عن موقفه تجاه قائمة المطالب العربية التي من شأنها احتواء الأزمة القطرية مع محيطها العربي والخليجي، أو ربما ستستمر الدوحة في عنادها وإصرارها على الرهان على أنظمة خاسرة، والاعتماد على ضخّ المليارات في صالح واشنطن وغيرها ما من شأنه التأثير على الشعب القطري الذي أصبحت أموال بلاده تذهب هنا وهناك دون رقيب أو محاسبة.

في هذا الخصوص قال المحلل السياسي والكاتب السعودي، خالد الزعتر: «عند الحديث عن العلاقات القطرية – التركية في عهد أردوغان، نجد أن الإخوان هم نقطة الالتقاء بين قطر وتركيا، والتي تسعى كل دولة للاعتماد عليهم في تنفيذ مشروعها، بينما كانت تنظر تركيا إلى الإخوان كأداة من أدوات قوتها الناعمة تسعى للاعتماد عليهم في تنفيذ مشروعها الذي حاولت التسويق له إبان مرحلة الربيع العربي، حيث مشروع الشرق الأوسط الكبير من خلال السيطرة على الدول التي يحكمها الإخوان، فنجد أن مشروع قطر يتطابق مع المشروع التي تحاول الدوحة وعبر دعم الإخوان وتمكينهم من الوصول إلى الحكم معالجة العقد التي تعيشها وهي عقدة المساحة، والبحث عن الزعامة الإقليمية، ولكن بعد السقوط المدوي للجماعة الإخوانية  وما بعد فشل مرحلة الربيع العربي اتجهت قطر وتركيا إلى تقاسم أدوار، بينما توفر تركيا  الملاذ الأمن للجماعة الإخوانية، إلى جانب الدعم المادي، وبالتالي فإن خسارة تركيا بسقوط أردوغان في العقلية القطرية هو خسارة للملاذ الأمن الذي توفره أنقره للجماعة الإخوانية، وأيضا خسارة لشريك في مشروعها الفوضوي والتوسعي».

وأضاف في تصريحاته لـ«صوت الأمة»: «نحن عندما نتحدث عن العلاقة بين قطر وتركيا فهي ليس علاقة بين دولة وأخرىوأخرىخرى  بقدر ما هي علاقة مع شخص أردوغان، وهي علاقة قائمة على المشاريع الفوضوية، وبالتالي فإن سقوط أردوغان الذي بات مسألة وقت في ظل حالة الانهيار الحاصل في شعبيته وحالة الرفض الداخلي لسياسات أردوغان، وبخاصة من قبل أتباعه في حزب العدالة والتنمية نجد أن سقوطه خسارة كبيرة بالنسبة لقطر لأنها تعني سقوط الملاذ الأمن الذي وفره أردوغان للجماعة الإخوانية، ومن جهة أخرى أيضا انهيار لمشروعها الفوضوي الذي يشكل الرئيس التركي شريكًا رئيسيًا فيه».

من جانبه أكد المحلل السياسي السعودي والباحث في العلاقات الدولية، سامي بشير المرشد  على أن المنطقة كلها تتجه إلى تغيرات كبيرة وجذرية، لافتًا إلى أن محور الشرّ (تركيا وإيران وقطر) أصبحت جميعها مُهددة بالعقوبات ومن ثم مُعاناة كبيرة.

وقال في تصريحاته لـ«صوت الأمة»: «قطر في النهاية ستخسر كل شئ وكل ما راهنت عليه سواء إيران أو تركيا أو جماعة الإخوان والتي أصبحت تتعرض إلى نكسات متتالية؛ فعناصرها باتت مُطاردة ومُراقبة في كل مكان»، مضيفًا أن «تنظيم الحمدين طالما كانت رهاناته فاشلة وخاطئة، ولكن نهايته أصبحت معروفة، وكنا نعلم ذلك منذ أن قام الرباعي العربي بمقاطعة الدوحة»، لافتًا إلى أن نظام «أردوغان» حاليًا في أضعف حالاته وأن الضغوط التي سيتعرض لها النظام التركي ستزداد خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل معاناته الاقتصادية منذ أشهر.

وقال المعارض التركي، كامل جودت في تصريحاته لـ«صوت الأمة»: «في حالة سقوط نظام أردوغان فإن الدولة الوحيدة التي ستتأثر سلبًا من هذا السقوط هي قطر، فأمير قطر والرئيس التركي قاما بتأسيس شراكة الحياة والموت في حكم بلادهما، وإما يظلا حاكمين رغم الاستياء من الداخل والخارج وإما يموتان في سبيل المنصب على حساب مصلحة الشعبين القطري والتركي». وأضاف أن «الأزمات الاقتصادية والاجتماعية من الداخل والأخطاء المتكررة والمقصودة في السياسة الخارجية تشير إلى أن أجل تميم وأردوغان قد اقترب، خاصة بعد أزمة صفقة إس 400، وتنقيب الغاز بالقرب من قبرص».

وتابع «كامل» بأن «حزب أردوغان بعد أن خسر في الانتخابات المحلية الأخيرة خاصة في أكبر مدن تركيا مثل إسطنبول وأنقرة وأزمير بدأت الانشقاقات في حزب العدالة والتنمية، وبدأت الأحزاب الجديدة المعارضة لأردوغان تؤسس مثل علي باباجان وأحمد داوود أوغلو»، مشيرًا إلى أن الأزمة الاقتصادية بتركيا أثرت سلبًا على حياة المواطنين اليومية، حيث ارتفعت أسعار الوقود والأغذية أكثر من ١٠٠٪ بعد تراجع الليرة التركية أمام الدولار، ما دفع الشعب التركي إلى البحث عن الأحزاب البديلة لحزب أردوغان ليعيش حياة كريمة ويتمتع بالحريات كما في السابق».

ربما أدركت قطر مؤخرًا خطأها في رهاناتها على نظامي تركيا وإيران ما دفعها إلى التوجه للولايات المتحدة الأمريكية مؤخرًا، وتقديم استثمارات تتجاوز الـ180 مليار دولار ما اعتبره البعض بمثابة تقديم قربانًا لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حتى لا تقع تحت طائلة العقوبات بسبب تعاملاتها مع طهران وأنقرة، ولكن الثابت في الأمر أن النظام القطري حاليًا يواجه ورطة كبيرة في ظل علاقاته مع أنظمة مشبوهة في الوقت الذي يُصر فيه على معاداة أشقاءه والتغريد خارج السرب الخليجي.   

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق