تراكم للأفرع والأوراق الخضراء على جنبات الطريق، وعمال ينتشرون هنا وهناك، يجوبون الحي بأكلمه، تصطحبهم معدات الهيئة العامة للنظافة والتجميل، يضربون بمعاولهم كل ماتقع عليه أعينهم من أفرع وجذوع خضراء، يحاربون في وادي الخضرة كل متنفس ومنظر طبيعي بديع، كخلية نحل هاجمت لتوها بستان من الأزهار وأفرغت رحيقه قبل أن تسبح في الهواء بعدما حولته إلى «مسخ» أشبه بالزهور البلاستيكية.
استيقظ أهالي حي الدقي على هذا المشهد، والذي جاء بقرار وصفوه بالخاطئ للقيادات التنفيذية بمحافظة الجيزة، وعلى رأسها اللواء أحمد راشد، المحافظ، بعدما عمدت الهيئة العامة للنظافة والتجميل، بالتنسيق مع إحدى منظمات المجتمع المدني إلى أشجار الحي بالقطع الجائر، بدعوى حماية المواطنين من شرورها!.
سبب هذا المشهد الأسود حزنا خيم على أهالي الحي الراقي، الذين أبدوا استيائهم من ضرب معول الإهمال للأشجار المحيطة بمنازلهم، وشوارع الدقي الرئيسية والتي ذهبت أدراج الرياح دون داع، وماترتب على ذلك من تعطيل لحركة السير والمرور، وغلق مساحات كبرى من مداخل ومخارج الشوارع والمحاور الرئيسية، مبدين اعتراضهم على تلك الطريقة غير الفنية، وغير الصحيحة لتقليم الأشجار، مشيرين إلى عدم تخصص من نفذها كونه أطاح بأفرع وجذوع رئيسية أطاحت بالمظهر الجمالي لها.
أحد الأهالي أبدى اعتراضه على تلك الواقعة معتبرا أن الأشجار هي الأداة الطبيعية لتنقية الهواء خاصة أن الحي محروم من الحدائق الخضراء لتكون بدائل لتلك الأشجار التي لا غنى عنها، مشيرا إلى أن الاعتراض ليس على تهذيب الأشجار ولكن على الطريق التي تتم بها والتي أوضحت عدم تخصص القائمين على حملة التجميل لتظهر الأشجار سيقان فقط لا تشكل أي مظهر جمالي أو تؤتى بالثمرة الوحيدة لها وهى الظل، مؤكدا أنه تم قص الأغصان من بدايتها وهو ما حول مظهر الشوارع إلى أطلال.
بينما أكد آخر أن عملية تقليم الأشجار تمت بشكل جائر ومفاجئ ولم يتبع خلالها الأسلوب الفني الذي يحسن من مظهرها ويحافظ عليها، مؤكدا أن الحي وهيئة النظافة والتجميل لم تقم بعملها في تقليم الأفرع غير النافعة منذ سنين طويلة، وقاموا فجأة بقص الجذوع بشكل أضر بالأشجار ومظهر الشوارع، وذهب بفوائدها خاصة في فصل الصيف، وذلك على الرغم من تحرير الحي محضرا لأي ممن كان يحاول إزالة الأفرع الزائدة والتي وصلت إلى شرفات المنازل.
وفي ظل حالة الاستياء التي عمت أرجاء الحي الراقي، وإعلان الأهالي شكواهم من قطع الأشجار، خرج اللواء أحمد راشد، محافظ الجيزة، معلنا أن قطع الأشجار المنتشرة بشوارع الدقي جائت استجابة لشكاوى الأهالي.
وأوضح أن الأهالي اشتكوا من تضررهم من حجم الاشجار الموجودة بالشوارع الرئيسية والفرعية والذى أدى في الآونة الأخيرة لإنتشار ظاهرة سقوط الأشجار بكثرة علي سيارات المواطنين والمارة مما يعرض حياتهم للخطر إضافه الى إمتداد أفرع الأشجار لداخل شرفات الكثير من الوحدات السكنيه بالعقارات مما يسبب ضيق للمواطنين.
وقال «راشد»، إنه حفاظا علي حياة المواطنين والممتلكات الخاصه والعامة وخوفا من سقوط بعض الأشجار التي بدأت جذورها في الجفاف مما يعرضها للسقوط فقد تم وضع خطة تطوير شاملة لإعادة تأهيل وتهذيب الأشجار الموجودة بالشوارع الرئيسية والفرعية بحى الدقي، لافتا إلى أنه جارى تقليم الأفرع الضعيفة والمصابة لإحداث توازن في حجم الشجرة وذلك لإعطاء لمسة جمالية للشارع وبإشراف كامل من الهيئة العامة للنظافة والتجميل وحي الدقي، مؤكداً أن ناتج التقليم للأشجار من أخشاب وأفرع يتم جمعها وإيداعها بمخازن هيئة النظافة والتجميل لطرحها فى مزايده علنية لبيع الأخشاب والاستفادة منها، مشيرا إلى أن الأعمال تنفذ من خلال مهندسين متخصصين فى تلك الأعمال للحفاظ على الأشجار والتأكد من نمو فروعها مجدداً بالشكل السليم.
وقال اللواء خالد المجايرى رئيس حى الدقى بأنه ورد العديد من شكاوي المواطنين والتي يعبرون فيها من إستياءهم من حجم الاشجار ودخول أفرعها إلي بعض الشقق السكنية مما أدي إلي إنتشار القوارض والحشرات الزاحفة والأتربة وعرضه إلى اندلاع الحرائق بها، موضحا أنه تم تقليم الأشجار التي تحتاج إلي تهذيب بشوارع الدقي والمساحة وإيران والانصار ومشيل باخوم ونادي الصيد وجاري العمل علي مراجعة الأشجار التي تحتاج الي تقليم وتهذيب بعدد من الشوارع الاخرى بمتابعه يوميه لتلك الأعمال.
وعلى جانب آخر وبحسب قانون العقوبات المصري، فإنه يعاقب المشرع المصرى كل من قطع أو أتلف أشجاراً مغروسة فى الأماكن المعدة للعبادة أو فى الشوارع أو فى المتنزهات أو فى الأسواق أو فى الميادين العامة بالعقاب بالحبس، وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه، ولا تزيد على خمسمائة جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين فضلاً، فى الفصل الباب الثانى عشر، وبالتحديد فى المادةرقم 162 ، والتى تنصت على: «كل من هدم أو أتلف عمداً شيئاً من المبانى أو الأملاك أو المنشآت المعدة للنفع العام أو الأعمال المعدة للزينة ذات القيمة التذكارية أو الفنية، وكل من قطع أو أتلف أشجاراً مغروسة في الأماكن المعدة للعبادة أو في الشوارع أو في المتنزهات أو في الأسواق أو في الميادين العامة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين فضلاً عن الحكم عليه بدفع قيمة الأشياء التي هدمها أو أتلفها أو قطعها، ويضاعف الحد الأقصى للعقوبة، إذا ارتكبت الجريمة تنفيذاً لغرض إرهابي».