- السيسي: المنطقة من أهم أولويات مصر للاتحاد الأفريقى وعلامة فارقة في مسيرة التكامل الاقتصادي
- إلغاء 90 % من الرسوم الجمركية لتسهيل تداول السلع والخدمات وارتفاع الدول الموقعة على الاتفاقية إلى 52 دولة حتى الآن
الإنجاز الكبير والضخم يحسب بالتأكيد لمصر، التى استطاعت بعد مرور نحو 6 أشهر فقط، منذ تسلمها رئاسة الاتحاد الأفريقى تحقيقة، إنجاز طالما حاول الأفارقة على مدار سنوات طوال الوصول إليه دون جدوى، واليوم تحقق الحلم بهذه المنطقة التى تعد من أكبر المناطق الحرة فى العالم، إذ أنها قادرة على تحقيق تحول نوعى على مستوى التعاون الاقتصادى والتجارى بين دول القارة السمراء، كما تخلق واحدة من أكبر مناطق التجارة الحرة فى العالم، بهدف تعزيز التجارة البينية فى القارة، وإلغاء 90% من الرسوم الجمركية، لتتيح سهولة تداول السلع والخدمات داخل أفريقيا، إذ أن عدد الدول الموقعة على الاتفاقية، ارتفع من 44 دولة فى مارس 2018 إلى 52 دولة حتى الآن، مع استمرار تعليق موقف نيجيريا من التوقيع على الاتفاقية، خشية تأثر قطاع التصنيع لديها.
كما أنه من المنتظر أن تؤدى الاتفاقية إلى زيادة التجارة البينية الأفريقية بنسبة 52.3%، وجذب المزيد من الاستثمار الأجنبى المباشر، الذى يبلغ فى الوقت الراهن، أقل من 1على 10 من حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، الموجهة إلى قارة آسيا، وذلك من خلال إتاحة وصول المستثمرين المحتملين إلى أسواق ضخمة وتيسير عمليات التصدير بالنسبة لهم.
ويبلغ متوسط معدل النمو الاقتصادى للقارة 4.3%، فى حين يبلغ حجم الناتج المحلى الإجمالى لإقتصادات القارة 5.2 تريليون دولار، فيما يبلغ حجم التجارة بين أفريقيا والعالم 4.934 مليار دولار، وتعتبر مصر الأولى أفريقيًا فى جاذبية الاستثمار المباشر، وفقًا لبنك «راند ميرشانت» عام 2018، تليها جنوب أفريقيا، ثم المغرب، وأخيرا إثيوبيا، بالإضافة إلى أن مصر تحتل المرتبة الأولى كأكبر 10 اقتصادات فى أفريقيا، وفقًا للناتج المحلى الإجمالى بتعادل القوة الشرائية، البالغ قيمته فى مصر 5.1219 مليار دولار، تليها نيجيريا بـ 4.1171 مليار دولار، وأخيرا جنوب أفريقيا بقيمة 3.789 مليار دولار، حيث تزخر القارة الأفريقية بالعديد من الإمكانات والمقومات، إذ تمتلك 10% من الاحتياطات النفطية فى العالم، وكذلك 8% من احتياطات الغاز الطبيعى العالمية، و30% من احتياطات العالم من المعادن.
وبدخول اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية حيز التنفيذ، تبقى البنية التحتية هى أبرز التحديات التى تواجه تنفيذ الاتفاقية المرشحة لتصبح واحدة من أكبر مناطق التجارة الحرة فى العالم، حيث يحتاج تنفيذ هذه الاتفاقية إلى رفع مستوى البنية الأساسية لتعظيم العائد الاقتصادى من الاتفاقية وتحقيق أهدافها، ما يعد فرصة كبيرة أمام قطاعات الإنشاء والمقاولات فى الدول الأفريقية وعلى رأسها مصر، وهو القطاع الذى أسهم بنسب كبيرة فى الناتج المحلى الإجمالى المصرى خلال السنوات الأخيرة، ما يؤهله لأن يكون ضمن الأسواق المؤهلة لتأهيل البنية التحتية فى القارة الأفريقية.
تقرير دولي: 33% زيادة فى التجارة بين دول أفريقيا بعد تطبيق الاتفاقية
فيما توقع تقرير التنمية الاقتصادية فى أفريقيا لعام 2019 «الأونكتاد»، زيادة الناتج المحلى الإجمالى فى معظم الدول الإفريقية، بنسبة من 1 إلى 3% عند إلغاء جميع التعريفات الجمركية، بعد تنفيذ اتفاق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، وأورد التقرير الذى صدر مؤخرا، أن قواعد المنشأ يمكن أن تكون حاسمة الأهمية بالنسبة للقارة، إذا كانت مبسطة وشفافة وملائمة للأعمال التجارية ويمكن التنبؤ بها، كما يرى أن منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية من الإنجازات البارزة فى تاريخ التكامل الإقليمى للقارة، ومن المتوقع أن تولّد مكاسب كبيرة، ولكن قواعد المنشأ ستحدد ما إذا كان تحرير التجارة بشروط تفضيلية فى منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، وسيكون العنصر الحاسم فى تحول أفريقيا نحو التصنيع، حيث تبلغ التجارة بين البلدان الأفريقية 15% فقط فى الوقت الحالي، مقارنة بحوالى 47% فى الولايات المتحدة الأمريكية، و61% فى آسيا و67% فى أوروبا، وذلك وفقاً لبيانات» الأونكتاد» للفترة من 2015-2017، ولكن بمقدور منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية تغيير ذلك بشكل جذري.
ورجح التقرير، أن تؤدى منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية إلى تعزيز التجارة بين الدول الأفريقية بنسبة تصل إلى 33%، وذلك عند تنفيذ التحرير الكامل للتعريفات الجمركية، مما يؤدى إلى جذب مزيدا من الاستثمارات بين دول القارة الأفريقية، وتهيئة فرص سوقية لتعزيز التصنيع فى أفريقيا من خلال سلاسل القيمة الإقليمية، بينما عدد من هذه المكاسب قد لا يتحقق إذا لم تُصمم قواعد المنشأ وتُنفّذ بصورة ملائمة لدعم تحرير التجارة التفضيلية، باعتبار أن تحرير التجارة بشروط تفضيلية هو الأساس لوجود منطقة للتجارة الحرة، حيث تلغى البلدان الأعضاء تعريفات الاستيراد والحصص المفروضة فيما بينها على معظم السلع المتداولة، بهدف منح الشركات فى منطقة التجارة الحرة ميزة تنافسية، وهو ما يستوجب أن تستوفى الشركات العاملة فى منطقة التجارة الحرة الشروط المتعلقة بقواعد المنشأ.
وأوضح تقرير «الأونكتاد»، أن منح الدول الأعضاء فى منطقة التجارة الحرة القارية، أفضليات تجارية لبعضها البعض يؤدى إلى تبادل مزيد من السلع الوسيطة والنهائية فيما بينها، بدلاً من استيرادها من الخارج، وبذلك تزيد التجارة داخل المنطقة، ويكون ذلك بمثابة قاعدة لدعم تطوير سلاسل القيمة الإقليمية وبناء القدرات الصناعية فى أفريقيا، مشيراً إلى الترابط الوثيق بين التجارة والتصنيع، إذ أن تحفيز التكامل الإقليمى من شأنه تعزيز سلاسل القيمة المضافة المحلية والإقليمية، من خلال دعم التجارة بين الدول الأفريقية، تعزز منطقة التجارة الحرة القارية كذلك خطة تحول أفريقيا نحو التصنيع، من خلال تنمية سلاسل القيمة الإقليمية، والحد من اعتماد أفريقيا على السلع الأساسية، وتوليد فرص العمل اللازمة لتسخير العائد الديمغرافى للقارة السمراء.
مصر وأفريقيا.. الجغرافيا تخدم التكامل الاقتصادى لصالح الشعوب
كانت مصر هى المحرك الرئيسى للوصول إلى هذا الإنجاز، خاصة حينما أستضافت فى شرم الشيخ، العام الماضى منتدى أفريقيا للتكتلات الاقتصادية الافريقية، وخلاله وصف الرئيس عبدالفتاح السيسى، القارة الأفريقية بأنها مستقبل الاقتصاد العالمى، والذى يشهد تحديات تتطلب مواصلة تعزيز التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص، ما يفسر أن تلك التصريحات تعكس النقلة النوعية لنظرة القيادة السياسية إلى الدول الأفريقية باعتبارها العمق الاقتصادى الذى يحتاج إلى جهود كبيرة لدفعها إلى الأمام، كما تحدث عن ضرورة التكامل بين مصر والدول الأفريقية، ما يفسر التحركات الجادة التى شهدتها مصر، خلال الفترة الماضية، بشأن تقوية العلاقات مع دول القارة السمراء، سواء على المستوى الحكومى والرسمى أو على مستوى القطاع الخاص، ومنها استضافة مصر لفعاليات اقتصادية أفريقية إقليمية مختلفة، كان آخرها المعرض الأفريقى الأول للتجارة البينية، وحضره 54 من وزراء التجارة الأفارقة، برئاسة المهندس مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، الذى أعلن خلاله سعى الحكومة المصرية لمضاعفة حجم التجارة البينية مع الدول الأفريقية، ليصل إلى 10 مليارات دولار خلال السنوات الـ 5 المقبلة.
تأتى جهود الدولة المصرية، لتدعيم قواعد التكامل الاقتصادى بين الدول الأفريقية، تماشيا مع الخطط الطموحة التى تتبناها الدولة فى الوقت الراهن، من أجل الاستفادة من الموقع الجغرافى لمصر، حيث إنه بوابة عبور التجارة والاستثمارات إلى القارة الأفريقية، وهو ما تعكسه مشروعات رفع كفاءة الموانئ المصرية فى نطاق مشروع تنمية محور قناة السويس لنقل التجارة إلى دول القارة، بالإضافة إلى مشروع المنطقة الاقتصادية الروسية الذى يتطلع الروس بأن يكون بوابة عبور الصناعات والمنتجات الروسية إلى الدول الأفريقية، خاصة فى وجود اتفاقيات التجارة التفضيلية التى وقعتها مصر مع دول القارة، مثل «الكوميسا»، التى تعطى للمنتجات المصرية، إعفاءات جمركية.
وترى الدكتورة جيهان عبدالسلام، الأستاذ بكلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، أنه بدخول اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية، حيز التنفيذ، سيمثل علامة فارقة فى مسيرة التكامل الاقتصادى للقارة، بإنشاء أكبر منطقة تجارة حرة فى العالم، ما يمهد الطريق إلى اندماج القارة فى مؤسسات وآليات الاقتصاد العالمى، وفتح آفاق جديدة متطورة للربط بين دول القارة، وتعظيم فرص الاستثمار ودعم التنمية والاستغلال الأنسب للموارد، فضلا عن أنها خطوة كبيرة نحو إقامة السوق الأفريقية المشتركة، وصولاً إلى الاتحاد الاقتصادى والنقدى الأفريقى، حيث ستسهم فى تحقيق التكامل الاقتصادى الأفريقى وتعزيز التنمية المستدامة، وزيادة معدلات النمو لكافة الاقتصاديات والشعوب الأفريقية تماشياً مع أجندة رؤية أفريقيا 2063، والتى تمثل خارطة الطريق المستقبلية للقارة للخمسين عاماً المقبلة.
وأوضحت، أنه من المتوقع نمو التجارة داخل قارة أفريقيا بنسبة 33%، وخفض العجز التجارى بنسبة 9.50%، ما يعطى مؤشرا فى ارتفاع مكاسب الرفاهية الاقتصادية ونمو الصناعات فى العديد من دول القارة، وتزايد معدلات التشغيل والحد من البطالة، فضلا عن توقعات بارتفاع معدل نمو الناتج المحلى فى دول القارة بمتوسط تصل نسبته إلى 97.0% سنويا.