حتى لا نعطي الإخوان أكبر من حجمهم!
الجمعة، 12 يوليو 2019 09:25 ص
مع الاختلاف الكامل مع جماعة الإخوان الإرهابية، ومع قناعتي التامة بوجوب كشف حقيقتها، وفضحها أمام الرأي العام المصري والعربي والعالمي.. إلا أنني أجد نفسي- في أحايين كثرة- مختلفًا مع طريقة وآليات إظهار هذا التنظيم على حقيقته، خاصة في وسائل الإعلام المصري.
فالحقيقة التي لا مراء فيها، أن الإخوان من أكثر التنظيمات التي تستخدم الدين مطية لتحقيق أهدافها السياسية، وهي في ذلك تستعين بأحقر الوسائل لتنفيذ ما تصبو إليه، سواء بوصف جماعتهم بـ«الربانية»، مرورًا بإضفاء هالة من القداسة على مرشديهم وقادتهم، أو اعتمادهم الكذب عقيدة ومبررًا لأفعالهم، أو أسطرة رموزهم، وتشويه كل مَن يخالفهم، أو يحاول فضح عقيدتهم، وزيف مسلكهم.
ومع ذلك، فأنا لست مع محاربة التشويه بتشويه مضاد، ولست مع التصدي للكذب بكذب مضاد، ولست مع فضحهم بنسب أشياء وحوادث لهم لم يرتكبوها، ولم ولن يمتلكوا القدرة على ارتكابها، وإلا لكانوا استمروا في الحكم حتى الآن، ولم يكن باستطاعة المصريين عزلهم شعبيًا في 30 يونيو 2013.
أتفهم أن الإخوان كانوا سببًا في زيادة عدد الملحدين؛ لأن أفعالهم «باسم الدين» تناقضت مع أقوالهم التي كانوا يصدرونها لأتباعهم وللمجتمع المصري «المتدين بطبعه»! وأتفهم أن كوادر الجماعة الإرهابية كانت تسعى لأخونة مناهج الأزهر، والجلوس على كرسي الإمام الأكبر.. وأتفهم أنهم وأتباعهم حرضوا على حرق الكنائس.. وأتفهم أنهم كانوا ولا يزالون أهم أسباب الإرهاب في مصر والعالم.. وأتفهم أنهم كانوا يقفون وراء أزمة الدولار، بحسب تصريح نيابة الأموال العامة!
لكن عقلي لم يستوعب أن الإخوان سبب المشاكل التي تعرض لها منتخب مصر في مونديال روسيا، كما أكد هاني أبوريدة، رئيس اتحاد الكرة المستقيل.. ولا أتفهم أنهم كانوا سببًا رئيسيًا للخروج المهين لمنتخبنا الوطني من بطولة الأمم الإفريقية، التي ننظمها، كما برر مجدي عبد الغني، عضو الجبلاية المستقيل..
كما لا أتفهم أنهم كانوا وراء أزمة البطاطس، حسبما قال الإعلامي توفيق عكاشة في برنامجه.. ولا أستوعب أن «أزمة الليمون»- الذي وصل سعره إلى 100 جنيه- مفتعلة، حسبما صرح النوبي أبو اللوز، الأمين العام لنقابة الفلاحين، متهمًا تجارًا لم يسمهم ينتمون للإخوان بتعطيش السوق لتصدير أزمات سياسية واقتصادية للمجتمع المصري! ولا أتفهم أن الزيادة السكانية سببها «مخطط إخواني»، وفقًا لما صرح به قال الدكتور عمرو حسن، مقرر المجلس القومي للسكان، موضحًا أنهم «كانوا يشجعون على زيادة الإنجاب وعدم تنظيم الأسرة، عن طريق ربطها بالدين خلال فترة حكمهم»!
قطعًا هذا كلام هراء.. فلا أحد يصدق أن الإخوان سبب الزيادة السكانية، وسبب أزمة الليمون، وسبب مشاكل المنتخب.. اللهم إلا كان هذا الشخص يعاني خللًا في إدراكه، أو مسؤول فاشل، يهرب من المواجهة وتحمل المسؤولية، ويبحث عن شماعة يعلق عليها فشله، مستغلًا عداء الدولة مع تنظيم الإخوان!
الغريب أن هذه التصريحات أو الاتهامات «المضحكة» حد البكاء، منتشرة في وسائل إعلامنا، وتُقال على مرأى ومسمع من مقدمي البرامج، الذين يستمعون لمصادرهم وضيوفهم «فاغري الأفواه»، وعلى وجوههم ابتسامة عريضة «بلهاء»، وكأنهم أحرزوا نصرًا مؤزرًا، أو قدموا خدمة عظيمة لمصر! بينما هم- في الحقيقة- يضرون الوطن، ويقدمون أكبر خدمة للإخوان ودراويشهم.
ما قد لا يعلمه كثير من زملائنا الذين يروجون لمثل هذه التصريحات أنهم يكرمون الإخوان، ويمنحونهم شرفًا لا يستحقونه، ويجعلونهم ندًا لدولة بحجم ومكانة مصر.. فإذا كنا نريد حقًا فضح الإخوان، وكشف زيفهم، فعلينا بقول الحقائق، وبذل المزيد من الجهد لمضاعفة الإنتاج في مختلف المجالات، وتخفيف الأعباء عن كاهل الفقراء ومحدودي الدخل.. أما تعليق كل إخفاق على شماعة الإخوان، فتلك حجة المسؤول الفاشل!