لماذا يصر أردوغان على مغامرة التنقيب في المياه القبرصية؟

الثلاثاء، 09 يوليو 2019 04:17 م
لماذا يصر أردوغان على مغامرة التنقيب في المياه القبرصية؟
طلال رسلان

يصر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رغم التحذيرات الدولية، على اختراق القانون بالتنقيب عن الغاز في المياه الإقليمية الخاصة بقبرص.
 
خطوة إعلان أردوغان عن التنقيب في المياه القبرصية أثارت تساؤلات بشأن لجوء حكومة الحزب الحاكم في تركيا إلى ذلك كستارة في محاولة لإسكات الرأي العام التركي، أعقاب الأزمات الاقتصادية التي عصفت بأنقرة وأغرقت البلاد، والتغطية على الخسارة التاريخية للحزب في الانتخابات البلدية وضياع اسطنبول العاصمة التجارية لتركيا من أيديهم.
 
في بيان رسمي أدانت قبرص إقدام سفينتين تركيتين وهما "يافوز" و"فاتح" في الأشهر الأخيرة على التنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحلها، الأمر الذي دفعها للقول بأنها تتعرض إلى "انتهاك للسيادة".

إدانات دولية أبرزها الاتحاد الأوروبي وعربية على رأسها مصر لخطوة تركيا التي تزعزع الاستقرار العالمي في المياه الدولية.
 
الخطوة التركية في شرقي المتوسط تأتي في وقت تواجه فيه العلاقات الأميركية- التركية توترا متزايدا، على خلفية إصرار أردوغان على استكمال صفقة نظام الدفاع الجوي الروسي" إس 400"، ما ينذر بتعرض بلاده لعقوبات أميركية قد تعصف بالاقتصاد التركي، المتدهور أصلا، بسبب سياسات أردوغان الداخلية.
 
في ضربة أخرى، الليرة التركية فقدت 2 في المئة من قيمتها، بعد أيام من عزل أردوغان محافظ البنك المركزي، بسبب الخلافات بينهما بشأن توقيت خفض أسعار الفائدة لإنعاش الاقتصاد الذي أصابه الركود.
 
وفي ظل هذه التطورات والأرقام الاقتصادية القاتمة في البلاد، يبقى السؤال المطروح لماذا يقدم أردوغان على مغامرة في المتوسط قد تزيد أعباء بلاده؟
 
أفادت تقارير إعلامية تركية، نقلا عن خبراء أتراك، بأنه من الواضح أنه بعد الاكتشافات النفطية الكبيرة في المتوسط، يبدو أن هناك حلفا تشكل في المنطقة للتركيز على قطاع الطاقة، ويضم كلا من قبرص واليونان ومصر، ما دفع تركيا إلى إرسال سفن التنقيب عن النفط في محاولة لحجز حصتها من هذه الاكتشافات.
 
ولفتت التقارير إلى أن أنقرة تحاول ابتزاز أوروبا عبر إجبارها على مرور خطوط الغاز في المتوسط عبر المياه الإقليمية التركية أو أراضيها.
 
وتصدم المحاولات التركية للتنقيب عن النفط  بعقبات عدة، أبرزها أنها مخالفة للقانون الدولي، إذ تجري في مياه دولة لا يعترف بها أحد سواها، وهي جمهورية قبرص الشمالية، بحسب الخبير في الشؤون التركية.
 
ويرى الخبراء أن الخطوات التركية الأخيرة تفتح الباب أمام مواجهة جديدة، خاصة أن الأمر يتعلق بمادة حيوية هي الطاقة، فالأوروبيون هددوا بفرض عقوبات على أنقرة، إضافة إلى طبيعة النظام التركي الذي يقوده أردوغان لا يستطيع أن يعيش دون مشكلات، إما داخلية من أجل ترتيب البيت الداخلي لحزبه، أو خارجية لصرف أنظار الأتراك بعيدا إلى الخارج وإظهار أردوغان بمظهر المدافع عنهم.
 
وتصر تركيا على أنها لن تسمح لشركات الطاقة بالقيام بأنشطة التنقيب والإنتاج في سواحل جمهورية شمال قبرص، غير المعترف بها دوليا.
 
وتقول أنقرة إن قطاعات معينة من المنطقة البحرية قبالة قبرص، المعروفة باسم "المنطقة الاقتصادية الخالصة"، تقع تحت سيادتها أو سيادة القبارصة الأتراك، فيما يعرف بـ"الجرف القاري" لتركيا.
 
ويؤكد خبراء في القانون الدولي أن تركيا لا تدافع عن حقوقها في شرق المتوسط، بل تدافع عن حقوق الجيب الانفصالي، الذي لا يعترف به أحد غيرها.
 
وجمهورية شمال قبرص التي أقيمت عام 1974 بعد الغزو العسكري التركي، لم تعترف بها الأمم المتحدة أو دول أخرى، كما أن تركيا غير موقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982 التي تنظم كافة المسائل المتعلقة بالبحار، وتحديدا تعيين الحدود بين الدول، علما أن دولا عديدة في شرق المتوسط قد وقعت على هذه الاتفاقية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق