مسار تصحيح ثورة 25 يناير التي اختطفتها جماعة الإخوان بمعاونة قوى دولية وإقليمية، وإنقاذ مؤسسات الدولة من مخطط الأخونة لم يكن بالأمر أو العملية السهلة، لذا تمثل ثورة 30 يونيو وما بعدها من قرارات أهم حركة جماهيرية قام بها الشعب المصري في العصر الحديث للحفاظ على هويته ووحدته.
في مثل هذا اليوم، الاحتفالات تعم الشوارع والميادين المصرية بعد إعلان بيان 3 يوليو في 2013، حيث خرج الملايين للاحتفال بعزل مرسي، وذلك في أعقاب إلقاء بيان القوات المسلحة، والذي اعتبره المصريون بمثابة طوق النجاة بعد أن شهدت مصر حالة من الاضطراب، وكان مطالب جموع الشعب المصري، إسقاط جماعة الإخوان، رافعين شعار "يسقط يسقط حكم المرشد".
الطريق إلى 3 يوليو لم يكن كما يظن البعض مفروشاَ بالورود، فمنذ أن طفت جماعة الإخوان المسلمين على السطح مرة أخرى ومجئ التنظيم متخفيًا في ثوب ذراعه السياسية حزب الحرية والعدالة المنحل إلى سدة الحكم في مصر عقب مرور 83 سنة من المؤامرات مع أعداء الوطن، إلا أن الشعب المصري لم يتقبلها أو يلتفت إليها خاصة بعد أن انكشفت كل تفاصيل المؤامرة طيلة شهور ما بعد ثورة 25 يناير مروراَ بالعام الذي وصلت فيه إلى رأس الحكم.
فخ عباءة الدين
هذه الأحداث التي توالت طيلة فترة حكم الإخوان كانت سر سخط وغضب الشعب المصري رغم رفضه التام عما فعله الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، إلا أن جماعة الإخوان لم تكون طوق النجاة ورغم أن المصريين معروفين بحالة التدين ومحافظته على القيم العامة والنبيلة، إلا أن الشعب لم يرضى أو يرضخ لحكم تنظيم أشتهر عنه التخفي في "الزى الدينى" من لحى كثه ومسبحة وعمامة بغرض ممارسة فساد نظام الحزب الوطني المنحل، ولكن هذه المرة على الطريقة الدينية.
بالعودة إلى يوم الجمعة الموافق 29 يونيو 2012، حيث اتخاذ إجراءات حلف محمد مرسي اليمين الدستورية الذي نقضه فيما بعد والذي كان بمثابة انطلاق صافرة البداية لسقوط حكم "فاشي – ديني – سياسي – مسلح" يهدف بشكل صريح وواضح إلى بث الضغينة والفرقة بين أبناء الشعب المصري، بينما زادت حينها حدة الدعوات لتنظيم المليونيات الشعبية فى محاولة لإزاحة حكم الإخوان عن سدة الحكم.
في تلك الأثناء – ومع ازدياد الدعوات لتنظيم المليونيات انتشرت المظاهرات الشعبية التى بدأت تتزايد يوماَ بعد يوم على مدار عام كامل في كل قطاعات الدولة عقب تغول نفوذ التنظيم السري للإخوان الذي أصبح يمارس أعماله المعروفة بالمشبوهة على الملأ فضلاَ عن مزاحمة الكفاءات والشخصيات المميزة على مقاعد الوظائف العامة بعيداَ عن الخبرة أو القدرة على الابتكار بل من خلال الواسطة ودرجة القرب والولاء والبراء لقيادات التنظيم الإخوانى.
المليونيات تتوالى
الشعب المصري لم يقف مكتوف الأيدي أمام تغول جماعة الإخوان داخل مؤسسات الدولة بل حارب بشراسة وفى مقدمته العديد من الشخصيات الإعلامية الوطنية، ما جعل معه الإعلام المصرى ساحة صراع جم لا تختلف كثيرًا عن ميادين مصر التي امتلأت بالمعارضين لمواجهة ديكتاتورية التنظيم الإرهابي والتخلص منه، فظهر على السطح قيادات الجماعة الرأسمالية مثل خيرت الشاطر نائب المرشد العام والرجل صاحب السطوة المتحكم في سلطة الإخوان فى محاولة منه لتكميم الأفواه من خلال إرسال أنصار جماعة الإخوان لمنع المذيعين والعاملين في مدينة الإنتاج الإعلامي للتجمهر والاعتداء على الإعلاميين أثناء دخولهم وخروجهم من المدينة، لكن المحاولات بأت بالفعل واستطاع الإعلام تحت حماية الجيش والقوات المسلحة أن يؤدي مهمته وفقًا للقوانين المنظمة والمعايير المهنية.
الشعب في الميادين
ثم جاء يوم الجمعة الموافق "29 أبريل 2013" حيث انطلقت أحد أهم الحركات الشبابية لإسقاط نظام الإخوان تسمى – تمرد - من ميدان التحرير، على أن تنتهي مهمتها يوم "30 يونيو" التالي، التى تمثل دورها فى جمع التوقيعات من 22 مليون مواطن لسحب الثقة من الرئيس الأسبق محمد مرسي، وبالفعل نجحت المهمة الوطنية، وأثناء عمل "تمرد" في جمع التوقيعات اشتدت الاحتجاجات في الشارع المصري وبدأت تزداد ساعة تلو الأخرى.
وفى ذلك التوقيت جاء يوم "30 يونيو" حيث بدأ بنزول ملايين المصريين إلى الشوارع والميادين في كافة محافظات الجمهورية للمطالبة برحيل حكم الإخوان بشكل فورى وعاجل وتفويض الجيش لإدارة شؤون البلاد في مرحلة انتقالية، وكان مطالب جموع الشعب المصري فى ذلك التوقيت، إسقاط جماعة الإخوان، رافعين شعار "يسقط يسقط حكم المرشد".
الخطاب المزعوموفي يوم "2 يوليو 2013" ألقى الرئيس الأسبق محمد مرسي، مندوب جماعة الإخوان فى قصر الاتحادية، بيانًا سمي بـ"خطاب الشرعية"، تتضمن عبارات وشعارات رنانة ووعود كاذبة، فقد اعتبره الشعب بمثابة حفظ ماء لوجه نظام الإخوان، لكنه جاء بما لا تشتهي السفن فقد أصر الشعب المصري على ما قرره في "30 يونيو" بعزل جماعة الإخوان من حكم مصر.
الشعب يصر على مطالبه
وفى أقل من 24 ساعة انتفض الشعب المصري عن بكرة أبيه وعلى رأسه القوى الوطنية والشخصيات العامة وكان ومن ضمنهم الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع، وقتها، حيث أعلنوا عن البيان التاريخى لعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، عن طريق عدة إجراءات بتعطيل الدستور بشكل مؤقت، ويؤدي رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة، إجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية ولحسن انتخاب رئيسًا جديدًا، لرئيس المحكمة الدستورية العليا سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية، تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية، تكميل لجنة تضم كافة الإطراف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذي تم تعطيله مؤقتًا.
خارطة الطريق
وضمن هذه الإجراءات أيضاَ مناقشة المحكمة الدستورية العليا إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب والبدء في إعداد الانتخابات البرلمانية، ووضع ميثاق شرف إعلامي يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن، واتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب في مؤسسات الدولة ليكونوا شركاء في القرار في مواقع السلطة التنفيذية المختلفة، تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية لدي جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات، وتهيب القوات المسلحة بالشعب المصري بكافة أطيافه الالتزام بالتظاهر السلمي وتجنب العنف الذي يؤدي إلى مزيد من الاحتقان وإراقة دماء الأبرياء.
كل هذه الإجراءات التي أطلق عليها خارطة الطريق وقتها، قابلها المصريون بفرحة عارمة في الشوارع واحتفلوا بهذا الانتصار رغم ما كانوا يعلمونه من تبعات دموية قد تحدث في المستقبل بعد إزاحة حكم الإرهاب عن مصر، ولم يكن الفرح وحده حاضرًا بل التفكير والتخطيط للمستقبل سجل حضورًا لافتًا ما جعل المستقبل أكثر إشراقًا بعد فشل خطط الإخوان ومن ورائهم القوى الخارجية لتقسيم مصر وتدمير الحياة السياسية والاقتصادية للأبد.
يوم الخلاص
وقد سبق بيان 3 يوليو بساعات معدودات، خطاب للمعزول في مساء 2 يوليو يرفض فيه إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وجاء خطابه مخيبًا لآمال المصريين، وظل يكرر كلمة الشرعية والتمسك، ورفضت قيادات الإخوان الإرهابية بالكامل حضور الاجتماع الذي دعت له القوات المسلحة لحل الأزمة، حيث رفض محمد سعد الكتاتني، رئيس حزب الحرية والعدالة المنحل الحضور، بينما حضر عدد من ممثلي القوى السياسية، الذين اتخذوا قرار "يوم الخلاص".