أردوغان يستسلم للخسارة.. ربيع إسطنبول يهدد الديكتاتور العثماني
الجمعة، 28 يونيو 2019 05:00 م
جاء أكرم إمام أوغلو بالربيع كما وعد، وأجهز نهائيا على صورة الرئيس التركي، باعتباره سياسيًا لا يقهر، بعدما أذاق مرشحه بن علي يلدريم مرارة الخسارة مرتين خلال 3 شهور فحسب، بعد خريف طويل عاشته إسطنبول تحت حكم رجب إردوغان ورفاقه، الممتد منذ 1994.
وتسلم نجم المعارضة الشاب، إمام أوغلو، وثيقة تنصيبه رئيسا لبلدية إسطنبول الكبرى، داخل مكتب مجلس الانتخابات في محكمة إسطنبول الواقعة في حي تشاغلايان، بعدما قهر مرشح النظام، بن علي يلدريم، مرتين، ووسّع الفارق بينهما لأكثر من 777 ألف صوت.
ذهب إمام أوغلو لاستلام وثائق تنصيبه، برفقة زوجته ونجله ورئيسة حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول، جانان كفتانجي أوغلو، ورئيس حزب الخير في إسطنبول، شريك حزبه في تحالف الأمة، بوغرا كافونجا،، فيما على وجه الجميع ابتسامة الانتصار.
وعبر نجم المعارضة، في كلمة مقتضبة، لم تخل من رسائل الطمأنة المعهودة أعقبت مراسم تنصيبه، عن تمنيه الخير للمدينة الأكبر في تركيا وللأمة والدولة، وخص بالشكر جميع العاملين في مجلس انتخابات إسطنبول ورؤساء اللجان الانتخابية الـ39 وممثلي الأحزاب السياسية.
خلق إردوغان نزاعا سياسيا يشبه حرب الشوارع، طوال الحملة الدعائية التي سبقت انتخابات مارس الماضي وإعادتها في إسطنبول وتبني خطابا قائما على «بقاء تركيا أو زوالها» في محاولة لشحن أنصاره بكل أشكال الكراهية والعداوة تجاه «الآخرين»، سواء داخل تركيا أو خارجها، لربما تنسى ولو مؤقتًا، الأوضاع المزرية التي تعيشها بفضل سياساته المتخبطة.
وسعى الرئيس التركي، بكل الطرق، لإقناع الشعب بأن هناك «أعداء في الداخل والخارج» يخططون لتقسيم البلاد وإسقاطها، لذلك لم يكن غريبًا أن توجه تهديداته يمينًا ويسارًا في محاولة لربط مصير حكمه بمستقبل تركيا. على النقيض من ذلك، ظهر إمام أوغلو على نحو مفاجئ وغير متوقع في الأشهر القليلة الماضية، متبعا نهجا تصالحيًا لا يميل إلى المواجهة ولكنه لا يخشاها، ويقول عن ذلك في أحد تجمعاته: «لم أُقاتل في حياتي، لكني لم أُهزم أيضا».
ومثل خطاب إمام أوغلو، بالنسبة لملايين الناخبين، القائم على المصالحة بدلا من الانقسام، والسلم بدلًا من الحرب، متنفسا كانوا في أمس الحاجة إليه في دولة باتت بفعل 17 عامًا من حكم العدالة والتنمية، ترزح تحت وطأة التناحر والاقتتال.
لا يختلف أسلوب إمام أوغلو، عن أسلوب إردوغان فحسب، بل كذلك عن الشخصيات البارزة السابقة في حزبه، فعلى سبيل المثال، عندما تحدّى محرم إينجه من حزب الشعب الجمهوري إردوغان في الانتخابات الرئاسية التي أجريت العام الماضي، اعتُبر نمط خطابه الصارم مماثلا لمنهاج معارضه.
وحتى بعد فوزه في الجولة الأولى من الانتحابات بفارق بسيط، ثم تلكؤ الحزب الحاكم في تسليمه وثيقة التنصيب، ثم الطعن في النتائج، ظل إمام أوغلو محافظًا على حديثه الإيجابي ورؤيته السمحة، واستمر في انتهاج خطاب معتدل يدعو للتفاؤل، وربما يعكس ذلك جملته الشهيرة في أعقاب القرار: «كل شيء سيصبح جميلًا».