مخطط الإصلاح الاقتصادي الأبرز.. «خطة البرلمان» تكشف أسباب انبهار صندوق النقد بالمصريين
الأحد، 23 يونيو 2019 01:00 م
كشف الدكتور حسين عيسى، رئيس لجنة الخطة والموازنة، عن آلية مناقشة الموازنة العامة للدولة بلجنة الخطة والموازنة، وما شهدته المناقشات هذا العام من مشاهد جديدة أو غير مُعتادة، والتى جاء فى مُقدمتها مناقشة موازنة البرامج والأداء بالتوازى مع موازنة الأبواب والبنود.
وأوضح عيسى أن مشروع الموازنة العامة للدولة، هى عمل حكومى خالص حتى إحالتها للبرلمان، ويتم إعدادها فى وزارتى المالية والتخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى بالتنسيق مع باقى الوزارات والهيئات والجهات، وبيتم مناقشتها فى مجلس الوزراء قبل إحالتها للبرلمان، وبعد مناقشتها فى مجلس الوزراء تُحيلها الحكومة لمجلس النواب لمناقشتها، ودراستها وإقرارها كما هى أو بعد إدخال التعديلات التى يتوافق عليها البرلمان مع الحكومة.
وأضاف عيسى أن هناك بعض المشاهد الجديدة والإيجابية التى شهدتها مناقشات الموازنة، أولها هو العدد الكبير من الوزارات التى تمت مناقشة موازناتها فى لجنة الخطة بحضور الوزراء أو ممثلين الوزارات، قائلا: «إحنا السنة دى ناقشنا عدد كبير جدا من موازنات الوزارات الهامة اللى عملها بينعكس على المواطن والشارع بشكل مباشر زى مثلا التربية والتعليم والتعليم العالى والصحة والاتصالات والتموين والتجارة والصناعة والأوقاف والشباب والرياضة وقطاع الأعمال العام والقوى العاملة والتنمية المحلية والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية والزراعة والموارد المائية والرى والتضامن الاجتماعى والنقل والمواصلات».
وأشار إلى أن المشهد الثانى الجديد على اللجنة هو مناقشة موازنات البرامج والأداء لكل الوزارات بالتوازى مع مناقشة موازناتها وفقا لنظام الأبواب والبنود، وتابع: «والحقيقة أنا بعتز جدا بدور لجنة الخطة والموازنة فى هذه التجربة الرائعة فى التحول لنظام البرامج والأداء فى إعداد الموازنة العامة للدولة، طبعا الموضوع بياخد وقت ووقت طويل كمان لكن إحنا ماشيين بخطوات سريعة ومنتظمة وبنطبقها حاليا بنسبة معينة ربما لا تتخطى الـ40%، لكن دا الوضع الطبيعى وفى دول كتير ومتقدمة استغرقت عشرات السنوات فى تطبيق أسلوب البرامج والأداء، وإحنا بدأنا من حيث انتهى الآخرون وعشان كدا مش هناخد وقت أطول من اللازم إن شاء الله، ويكفينى فخرا إلى لما بقابل وفود من مؤسسات التمويل أو التصنيف الائتمانى الدولية بيشيدوا جدا بتحربة مصر فى التحول للبرامج والأداء».
ولفت رئيس لجنة الخطة والموازنة إلى إشادة مسئولى صندوق النقد الدولى والبنك الدولى المتكررة بهذا التحول، حيث أعلنوا مرارا استعدادهم الكامل لتقديم أى دعم فنى للدولة المصرية فى هذا الشأن، لافتا أيضا إلى قرار الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء الذى أصدره مؤخرا بإنشاء وحدتين فى وزارتى المالية والتخطيط لمتابعة التحول لأسلوب البرامج والأداء، مؤكدا أنها خطوة مهمة جدا فى التحول الذى تسعى إليه الدولة، قائلا: «وأعتقد إننا نحتاج وحدة مثيلة فى كل وزارة، فموضوع التحول لموازنة البرامج والأداء غاية فى الأهمية ويضمن إنفاق أموال الخزانة العامة للدولة فى الاتجاه الصحيح بناءً على برامج رئيسية وفرعية وأنشطة ومؤشرات لقياس الأداء».
وأضاف أن المشهد الثالث فى مناقشات اللجنة لمشروع الموازنة يحدث لأول مرة فى تاريخ البرلمان المصرى الذى يبلغ عمره وتاريخه أكتر من 150 عاما، هو مناقشة موازناتى وزارتى المالية والتخطيط، قائلا: «للمرة الأولى فى تاريخ البرلمان تناقش لجنة الخطة والموازنة موازنة وزارة المالية وموازنة وزارة التخطيط بعيدًا عن مساهمة الوزارتين فى اجتماعات اللجنة أثناء نظر موازنات الوزارات والجهات الأخرى».
وأكد أن الهدف من هذه الخطوة أن تمنح اللجنة الفرصة للوزارتين حتى يعلم المواطنون ما هى طبيعة العمل فى الوزارتين، لافتا إلى أن البعض يعتقد أن وزارة المالية توفر الاعتمادات المالية للوزارات فقط، قائلا: «لكن فى الحقيقة وزارة المالية مسئولة عن تدبير حوالى 75% من إيرادات الدولة وهذا عن طريق مصلحة الضرائب العامة والضرائب العقارية والقيمة المضافة ومصلحة الجمارك».
وفى سياق آخر أكد الدكتور حسين عيسى على ضرورة أن تعتمد الوزارات والهيئات المختلفة على مواردها الذاتية وألا تعتمد على الموازنة والخزانة العامة بشكل كامل، لافتا إلى أن مفهوم «اقتصاديات الخدمات»، غائب عن الدولة المصرية منذ زمن طويل، قائلا: «باختصار وبشكل مبسط اقتصاد الخدمات معناه أن تتحول الخدمة إلى مصدر دخل وتمويل وليس إنفاق فقط، ومن الممكن أن يحدث ذلك فى الخدمات الصحية والتعليمية والرياضية وغيرها من الخدمات التى تُحمل موازنة الدولة عبء فقط، كما يحدث فى ألمانيا مثلا يتم ربط التعليم التكنولوجى بالمصانع ويتم ربط رسائل الدراسات العليا من ماجستير ودكتوراه باحتياجات الشركات والمصانع ووحدات الإنتاج».
وضرب عيسى مثالا بما شهده اجتماع لجنة الخطة والموازنة لمناقشة موازنة وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، قائلا: «وزارة الاتصالات مثال حى على قصة التمويل الذاتى اللى بنتكلم فيها، الوزارة عندها استثمارات بـ26 مليار جنيه فى الموازنة الجديدة وهتاخد 2 مليار فقط من الخزانة العامة للدولة والـ24 مليار الباقيين تمويل ذاتى بعيدا عن الخزانة العامة، يعنى مثلا هتحصل على جزء كبير من المبلغ من شركة العاصمة الإدارية مقابل تنفيذ مدينة المعرفة».
وأوضح عيسى أن صندوق النقد الدولى حاليا يشيد بالتجربة المصرية فى الإصلاح الاقتصادى ويرى أن هناك 3 أسباب لقصة نجاح الإصلاح الاقتصادى بخلاف دول أخرى، أول هذه الأسباب هو الشعب المصرى وتفهم المواطنين وتحملهم وصبرت ولم تمل وأدركت إن هذا أول إصلاح اقتصادى منذ 30 عاما، قائلا: «والحقيقة إن الناس عرفت وأدركت قيمة الوقت فى الفترة دى».
وتابع عيسى: «السبب الثانى لنجاح الإصلاح الاقتصادى بشهادة صندوق النقد الدولى هو إصرار القيادة السياسية، القيادة فى مصر عندها إصرار على ضرورة الإصلاح حتى لو كان دا هيخسرها جزء من شعبيتها، والسبب الثالث اللى مسئولى صندوق النقد الدولى اتكلموا عنه هو التعاون والتفاهم الموجود بين مجلس النواب والحكومة، وإن مجلس النواب مش بيعاند الحكومة وخلاص زى ما بيحصل فى دول تانية فشلت فيها تجارب الإصلاح الاقتصادى بسبب ممارسة برلماناتها للديمقراطية بمفهومها الكلاسيكى، اللى هو البرلمان المفروض يكون معارض للحكومة على طول الخط بصرف النظر عن المصلحة العامة للدولة».
كما أشار إلى أن شعور المواطن بالتقدم والتحسن الاقتصادى يتم على مرحلتين، المرحلة الحالية تأتى بعد انتهاء فترة صعبة، وهى مرحلة تحسين الدخول عن طريق رفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات وترسيخ مفهوم الحماية الاجتماعية وهذا جنى ثمار جزئى، وأن جنى الثمار الكلى يكون بعد انتهاء المرحلة الثانية، لافتا إلى أنه كان هناك فترة صعبة وأن القادم أهم وأخطر، متابعا: «فما تم من برنامج الإصلاح الاقتصادى عبارة عن سياسات نقدية يقودها البنك المركزى وسياسات مالية تقودها وزارة المالية، والمرحلة القادمة هى مرحلة الإنطلاق الاقتصادى وهذه أخطر من أى مرحلة أخرى، لأنه لو يحدث الإنطلاق يكون كل ما بُذل من جُهد لن يكون له قيمة».
وأوضح رئيس لجنة الخطة والموانة أن الانطلاق هنا يُقصد به انطلاق الاقتصاد التشغيلى وليس الاقتصاد التمويلى المختزل فى السياسات النقدية والمالية، لافتا إلى أن الإقتصاد التشغيلى له 3 متطلبات أو محاور رئيسية، الأول بدأه رئيس الجمهورية وهو المشروعات القومية العملاقة بصرف النظر عن مصادر تمويلها وبصرف النظر عن فرص العمالة اللى توفرها وبصرف النظر عن من يقوم بتنفيذها، والمحور التانى هو إصلاح الجهاز الإدارى للدولة، مضيفا: «مصر عندها جهاز إدارى عتيق يحتاج إلى إعادة هيكلة وتأهيل»، والمحور التالت فى الانطلاق الاقتصادى هو إزالة أى معوقات إدارية تواجه تنمية قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة.
وذكر عيسى أن الدكتور جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى فى صندوق النقد الدولى، قال له بعض الجمل التى يتذكرها جيدا، منها مثلا إن مصر بإجماع المستثمرين فى دول الخليج من أهم المناطق الجاهزة لاستقبال الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وقال إنه يجب العمل على إزالة أى معوقات أمام القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية والخدمات.
وأضاف أن مسئولى صندوق النقد الدولى أكدوا أيضا على ضرورة دعم المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وتوفير التمويل المناسب للشباب لتحويلهم لرجال أعمال صغار دون تعقيدات، بالإضافة إلى إعلان الصندوق استعداده أكتر من مرة لتقديم كل الدعم الفنى فى سبيل إنجاح تجربة التحول لأسلوب البرامج والأداء فى إعداد الموزانة العامة للدولة.