سيناريوهات ما بعد تحرير «طرابلس» من الميليشيات المسلحة
الجمعة، 21 يونيو 2019 11:00 ص
أطلقت قوات الجيش الوطني الليبي العمليات العسكرية لتحرير طرابلس من الميليشيات، باسم «طوفان الكرامة»، يوم الأربعاء 3 أبريل، وحين قرر المشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية، تحرير العاصمة طرابلس من أيدى الميليشيات المسلحة التى تحتلها، كان يعلم جيدا أن الجيش الوطني سيخوض حربًا ضارية، فى ظل دعم واسع لهذه الميليشيات من قبل دول معادية لسلامة ليبيا.
وبعد قرابة شهرين ونصف من العملية، ازدادت حدة المعارك، وقد اعتبر قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، أن حل الأزمة الليبية لن يكون فقط عن طريق العملية العسكرية "طوفان الكرامة" التي يقودها الجيش ضد ميليشيات طرابلس، مؤكدا فى تصريحات صحفية له أن السلطات الليبية تريد من الأوروبيين تفهم رغبة الشعب الليبي فى تغيير واقعه والخروج من الأزمة، التي تبدأ من محاربة الإرهاب وتفكيك الميليشيات وإنهاء مرحلة اغتصاب السلطة دون تفويض من الناس.
وحل الأزمة فى ليبيا ليست فقط عبر عملية طوفان الكرامة، بحسب ما أكد حفتر حين سؤل عن إمكانية نجاح تغيير الواقع عبر عملية "طوفان الكرامة" في طرابلس فقط، حيث أجاب قائلا: «لا. فالحل لا بد أن يكون عبر المسار السياسي وبمشاركة كل الليبيين، فالعملية العسكرية تستهدف تصحيح أوضاع أمنية مستعصية عجزت كل السبل السياسية عن معالجتها، من تواجد القيادات الإرهابية ونشاطها فى تجنيد خلايا داخل طرابلس إلى تواجد وانتشار المليشيات وسيطرتها على أموال الشعب الليبي فى مصرف ليبيا المركزي هناك، وممارستها للحرابة والخطف والابتزاز، إلى تنامي نشاط الجماعات الإجرامية وعصابات الجريمة المنظمة والمتاجرة بالبشر وتهريب النفط والمحروقات، وحتى جماعات الإسلام السياسي التى عطلت الحياة السياسية وأفسدت مناخها، بل ووصلت بها الأمور إلى تنفيذ أجندات خارجية تتعارض مع مصالح الشعب الليبي تماما»
أما حل الأزمة الليبية، سيجد له الشعب الليبي الحلول عبر الحوار والنقاش بوسائل سلمية وسياسية وديمقراطية، بحسب ما أكد حفتر، رغم أن عملية طوفان الكرامة حققت نتائج كبيرة ومهمة، حيث قال: «الوضع ممتاز، وأدعو الشعب الليبي لعدم الالتفات إلى ما يشاع من أننا قد نتراجع أو حتى نفكر بالتوقف فى هذه المرحلة، فلن تتوقف العملية العسكرية قبل أن تنجز كافة أهدافها، كما أن معنويات الجيش مرتفعة وقادته يعرفون جيدا أنهم يقومون بمهمة وطنية كبيرة وتاريخية، والأوامر لديهم واضحة وصريحة، فهم يعلمون أن ليبيا فى خطر وأن واجب إنقاذها لا تراجع عنه».
والسيناريوهات المتوقعة فى طرابلس بعد تحريرها من قبل الميليشيات، ألمح أليها حفتر بقوله: «سندخل فى مرحلة انتقالية واضحة ومنضبطة هذه المرة من حيث المدة والصلاحيات، ومن المهم أن تنجز في هذه المرحلة الانتقالية عدة مهام أساسية لتمهيد الأرضية أمام الوضع المستدام منها حل كافة الميليشيات ونزع سلاحها ومنح الضمانات لكل من يتعاون فى هذا المجال، وحل كافة الأجسام المنبثقة عن اتفاق الصخيرات الذي انتهت مدته وفشل في إيجاد أي مخرج للأزمة بل خلق أزمات، وطبعا تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون مهمتها التجهيز لهذه المرحلة الدائمة التي نتحدث عنها».
وفى ظل هذا السيناريو ستكون حكومة الوحدة الوطنية ستكون «الركيزة الأساسية» لليبيا بعد تحرير طرابلس، بحسب حفتر الذى أضاف ستكون لدينا مرحلة انتقالية تديرها حكومة وحدة وطنية ستعمل بعد تحرير طرابلس مباشرة وإذا لم تتمكن من العمل لأسباب لوجستية أو أمنية مؤقتة فقد تباشر عملها من أي مدينة أخرى مثل بنغازي أو أي مدينة مستقرة وآمنة في الغرب أو الشرق أو الجنوب، إلى حين تجهيز طرابلس والانتقال لها. نحن لا نفرق كما تعلم بين مدينة وأخرى أو جهة وجهة ثانية، نرى فقط ليبيا الواحدة الموحدة».
روسيا بدورها تدعم الانتقال السلمي فى ليبيا، حيث أكد وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، للمبعوث الأممى الخاص إلى ليبيا، غسان سلامة، أهمية إنهاء النزاع المسلح فى البلاد وتشكيل أجهزة موحدة للسلطة قادرة على مكافحة الإرهاب، حيث ذكرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان صحفى، أن لافروف أجرى، لقاء في موسكو مع سلامة، موضحة أن المحادثات بين الطرفين شملت تبادلا مفصلا للآراء حول الأوضاع، التى تتشكل فى ليبيا، بالتركيز على أهمية وقف المواجهة المسلحة وإقامة حوار وطنى واسع ومستدام لإخراج البلاد من الأزمة المستمرة فى أسرع وقت ممكن.
وقد صمم الجانب الروسي، فى بيان لوزارة الخارجية الروسية، على موقفه الثابت على الإسهام النشط في دفع العملية السياسية فى ليبيا قدما نحو الأمام مع السعى إلى تحقيق الهدف النهائى المتمثل بتشكيل أجهزة موحدة للسلطة قادرة على التنفيذ الفعال للمهمات الحيوية، بما فى ذلك مكافحة الإرهاب وإيديولوجية التطرف، بحسب بيان وزارة الخارجية الذى أكد على دعم روسيا المبدئى لجهود الوساطة التى يبذلها المبعوث الأممى لحلحلة التوتر فى ليبيا.
أوروبا بدورها، ترفض دور الميليشيات، وقد تخلت عن حكومة فائز السراج رئيس حكومة السراج بعد أن فشلت الجولة الأوروبية التى قام بها السراج حاول خلالها شرعنة المليشيات المسلحة والجماعات المتحالف معها فى طرابلس، وهو ما قوبل برفض تام من الأوروبيين خوفا من تكرار الأخطاء التى جرت فى سوريا بدعم التشكيلات المسلحة التى تحالفت بعد ذلك مع جماعات متطرفة، وقد وجه زعماء فرنسا وألمانيا رسائل سياسية قاسية إلى رئيس المجلس الرئاسى الليبى بسبب تواجد عناصر إرهابية فى طرابلس داعمة لحكومة الوفاق، فضلا عن توفير دعم مالى وسياسى وإعلامى ضخم من المجلس الرئاسى لهذه العناصر الإرهابية والتشكيلات المسلحة.
ووجه زعماء فرنسا وألمانيا رسائل سياسية قاسية إلى رئيس المجلس الرئاسى الليبى بسبب تواجد عناصر إرهابية فى طرابلس داعمة لحكومة الوفاق، فضلا عن توفير دعم مالى وسياسى وإعلامى ضخم من المجلس الرئاسى لهذه العناصر الإرهابية والتشكيلات المسلحة، ومن أسباب فشل جولة السراج الأوروبية، عدم طرحه لأى مشروع سياسى أو رؤية للحل بل على العكس حاول السراج عرقلة عملية الجيش الليبى فى طرابلس ودفع الدول الأوروبية لإدانة عملية تحرير العاصمة، فضلا عن استخدامه لفزاعة المهاجرين غير الشرعيين وحياة المدنيين فى طرابلس، متجاهلا استعانته بمرتزقة وطيارين أجانب لقصف المدنيين فى ضواحى طرابلس.