تحاول إلهاء مواطنيها عن الشأن الداخلي بالحرب.. إيران تشعل الصراع بالمنطقة لهذه الأسباب
الإثنين، 17 يونيو 2019 09:00 ص
ربما يظل الأمر طويلا .. مازالت إيران تُماطل في شن هجماتها على المملكة العربية السعودية فالحرب الدائرة دخلت دائرة لا مخرج منها، خاصةً إذا أشرنا إلى أخر ثلاث هجمات ما بعد "قمم مكة الثلاث" الشهر الماضي والتي حملت هدف واحد وهو حشد أكبر من المواقف العربية والإسلامية في "مواجهة التحديات والمخاطر الإيرانية".
هُنا تجدر الإشارة إلى إنشاء السعودية تحالفا إسلاميا لمكافحة الإرهاب 2015، ونجحت في حشد جموع من الدول العربية لمواجهة الخطر الإيراني.
كانت الساعة السادسة مساء الجمعة الماضي حين استهدفت مليشيا الحوثي مطار أبها السعودي، تابع العالم بشغف مُجريات الحرب الدائرة بين طهران والرياض، سبقتها بأيام هجمات على مطار نجران.. فبعد أن تهدأ هجمة نجد هجمة أخرى تحاول من خلالها طهران ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد وهو "إشعال الحرب" .
استيقظ العالم أول أمس على استهداف ناقلتي نفط كانتا تعبران بحر عمان، وهي العملية التي أتت بعد شهر من عمليات تخريبية طالت ميناء الفجيرةِ الإماراتي.. هكذا يقول طه علي أحمد، المحلل السياسي والباحث في الشأن الخليجي عن عملية استهداف تالية لمنشآت نفطية تتبع شركة "آرامكو" السعودية، إذ أتت العملية بعد أيام من قمم مكة الثلاث "الخليجية والعربية والاسلامية"، والتي حاولت خلالها المملكة العربية السعودية حشد المجتمع الدولي لمواجهة السلوك الإيراني المزعزع للاستقرار الأمني في الشرق الأوسط.
رسائل إيران داخليا وخارجيا .. تفكيك مشهد الصراع الدائر
يضيف "علي" لصوت الأمة، إن العملية الأخيرة حملت مجموعة من الرسائل الداخلية والخارجية. فداخليا، ربما أراد النظام الإيراني أن يقول لشعبه أنه قاردا على مواجهة الولايات المتحدة، كما أن لديه أوراق للضغط على وبخاصة بعد التصعيد الذي تمارسه إدارة الرئيس ترامب أخيرا.
يسعى النظام الإيراني حاليا لحشد الرأي العام الداخلي خلفه بعيدا عن الإنشغال بالأزمة التي يعاني منها الاقتصاد الإيراني، بعد تعرض النظام لسلسلة فضائح لها عدد من رموز النظام أخيرا، والتي كان أخرها تورط زوجتي قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالجيش الإيراني، وكذلك اللواء محمد علي جعفري القائد بالحرث الثوري، والذي تمت إقالته أخيرا، في قضايا فساد تخص شركات اقتصادية تابعة لزوجتي القائدين.
اشعال الحرب قد يقلل حدة الضغط على النظام الإيراني
هناك قضايا أخرى مثيرة للرأي العام ضد النظام الحاكم في إيران. وبالتالي فإن الإنشغال بالأزمة الخارجية من شأنه تقليل حدة الضغط على النظام الإيراني فيما يُعرف في علم إدارة الأزمات بنمط "إدارة الأزمة بأزمة أخرى".
أما على المستوى الخارجي، فإن النظام الإيراني يسعى لممارسة المزيد من الضغط على المجتمع الدولي لضرورة التحرك بشكلٍ أكثر جدية في مواجهة التصعيد الأمريكي ضدها. فرغم الوساطة التي يقودها رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، إلا أن طهران تعمل على جرِ المزيد من الأطراف الدولية إلى نطاق الأزمة من أجل الضغط على واشنطن، ولاسيما وأن المنطقة التي وقعت فيها الأحداث تقع في المياه الدولي التي تقع تحت الحماية الفعلية للأسطول الخامس الأمريكي المرابط على بعد 400 ميل من بحر عمان. هكذا يوضح.
وبشأن العملية الأخيرة يقول "علي" إنها تقع على مسافة 14 ميل بحري من طهران، هي الأخرى قريبة من المرافق النفطية السعودية، وهو ما تسعى إيران من خلاله للتوجه بالمجتمع الدولي برسالة مفاداً أن المرافق السعودية وضرورة التحول إلى مضيق هرمز الذي هو نفسه تحت قبضةِ الإيرانيين، حيث كانت إحدى الناقلتين في طريقها من الجبيل السعودية إلى سنغافورة؛ الأمر الذي يعني مأزقا مُحكماً أمام المجتمع الدولي في مواجهةِ إيران، ولاسيما أن الأحداث الأخيرة تتوازى مع الوساطة اليابانية ما يجعل التصعيد الإيراني بمثابة ورقة تفاوضية في يد الإيرانيين في مواجهة المجتمع الدولي.
بجانب ذلك، فإن كثافة الحدثِ تُمثل إحراجا للاسطول الخامس الأمريكي القريب جدا من موقع الأحداث؛ ذلك أن غرق إحدى الناقلات يعكس كثافةَ العمليةِ وضخامتِها، ذلك أنها ليست مجرد استهداف تقليدي عبر منطاد بحري، بل إن تنفيذ حادث ضخمٍ كهذا، يحتاج بالضرورة لإعدادات وتجهيزات ضخمة لا يقوى عليها سوى دولٍ بعينها وليست مجرد مجموعة إرهابية.
تفكيك المشهد .. رؤية وتحليل
يقول المحلل السياسي، إنه رغم الشبهات حول الدور الإيراني في تلك الأحداث، إلا أن من قام بإنقاذ طاقم الناقلتين، وعددهم 44 فرد هو مركز البحث والإنقاذ في مضيق هرمز التابع لطهران، كما تم نقلهم بواسطة البحرية الإيرانية العائمة إلى ميناء جاسك الإيراني، ما يعني أن البحرية الإيرانية، ورغم تورطها في الأحداث، إلا أنها صدرت لنفسها صورة مفادها أنها قادرة على إنقاذ طاقمي الناقلتين بينما لم يتحرك الأسطول الأمريكي للقيام بذلك رغم إعلانه أنه تلقى إشارات استغاثة من طاقمي الناقلتين دون أي تحركٍ منه، ما يمثل إحراجا للقوات الأمريكي في المنطقة رغم تصريحات كبار المسئولين بالإدارة الأمريكية "الرئيس ترامب، و مستشار الأمن جون بولتون"، والتي تستعرض القوة الأمريكية بالمنطقة. وهو ما يفرض على واشنطن للرد على تلك العملية حفاظا على سمعة البحرية الأمريكية.
سلسلة الأحداث التي شهدها الشهر الأخير، بداية من العمليات التخرييبية التي استهدفت ميناء الفجيرة الإماراتي واستهداف المنشآت السعودية ، وصولا إلى الاستهداف الأخير لناقلتي والذي جاء بعد يوم واحد من استهداف مطار أبها السعودي بواسطة جماعةِ "الحوثي" اليمنية يكشف عن تعرض أمن الخليج العربي بشكلٍ عام لمخاطر متنامية.
واختتم أن كل هذه المُعطيات تجعلنا أمام مؤشرات بصدد حرب جديدة للناقلات النفطية، ما يعيد إلى الأذهان حرب الناقلات التي شهدتها حرب بالخليج الأولى بين العراق وإيران عام 1982، وهو ما يعقبه تداعيات كارثية على الاقتصاد الإقليمي والعالمي المتضرر الأول من الأزمة؛ فبعد أقل من ساعة من استهداف ناقلتي النفط ارتفع أسعار النفط العالمية بشكل مذهل (خام برنت ارتفع بنسبة 3%، النفط الخفيف الأمريكي ارتفع بنسبة 2.8%)، ما يؤشر على تداعية أشد كارثية على المستوى الاقتصادي حيث أُصِيَبت البورصات الخليجية بهبوطٍ حاد خلال الساعة الأولى للأحداث (بورصة أبوظبي 0.7%، بورصة دبي 1%، البورصة السعودية 0.8%