الرابحون من الصيام.. صانعي كعك العيد

الأحد، 02 يونيو 2019 07:00 ص
الرابحون من الصيام.. صانعي كعك العيد
كتبت : إيمان محجوب

ولأن كل شيء يمر علي مصر يتمصر ويتأثر بالشخصية المصرية التي تضع عليه بصماتها فكثير من العادات والطقوس التي تمارس اليوم في الديانات السماوية هي اصلا عادات فرعونية قديمة منها  ليلة الحنه في الافراح والسبوع عند ولادة الاطفال  وكذلك  صناعة الكعك للاحتفال بعيد الفطر عادة فرعونية وتعتبر الكحكة المصرية بمثابة حجر عتيق نقشت على جدرانه الكثير من حكايات وأسرار المجتمع المصري الضاربة جذورها في عمق التاريخ.
 
وتعكس عادة صناعة  الكعك جانباً كبيراً من القيم الأصيلة التي تميز المجتمع المصري كالمنافسة الشريفة والود والكرم والتكافل حيث تجتمع الاسر المصرية في العشر الاواخر من شهر رمضان لعمل كعك العيد ويشارك في صناعته  الكبار والصغار وهذا الأمر يسوده نوع من المنافسة بين النساء المصريات، حيث تحرص كل امرأة على إتقان منتجها ليخرج في أبهى صوره لتتباهى بجودته ومذاقه أمام الأهل والجيران.
 
 
WhatsApp Image 2019-06-01 at 4.10.30 PM
 
وقديما اعتادت زوجات الملوك في مصر القديمة تقديم الكعك كقربان للكهنة في يوم تعامد الشمس قبل الغروب بلحظات على قمة الهرم يوم الاعتدال الربيعي وعبرت النقوش التي زيَن بها قدماء المصريين الكعك عن الازدهار الفني الذي وصلوا إليه، كما عكست جوانب مهمة  لمعتقداتهم فقد أبدعوا في تشكيل الكعك ونقشه بمختلف الأشكال الهندسية والزخرفية - سواء الحيوانية أو النباتية - وقد وصلت أشكاله إلى مئة شكل كما ورد على جدران مقبرة الوزير "رخمي - رع".
 
وظلت عادة استخدام الكعك في الأعياد قائمة بمصر بعد الفتح الإسلامي وقد بدأت هذه العادة تأخذ اهتماماً رسمياً من جانب الحكام المسلمين وذلك مع ظهور الدول المستقلة عن الخلافة العباسية بمصر كالدولة الطولونية والدولة الإخشيدية؛ فقد رأى حكام كلتا الدولتين أنهم في حاجة إلى مزيد من دعم وولاء المصريين لإضفاء الشرعية على حكمهم في ظل استقلالهم السياسي عن الخلافة العباسية.
 
لذالك بدأوا يتقربون من المصريين ويشاركونهم احتفالاتهم وعاداتهم المحببة، لاكتساب شعبية جماهيرية، وكان من الطبيعي أن يأتي الكعك على قائمة هذه الاهتمامات، حتى إنهم نجحوا في استثماره كنوع من الدعاية السياسية لحكمهم. 
 
فقد أظهر الطولونيون اهتماماً رسمياً بصناعة الكعك، وقاموا بصناعته في مطابخهم الخاصة، ووزعوه على المصريين، وعملوا لذلك قوالب منقوشة بشتى أنواع الزخارف الإسلامية، وما زالت تلك القوالب موجودة حتى الآن في متحف الفن الإسلامي في القاهرة.
 
أما الفاطميون، فقد كانت الاحتفالات أبرز وسائل الدعاية والإعلام في عصرهم ، إذ اتخذوها كدعامة لإمامتهم الدينية  لكسب ود ومحبة المصريين، لإضفاء الشرعية على حكمهم، فقد نظَّموا حملة إعلامية سنوية لمصلحتهم باستخدام كعك العيد، الذي بلغ اهتمامهم به حداً فائقاً 
 
WhatsApp Image 2019-06-01 at 4.10.18 PM
 
 
فقد خصصوا لذلك إدارة حكومية عرفت باسم "دار الفطرة" ورصدوا لها مبلغاً كبيراً من المال، لإعداد كعك وحلوى العيد، وعهدوا بتجهيزه إلى مئة صانع يبدأون عملهم من منتصف شهر رجب حتى نهاية رمضان. 
 
 
وبعد الانتهاء من إعداد الكعك كان الخليفة الفاطمي يحضر لدار الفطرة، ويشرف بنفسه على توزيع الكعك والحلوى على مستحقيها، ويتم ذلك بواسطة مئة فراش يحملون الكعك على رؤوسهم ويطوفون لتوزيعه.
 
 
 كما حاول حكام المماليك صبغ دولتهم بالصبغة الدينية، لإضفاء الشرعية على حكمهم، لذا حرصوا على توزيع الكعك على الفقراء والدراويش والمتصوفة .

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق